أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 33 - صـ 209

جلسة 15 من فبراير سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد الحميد صادق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد سالم يونس وفؤاد بدر ومسعد الساعي وعبد السلام خطاب.

(42)
الطعن رقم 4565 لسنة 51 القضائية

1 - نقض "المصلحة في الطعن" "الصفة في الطعن". طعن "المصلحة والصفة فيه". نيابة عامة. دعوى جنائية. قضاء عسكري.
صدور الحكم غيابياً بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. جواز الطعن فيه بالنقض من النيابة العامة. أساس ذلك؟.
2 - دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة" "تقادم". إجراءات "إجراءات المحاكمة". قضاء عسكري.
التصديق على أحكام المحاكمة العسكرية. لا يعد من الإجراءات القاطعة لمدة التقادم في مفهوم المادة 17 أ. ج أساس ذلك؟
3 - نقض "المصلحة في الطعن" "الصفة في الطعن". طعن. "المصلحة والصفة فيه". نيابة عامة. "حقها في الطعن في الأحكام".
تقيد حق النيابة العامة في الطعن بقيد المصلحة.
انتفاء مصلحتها ومصلحة المحكوم عليه في الطعن. عدم قبوله.
المصلحة النظرية البحت. لا يؤبه بها. مثال.
1 - حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قبله لا يعتبر قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه فإن الطعن عليه بالنقض من النيابة العامة يكون جائزاً.
2 - لما كان التصديق على حكم المحكمة العسكرية المشار إليه بتاريخ أول يناير سنة 1978 ليس إجراء من إجراءات الاتهام أو المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع التقادم، ذلك أن التصديق على أحكام المحاكم العسكرية - في مجال التقادم - لا يخرج عن أحد فرضين أولهما التصديق على حكم الإدانة وبه يصبح الحكم المذكور نهائياً وفق حكم المادة 84 من قانون الأحكام العسكرية ولا محل هنا للحديث عن تقادم الدعوى الجنائية في صدد حكم بات تنقضي به الدعوى الجنائية وتبدأ منه المدة المقررة لتقادم العقوبة والفرض الآخر هو أمر السلطة المصدقة بإعادة المحاكمة أمام محكمة أخرى، وهو أمر صادر من سلطة - على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لقانون الأحكام العسكرية - مستقلة عن هيئة المحكمة ولا تتدخل إلا بعد الحكم، وهو بهذه المثابة لا يعدو أن يكون أمراً إدارياً إلى الإدارة العامة للقضاء العسكري ومن ثم فإنه لا يعد من الإجراءات القاطعة لمدة التقادم في مفهوم المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية.
3 - لما كان الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون إلا أنها لم تتقيد في ذلك بقيد المصلحة بحيث إذا لم تكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليه مصلحة في الطعن فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها من أن المصلحة أساس الدعوى - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً في قضائه بانقضاء الدعوى الجناية بمضي المدة - ومن ثم فلا جدوى مما تثيره النيابة العامة في شأن تقدير سن المتهم أو تشكيل المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه طالما أن الدعوى الجنائية قد انقضت بالتقادم ومن بعد فإن ما تنعاه النيابة العامة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون قائماً على مصلحة نظرية بحتة لا يؤبه بها ومن ثم تقضي المحكمة برفض الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: أولاً: سرق حافظة نقود ومحتوياتها المبينة الوصف والقيمة بالأوراق والمملوكة... وذلك من إحدى مركبات النقل البرية. ثانياً: سافر بعربة السكة الحديد بدون تذكرة. ثالثاً: ركب في غير الأماكن المحددة وطلبت معاقبته بالمادة 316 مكرراً/ 3 من قانون العقوبات والمادة 3/ 1 من الأمر العسكري رقم 1 لسنة 1973 والمادة 170 مكرراً من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 24 لسنة 1971. ومحكمة جنح بندر بنها قضت حضورياً بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. استأنفت النيابة العامة. ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه وإن صدر في غيبة المطعون ضده إلا أنه وقد قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قبله لا يعتبر قد أضر به حتى يصح له أن يعارض فيه فإن الطعن عليه بالنقض من النيابة العامة يكون جائزاً.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والقصور والبطلان - ذلك بأنه بنى قضاءه على أنه منذ وقوع الجريمة في 25/ 12/ 1973 حتى 15/ 11/ 1978 تاريخ تقديمه لمحكمة الأحداث قد انقضى أكثر من ثلاث سنوات دون اتخاذ أي إجراء قاطع للمدة - في حين أن الثابت من الأوراق أن تلك المدة قد انقطعت بإجراءات المحاكمة أمام المحكمة العسكرية وصدور حكمها في 19/ 1/ 1975 بعدم اختصاصها والتصديق على هذا الحكم في 1/ 1/ 1978 ثم تقديم المتهم لمحكمة الأحداث في 15/ 11/ 1978 وكلها إجراءات قاطعة للتقادم ولم يمض بين أي إجراء منها والإجراء الذي سبقه أو تلاه المدة المقررة لانقضاء الدعوى الجنائية هذا فضلاً عن أن الحكم قد صدر على خلاف أحكام المادتين 28، 32 من قانون الأحداث رقم 31 لسنة 1974 إذ أن المحكمة لم تكن مشكلة تشكيلاً صحيحاً ولم تقدر سن الحدث طبقاً للقانون.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضده قدم إلى المحاكمة بوصف أنه في يوم 25/ 12/ 1973 سرق الحافظة المبينة بالمحضر وركب القطار في غير الأماكن المحددة وبدون تذكرة والمحكمة العسكرية قضت بتاريخ 19/ 1/ 1975 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالة الأوراق للنيابة العامة وتصدق على هذا الحكم بتاريخ 1/ 1/ 1978 - وإذ قدمت النيابة العامة المتهم لمحكمة الأحداث في 25/ 11/ 1978 قضت هذه المحكمة بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة فاستأنفت النيابة العامة ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بتاريخ 11/ 11/ 1979 بتأييد الحكم المستأنف ومؤدى ما تقدم أنه قد مضت مدة تزيد على ثلاث سنوات بين صدور حكم المحكمة العسكرية بتاريخ 19 من يناير سنة 1975 وبين تقديم الدعوى إلى محكمة الأحداث بتاريخ 25 من نوفمبر سنة 1978. لما كان ذلك وكان التصديق على حكم المحكمة العسكرية المشار إليه بتاريخ أول يناير سنة 1978 ليس إجراء من إجراءات الاتهام أو المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع التقادم، ذلك أن التصديق على أحكام المحاكم العسكرية - في مجال التقادم - لا يخرج عن أحد فرضين أولهما التصديق على حكم الإدانة وبه يصبح الحكم المذكور نهائياً وفق حكم المادة 84 من قانون الأحكام العسكرية ولا محل هنا للحديث عن تقادم الدعوى الجنائية في صدد حكم بات تنقضي به الدعوى الجنائية وتبدأ منه المدة المقررة لتقادم العقوبة والفرض الآخر هو أمر السلطة المصدقة بإعادة المحاكمة أمام محكمة أخرى، وهو أمر صادر من سلطة - على ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لقانون الأحكام العسكرية - مستقلة عن هيئة المحكمة ولا تتدخل إلا بعد الحكم، وهو بهذه المثابة لا يعدو وأن يكون أمراً إدارياً إلى الإدارة العامة للقضاء العسكري لإعادة المحاكمة أمام محكمة أخرى ومن ثم فإنه لا يعد من الإجراءات القاطعة لمدة التقادم في مفهوم المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صادف صحيح القانون حين قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة. ويضحى نعي النيابة العامة في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون إلا أنها تتقيد في ذلك بقيد المصلحة بحيث إذا لم تكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليه مصلحة في الطعن فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها من أن المصلحة أساس الدعوى - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً في قضائه بانقضاء الدعوى الجناية بمضي المدة - ومن ثم فلا جدوى مما تثيره النيابة العامة في شأن تقدير سن المتهم أو تشكيل المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه طالما أن الدعوى الجنائية قد انقضت بالتقادم ومن بعد فإن ما تنعاه النيابة العامة في هذا الشأن لا يعدو أن يكون قائماً على مصلحة نظرية بحتة لا يؤبه بها ومن ثم تقضي المحكمة برفض الطعن.