أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 33 - صـ 173

جلسة 8 من فبراير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد سالم يونس ومسعد الساعي وأحمد سعفان وعبد السلام خطاب.

(34)
الطعن رقم 4499 لسنة 51 القضائية

1 - جريمة "أركانها". خطف. إثبات "بوجه عام. إكراه.
جريمة خطف الأنثى. المنصوص عليها بالمادة 290 عقوبات. مناط تحققها؟
2 - خطف. إكراه. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ركن الإكراه في جريمة الخطف. تقديره موضوعي.
3 - جريمة "أركانها". هتك عرض. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
ركن القوة في جناية المواقعة. مناط تحققه؟
4 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إقناعية الأدلة في المواد الجنائية. للمحكمة. الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. حد ذلك؟
5 - إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها.
6 - زناً. جريمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة الزنا. طبيعتها؟.
وقوع الوطء بغير اختيار من الزوجة. لا تقوم به جريمة الزنا. أثر ذلك؟.
7 - إجراءات المحاكمة. محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إثبات "بوجه عام" "خبرة" "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
- سقوط الحكم الغيابي وإعادة المحاكمة في مواجهة المتهمة. لا يهدر الأدلة في أوراق الدعوى. للمحكمة أن تستند إليها في قضائها. ولها أن تورد في حكمها الحكم الغيابي. حد ذلك؟
1 - إن جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مواقعة الجاني لها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها،
2 - تقدير توفر ركن الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً.
3 - ركن القوة في جناية المواقعة يتحقق كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة.
4 - الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
5 - من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
6 - لما كانت جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة لأنها تقتضى التفاعل بين شخصين يعد القانون أحدهما فاعلاً أصلياً وهي الزوجة، ويعد الثاني شريكاً وهو الزاني، فإذا انمحت جريمة الزوجة فإن التلازم الذهني يقتضي محو جريمة الشريك أيضاً، وكانت هذه الجريمة قد انمحت في الدعوى لوقوع الوطء بغير اختيار من الزوجة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن إغفال الحكم توقيع عقوبة الزنا على المجني عليها وشركائها فيها - وهو من بينهم - يكون غير سديد في القانون.
7 - من المقرر أن سقوط الحكم الغيابي وإعادة المحاكمة في مواجهة المتهم لا يترتب عليه إهدار الأدلة التي تضمنتها أوراق الدعوى بل تظل قائمة ومعتبرة وللمحكمة أن تستند إليها في قضائها، ولا ينال من عقيدتها أو يعيب حكمها أن تكون هي بذاتها التي عول عليها الحكم الغيابي بل ولها أن تورد في حكمها الأسباب التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط قانوناً أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في الجناية رقم شبرا بوصف أنه في يومي...، ... بدائرة قسم شبرا محافظة القاهرة. اشترك مع آخرين سبق الحكم عليهم أولاً: خطفوا..... التي تبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالإكراه وتحت التهديد بأن أمسك بها المتهم الأول عنوة مهدداً إياها بمدية ثم أدخلوها سيارة خاصة قيادة المتهم السادس وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: واقعوا المجني عليها سالفة الذكر بغير رضاها وذلك بالإكراه وتحت التهديد بأن أمسك بها المتهم الأول عنوة مهدداً إياها بمدية (مطواة) وهددها باستخدام تلك المدية ثم اقتادها حيث أقام المتهمون من الثاني للرابع بمواقعتها بأحد المساكن ليلاً ثم أقلها المتهمان الخامس والسادس بسيارة خاصة قيادة الأخير وتوالا على مواقعتها داخل السيارة ثم واقعها باقي المتهمين على التوالي بمسكن المتهم السابع وأولجوا جميعاً - كل منهم - قضيبه في فرجها كرهاً عنها على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام فقرر بذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملاً بالمواد 267/ 1، 290 مع تطبيق المادة 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات عما أسند إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي خطف أنثى تبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالإكراه ومواقعتها بغير رضاها قد أخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد وشابه التناقض والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحاضر معه أثار دفاعه مؤداه أن المجني عليها استقلت السيارة مع المتهمين بإرادتها دون إكراه وقع عليه وتمت مواقعتها برضاها، ورد الحكم على هذا الدفاع بما لا يسيغ إطراحه كما لم يستظهر الحكم ركن القوة في جريمة المواقعة وأعرض عن دفاعه بأنه كان متواجداً بوحدته في الجيش وقت وقوع الحادث على الرغم من تقديم الشهادة الدالة على ذلك. وجاء تصوير الحكم لواقعة الدعوى مخالفاً لطبيعة الأمور إذ وقع الحادث في مكان عام وعلى مرأى من الناس، تستساغ رواية المجني عليها أنها كانت تحت إكراه أو تهديد. كما أورد الحكم في مدوناته أن الطاعن أنكر بالجلسة في حين أن الثابت من الأوراق أنه أنكر في جميع مراحل التحقيق. كما لم تنبه المحكمة إلى ما تضمنته أوراق الدعوى من جريمة زنا وتوقع عقوبتها على المجني عليها وجميع المتهمين. هذا وقد استند الحكم في إدانة الطاعن إلى ذات الأدلة التي استند إليها الحكم الغيابي القاضي بإدانته مع باقي المتهمين، وكان ذلك من شأنه أن يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن يبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها وشهود الإثبات وأقوال المتهم في التحقيقات وما جاء في المعاينة والتقرير الطبي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها، عرض لدفاع الطاعن وأطرحه أخذاً بأقوال المجني عليها وسائر أدلة الثبوت التي اطمأن إليها. لما كان ذلك وكانت جريمة خطف الأنثى التي يبلغ سنها أكثر من ست عشرة سنة كاملة بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها في المادة 290 من قانون العقوبات تتحقق بإبعاد هذه الأنثى عن المكان الذي خطفت منه أياً كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجني عليها وحملها على مواقعة الجاني لها أو باستعمال أية وسائل مادية أو أدبية من شأنها سلب إرادتها، وإن كان الحكم المطعون فيه قد استظهر ثبوت الفعل المادي للخطف وتوافر ركن الإكراه والقصد الجنائي في هذه الجريمة وتساند في قضائه إلى أدلة منتجة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان تقدير توافر ركن الإكراه في جريمة الخطف مسألة موضوعية تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام استدلالها سليماً كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استظهر عدم رضاء المجني عليها في جريمة المواقعة بما مؤداه أنه بعد خطف المجني عليها والدخول بها في إحدى المساكن هددها أحد المتهمين بمطواة وقام بخلع ملابسها وواقعها وتلاه الطاعن وباقي المتهمين بمواقعتها تحت هذا التهديد ثم صحبوها في سيارة وكرر الطاعن ومن معه ذات الفعل داخل السيارة تحت التهديد. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ركن القوة في جناية المواقعة يتوافر كلما كان الفعل المكون لها وقد وقع بغير رضاء من المجني عليها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذ مقصده من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال المجني عليها التي اطمأن إليها أن مواقعة الطاعن لها كانت تحت التهديد فإن هذا الذي أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة مواقعة أنثى بغير رضاها بأركانها بما فيها ركن القوة، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكانت الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى وكان الحكم قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعن للجريمة المسندة إليه مطرحاً دفاعه من أنه كان موجوداً بوحدته وقت وقوع الحادث في قوله "وأما عن دفاع المتهم بأنه كان في وحدته العسكرية وقت الحادث فإنه فضلاً عن أن الأوراق قد خلت من الشهادة التي قال عنها الدفاع أنه سبق أن قدمها فإن المتهم قد أقر في التحقيقات بوجوده في مكان الحادث وقت أن كانت المجني عليها في المجمع قبل الحادث وأنه شاهد المتهم الآخر الذي سبق الحكم عليه هناك ولم ينف وجوده هناك ولم يقل بوجوده في وحدته كما زعم بالجلسة وكان ما ساقه الحكم رداً على دفاع الطاعن سائغاً ويستقيم به ما انتهى إليه الحكم من تواجده على مسرح الحادث ونسبة الجريمة إليه - حتى يفرض وجود الشهادة - التي يدلل بها على نفي تواجده على مسرح الحادث. فإن ما يثيره في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن تصوير الحكم للواقعة يجافي طبيعة الأمور مردوداً بأن الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود والعناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي أشارت إليها في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله إذ هو في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدر الأدلة واستخلاص ما تؤدي إليه بما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب طالما كان استخلاصها سائغاً كما هو الحال في واقعة الدعوى فلا يجوز منازعتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال الطاعن في التحقيقات بما مؤداه أنه كان في المجمع الاستهلاكي الذي كانت فيه المجني عليها والمتهم الآخر ثم تركها وانصرف إلى منزله حيث قبض عليه، كما نقل من محضر الجلسة أنه أنكر ما أسند إليه، وكان الطاعن لا يتنازع في صحة ما حصله الحكم من أقواله في مرحلتي التحقيق والمحاكمة، فإن ما يثيره الطاعن بقالة الخطأ في الإسناد من أن الحكم أورد بمدوناته أنه أنكر بالجلسة فقط بيد أن الثابت في الأوراق أنه أنكر في جميع مراحل الدعوى لا يكون له محل. لما كان ذلك وكانت جريمة الزنا ذات طبيعة خاصة لأنها تقتضى التفاعل بين شخصين يعد القانون أحدهما فاعلاً أصلياً وهي الزوجة، ويعد الثاني شريكاً وهو الزاني، فإذا انمحت جريمة الزوجة فإن التلازم الذهني يقتضي محو جريمة الشريك أيضاً، وكانت هذه الجريمة قد انمحت في الدعوى لوقع الوطء بغير اختيار من الزوجة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن إغفال الحكم توقيع عقوبة جريمة الزنا على المجني عليها وشركائها فيها وهو من بينهم يكون غير سديد في القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن سقوط الحكم الغيابي وإعادة المحاكمة في مواجهة المتهم لا يترتب عليه إهدار الأدلة التي تضمنتها أوراق الدعوى بل تظل قائمة ومعتبرة وللمحكمة أن تستند إليها في قضائها، ولا ينال من عقيدتها أو يعيب حكمها أن تكون هي بذاتها التي عول عليها الحكم الغيابي بل ولها أن تورد في حكمها ذات الأسباب التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط قانوناً أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.