أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 762

جلسة 22 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(119)
الطعن رقم 282 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) حراسة. "حراسة إدارية". دعوى. "شروط قبول الدعوى".
( أ ) الحماية المقررة للجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة. م أ من القانون رقم 99 لسنة 1963. اقتصارها على القدر اللازم لتغطية التصرفات المشار إليها فيها.
(ب) صدور قرار رئيس الجمهورية بفرض الحراسة على مصنع معين. عدم ورود اسم صاحب المصنع ولا أمواله الأخرى في هذا القرار. استيلاء الحارس على مال آخر غير المصنع. خروج عن نطاق الحراسة. عدم انطباق الحظر من سماع الدعوى.
1 - ترمي المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1963 إلى حماية الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات من أن توجه إليها المطاعن عن تصرفات اتخذت - على ما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون - تأميناً لمكاسب الشعب الاشتراكية، وهذه الحماية تقدر بالقدر اللازم لتغطية التصرفات المشار إليها، فإذا استنفذت الجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة غرضها وهي في مأمن من كل طعن، فإن الحماية تقف عند هذا الحد ولا تتخطاه.
2 - إذ كان القرار الجمهوري رقم 2931 لسنة 1964 الصادر استناداً إلى القانون رقم 119 لسنة 1964 بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة، قد نص في المادة الأولى منه على أن تفرض الحراسة على مصنع... وكانت دعوى الطاعن أن المطعون ضده الثاني - الحارس الخاص على المصنع - وهو بسبيل تنفيذ قرار فرض الحراسة على "المصنع" استلم بغير حق من وكيل الطاعن قيمة الرصيد المودع بالبنك باسم الطاعن، وأن هذا الرصيد كان محصلاً بمعرفة وكيل الطاعن قبل فرض الحراسة، في حين أن الحراسة لم تفرض على شخص الطاعن ولا على أمواله، وإنما فرضت على المصنع وحده، وأن الحارس الخاص بحصوله على رصيد الطاعن المحصل قبل فرض الحراسة قد تجاوز قرار فرض الحراسة وتعداه إلى أموال لا تتصل بالمال الموضوع تحت الحراسة فلا تستند تصرفاته إلى أمر بفرض الحراسة فلا يحميها القانون، وكان الطاعن قد رضخ لقرار فرض الحراسة ولم ينازع فيه ولا في أسبابه ومبرراته أو في ملاءمته أو الضرر الناجم عنه، ولم يمسه بالطعن مباشرة بطلب إلغائه أو بطريق غير مباشر بالمطالبة بالتعويض عنه، إنما انصبت دعواه على أن الحارس قد تجاوز حدود قرار فرض الحراسة. لما كان ذلك وكان الشارع قد ناط سلطة فرض الحراسة برئيس الجمهورية وحده وقد أصدر قراره بفرضها على "المصنع" ولم يرد اسم الطاعن ولا أمواله الأخرى في قرار فرضها، فإن استيلاء الحارس الخاص على أي مال آخر غير "المصنع" يكون عملاً غير متصل بالمال الموضوع تحت الحراسة، ولا ينطبق عليه الحظر من سماع الدعوى الوارد في القانون رقم 99 لسنة 1963.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5994 سنة 1965 مدني كلي القاهرة ضد المطعون ضدهما يطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعاً له مبلغ 7176 ج و49 م مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 20/ 9/ 1964 صدر القرار الجمهوري رقم 2931 سنة 1964 بفرض الحراسة على "مصنع" رتاين الكلوبات المصري، وكانت أدوات المصنع وآلاته قد بيعت قبل صدور هذا القرار وأخطرت الجهات الرسمية المختصة بهذا البيع، إلا أن المطعون ضده الثاني وهو الحارس الخاص على المصنع استلم من وكيل الطاعن شيكاً بمبلغ 7176 ج و49 م كان مودعاً بنك القاهرة ومتحصلاً من بيع تلك الآلات والأدوات، وإذ كان هذا الإجراء غير جائز لأن الحراسة فرضت على المصنع وحده ولم تفرض على الطاعن شخصياً أو أي شيء من أمواله بل ولم يذكر اسم الطاعن في قرار فرضها، فقد أقام الدعوى للحكم له بطلباته. دفع المطعون ضدهما بعدم سماع الدعوى وبعدم اختصاص المحكمة بنظرها. وبتاريخ 12/ 12/ 1966 حكمت المحكمة بعدم سماع الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد هذا الاستئناف برقم 1472 سنة 83 قضائية، وبتاريخ 26/ 3/ 1967 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وعند نظر الطعن أمام هذه الدائرة أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم سماع الدعوى مستنداً في ذلك إلى أن الحراسة فرضت على المصنع 21، 23 شارع محطة المطرية، وأنه عندما قام المطعون ضده الثاني بتنفيذ قرار فرض الحراسة وجد أن وكيل الطاعن تصرف في المصنع ببيع المهمات والأدوات والماكينات مما يعطل قيام المصنع واستغلاله في الإنتاج، وبذلك ضاعت الحكمة من فرض الحراسة فكان من واجب الحارس أن يعمل على تحصيل المبلغ الذي تم به البيع، لأن القرار الجمهوري بفرض الحراسة على المصنع يمتد إليه، وأن الإجراء الذي اتخذه الحارس في تحصيل المبلغ في محله وفي حدود سلطاته، وهذا من الحكم مخالف للقانون وخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين (أولهما) أن قرار فرض الحراسة على المصنع لا يمتد إلى رصيد صاحب المصنع أياً كان مصدر هذا الرصيد سواء كان من بيع ماكينات المصنع ومهماته أو من مصدر آخر، لأن الحراسة فرضت على منشأة بعينها أي على مال محدد ودون أن يرد اسم صاحب المصنع في قرار فرضها، وقد باع وكيل الطاعن الماكينات والمهمات قبل فرض الحراسة بعقود ثابتة التاريخ بتبليغها إلى الجهات الرسمية، كما أنه بعد فرض الحراسة استلم المشتريان الماكينات والمهمات بعد موافقة الحراسة، وليس من المعقول أن يستبدل الحارس موضوع الحراسة من "مصنع" إلى مال نقدي سائل في رصيد الطاعن لأن ذلك يستلزم صدور قرار جديد من رئيس الجمهورية بفرض الحراسة على هذا المال كما حدث في حالات كثيرة، ولو أن الحراسة اتبعت ذلك وفرضت الحراسة على أموال الطاعن، لما كان هناك محل للشكوى (والوجه الثاني) أن ما وقع فيه الحكم من خطأ على النحو السالف قد ساقه إلى خطأ آخر حين قرر أن قيام الحارس بتحصيل الثمن الذي تم به بيع المصنع يكون في مأمن من أي طعن وأية دعوى أمام كافة جهات القضاء طبقاً لنص المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1963 استناداً إلى أن إجراء الحارس في هذا الخصوص إنما هو عمل من أعمال السيادة، وقد أخطأ الحكم المطعون فيه في ذلك، لأن الحارس لم يحصل ثمناً للمبيعات لكنه استولى على رصيد نقدي في البنك، بالإضافة إلى أن قرار فرض الحراسة لا يشمله فيكون الحارس قد تجاوز حدود قرار فرض الحراسة، ويصح عندئذٍ الطعن في تصرفه الذي لا تسبغ عليه الحماية المقررة في القانون رقم 99 لسنة 1963، كما أن الطاعن لم يطعن في قرار فرض الحراسة على المصنع، لكنه طعن في إجراء اتخذه الحارس بالاستيلاء على رصيده النقدي في البنك.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن المادة الأولى من القانون 99 لسنة 1963 إذ نصت على أنه "لا تسمع أمام أية جهة قضائية أية دعوى يكون الغرض منها الطعن في أي تصرف أو قرار أو تدبير أو إجراء وبوجه عام أي عمل أمرت به أو تولته الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات وذلك سواء أكان الطعن مباشراً بطلب الفسخ أو الإلغاء أو التعديل أو وقف التنفيذ أم كان الطعن غير مباشر عن طريق المطالبة بالتعويض أياً كان نوعه أو سببه" إنما ترمي إلى حماية الجهات القائمة على تنفيذ جميع الأوامر الصادرة بفرض الحراسة على أموال وممتلكات بعض الأشخاص والهيئات من أن توجه إليها المطاعن عن تصرفات اتخذت - على ما أوضحته المذكرة الإيضاحية للقانون - تأميناً لمكاسب الشعب الاشتراكية، وهذه الحماية تقدر بالقدر اللازم لتغطية التصرفات المشار إليها، فإذا استنفذت الجهات القائمة على تنفيذ الأوامر الصادرة بفرض الحراسة غرضها وهي في مأمن من كل طعن، فإن الحماية تقف عند هذا الحد ولا تتخطاه، ولما كانت المادة الثالثة من القانون رقم 119 لسنة 1964 بشأن بعض التدابير الخاصة بأمن الدولة قد نصت على أنه "يجوز بقرار من رئيس الجمهورية فرض الحراسة على أموال وممتلكات الأشخاص الذين يأتون أعمالاً بقصد إيقاف العمل بالمنشآت أو الإضرار بمصالح العمال أو تتعارض مع المصالح القومية للدولة" وكان القرار الجمهوري رقم 2931 لسنة 1964 قد صدر استناداً إلى هذا القانون، ونص في المادة الأولى منه على أنه "تفرض الحراسة على مصنع رتاين الكلوبات المصري 21، 23 شارع محطة المطرية بالمطرية وتسري في شأن "المصنع" أحكام الأمر رقم 4 لسنة 1956، ونص في المادة الثانية منه على أن يتولى رئيس الوزراء الإشراف على تنفيذ أحكام هذا القرار، ونص في المادة الثالثة منه على أن "يعين رئيس الوزراء بقرار منه حارساً عاماً يتولى إدارة "المصنع" وأن يكون للحارس العام أن يعين حارساً خاصاً على "المصنع" تحدد اختصاصاته وفقاً للقرارات التي تصدر من الحارس العام" وكانت دعوى الطاعن أن المطعون ضده الثاني - الحارس الخاص على "المصنع" - وهو بسبيل تنفيذاً قرار فرض الحراسة على "المصنع" استلم بغير حق من وكيل الطاعن قيمة الرصيد المودع بالبنك باسم الطاعن، وأن هذا الرصيد كان محصلاً بمعرفة وكيل الطاعن قبل فرض الحراسة، في حين أن الحراسة لم تفرض على شخص الطاعن ولا على أمواله وإنما فرضت على "المصنع" وحده، وأن الحارس الخاص بحصوله على رصيد الطاعن المحصل قبل فرض الحراسة قد تجاوز قرار فرض الحراسة وتعداه إلى أموال لا تتصل بالمال الموضوع تحت الحراسة فلا تستند تصرفاته إلى أمر بفرض الحراسة فلا يحميها القانون، وكان الطاعن قد رضخ لقرار فرض الحراسة ولم ينازع فيه ولا في أسبابه ومبرراته أو في مدى ملاءمته أو الضرر الناجم عنه، ولم يمسه بالطعن مباشرة بطلب إلغائه أو بطريق غير مباشر بالمطالبة بالتعويض عنه إنما انصبت دعواه على أن الحارس قد تجاوز حدود قرار فرض الحراسة. لما كان ذلك وكان الشارع قد ناط سلطة فرض الحراسة برئيس الجمهورية وحده وقد أصدر قراره بفرضها على "المصنع" ولم يرد اسم الطاعن ولا أمواله الأخرى في قرار فرضها فإن استيلاء الحارس الخاص على أي مال آخر غير "المصنع" يكون عملاً متصل بالمال الموضوع تحت الحراسة ولا ينطبق عليه الحظر من سماع الدعوى الواردة في القانون رقم 99 لسنة 1963. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بعدم سماع الدعوى استناداً إلى أن القرار الجمهوري الصادر بفرض الحراسة على المصنع إنما يمتد إلى المبلغ الذي تم به بيع ماكيناته وموجوداته قبل فرض الحراسة، وأن الإجراء الذي اتخذه الحارس في هذا الخصوص في مأمن من أي طعن، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي الأسباب.
ولما تقدم يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم سماع الدعوى وإحالة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية.