أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 806

جلسة 3 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكري، وعثمان حسين عبد الله.

(126)
الطعن رقم 318 لسنة 34 القضائية

(أ، ب) رسوم. "رسم الدمغة". بنوك. "عقد فتح الاعتماد". عقد. "تكييف العقد" ضرائب.
( أ ) عقود أو عمليات فتح الاعتماد. ماهيتها. قصر سريان رسم الدمغة على الاعتمادات بمعناها الفني الدقيق. ق 224 لسنة 1951 المعدل بالقانون 276 لسنة 1956. مثال في عقد توريد أقطان.
(ب) تكييف العقود. مناطه. ما عناه العاقدون منها. دون اعتداد بما ورد بها من أوصاف أو عبارات تخالف حقيقة قصدهم.
1 - متى كان ما خلصت إليه المحكمة، لا يتفق مع طبيعة عقود أو عمليات فتح الاعتماد بمعناها الفني الدقيق، وهي التي تمثل ديناً على العميل دون أن تكون مغطاة كلياً أو في جزء منها، وذلك على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 276 لسنة 1956 المعدل للمادة الثالثة من الفصل الثاني من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 بفرض رسم دمغة على عقود أو عمليات فتح الاعتماد إذ ورد بها ما يلي "وكذلك رؤى استبدال الرسم النسبي فيما يتعلق بعقود أو عمليات فتح الاعتماد وتحديدها بالرسم التدريجي المعمول به حالياً، ولما كان قد ثار الخلاف حول مدى خضوع عقود أو عمليات فتح الاعتماد التي لا تمثل قرضاً أو سلفة من البنك، فقد رؤى حسم هذا الخلاف بقصر سريان الرسم على الاعتمادات بمعناها الفني الدقيق وهي تلك الاعتمادات التي تمثل ديناً على العميل قبل البنك دون أن تكون مغطاة كلياً أو في جزء منها" وكان لا يغير من هذا النظر أن المبالغ دفعت - من الشركة المشترية للأقطان - إلى العميل - البائع في عقود توريد الأقطان - قبل قطع السعر، إذ يتفق ذلك مع ما جرى به العرف في تجارة القطن بالنسبة للعقود موضوع النزاع، وفيها يتراخى تحديد الثمن ويبقى معلقاً على ممارسة كل من الطرفين لحقوقه ووفائه بالتزاماته، وكان لا وجه للتحدي باشتراط استحقاق فائدة على المبالغ التي يسحبها العميل - من الشركة المشترية للأقطان - إذ هي مقابل التسهيلات الممنوحة له من الشركة وليس من شأنها أن تغير من وصف هذه العقود. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه إذ جرى في قضائه على أن العقود موضوع النزاع لا تنطوي على عقود أو عمليات فتح اعتماد ولا يستحق عنها رسم الدمغة المقرر عليها، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح.
2 - المناط في تكييف العقود هو بما عناه العاقدون منها، ولا يعتد بما أطلقوه عليها من أوصاف أو ضمنوها من عبارات إذا تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف حقيقة التعاقد وما قصده العاقدون منه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهم - أصحاب شركة إخوان فاسيلو بولو - أقاموا الدعوى رقم 31 سنة 1961 المنيا الابتدائية وانتهوا فيها إلى طلب الحكم بعدم أحقية مصلحة الضرائب - الطاعنة - في اقتضاء مبلغ 3454 ج و713 م قيمة رسوم الدمغة المقدرة على الشركة عن السنوات من 1951/ 1952 حتى 1957/ 1958، وقالوا شرحاً لدعواهم إن مأمورية ضرائب مغاغة قدرت على الشركة رسوم دمغة جملتها 3487 ج 818 م منها مبلغ 3454 ج و713 م عن عقود توريد أقطان أبرمتها الشركة مع عملائها خلال السنوات المشار إليها باعتبار أن هذه العقود تتضمن فتح اعتماد، وإذ كانت هذه العقود هي عقود مشترى أقطان ولا تخضع لرسم الدمغة المقرر على عقود فتح الاعتماد بالمادة الثالثة من الفصل الثاني من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 فقد أقاموا دعواهم بالطلبات سالفة البيان. وبتاريخ 6/ 12/ 1962 حكمت المحكمة للمطعون عليهم بطلباتهم. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 75 سنة 80 ق، تجاري، ثم أحيل إلى محكمة استئناف بني سويف وقيد بجدولها برقم 121 سنة 1 ق تجاري، وبتاريخ 14/ 3/ 1964 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه بعدم خضوع عقود توريد الأقطان موضوع النزاع لرسم الدمغة المقرر على فتح الاعتماد تأسيساً على أنها عقود من نوع خاص أنتجتها ظروف التعامل في القطن ولا صلة لها بعقود فتح الاعتماد، لأن المبالغ التي يسحبها العميل هي جزء مقدم من الثمن، في حين أن العقود المذكورة تنطوي على فتح اعتماد وتخضع لرسم الدمغة المستحق عليه، إذ فضلاً عن أن عبارة فتح الاعتماد وردت في صدر العقود، فقد تضمنت شروطاً مفادها أن تضع الشركة تحت تصرف العميل مبالغ محددة بنسبة ما يورده من أقطان، ومن حقه أن يسحب منها خلال مدة التعامل بضمان الأقطان الموردة التي تظل على ملكه، مما مقتضاه أن المبالغ التي يسحبها العميل لا تكون جزءاً من ثمن الأقطان، بل هي من قبيل التسهيلات الائتمانية في الفترة السابقة على البيع التي لا يكون للعميل خلالها الحق في الثمن، يدل على ذلك أن الشركة حصلت على فوائد عن المبالغ المذكورة، ولا يؤثر في خضوع هذه العقود لرسم الدمغة أنها اقترنت بعقد آخر وأن يكون القائم بها شركة وليس أحد البنوك، لأن العبرة هي بطبيعة العملية وخصائصها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن العقود موضوع النزاع هي عقود من نوع خاص ولا تنطوي على فتح الاعتماد حتى يستحق عنها رسم الدمغة قد أشار إلى تعريف عقد فتح الاعتماد وإلى الشروط الواردة بهذه العقود التي قدمت الشركة نماذج منها، ثم قال "ويبين من هذه الشروط أن الغرض من التعاقد ليس هو منح العميل ائتماناً ما أو أنه تعاقد ملحوظ فيه شخصية المتعاقدين، بل هو تعاقد رمى به طرفاه للاستفادة من القطن بالقدر الذي تسمح له به ظروفه، فالعميل يبغى إلى الحصول مقدماً على جزء من ثمن القطن دون أن يكون مضطراً لبيعه بيعاً عاجلاً في وقت يكون غير ملائم بل هو يعطي قطنه ليد خبيرة لتبيعه له في أحسن ظروف البيع، ومن جهة الشركة فإنها تفيد من حلج القطن ومن عمولة بيعه ومن الفائدة التي تقتضيها من العميل على رصيد حسابه لديها، وهي في الوقت نفسه آمنة على حقها بما لديها من قطن لا يستطيع العميل التصرف فيه دونها، وعقد هذا شأنه ليس له صلة بعقد فتح الاعتماد، بل هو عقد من نوع خاص أنتجته ظروف التعامل النوعي في القطن تعاملاً مريحاً ومأموناً، ومن ثم فلا محل لما يقول به المستأنف - الطاعن - من أن هذه العقود تتضمن عقود فتح اعتماد ولا محل بالترتيب على ذلك لما يذهب إليه من استحقاقه لرسم دمغة نسبي وتدريجي" ولما كان الحكم في تكييفه للعقد لم يخرج عن مفهوم عباراته ونصوصه والغرض الذي عناه الطرفان من إبرامه، ذلك أنه نص فيه على أن العميل يتعهد بأن يورد إلى الشركة المطعون عليها في محلجها مقداراً من القطن في مدة محددة، ويعتبر القطن الذي يورده ضامناً للمبالغ المستحقة عليه للشركة، ولها أن تبيعه في أي وقت وبالسعر الذي تراه مناسباً، كما أن من حقها أن تبيع القطن بيوعاً آجلة وتصفيها في أي وقت، ولها أن تقوم بحلجه بمصاريف وعمولة على عاتق العميل، وللعميل أن يتقاضى من أصل صافي ثمن بيع الأقطان مبالغ تحددها الشركة على أن يستحق فوائد على المبالغ التي يسحبها، وتعهد العميل بأن يكون هناك دائماً فرق للتغطية بين المبالغ المستحقة عليه وبين قيمة الأقطان، وإذ قلت قيمة التغطية ولم يقم بدفع قيمتها فللشركة أن تكلفه بسداد ما سحبه من مبالغ فضلاً عن الفوائد والمصاريف، ولا يحول هذا دون أن تستخدم حقها في بيع القطن، كما نص في العقد على أن المبالغ المستحقة للشركة على العميل تخصم من ثمن بيع الأقطان، ولما كانت المحكمة قد استخلصت من الشروط سالفة الذكر أن دفع المبالغ التي يسحبها العميل كان مرتبطاً بعملية بيع القطن، وأن هذه المبالغ لا تعدو أن تكون تعجيلات من الثمن وليست ديناً على العميل قبل الشركة، وكان ما خلصت إليه المحكمة على النحو السالف البيان لا يتفق مع طبيعة عقود أو عمليات فتح الاعتماد بمعناها الفني الدقيق، وهي التي تمثل ديناً على العميل دون أن تكون مغطاة كلياً أو في جزء منها، وذلك على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 276 لسنة 1956 المعدل للمادة الثالثة من الفصل الثاني من الجدول رقم 2 الملحق بالقانون رقم 224 لسنة 1951 بفرض رسم دمغة على عقود أو عمليات فتح الاعتماد إذ ورد بها ما يلي: "وكذلك رؤى استبدال الرسم النسبي فيما يتعلق بعقود أو عمليات فتح الاعتماد وتجديدها بالرسم التدريجي المعمول به حالياً، ولما كان قد ثار الخلاف حول مدى خضوع عقود أو عمليات فتح الاعتماد التي لا تمثل قرضاً أو سلفة من البنك - فقد رؤى حسم هذا الخلاف بقصر سريان الرسم على الاعتمادات بمعناها الفني الدقيق، وهي تلك الاعتمادات التي تمثل ديناً على العميل قبل البنك دون أن تكون مغطاة كلياً أو في جزء منها..." وكان لا يغير من هذا النظر أن المبالغ دفعت إلى العميل قبل قطع السعر، إذ يتفق ذلك مع ما جرى به العرف في تجارة القطن بالنسبة للعقود موضوع النزاع، وفيها يتراخى تحديد الثمن ويبقى معلقاً على ممارسة كل من الطرفين لحقوقه ووفائه بالتزاماته، وكان لا محل للاعتداد بأن عبارة فتح الاعتماد قد وردت في صدر العقود، ذلك أن المناط في تكييف العقود هو بما عناه العاقدون منها، ولا يعتد بما أطلقوه عليها من أوصاف أو ما ضمنوها من عبارات إذا تبين أن هذه الأوصاف والعبارات تخالف حقيقة التعاقد وما قصده العاقدون منه، وكان لا وجه أيضاً للتحدي باشتراط استحقاق فائدة على المبالغ التي يسحبها العميل، إذ هي مقابل التسهيلات الممنوحة له من الشركة وليس من شأنها أن تغير من وصف هذه العقود. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه، إذ جرى في قضائه على أن العقود موضوع النزاع لا تنطوي على عقود أو عمليات فتح اعتماد ولا تستحق عنها رسم الدمغة المقرر عليها، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح، ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.