أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 894

جلسة 13 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأحمد سميح طلعت، وأديب قصبجي، وحافظ الوكيل.

(140)
الطعن رقم 129 لسنة 36 القضائية

( أ ) عمل. "ميعاد استئناف الأحكام". استئناف. "ميعاد الاستئناف".
ميعاد الاستئناف المنصوص عليه في المادة 75 ق 91 لسنة 1959 قاصر على الأحكام التي تصدر في دعاوى التعويض التي ترفع بالتزام الأوضاع المنصوص عليها في هذه المادة. ما عداها. يتبع في استئنافه القواعد العامة في قانون المرافعات.
(ب) تأمينات اجتماعية. "تأمين الشيخوخة. المكافأة". عمل. "مكافأة نهاية الخدمة".
تأمين الشيخوخة. حلوله محل نظام مكافأة نهاية الخدمة اعتباراً من 1/ 1/ 1962. التزام مؤسسة التأمينات الاجتماعية بأداء المعاشات والتعويضات والمكافآت للعمال. شرطه وحالاته.
(جـ) نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يصلح سبباً للطعن". عمل. "المكافأة".
انتهاء الحكم صحيحاً إلى عدم التزام رب العمل بأداء المكافأة للعامل. النعي عليه فيما تزيد فيه من عدم قيام التضامن بين رب العمل وهيئة التأمينات الاجتماعية غير منتج.
(د) إثبات. "إجراءات الإثبات". حكم. "تسبيب الحكم". نقض.
طلب إلزام الخصم بتقديم ورقة تحت يده. إغفال المحكمة الرد عليه. قصور.
(هـ) عمل. "التعويض عن إنهاء العقد". تعويض. "تقدير التعويض حكم. "تسبيب الحكم. نقض. عرف.
ضرورة مراعاة نوع العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرف الجاري عند تقدير التعويض عن فسخ العقد بلا مبرر. قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض بصورة مجملة دون بيان عناصر الضرر. قصور يوجب نقضه.
تعين العناصر المكونة للضرر. من المسائل القانونية التي تهيمن عليها محكمة النقض.
1 - ميعاد الاستئناف المنصوص عليه في المادة 75 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - قاصر على الأحكام الصادرة في دعاوى التعويض عن الفصل بلا مبرر التي ترفع وفقاً للأوضاع الواردة بهذه المادة، وما عداها باق على أصله، ويتبع في استئنافه القواعد العامة التي نظمها قانون المرافعات، وإذ كان الاستئناف المرفوع من المطعون ضدها ينصب على طلب المكافأة، فإن ميعاد استئناف الحكم الابتدائي بالنسبة لهذا الطلب يكون ستين يوماً من تاريخ صدوره.
2 - مفاد المادة 70 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 لسنة 1959 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1961 والمادة الرابعة من هذا القانون الأخير أن نظام تأمين الشيخوخة قد حل محل نظام مكافأة نهاية الخدمة اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 143 لسنة 1961 في أول يناير سنة 1962. وإذ نصت المادة 18 من القانون 92 لسنة 1959 على جعل الاشتراك في مؤسسة التأمينات الاجتماعية إلزامياً بالنسبة لأصحاب الأعمال والعمال، وتضمن الفصل الثاني من الباب الثالث منه الأحكام الخاصة بذلك التأمين، وبين في المادة 57 وما بعدها المعاشات والتعويضات المقررة للعمال، ونص في المادة 71 مكرراً منه المضافة بالقانون رقم 143 لسنة 1961 على أنه إذا لم تبلغ مدة اشتراك المؤمن عليه في التأمين مضافاً إليها المدة السابقة على اشتراكه 240 شهراً، استحق المؤمن عليه مكافأة عن المدة السابقة تحسب وفقاً لقانون العمل، وعلى أنه يجوز خلال السنوات الخمس التالية لصدور القانون رقم 143 لسنة 1961 للمؤمن عليهم الذين بلغت مدة اشتراكهم في التأمين مضافاً إليها المدة السابقة 240 شهراً أو أكثر إذا انتهت خدمتهم خلال هذه المدة أن يطلبوا اقتضاء المكافأة المستحقة عن مدة خدمتهم السابقة بدلاً من احتسابها في المعاش. ونص في المادة 73 منه على أن يورد صاحب العمل الاشتراكات المقتطعة من أجور عماله وتلك التي يؤديها لحسابهم إلى المؤسسة خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من الشهر التالي، وعلى أن تحتسب في حالة التأخير فوائد بسعر 6% سنوياً، كما نصت المادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 التي حلت محل المادة 76 من القانون رقم 92 لسنة 1959 ويسري حكمها من تاريخ سريان هذا القانون بمقتضى المادة 5 من مواد إصدار القانون رقم 63 لسنة 1964 على إلزام صاحب العمل الذي لم يقم بالاشتراك عن كل أو بعض عماله أن يؤدي إلى هيئة التأمينات الاجتماعية مبلغاً إضافياً يوازي 50% من قيمة الاشتراكات التي لم يؤدها، وعلى إلزامه في حالة التأخير في سداد الاشتراكات بأن يؤدي إليها مبلغاً إضافياً يوازي 10% من الاشتراكات التي تأخر في أدائها عن كل شهر وبحد أقصى قدره 30% - فإن مؤدى ذلك كله أن المشرع ألزم مؤسسة التأمينات الاجتماعية بأداء تلك المعاشات والتعويضات والمكافآت للعمال، وهي لا تلزم بأدائها كاملة إلا إذا كان صاحب العمل قد اشترك عن العامل في ذلك التأمين، فإذا لم يكن قد اشترك فيه فإن التزام المؤسسة بالوفاء بها يكون على أساس الحد الأدنى للأجور على أن يقتضي العامل منها حقه كاملاً على أساس الأجر الفعلي عندما تستوفى هي حقوقها من صاحب العمل، وذلك عملاً بالمادة 79 من القانون رقم 92 لسنة 1959 ووفقاً لما صرحت به المذكرة الإيضاحية لهذا القانون، ولما هو ثابت من أن المشرع حصر التزامات صاحب العمل في الاشتراك عن عماله لدى المؤسسة وبأداء تلك الاشتراكات لها في المواعيد التي عينها القانون فإن تأخر في أدائها أو تخلف أصلاً عن الاشتراك في المؤسسة عن عماله كلهم أو بعضهم التزم بأن يؤدي لها علاوة على قيمة هذه الاشتراكات فوائد التأخير ومبالغ إضافية على التفصيل سالف البيان، وقد فرض المشرع هذه الالتزامات على صاحب العمل مقابل التزام مؤسسة التأمينات الاجتماعية بالوفاء بالمعاشات والتعويضات والمكافآت المستحقة للعمال.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى أن صاحب العمل لا يلتزم أصلاً بأداء المكافأة للعامل، فإنه لا جدوى بعد ذلك من تعييبه فيما تزيد فيه من عدم قيام التضامن بين المطعون ضدهما (رب العمل وهيئة التأمينات) ومن ثم يكون النعي بهذا السبب غير منتج.
4 - لما كانت محكمة الاستئناف لم تعرض لطلب الطاعن (العامل) تكليف المطعون ضدها الأولى (هيئة التأمينات) بتقديم ملف المطعون ضده الثاني (رب العامل) لديها، وكان هذا الطلب من إجراءات الإثبات ويتعين على المحكمة إذا قدم إليها أن تقبله أو ترفضه حسب تقديرها لدلائله ومبرراته المنصوص عليها في المادة 253 من قانون المرافعات السابق الواجبة التطبيق، فإنها إذ أغفلته ولم ترد عليه يكون حكمها مشوباً بالقصور.
5 - تستوجب المادة 74 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 عن تقدير التعويض عن فسخ العقد بلا مبرر مراعاة نوع العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرف الجاري، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قرر "أن التعويض عن الإنهاء التعسفي لعقد العمل يقدر بالنظر إلى الأضرار التي لحقت بالعامل ويشمل ذلك ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب وفقاً للقواعد العامة المقررة في القانون المدني.." وكان تعيين العناصر المكونة للضرر قانوناً والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض من المسائل القانونية التي تهيمن عليها محكمة النقض فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتعويض على هذه الصورة المجملة ولم يبين عناصر الضرر، فإنه يكون قد عاره البطلان لقصور أسبابه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن تقدم بشكوى إلى مكتب العمل بالمنصورة قال فيها إنه كان يعمل لدى المطعون ضده الثاني منذ سنة 1940 إلى أن دب الخلاف بينهما في نهاية سنة 1955 وفصله، ثم اتفقا في 20 ديسمبر سنة 1955 على أن يعود إلى العمل مع اعتبار مدته متصلة، وأن يتحدد أجره بالإنتاج بحد أدنى قدره 12 جنيه شهرياً، وأن يحتسب ما يستحقه من مكافأة وبدل إنذار وتعويض عند انتهاء العقد على أساس معدل إنتاج شهري قدره 19 ج و200 م وأضاف أن المطعون ضده الثاني توقف عن أداء أجره، ولما طالبه به في الدعوى رقم 790 سنة 1961 ميت غمر عن المدة من يوليه حتى ديسمبر سنة 1961 وفي الدعوى رقم 1221 سنة 1961 عن الأشهر التالية، واستصدر ضده أمر الأداء رقم 1769 سنة 1962 ميت غمر، ومضى في تنفيذ هذه الأحكام فصله من العمل في 2 يوليه سنة 1962، ولم يتمكن مكتب العمل من تسوية النزاع وأحاله إلى محكمة ميت غمر الجزئية، وقيد بجدولها برقم 392 سنة 1962 مستعجل ميت غمر، وبتاريخ 16 سبتمبر سنة 1962 قضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار الفصل وبإلزام المطعون ضده الثاني بأن يؤدي للطاعن أجره من تاريخ الفصل، وبعد أن حدد الطاعن طلباته الموضوعية قبل المطعون ضده الثاني بمبلغ 1412 ج و800 م؛ منه مبلغ 19 ج و200 م أجر شهر يونيه سنة 1962، و19 ج و200 م بدل إنذار، و374 ج و400 م مكافأة نهاية الخدمة، و1000 ج تعويضاً عن الفصل التعسفي، قضت في 21 يناير سنة 1963 بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة المنصورة الابتدائية، وقيدت بجدولها برقم 358 سنة 1963 مدني كلي المنصورة، وأدخل الطاعن المطعون ضدها الأولى خصماً في الدعوى، وطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع له بالتضامن مع المطعون ضده الثاني مبلغ 372 ج و400 م قيمة مكافأة نهاية الخدمة وبإلزام المطعون ضده الثاني بباقي الطلبات، وفي 10 نوفمبر سنة 1964 قضت المحكمة الابتدائية بإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع للطاعن مبلغ 374 ج و400 م وبإلزام المطعون ضده الثاني بأن يدفع له مبلغ 88 ج و400 م يخصم منه ما يكون حصله الطاعن تنفيذاً لحكم وقف تنفيذ قرار الفصل ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات.
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 283 سنة 16 ق، كما استأنفته المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 281 سنة 16 ق، وفي 2 يناير سنة 1966 قضت محكمة استئناف المنصورة بعد أن أمرت بضم الاستئنافات الثلاثة برفض الاستئنافين 283 و281 سنة 16 ق وتأييد الحكم المستأنف بشأنهما، وفي الاستئناف رقم 6 سنة 17 ق برفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد وقبوله شكلاً وبتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع للطاعن مبلغ 146 ج و250 م، وفي 2 مارس سنة 1966 طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب حاصل أولها أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم بقبول الاستئناف المرفوع من المطعون ضدها الأولى لتقديمه بعد الميعاد استناداً إلى أن ميعاد الاستئناف يخضع للقواعد العامة الواردة بقانون المرافعات، وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن ميعاد الاستئناف هو عشرة أيام طبقاً لنص المادة 75 من قانون العمل رقم 91 سنة 1959، ولم يرفع الاستئناف إلا بعد فوات هذا الميعاد.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن ميعاد الاستئناف المنصوص عليه في المادة 75 من قانون العمل رقم 91 سنة 1959 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قاصر على الأحكام الصادرة التي في دعاوى التعويض عن الفصل بلا مبرر التي ترفع وفقاً للأوضاع الواردة بهذه المادة، وما عداها باق على أصله ويتبع في استئنافه القواعد العامة التي نظمها قانون المرافعات. ولما كان الاستئناف المرفوع من المطعون ضدها الأولى ينصب على طلب المكافأة فإن ميعاد استئناف الحكم الابتدائي بالنسبة لهذا الطلب يكون ستين يوماً من تاريخ صدوره، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون مخطئاً في تطبيق القانون.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه طلب في دعواه إلزام المطعون ضدهما متضامنين بأداء مكافأة نهاية الخدمة المستحقة له، إلا أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن المطعون ضدها الأولى دون المطعون ضده الثاني هي الملزمة بأدائها، ورتب على ذلك أن احتسب المكافأة على أساس الحد الأدنى للأجور عملاً بحكم المادة 79 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 سنة 1959 باعتبار المطعون ضده الثاني لم يشترك عنه في التأمين لدى المطعون ضدها الأولى، وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن مؤسسة التأمينات الاجتماعية وإن كانت تضمن الوفاء بالمكافأة في تلك الحدود المشار إليها في هذه المادة، إلا أن الالتزام بأداء مكافأة نهاية الخدمة المستحقة للعامل لا ينتقل إليها إلا إذا قام رب العمل بالاشتراك عنه في التأمين، فإن لم يفعل يكون للعامل الحق في أن يطالبه بالمكافأة على أساس الأجر الفعلي، والقول بغير ذلك يؤدي إلى نتيجة غير مقبولة هي أن يحصل العامل على جزء من مكافأته من مؤسسة التأمينات الاجتماعية على أساس الحد الأدنى للأجور ولا يقتضي منها باقي المكافأة على أساس الأجر الفعلي إذا تهاونت في استيفاء حقوقها من رب العمل، ومن ثم يكون للطاعن حق الرجوع مباشرة على رب العمل بالفرق بين قيمة المكافأة محسوبة على أساس الأجر الفعلي وبين قيمتها محسوبة على أساس الحد الأدنى للأجور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 70 من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 92 سنة 1959 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1961 الذي يحكم واقعة الدعوى تنص على أن "المعاشات والتعويضات المقررة وفقاً لأحكام الفصل السابق (تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة) لا تقابل من التزامات صاحب العمل في تأمين الشيخوخة إلا ما يعادل مكافأة نهاية الخدمة القانونية محسوبة على أساس المادة 73 من قانون العمل وأحكام الفقرة الثانية من المادة 2 من القانون رقم 91 لسنة 1959، ويلتزم صاحب العمل المرتبط مع عماله بنظام مكافآت أو ادخار أفضل بدفع الزيادة كاملة إلى المؤمن عليه أو المستحقين عنه مباشرة" وكانت المادة 4 من القانون رقم 143 سنة 1961 تنص على أن "لا تسري الأحكام المتعلقة بمكافأة نهاية الخدمة المشار إليها في قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959 على المؤمن عليهم المنتفعين بأحكام هذا القانون إلا فيما يرد به نص خاص" فإن مفاد ذلك أن نظام تأمين الشيخوخة قد حل محل نظام مكافأة نهاية الخدمة اعتباراً من تاريخ العمل بالقانون رقم 143 لسنة 1961 في أول يناير سنة 1962، وإذ نصت المادة 18 من القانون رقم 92 لسنة 1959 على جعل الاشتراك في مؤسسة التأمينات الاجتماعية إلزامياً بالنسبة لأصحاب الأعمال والعمال، وتضمن الفصل الثاني من الباب الثالث منه الأحكام الخاصة بذلك التأمين، وبين في المواد 57 وما بعدها المعاشات والتعويضات المقررة للعمال، ونص في المادة 71 مكرراً منه المضافة بالقانون رقم 143 سنة 1961 على أنه إذا لم تبلغ مدة اشتراك المؤمن عليه في التأمين مضافاً إليه المدة السابقة على اشتراكه 240 شهراً استحق المؤمن عليه مكافأة عن المدة السابقة تحسب وفقاً لقانون العمل، وعلى أنه يجوز خلال السنوات الخمس التالية لصدور القانون رقم 143 لسنة 1961 للمؤمن عليهم الذين بلغت مدة اشتراكهم في التأمين مضافاً إليها المدة السابقة 240 شهراً أو أكثر إذا انتهت خدمتهم خلال هذه المدة أن يطلبوا اقتضاء المكافآت المستحقة عن مدة خدمتهم السابقة بدلاً من احتسابها في المعاش، ونص في المادة 73 منه على أن يورد صاحب العمل الاشتراكات المقتطعة من أجور عماله وتلك يؤديها لحسابهم إلى المؤسسة خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من الشهر التالي، وعلى أن تحتسب في حالة التأخير فوائد بسعر 6% سنوياً، كما نصت المادة 17 من القانون رقم 63 لسنة 1964 التي حلت محل المادة 76 من القانون رقم 92 سنة 1959 ويسري حكمها من تاريخ سريان هذا القانون بمقتضى المادة 5 من مواد إصدار القانون رقم 63 سنة 1964 على إلزام صاحب العمل الذي لم يقم بالاشتراك عن كل أو بعض عماله بأن يؤدي إلى هيئة التأمينات الاجتماعية مبلغاً إضافياً يوازي 50% من قيمة الاشتراكات التي لم يؤدها وعلى إلزامه في حالة التأخر في سداد الاشتراكات بأن يؤدي إليها مبلغاً إضافياً يوازى 10% من الاشتراكات التي تأخر في أدائها عن كل شهر وبحد أقصى قدره 30%، فإن مؤدى ذلك كله أن المشرع ألزم مؤسسة التأمينات الاجتماعية بأداء تلك المعاشات والتعويضات والمكافآت للعمال، وهي لا تلزم إلا إذا كان صاحب العمل قد اشترك عن العامل في ذلك التأمين، فإذا لم يكن قد اشترك فيه فإن إلزام المؤسسة بالوفاء بها يكون على أساس الحد الأدنى للأجور على أن يقتضي العامل منها حقه كاملاً على أساس الأجر الفعلي عندما تستوفى حقوقها من صاحب العمل، وذلك عملاً بالمادة 79 من القانون رقم 92 سنة 1959 التي جرى نصها على أنه "لا يجوز لمن تسري عليه أحكام هذا القانون ولم يقم صاحب العمل بالاشتراك عنه في التأمين أن يطالب المؤسسة بالوفاء بالتزاماتها المقررة إلا على أساس الحد الأدنى للأجور.... ويكون للمؤسسة حق الرجوع على صاحب العمل بجميع الاشتراكات المقررة وفوائد تأخيرها....." ووفقاً لما صرحت به المذكرة الإيضاحية لهذا القانون كما يبين من النصوص المتقدمة أن المشرع قد حصر التزامات صاحب العمل في الاشتراك عن عماله لدى المؤسسة، وبأداء تلك الاشتراكات لها في المواعيد التي عينها القانون، فإن تأخر في أدائها أو تخلف أصلاً عن الاشتراك في المؤسسة عن عماله كلهم أو بعضهم التزم بأن يؤدي لها علاوة على قيمة هذه الاشتراكات فوائد تأخير ومبالغ إضافية على التفصيل سالف البيان، وقد فرض المشرع هذه الالتزامات على صاحب العمل مقابل التزام مؤسسة التأمينات الاجتماعية بالوفاء بالمعاشات والتعويضات والمكافآت المستحقة للعمال. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن الالتزام بأداء المكافأة يقع على عاتق المطعون ضدها الأولى "مؤسسة التأمينات الاجتماعية" دون المطعون ضده الثاني سواء اشترك في التأمين عن الطاعن أو لم يشترك، فإنه لا يكون مخطئاً في تطبيق القانون، ومن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قد صرح في أسبابه بأنه إذا صح اعتبار المطعون ضده الثاني ملزماً بأداء المكافأة للطاعن فإنه لا يكون مسئولاً عنها بالتضامن مع المطعون ضدها الأولى، وهذا من الحكم خطأ في القانون لأنه إذا كان كل من المطعون ضدهما يلتزم بالوفاء بهذه المكافأة فإن التزامهما يكون تضامنياً يرتب مساءلتهما سوياً عنها وإن لم يقم التضامن بينهما.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ما دام الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى أن المطعون ضده الثاني لا يلتزم أصلاً بأداء المكافأة للطاعن على ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني، فلا جدوى بعد ذلك من تعييبه فيما تزيد فيه من عدم قيام التضامن بين المطعون ضدهما مما يجعل النعي بهذا السبب غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه طلب إلى محكمة الاستئناف تكليف المطعون ضدها الأولى بتقديم ملف المطعون ضده الثاني لديها لإثبات أنها قد استوفت أخيراً حقوقها من المطعون ضده الثاني، إلا أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب ولم ترد عليه، مع أن دفاعه الذي اقترن به هو دفاع جوهري لأن من شأنه لو صح أن يرتب إلزام المطعون ضدها الأولى بأن تؤدي له المكافأة كاملة عملاً بنص المادة 79 من القانون رقم 92 لسنة 1959.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الطاعن قد تمسك في مذكرته المقدمة لمحكمة الاستئناف بهذا الدفاع، وطلب إليها تمكينه من إثباته بتكيفها المطعون ضدها الأولى بتقديم ملف المطعون ضده الثاني لديها وقد أورد الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ما يلي: "ولما كان الثابت في هذا النزاع أن أوراق الدعوى خالية مما يدل على أن صاحب العمل (المطعون ضده الثاني) قد أرسل إلى المؤسسة (المطعون ضده الأولى) الاستمارة رقم (1) الخاصة باشتراك المستأنف ضده (الطاعن) كما هي خالية مما يدل على أنه ورد الاشتراكات الخاصة بعماله ومن بينهم المستأنف ضده (الطاعن) للمؤسسة ومن ثم لا يعد العامل (الطاعن) مشتركاً على خلاف ما ذهب هو إليه في مذكرته الأخيرة". ويبين من ذلك أن محكمة الاستئناف لم تعرض لطلب الطاعن تكليف المطعون ضدها الأولى بتقديم ملف المطعون ضده الثاني لديها، ولما كان هذا الطلب يعتبر من إجراءات الإثبات، ويتعين على المحكمة إذا قدم إليها أن تقبله أو ترفضه حسب تقديرها لدلائله ومبرراته المنصوص عليها في المادة 253 من قانون المرافعات السابق الواجبة التطبيق، فإنها إذ أغفلته ولم ترد عليه يكون حكمها مشوباً بالقصور مما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، ذلك أنه أيد المحكمة الابتدائية في تقديرها للتعويض عن فصله تعسفياً وهو يقل عما طلبه بصورة مجملة، فلم يبين عناصر الضرر ولم يذكر العناصر الواقعية التي بني عليها هذا التقدير.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 74 من قانون العمل رقم 91 سنة 1959 تستوجب عند تقدير التعويض عن فسخ العقد بلا مبرر مراعاة نوع العمل ومقدار الضرر ومدة الخدمة والعرف الجاري، وكان الحكم المطعون فيه قد قرر في هذا الصدد "أن التعويض عن الإنهاء التعسفي لعقد العمل يقدر بالنظر إلى الأضرار التي لحقت بالعامل ويشمل ذلك ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب وفقاً للقواعد العامة المقررة في القانون المدني، ولما كان الثابت أن المستأنف (الطاعن) بعد فصله زاول لحسابه الخاص نفس النشاط الذي كان يزاوله لحساب المستأنف ضده (المطعون ضده الثاني) ولم يتعطل عن العمل، ومن ثم فإن تقدير التعويض بمبلغ 50 ج يعتبر تقديراً عادلاً تؤيده هذه المحكمة وتأخذ به". لما كان ذلك وكان تعيين العناصر المكونة للضرر قانوناً، والتي يجب أن تدخل في حساب التعويض من المسائل القانونية التي تهيمن عليها محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بالتعويض على هذه الصورة المجملة لم يبين عناصر الضرر، فإنه يكون قد عاره البطلان لقصور أسبابه مما يوجب نقضه في هذا الخصوص.


[(1)] نقض 25/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني س. 2 ص 1062.