أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 774

جلسة 27 من إبريل سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي صلاح الدين.

(121)
الطعن رقم 249 لسنة 37 القضائية

( أ ) إعلان. "إعلان الدولة والهيئات العامة". مؤسسات عامة. وكالة.
إدارة قضايا الحكومة. نيابتها عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية والهيئات العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم أو الجهات الأخرى التي يخولها القانون اختصاصاً قضائياً. مادتان 14/ 3 مرافعات سابق، 6 ق 75 لسنة 1963. المؤسسات العامة ليست كذلك. إعلانها بصحيفة الطعن في مقرها. لا خطأ.
(ب) إثبات. "الكتابة. صورة الأوراق العرفية". حكم. "عيوب التدليل. ما لا يعد قصوراً".
صورة الأوراق العرفية. لا حجية لها في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل الموقع عليه. تمسك الطاعن بأن صورة العقد موضوع الدعوى والتي لا تحمل توقيعه غير مطابقة لأصله وأن عبارة العجز الواردة فيها غير واردة في الأصل. اعتماد الحكم على الصورة وإغفال الرد على هذا الدفاع. قصور.
1 - مؤدى نص المادتين 14/ 3 من قانون المرافعات السابق الذي رفع الطعن في ظله، 6 من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة أن هذه الإدارة في ظل قانون المرافعات السابق إنما تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها، ولدى الجهات الأخرى التي يخولها القانون اختصاصاً قضائياً، كما تنوب عن الهيئات العامة التي تباشر مرفقاً من مرافق الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام، على أساس أن تلك الهيئات كانت في الأصل مصالح حكومية، ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئة عامة للخروج بالمرفق عن نظام الروتين الحكومي، وقد منحها المشرع شخصية اعتبارية مستقلة تحقيقاً لغرضها الأساسي، وهو أداء خدمة عامة وإن كانت لهذه الخدمة طبيعة تجارية، أما المؤسسات العامة فلا يسري عليها حكم الفقرة الثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات السابق، ولا المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 آنفتي الذكر، إذ أن الغرض الأساسي لها هو ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي أو مالي، ولها ميزانية مستقلة تعد على نمط الميزانيات التجارية، وتئول إليها أرباحها بحسب الأصل كما تتحمل بالخسارة، ولا تعتبر مصلحة حكومية أو من الهيئات العامة، ومن ثم فإن المؤسسة المصرية العامة للمضارب لا تخضع لحكم الفقرة الثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات السابق، ويكون إعلانها بصحيفة الطعن في مقرها قد تم صحيحاً.
2 - صور الأوراق العرفية لا حجية ولا قيمة لها في الإثبات إلا بمقدار ما تهدي إلى الأصل الموقع عليه. وإذ كان الثابت في الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه بأن صورة العقد المؤرخ...... والتي لا تحمل توقيعه غير مطابقة لأصله، وأن عبارة العجز الواردة في الصورة غير واردة في الأصل، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه على تلك الصورة وأغفل الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد محمد عبد المعطي غنيم أقام الدعوى رقم 216 لسنة 1964 تجاري كلي القاهرة ضد المندوب المفوض على مطاحن ومضارب منشأة سرس الليان ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للمطاحن والمضارب والمخابز طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعاً له مبلغ 1595 ج و631 م والفوائد 5% سنوياً والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه أبرم عقدين مع مضرب سرس الليان أولهما في 7/ 10/ 1962 على توريد 1000 ضريبة أرز شعير تسليم شونة المضرب، والثاني في 15/ 11/ 1962 على توريد 2000 ضريبة تسليم شونة بنك مصر بدسوق من محصول 1962/ 1963 بسعر 18 جنيهاً للضريبة، واتفق في العقد الثاني على إضافة 1% فرق جفاف في حالة العجز عند إعادة الوزن بالمضرب، و18 مليماً أجر مشال عن كل جوال يسلم إلى المضرب مباشرة، وأنه قام بتوريد 1433 ضريبة تنفيذاً للعقد الأول و1997 ضريبة و50 كيلو تنفيذاً للعقد الثاني يضاف إليها 19 ضريبة و 93 كيلو مقابل 1% عجز وبلغت قيمة هذه الكميات 62515 ج و631 م قبض منه 60920 ج، وإذ تبقى له من الثمن مبلغ 1595 ج و631 م فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته، وفي 5/ 6/ 1966 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بصفتهما بأن يدفعا إلى المدعي متضامنين مبلغاً وقدره 859 ج و209 م والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 29/ 2/ 1964 حتى تاريخ السداد والمصاريف المناسبة ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة، واستأنف المدعى عليه الثاني هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 484 لسنة 83 قضائية، كما استأنفه المدعي طالباً تعديله والحكم له بباقي طلباته، وقيد استئنافه برقم 493 لسنة 83 قضائية، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين لتصدر فيهما حكماً واحداً، وفي 28/ 2/ 1967 حكمت في موضوع الاستئناف رقم 484 لسنة 83 قضائية بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المؤسسة المستأنفة متضامنة مع مضرب سرس الليان بأن يدفعا للمستأنف عليه السيد/ محمد محمد عبد المعطي غنيم مبلغ 500 ج والفوائد بواقع 5% سنوياً من 29/ 2/ 1964 حتى السداد والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة وفي موضوع الاستئناف رقم 493 لسنة 83 قضائية برفضه وألزمت المستأنف السيد/ محمد محمد عبد المعطي غنيم بالمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين بالتقرير. وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهما ولم يبديا دفاعاً، وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته في مذكرتها ودفعت أصلياً ببطلان الطعن، وطلبت احتياطياً نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة العامة أن الطاعن أعلن الطعن إلى المطعون عليه الثاني بوصفه رئيساً لمجلس إدارة المؤسسة المصرية العامة للمضارب بمقر المؤسسة، في حين كان يتعين إعلانه في إدارة قضايا الحكومة التي تنوب عن المؤسسة باعتبارها من أشخاص القانون العام وفقاً لنص المادة 6 من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم تلك الإدارة، مما يجعل الإعلان باطلاً طبقاً للمادتين 14/ 3 و24 من قانون المرافعات السابق الذي تم الإعلان في ظله وذلك بالنسبة للمطعون عليه الثاني ويمتد البطلان بالنسبة للمطعون عليه الأول لقيام التضامن بينهما في الالتزام.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات السابق الذي رفع الطعن في ظله على أنه فيما يتعلق بالأشخاص العامة تسلم صورة الإعلان للنائب عنها قانونياً فيما عدا صحف الدعاوى وصحف الطعون والأحكام فتسلم الصورة إلى إدارة قضايا الحكومة أو مأمورياتها بالأقاليم بحسب الاختصاص المحلي لكل منها، والنص في المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 في شأن تنظيم إدارة قضايا الحكومة على أن تنوب هذه الإدارة عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم باختلاف أنواعها ودرجاتها ولدى الجهات الأخرى التي يخولها القانون اختصاصاً قضائياً، يدل على أن الإدارة المذكورة في ظل قانون المرافعات السابق إنما تنوب عن الحكومة والمصالح العامة والمجالس المحلية، كما تنوب عن الهيئات العامة التي تباشر مرفقاً من مرافق الدولة ولها كيان مستقل وشخصية معنوية معتبرة في القانون العام، على أساس أن تلك الهيئات كانت في الأصل مصالح حكومية، ثم رأت الدولة إدارتها عن طريق هيئة عامة للخروج بالمرفق عن نظام (الروتين) الحكومي، وقد منحها المشرع شخصية اعتبارية مستقلة تحقيقاً لغرضها الأساسي وهو أداء خدمة عامة، وإن كانت لهذه الخدمة طبيعة تجارية، أما المؤسسة العامة فلا يسري عليها حكم الفقرة الثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات السابق ولا المادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 آنفتي الذكر، إذ أن الغرض الأساسي لها هو ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو زراعي أو مالي ولها ميزانية مستقلة تعد على نمط الميزانيات التجارية وتئول إليها أرباحها بحسب الأصل وتتحمل هي الخسارة، ولا تعتبر مصلحة حكومية أو من الهيئات العامة. لما كان ذلك فإن المؤسسة المصرية العامة للمضارب لا تخضع لحكم الفقرة الثالثة من المادة 14 من قانون المرافعات السابق، ويكون إعلانها بصحيفة الطعن في مقرها قد تم صحيحاً.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الطاعن اعترض أمام محكمة الموضوع على تصفية الخبير لحساب العقد الأول المؤرخ 7/ 10/ 1962 لأنه لم يأخذ بالوزن الثابت بعلوم التوريد الموقع عليها من الموظف المختص بالاستلام في المضرب ولاعتماده على الأوزان ودرجات النظافة المدرجة بدفاتر المضرب مع مخالفتها للثابت في علوم الوزن دون إخطاره للحضور ومراجعة الوزن ودرجة النظافة بواسطة لجنة تبعاً لبنود العقد والعرف التجاري وإلا اعتبر التوريد مطابقاً للمواصفات، وطلب الإحالة إلى التحقيق لإثبات هذا العرف التجاري وإذ لم يجبه الحكم المطعون فيه إلى هذا الطلب، فإنه يكون قد أخل بحقه في الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما قرره من "أن ما يثيره المستأنف من اعتراض على تصفية الخبير الذي ندبته محكمة الدرجة الأولى لعقد التوريد المؤرخ 7/ 10/ 1962 بالنسبة لوزن الكمية الموردة ودرجة نظافتها لا محل له، إذ أن الثابت من الاطلاع على العقد المذكور أنه ينص في بنده الرابع على أن وزن البضاعة يتم بمعرفة قباني شونة المضرب وبحضور مندوب البائع إذا أراد، على أن ترد الأوزان في دفاتر الوزن المخصصة وتكون هذه الدفاتر حجة على الطرفين، كما ينص في بنده الثالث على أن التسليم يتم في شونة المضرب بعد المعاينة والفرز والوزن والقبول، ومفهوم ذلك أن إرادة الطرفين قد انعقدت على أن الوزن والفرز يجريان بمعرفة المضرب وتكون دفاتر المضرب المثبتة للوزن والفرز حجة عليهما، فلا يكون ثمة تثريب على الخير إذا ما اعتمد الوزن والفرز الواردين بدفاتر المضرب، إذ لا حجية لعلوم الأوزان التي يتمسك بها المستأنف" وهذا الذي أورده الحكم هو تحصيل موضوعي سائغ وفيه الرد الكافي على ما أثاره الطاعن، ولا يشوبه خطأ أو مخالفة للقانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه قضى برفض احتساب نسبة 1% عن العجز الناتج من جفاف الأرز المورد طبقاً للعقد المبرم بين الطرفين وبتاريخ 15/ 11/ 1962 مستنداً في ذلك إلى نص البند الخامس من هذا العقد، وإلى أن الخطاب الصادر إليه من المطعون عليه الأول بتاريخ 20/ 1/ 1963 إن هو إلا ترديد لعبارة البند المشار إليه الذي يشترط لاستحقاق مقابل العجز ظهور عجز بالفعل، في حين أن أصل عقد التوريد الذي عول عليه الحكم لم يقدم للمحكمة بل قدم المطعون عليه الأول صورة عرفية من هذا العقد لا تحمل توقيعاً لأي من الطرفين، وتحوي شروطاً مخالفة لأصل العقد، وقد تمسك الطاعن بهذا الدفاع لدى محكمة الاستئناف وبعدم جواز الاستناد إلى تلك الصورة العرفية، ولم يعتد الحكم المطعون فيه بهذا الدفاع واعتبر الخطاب ترديداً لما جاء في البند الخامس من العقد، رغم أن هذا الخطاب كان تعديلاً للعقد مقتضاه استحقاق الطاعن لهذه النسبة بالإضافة إلى الكميات المسلمة إلى المضرب دون اشتراط ظهور عجز فعلي، وقد اكتفى الحكم بالصورة العرفية وهي لا تصلح دليلاً، كما أنه أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري، وهو من الحكم مخالفة للقانون وقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بهذا الخصوص على ما استخلصه من أنه "واضح من مطالعة نص الخطاب آنف الذكر أنه لا ينطوي على أي تعديل لنصوص العقد (صورة مرفقة بتقرير الخبير المودع بالملف الابتدائي) بل هو مجرد ترديد لنص البند الخامس من العقد، ومؤدى ذلك أن بدل العجز لا يحتسب إلا إذا ظهر عجز فعلي في مقدار الكمية المسلمة للمضرب عند إعادة وزنها به، واختلاف هذا الوزن بالنقض عن الوزن الذي تم عند التسليم إلى شونة البنك" وهذا الذي أورده الحكم غير صحيح في القانون، ذلك أن صور الأوراق العرفية لا حجية ولا قيمة لها في الإثبات إلا بمقدار ما تهدى إلى الأصل الموقع عليه، وإذ كان ذلك وكان الثابت في الأوراق أن الطاعن قد تمسك في دفاعه بأن صورة العقد المؤرخ 15/ 11/ 1962 والتي لا تحمل توقيعه غير مطابقة لأصله، وأن عبارة العجز الواردة في الصورة غير واردة في الأصل، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه على تلك الصورة وأغفل الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب بما يستوجب نقضه جزئياً.