أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 33 - صـ 181

جلسة 9 من فبراير سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ راغب عبد الظاهر وفوزي أسعد وعبد الرحيم نافع وحسن غلاب.

(35)
الطعن رقم 4449 لسنة 51 القضائية

1 - حكم "وضعه والتوقيع عليه وإصداره" "بطلانه". محضر الجلسة.
إغفال القاضي التوقيع على محاضر الجلسات. لا أثر له على صحة الحكم. طالما أنه قد وقع على هذا الحكم.
2 - إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كون الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة هي بذاتها التي دارت عليها المرافعة. لا إخلال بحق الدفاع.
3 - تقليد. استعمال. مسئولية جنائية. فاعل أصلي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي.
عدم تحدث الحكم صراحة وعلى استقلال عن علم المتهم بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها. لا يعيبه. ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توفر هذا العلم لديه.
4 - قصد جنائي. تقليد. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القول بتوافر العلم بالتقليد. موضوعي.
5 - إثبات "شهود". تقليد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الخطأ في الإسناد. متى لا يعيب الحكم؟
1 - من المقرر أن مجرد إغفال القاضي التوقيع على محضر الجلسة لا أثر له على صحة الحكم ولا يترتب عليه البطلان.
2 - لما كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة مطروحة بالجلسة وهي بذاتها الواقعة التي دارت عليها المرافعة، ولم تجر المحكمة تعديلاً في وصف التهمة فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله.
3 - لا يعيب الحكم عدم تحدثه صراحة وعلى استقلال عن علم المتهم بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافر هذا العلم لديه.
4 - القول بتوافر علم المتهم بالتقليد هو من خصائص محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها.
5 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن من خطئه في الإسناد فيما نقله عن الشهود بخصوص عبارة "ورقة واحدة" - على فرض وجوده - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا النعي لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدائرة قسم السيدة زينب محافظة القاهرة: روج عملة ورقية مقلدة على غرار العملة الورقية الصحيحة المتداولة قانوناً في الخارج "ورقة مالية فئة الخمسمائة دولار الأمريكية" بأن دفع بها إلى التعامل مع علمه بتقليدها ببيعها لـ....... على أنها ورقة صحيحة. وطلبت إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة: قضت حضورياً عملاً بالمواد 202/ 1 - 2، 203، 30، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والمصادرة.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض وقدم تقريراً موقعاً وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية ترويج عملة مقلدة مع علمه بذلك، فقد شابه البطلان واعتراه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت في الأوراق، ذلك بأن محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم لم يوقع من رئيس الدائرة التي أصدرته، ولم يتناول الحكم إيراداً ورداً دفاع الطاعن المدعم بالمستندات التي قدمها ومن بينها إقرار أحد الشهود بنفي علم الطاعن بتقليد الورقة موضوع الاتهام وأنه قام بسداد قيمتها، وشهادات بدرجاته العلمية وحسن سمعته، ولا لما أثاره من دفاع بأنه توجه مع المجني عليه إلى الشرطة للإبلاغ ولم تضبط لديه أدوات مما يستخدم في التقليد وقد دانه الحكم بوصف جناية التقليد دون لفت نظر الدفاع، وأثبت في حقه توافر ركن العلم بالتقليد بأسباب غير سائغة ونسب للشهود قولهم أن الطاعن أخبرهم بأنه لم يبق لدى مصدر الورقة المقلدة سوى ورقة واحدة رغم أن عبارة (ورقة واحدة) لم ترد على لسان أحدهم. وكان ذلك يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن رئيس الدائرة التي أصدرته قد وقع عليه، وإذ كان من المقرر أن مجرد إغفال القاضي التوقيع على محضر الجلسة لا أثر له على صحة الحكم ولا يترتب عليه البطلان ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجناية ترويج عمله مقلدة مع العلم بذلك التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها، وإذ كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور بدعوى عدم الرد على دفاعه الثابت بالمستندات المقدمة منه للمحكمة - بفرض تقديمه - وما أثاره من دفاع لإثارة الشك في الاتهام لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة مطروحة بالجلسة وهي بذاتها الواقعة التي دارت عليها المرافعة، ولم تجر المحكمة تعديلاً في وصف التهمة فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم عدم تحدثه صراحة وعلى استقلال عن علم المتهم بتقليد الأوراق المالية التي يتعامل بها ما دامت الوقائع كما أثبتتها تفيد توافر هذا العلم لديه، وأن القول بتوافر علم المتهم بالتقليد هو من خصائص محكمة الموضوع تستقل به وتستخلصه من الوقائع والعناصر المطروحة عليها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد عرض لعلم الطاعن بتقليد الورقة محل الاتهام عند قبولها وأثبت توافره فيه حقه في قوله "وترى المحكمة أن سوء نية المتهم وعلمه السابق بتقليد الورقة التي قام ببيعها للمجني عليه وأنه تلقاها أساساً وهو عالم بأنها مقلدة في تناقض روايات المتهم للشهود من قول بأن الورقة لأخت أحد زملائه الضباط التي عادت من سفرها باستراليا ثم عندما تبين أن العمارة ليس بها من تحمل تلك الأوصاف وذكر أن الذي أعطاها له شخص كان يهم بالخروج من العمارة لم يرشد عنه أو يبرر ادعاءه بقول مستساغ عقلاً ثم إنكاره ذلك كله وقوله بأن مجهولاً قابله بالقطار طلب منه أن يبحث له عن مشتر لأشياء مستوردة كل ذلك التناقض وتلك الأقوال الغير مستساغة يجعل المحكمة في يقين من ثبوت علم المتهم بأن الورقة التي طرحها للتداول مقلدة وأنه حين تلقاها كان على بينة من أمرها إذ لو كان حسن النية في حصوله عليها لما كان ثمة داع لإنكاره ولأثبت حسن نيته وكيفية حصوله عليها أما إنكاره الواقعة أساسها مما يجعل المحكمة في يقين من أن المتهم كان على علم مسبق بطبيعة هذه الورقة". وما أورده الحكم على النحو المتقدم سائغ وسديد ويتوافر به العلم بالتقليد، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن من خطئه في الإسناد فيما نقله عن الشهود بخصوص عبارة "ورقة واحدة" - على فرض وجوده، - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا النعي لا يكون مقبولاً. ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.