أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 768

جلسة 25 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وعدلي مصطفى بغدادي، ومحمود السيد عمر المصري.

(120)
الطعن رقم 322 لسنة 37 القضائية

( أ ) بطلان. "بطلان الإجراءات". نظام عام. إعلان. "بطلان الإعلان".
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان. بطلان نسبي. جواز النزول عنه صراحة أو ضمناً. المادتين 132، 140 مرافعات سابق بعد تعديله بالقانون 100 لسنة 1962. لا يجوز لمن نزل عن البطلان أن يعود إلى التمسك به.
(ب) استئناف. "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن". نظام عام.
عدم مراعاة الميعاد المحدد لإعلان صحيفة الاستئناف في خلال 30 يوماً. أثره. اعتبار الاستئناف كأن لم يكن. هذا الجزاء غير متعلق بالنظام العام. جواز النزول عنه صراحة أو ضمناً. م 405/ 2 مرافعات سابق بعد تعديله بالقانون 100 لسنة 1962.
(ج) نقض. "سلطة محكمة النقض". مسئولية. "مسئولية تقصيرية". محكمة الموضوع.
لمحكمة النقض مراقبة محكمة الموضوع في تكييفها للأفعال بأنها خطأ أو غير خطأ. مثال بشأن مخالفة التعليمات الصحية المدرسية.
1 - بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان هو بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع لحمايته وليس متعلقاً بالنظام العام على ما يستفاد من المادتين 132، 140 من قانون المرافعات السابق بعد تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962، وبالتالي فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها وإنما يجب على الخصم الذي تقرر هذا البطلان لمصلحته أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع، ويجوز له أن ينزل عنه صراحة أو ضمناً، وفي هذه الحالة يزول البطلان طبقاً لنص المادة 26 من قانون المرافعات السابق، ولا يجوز لمن نزل عن البطلان أن يعود إلى التمسك به.
2 - ميعاد الثلاثين يوماً المحددة في الفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات السابق بعد تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ميعاد حضور بصريح النص، والجزاء المقرر في هذه الفقرة لعدم مراعاة هذا الميعاد وهو اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو بعينه الجزاء المقرر في المادة 78 من ذلك القانون لعدم مراعاة ميعاد التكليف بالحضور بالنسبة للدعوى المبتدأة، وهذا الجزاء مقرر لمصلحة المستأنف عليه، ولم يوجب المشرع على المحكمة الحكم بهذا الجزاء من تلقاء نفسها خلافاً لما كان عليه الحال في المادة 406 مكرر قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، مما يؤكد أن الجزاء في صورته الجديدة لا يتعلق بالنظام العام، فلا تحكم به المحكمة بغير طلب من الخصوم، ولا يغير من ذلك أن هذا الجزاء يقع بقوة القانون بمجرد انقضاء ميعاد الثلاثين يوماً دون أن يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور إذ أن هذا معناه أن يتحتم على المحكمة أن توقع هذا الجزاء في حالة طلبه من صاحب المصلحة، ولا يكون لها خيار فيه، ولصاحب المصلحة أن يتنازل عنه صراحة أو ضمناً.
3 - لمحكمة النقض أن تراقب محكمة الموضوع في تكييفها للأفعال الصادرة من المدعى عليه بأنها خطأ أو غير خطأ، وإذ كانت التعليمات الصحية المدرسية - وعلى ما أورده الحكم المطعون فيه - تقضي بأن يكون استعمال محلول النوشادر عن طريق تحريك قطعة قطن مبللة بالقرب من فتحتي الأنف عند اللزوم قبل الإغماء، وأن المطعون ضده الثاني - ناظر المدرسة - قد خالف هذه التعليمات حسبما سجله هذا الحكم، وذلك بأن سلم زجاجة محلول النوشادر مكشوفة بعد أن نزع سدادتها إلى الطاعن - فراش المدرسة - ليقربها من أنف التلميذ المغمى عليه، وكانت هذه المخالفة قد تسببت في تناثر المحلول من الزجاجة مما أدى إلى إصابة الطاعن، فإن هذا المسلك من جانب المطعون ضده الثاني بعد انحرافاً عن السلوك الواجب يتحقق به ركن الخطأ في جانبه، وإذ نفى الحكم المطعون فيه الخطأ عنه ولم يعتبر أن ما وقع منه في الظروف التي وقع فيها الحادث يعد كذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 125 سنة 1963 مدني كلي سوهاج، وقال بياناً لها أنه يعمل فراشاً بإحدى المدارس الابتدائية بسوهاج وحدث في يوم 11/ 5/ 1961 أن أصيب التلميذ مكرم غالي المشمول بولاية - والده - المطعون ضده الثالث - بحالة إغماء شديدة، فأصدر ناظر المدرسة - المطعون ضده الثاني - أمره إلى الطاعن بالوقوف بجوار هذا التلميذ والإمساك به خشية سقوطه، ثم أحضر المطعون ضده الثاني زجاجة بها محلول النوشادر ونزع سدادتها وسلمها مكشوفة للطاعن، وأمره بتحريكها بالقرب من أنف التلميذ بقصد إسعافه وإفاقته، وما كاد يفعل الطاعن ذلك حتى دفع التلميذ الزجاجة بشدة فتطاير منها محلول النوشادر، وأصيب الطاعن نتيجة لذلك في عينه اليسرى إصابة أدت إلى فقد إبصارها تقريباً، وقد ثبت ذلك في محضر فحص الشكوى الإدارية رقم 273 سنة 1961 سوهاج، وقام المطعون ضده الأول بعد التحقيق الذي أجرى مع ناظر المدرسة "المطعون ضده الثاني" في هذا الخصوص بمجازاته إدارياً لسوء تصرفه ومخالفته للتعليمات، وأنه إزاء ذلك رفع الطاعن دعواه الحالية يطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما الأول بصفته والثاني بطريق التضامن مع المطعون ضده الثالث بأن يدفعوا له مبلغ 3000 ج كتعويض عما لحقه من أضرار، وبتاريخ 19/ 12/ 1965 قضت المحكمة بإلزام المطعون ضده الأول بصفته والمطعون ضده الثاني متضامنين بأن يدفعا للطاعن مبلغ 500 ج. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافه برقم 50 سنة 41 ق، كما استأنفه المطعون ضده الأول "وزير التربية والتعليم" بالاستئناف رقم 55 سنة 41 ق، وبعد أن ضمت محكمة الاستئناف الاستئنافين قضت بتاريخ 5/ 4/ 1967 في الاستئناف الأول برفضه وفي الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيان ذلك إنه دفع ببطلان صحيفة الاستئناف رقم 55 سنة 41 ق المرفوع من المطعون ضده الأول استناداً إلى أن المحضر أثبت في يوم 19/ 12/ 1966 أنه انتقل إلى منزل الطاعن لإعلانه، وأنه نظراً لغيابه ورفض زوجته الاستلام، فإنه سيقوم بإعلانه لجهة الإدارة دون أن يبين في أصل الإعلان وصورته اسم هذه الزوجة وسبب امتناعها عن الاستلام، هذا إلى أنه لم يقم بتسليم الإعلان لجهة الإدارة في اليوم ذاته، بل قام بذلك في اليوم التالي وهو ما يعيب الإعلان بالبطلان، كما أن الطاعن دفع باعتبار ذلك الاستئناف كأن لم يكن لأن صحيفته قدمت إلى قلم المحضرين يوم 17/ 2/ 1966، ولم يتم إعلانها للمطعون ضده الثاني إلا في 20/ 3/ 1966 أي بعد أكثر من ثلاثين يوماً خلافاً لما تقضي به المادة 405/ 2 من قانون المرافعات السابق، ولما كان هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام فإنه كان يتعين على محكمة الاستئناف أن تحكم به من تلقاء نفسها وإذ هي لم تقض بذلك فإن حكمها يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بأن بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان هو بطلان نسبي مقرر لمصلحة من شرع لحمايته، وليس متعلقاً بالنظام العام على ما يستفاد من المادتين 132، 140 من قانون المرافعات السابق بعد تعديله بالقانون رقم 100 سنة 1962، وبالتالي فلا يجوز للمحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها، وإنما يجب على الخصم الذي تقرر هذا البطلان لمصلحته أن يتمسك به أمام محكمة الموضوع، ويجوز له أن ينزل عنه صراحة أو ضمناً، وفي هذه الحالة يزول البطلان طبقاً لنص المادة 26 من قانون المرافعات السابق، ولا يجوز لمن نزل عن البطلان أن يعود إلى التمسك به. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد نزل عن الدفع بالبطلان، فإن النعي على الحكم بهذا الشق يكون على غير أساس. والنعي في شقه الثاني غير سديد أيضاً، ذلك أن ميعاد الثلاثين يوماً المحدد في الفقرة الثانية من المادة 405 من قانون المرافعات السابق بعد تعديله بالقانون رقم 100 لسنة 1962 هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ميعاد حضور بصريح النص، والجزاء المقرر في هذه الفقرة لعدم مراعاة هذا الميعاد وهو اعتبار الاستئناف كأن لم يكن هو بعينه الجزاء المقرر في المادة 78 من ذلك القانون لعدم مراعاة ميعاد التكليف بالحضور بالنسبة للدعوى المبتدأة وهذا الجزاء مقرر لمصلحة المستأنف عليه، ولم يوجب المشرع على المحكمة الحكم بهذا الجزاء من تلقاء نفسها خلافاً لما كان عليه الحال في المادة 406 مكرر قبل إلغائها بالقانون رقم 100 لسنة 1962، مما يؤكد أن الجزاء في صورته الجديدة لا يتعلق بالنظام العام، فلا تحكم به المحكمة بغير طلب من الخصوم، ولا يغير من ذلك أن هذا الجزاء يقع بقوة القانون بمجرد انقضاء ميعاد الثلاثين يوماً دون أن يتم تكليف المستأنف عليه بالحضور، إذ أن هذا معناه أن يتحتم على المحكمة أن توقع هذا الجزاء في حالة طلبه من صاحب المصلحة، ولا يكون لها خيار فيه، ولصاحب المصلحة أن يتنازل عنه صراحة أو ضمناً. لما كان ما تقدم وكان الثابت من الأوراق أن صاحب المصلحة في هذا الدفع - وهو المطعون ضده الثاني - لم يتمسك به أمام محكمة الاستئناف، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لا يكون قد أخطأ في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، ويقول في بيان ذلك إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه ثبت من التحقيقات التي أجريت في الحادث أن ناظر المدرسة قد أمر الطاعن بالإمساك بالتلميذ المغمى عليه خشية سقوطه، ثم أحضر الناظر زجاجة بها محلول النوشادر وسلمها للطاعن مكشوفة بعد أن نزع سدادتها ليقربها من أنف هذا التلميذ وما إن فعل الطاعن ما أمره الناظر به حتى دفع التلميذ الزجاجة المفتوحة فتناثر منها السائل فأصاب عين الطاعن اليسرى، وأن ما وقع من المطعون ضده الثاني على هذا النحو يتحقق به ركن الخطأ في جانبه، بأن لم يتخذ ما يجب على الشخص العادي اتخاذه من الاحتياطات، فقد خالف تعليمات قسم الصحة المدرسية التي تقضي بأن يستعمل محلول النوشادر عن طريق تحريك قطعة قطن مبللة به بالقرب من الأنف وقد أدى هذا الخطأ إلى الضرر الذي أصاب الطاعن بفقد عينه اليسرى وذلك أثناء تأدية وظيفته وبسببها، مما ينبني عليه مساءلة وزارة التربية والتعليم عن تعويض هذا الضرر الذي حدث نتيجة خطأ تابعها، غير أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بأن المطعون ضده الثاني "ناظر المدرسة" لم يقم بأي عمل أدى مباشرة إلى حدوث إصابة الطاعن أو كان سبباً فيها، وهو ما يعيبه بالخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بانتفاء الخطأ في جانب المطعون ضده الثاني على قوله "ثبت من جميع الأوراق التي تناولت الحادث أن إصابة المستأنف (الطاعن) لم يكن لها من سبب مباشر إلا تلك الحركة اللاإرادية التي صدرت من التلميذ أثناء النوبة العصبية التي أصابته، ولم يثبت على الإطلاق في تلك التحقيقات أن ناظر المدرسة "المطعون ضده الثاني" أقدم على عمل أو امتنع عن عمل أدى مباشرة إلى وقوع الإصابة أو كان سبباً فيها، فإن نسبة الخطأ أو الإهمال إليه يكون في غير موضعه" ولما كان لمحكمة النقض أن تراقب محكمة الموضوع في تكييفها للأفعال الصادرة من المدعى عليه بأنها خطأ أو غير خطأ، وكانت التعليمات الصحية المدرسية - وعلى ما أورده الحكم المطعون فيه - تقضي بأن يكون استعمال محلول النوشادر عن طريق تحريك قطعة قطن مبللة بالقرب من فتحتي الأنف عند اللزوم مثل الإغماء، وأن المطعون ضده الثاني - ناظر المدرسة - قد خالف هذه التعليمات حسبما سجله هذا الحكم، وذلك بأن سلم زجاجة محلول النوشادر مكشوفة - بعد أن نزع سدادتها - إلى الطاعن ليقربها من أنف التلميذ المغمى عليه وكانت هذه المخالفة قد تسببت في تناثر المحلول من الزجاجة، مما أدى إلى إصابة الطاعن، فإن هذا المسلك من جانب المطعون ضده الثاني يعد انحرافاً عن السلوك الواجب يتحقق به ركن الخطأ في جانبه، وإذ نفى الحكم المطعون فيه الخطأ عنه ولم يعتبر أن ما وقع منه في الظروف التي وقع الحادث يعد كذلك، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، ولما كان الحكم قد حجب نفسه بذلك عن بحث الأثر المترتب على هذا الخطأ الثابت في حق المطعون ضده الثاني على مسئولية هذا الأخير ومسئولية المطعون ضده الأول عن تعويض الضرر الذي لحق الطاعن فإنه يتعين نقض الحكم لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.