مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 579

جلسة 17 نوفمبر سنة 1941

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

(305)
القضية رقم 7 سنة 12 القضائية

قوّة الشيء المحكوم فيه. فاعل. شريك. صدور حكم ببراءة الفاعل على أساس أن الواقعة لا عقاب عليها. استفادة الشريك من هذا الحكم ولو لم يكن طرفاً فيه. حجية هذا الحكم في حق الكافة. أحكام الإدانة أو أحكام البراءة لأسباب متعلقة بأشخاص متهمين معينين بالذات. لا حجية لها في هذا الصدد.

(المادة 42 ع)

ما دام قد صدر حكم نهائي من محكمة جنائية مختصة بأن الواقعة المرفوعة بها الدعوى لا يعاقب القانون عليها فإن المتهم بالاشتراك في ارتكابها مع من صدر له الحكم يستفيد منه حتماً ولو لم يكن هو طرفاً فيه. ذلك لأن أحكام البراءة المؤسسة على أن الواقعة في ذاتها غير صحيحة أو لا عقاب عليها تعتبر - ويجب أن تعتبر، على خلاف أحكام الإدانة أو أحكام البراءة الصادرة لأسباب متعلقة بأشخاص متهمين معينين بالذات - حجة في حق الكافة، أي بالنسبة لكل من يكون له شأن في الواقعة موضوع الدعوى.


المحكمة

وحيث إن الطاعن طلب بالجلسة أمام هذه المحكمة أن يقضي له بالبراءة لصدور حكم نهائي من محكمة الجنح المستأنفة بأن واقعة الاختلاس التي أدين فيها غير صحيحة. وكان القضاء بذلك في مواجهة صالح سنوسي صالح الذي كان معيناً حارساً على الحاصلات المحجوزة في الدعوى ذاتها، وقدّم تأييداً لطلبه حكماً صادراً من محكمة المنيا الابتدائية بتاريخ 10 مايو سنة 1941 في القضية رقم 529 استئناف سنة 1941 في المعارضة المرفوعة من صالح سنوسي صالح المتهم فيها بأنه في يوم 12 أكتوبر سنة 1939 بصفته الحارس اختلس الأشياء المبينة بالمحضر والمحجوز عليها إدارياً بتاريخ 13 أغسطس سنة 1939 لصالح الحكومة، وقد قضى هذا الحكم بقبول المعارضة شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الغيابي المعارض فيه وبراءة المتهم، وجاء في أسبابه: "أن وقائع التهمة مبينة بالتفصيل في الحكم المستأنف المعارض فيه، وأن المحكمة قضت بالإدانة ارتكاناً على أن المتهم قرّر بالبوليس أن القطن المحجوز عليه أودع في بنك التسليف ولكن كاتب البنك ينفي ذلك. ومن حيث إن المتهم لما عارض في الحكم قال إن القطن أودع باسم ابنه محمد أحمد مصطفى، وقدّم شهادة من البنك دالة على ذلك. وقد شهد الصراف بالجلسة أمام هذه الهيئة بما يؤيد هذه الواقعة، وترى المحكمة أنه لم يحصل تبديد ويتعين إلغاء الحكم وبراءة المتهم".
وحيث إن الحكم المطعون فيه أدان الطاعن في واقعة اشتراكه مع صالح سنوسي صالح الفاعل الأصلي في جريمة اختلاس حاصلات محجوزة مسلمة لصالح المذكور لحراستها، وذكر في ذلك "أن الوقائع تتحصل في أنه بتاريخ 13 أغسطس سنة 1939 حجز الصراف على زراعة 35 فدان قطن موضوع اليد عليها بمعرفة المتهم الثاني (الطاعن) وخاطبه شخصياً وفاءً لمبلغ 542 جنيهاً و199 مليماً مطلوب الحكومة عن المال وبنك التسليف، وعين المتهم الأوّل (صالح سنوسي) حارساً، ثم بلّغ بحصول التبديد وبأن الحارس لم يقدّم القطن يوم 12 أكتوبر سنة 1940 المحدّد للبيع. وبسؤال المتهم الأوّل بالبوليس عن القطن قال إنه أودعه بنك التسليف بمغاغة ولكن كاتب أوّل البنك نفى ذلك، وبسؤال المتهم الثاني بالبوليس يوم 12 مارس سنة 1940 قال إنه باع القطن وسدّد 93 جنيهاً للصراف وباقي المبلغ تسدّد من خمسة عشر يوماً. وبجلسة 21 أكتوبر سنة 1940 شهد الصراف أمام محكمة أوّل درجة أن المتهمين بدّدا وسدّدا. وقد قضت المحكمة ببراءتهما ارتكاناً على أن نية التبديد غير متوفرة نظراً للسداد، ولكن هذه المحكمة ترى أن الجريمة تمت بكافة أركانها بالنسبة للمتهم الأوّل بمجرّد عدم تقديمه القطن والادّعاء كذباً بإيداعه بنك التسليف. وأما بالنسبة للمتهم الثاني فثابت أنه يعلم بالحجز الذي توقع في مواجهته واعترف بالتحقيقات أنه استولى على القطن وباعه ولم يسدّد إلا بعد مضي زمن طويل. ولا ترى المحكمة الالتفات بعد ذلك لما جاء على لسانه بالجلسة الأخيرة بأن القطن أودع بنك التسليف، لأن ذلك يناقض اعترافاته الأولى ببيعه، ويكون بذلك قد اشترك مع المتهم الأوّل في التبديد ويكون الحكم المستأنف في غير محله ويتعين لذلك إلغاؤه ومعاقبة المتهمين بالمواد 40/ 2 و3 و41 و341 عقوبات". ولقد كان هذا الحكم غيابياً بالنسبة لصالح سنوسي الحارس وحضورياً بالنسبة للطاعن.
وحيث إنه ما دام قد صدر حكم نهائي من أية محكمة جنائية مختصة بأن الواقعة المرفوعة بها الدعوى لا يعاقب القانون عليها فإن الطاعن بصفته متهماً بالاشتراك في ارتكابها يستفيد حتماً من هذا الحكم ولو لم يكن طرفاً فيه. لأن أحكام البراءة المؤسسة على أن الواقعة في ذاتها غير صحيحة أو لا عقاب عليها تعتبر - ويجب أن تعتبر، على خلاف أحكام الإدانة أو أحكام البراءة الصادرة لأسباب متعلقة بأشخاص متهمين معينين بالذات - حجة في حق الكافة، أي بالنسبة لكل من له شأن في الواقعة موضوع الدعوى ولو لم يكن خصماً فيها.
وحيث إنه متى تقرّر ذلك واتضح أن حكم البراءة المذكور لم يصدر إلا بعد أن انقضى ميعاد الطعن المقرّر للطاعن فإن الطاعن يكون على حق الاستناد إليه في تأييد طلب براءته. ولذلك يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه.