أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 33 - صـ 237

جلسة 20 من فبراير سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ الدكتور إبراهيم علي صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن عثمان عمار وهاشم محمد قراعه وصفوت خالد مؤمن ومحمد نبيل رياض.

(48)
الطعن رقم 5410 لسنة 51 القضائية

1 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
2 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات الشاهد المتعددة. كفاية إيرادها ما تطمئن إليه منها. عدم التزامها بيان علة ذلك أو تحديد موضع الدليل من الأوراق. ما دام له أصل فيها.
3 - إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. مثال:
4 - إثبات "أوراق رسمية" "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لمحكمة الموضوع الالتفات عن دليل النفي. ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى. علة ذلك؟
5 - محكمة استئنافية "إجراءات نظرها الدعوى والحكم فيها". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استجابة المحكمة الاستئنافية إلى طلب سماع شهود المتهم وسماعهم فعلاً، قضاؤها من بعد تأييد الحكم المستأنف لأسبابه مفاده؟
6 - إثبات "بوجه عام" دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. مثال.
7 - تعدي. شروع. ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "الحكم في الطعن".
ثبوت أن جريمتي التعدي على موظف عام والشروع في سرقة اللتين دين الطاعن بهما مرتبطتان توقيع عقوبة واحدة عنهما. المادة 32/ 2 عقوبات. مخالفة ذلك. خطأ. وجوب تصحيحه.
1 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
2 - إن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداها ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها.
3 - لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان يبين مما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات أن الطاعن دفعه أرضاً فأصيب، وكان ما نقله الحكم عن التقرير الطبي يفيد إصابة الشاهد بسحجات وكدمات بفروة الرأس والكوع الأيسر وهو ما لا يتناقض مع أقوال الشاهد بل يتلاءم معه، فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون ولا محل لهما.
4 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
5 - من المقرر أنه لا يضير حكم المحكمة الاستئنافية أنها بعد أن استجابت إلى طلب سماع الشهود الذين طلب المتهم سماعهم وسمعتهم فعلاً قد قضت بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه، إذ أن مفاد ذلك هو أن التحقيق الذي أجرته لم ينتج جديداً في الدعوى يجعلها ترى ما رأته محكمة أول درجة أو يستحق تعليقاً أو تعقيباً من جانبها.
6 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم من مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم وجود عجز بالمخزن المدعى بسرقته أو كسر ببابه وحسن سيره وسلوكه وعدم قدرته صحياً على ارتكاب الفعل لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي التعدي على موظف عام والشروع في السرقة اللتين دان الطاعن بهما على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم من أن الجريمتين المسندتين إلى الطاعن مرتبطتان ببعضهما البعض ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أن الطاعن لم يتعد على المجني عليه ويحدث به الإصابات موضوع التهمة الأولى إلا بقصد الخلاص من جريمة الشروع في السرقة موضوع التهمة الثانية، مما يوجب اعتبارهما معاً جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وذلك عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، وإذ كانت العقوبة المقررة لكل من الجريمتين هي الحبس أو الغرامة دون الجمع بينهما، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبتي الحبس والغرامة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة والاكتفاء بعقوبة الحبس عن المتهمين إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 52 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه (أولاً) تعدى على أحد الموظفين العموميين هو...... "الخفير بهيئة السكة الحديد بأسوان" وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وكان ذلك أثناء تأدية أعمال وظيفته. (ثانياً) شرع في سرقة مخزن الخشب التابع لهيئة السكة الحديد بأسوان وكان ذلك دليلاً وبطريق الكسر وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو استيقاظ الخفير سالف الذكر وهروبه عندما حاول الإمساك به وذلك على النحو المبين بالأوراق، وطلبت بالمواد 136، 137/ 1، 317/ 1 أولاً ورابعاً، 321 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح أسوان قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبسه شهراً وتغريمه عشرين جنيهاً. فاستأنف. ومحكمة أسوان الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التعدي على موظف عمومي والشروع في السرقة قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع كما انطوى على الخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم عول في قضائه على أقوال الخفير المجني عليه على الرغم من تعدد رواياته وتناقضها مع ما جاء بالتقرير الطبي في شأن كيفية حدوث إصابة المجني عليه، كما أن الحكم لم يعرض لدفاع الطاعن القائم على أنه كان موجوداً في بلدته التي تبعد بمسافة كبيرة من محل الحادث وهو ما تأيد بأقوال شهود النفي أمام المحكمة الاستئنافية وبما قدمه من مستندات وأن المعاينة التي أجريت لمكان الحادث فور الإبلاغ عنه لم تسفر عن وجود كسر أو عجز في المخزن المدعى بسرقته وأن الطاعن يتمتع بثقة رؤسائه طوال مدة خدمته التي بلغت ثمانية عشر عاماً ولا تسمح حالته الصحية بارتكاب الواقعة، هذا إلى أن الحكم أيد الحكم الابتدائي الذي أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل تهمة على الرغم مما بينهما من ارتباط يقتضي إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بتوقيع عقوبة واحدة عليه هي عقوبة الجريمة الأشد، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما، وأقام عليها في حقه أدلة مستقاة من أقوال المجني عليه والتقرير الطبي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إذا تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداها ولها في ذلك أن تأخذ بأقواله في أي مرحلة من مراحل التحقيق والمحاكمة دون أن تبين العلة في ذلك ودون أن تلتزم بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل فيها، ومن ثم فإن منعى الطاعن في شأن أقوال شاهد الإثبات إنما ينحل في واقعة إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان يبين مما حصله الحكم من أقوال شاهد الإثبات أن الطاعن دفعه أرضاً فأصيب، وكان ما نقله الحكم عن التقرير الطبي يفيد إصابة الشاهد بسحجات وكدمات بفروة الرأس والكوع الأيسر وهو ما لا يتناقض مع أقوال الشاهد بل يتلاءم معه، فإن دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني تكون ولا محل لها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان من المقرر أيضاً أنه لا يضير حكم المحكمة الاستئنافية أنها بعد أن استجابت إلى طلب سماع الشهود الذين طلب المتهم سماعهم وسمعتهم فعلاً قد قضت بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه، إذ أن مفاد ذلك هو أن التحقيق الذي أجرته لم ينتج جديداً في الدعوى يجعلها ترى غير ما رأته محكمة أول درجة أو يستحق تعليقاً من جانبها، فإن ما يثيره الطاعن في شأن إعراض الحكم عن أقوال شهود النفي والمستندات التي قدمها تدليلاً على عدم وجوده بمكان الحادث وقت وقوعه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بأن تتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن في شأن عدم وجود عجز بالمخزن المدعى بسرقته أو كسر ببابه وحسن سيره وسلوكه وعدم قدرته صحياً على ارتكاب الفعل لا يعدو أن يكون مجادلة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأدياً من ذلك إلى مناقضة الصورة التي ارتسمت في وجدان قاضي الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا تقبل إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعن بعقوبة مستقلة عن كل من جريمتي التعدي على موظف عام والشروع في السرقة التين دان الطاعن بهما على الرغم مما تنبئ عنه صورة الواقعة كما أوردها الحكم من أن الجريمتان المسندتين إلى الطاعن مرتبطتان ببعضهما البعض ارتباطاً لا يقبل التجزئة ذلك أن الطاعن لم يتعد على المجني عليه ويحدث به الإصابات موضوع التهمة الأولى إلا بقصد الخلاص من جريمة الشروع في السرقة موضوع التهمة الثانية، مما يوجب اعتبارهما معاً جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهما وذلك عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، وإذ كانت العقوبة المقررة لكل من الجريمتين هي الحبس أو الغرامة دون الجمع بينهما، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بعقوبتي الحبس والغرامة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة والاكتفاء بعقوبة الحبس عن التهمتين إعمالاً لنص الفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.