أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 919

جلسة 16 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وعدلي مصطفى بغدادي، وأحمد ضياء الدين حنفي.

(143)
الطعن رقم 312 لسنة 37 القضائية

( أ ) نقض. "بطلان الطعن". بطلان. "بطلان الإجراءات". قانون.
التقرير بالطعن في الميعاد. تقديم المطعون ضدهم مذكرة بالرد على أسبابه في الميعاد. تحقق الغاية المبتغاة من إعلانهم. التمسك ببطلان الإعلان. غير مقبول.
(ب) نقض. "أسباب الطعن". "ما لا يصلح سبباً للطعن". دفوع. استئناف. "اعتبار الاستئناف كأن لم يكن".
عدم جواز التمسك أمام محكمة النقض بالدفوع التي سبق للمدعى عليه في الطعن إبداؤها أمام محكمة الموضوع، وقضت برفضها. القانون 106 لسنة 1962. إلغاؤه ما كان يرخص به القانون 57 لسنة 1959 في هذا الشأن. مثال في الدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن.
(جـ) استئناف. "السبب الجديد". إثراء بلا سبب. دعوى. "سبب الدعوى".
للخصوم في الاستئناف - مع بقاء الطلب الأصلي على حاله - تغيير سببه والإضافة إليه. مثال.
(د) إثراء بلا سبب. بنوك. "خطابات الضمان". حكم. "عيوب التدليل. القصور. ما يعد كذلك".
استناد البنك الطاعن في دفاعه إلى أحكام الإثراء بلا سبب لأن قيامه بوفاء قيمة خطابات الضمان أدى إلى افتقاره، وإلى إثراء العميل. إغفال الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري الذي لو بحثه لجاز أن تتغير به النتيجة التي انتهى إليها. قصور.
1 - إذا كان الثابت أن المطعون ضدهم قدموا في الميعاد القانوني مذكرة بدفاعهم فإنه لا يقبل منهم والحال كذلك التمسك ببطلان الطعن - أياً كان وجه الرأي في الإعلان - إذ أن المادة الأولى من قانون المرافعات الحالي، الذي عمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره في 9/ 5/ 1968، نصت على سريان أحكامه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى، إلا ما استثنى بذات المادة، كما نصت الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون المذكور على أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه، إذ ثبت تحقق الغاية من الإجراء. وإذ كان الثابت أن المطعون ضدهم قد علموا بالطعن المقرر به في الميعاد، وقدموا مذكرة في الميعاد القانوني بالرد على أسباب الطعن، فقد تحققت الغاية التي كان يبتغيها المشرع من إعلانهم، ولا محل بعد ذلك للحكم ببطلان الطعن لهذا السبب.
2 - إنه وإن كان القانون رقم 57 لسنة 1959 ببعض حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، قد أجاز في الفقرة الأولى من المادة 12 منه للمدعى عليه في الطعن التمسك في مذكرته بالدفوع التي سبق له إبداؤها أمام محكمة الموضوع وقضت برفضها، إلا أن القانون رقم 106 لسنة 1962 الذي عمل به ابتداءً من 27 يوليو سنة 1962 أي قبل صدور الحكم المطعون فيه، قد ألغى تلك الرخصة، والتي كانت تعتبر من قبيل الطعن الفرعي، لما كان يترتب على هذا النوع من الطعن - وعلى ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - من صعوبات في العمل بسبب توسيع نطاق الخصومة في غير ما رفع عنه الطعن. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد إلغاء الرخصة السالف ذكرها، فإن تمسك المطعون ضدهم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن، - والذي سبق أن تمسكوا به أمام محكمة الاستئناف وقضت برفضه - يكون غير جائز.
3 - إذا كانت المادة 411/ 3 من قانون المرافعات السابق، قد أجازت للخصوم في الاستئناف، مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حاله، تغيير سببه والإضافة إليه، وكان الاستناد أمام محكمة الاستئناف في طلب الإلزام بمبلغ، إلى أحكام الإثراء بلا سبب يعد سبباً جديداً، أضيف إلى السبب الذي رفعت به الدعوى ابتداءً، وليس طالباً جديداً يتغير به موضوع الطلب الأصلي، لأن هذا الطلب ظل باقياًَ على حاله حسبما كان مطروحاً أمام محكمة أول درجة، فإن إبداء هذا السبب يكون مقبولاً أمام محكمة الاستئناف.
4 - مؤدى نص المادتين 179، 324 من التقنين المدني أنه إذا تولى شخص عملاً لآخر، وأبرم له تصرفاً قانونياً رغم إرادته، وأدى هذا التصرف، أو ذلك العمل إلى افتقار في جانب ذلك الشخص وإلى إثراء بالنسبة إلى الآخر، وكان هذا الإثراء بلا سبب قانوني، فإن المثرى يلتزم بتعويض المفتقر بأقل القيمتين، الإثراء أو الافتقار. وإذ كان البنك الطاعن قد استند في دفاعه المؤسس على أحكام الإثراء بلا سبب إلى أن قيامه بوفاء قيمة خطابات الضمان قد أدى إلى افتقاره، وإلى إثراء العميل "مورث المطعون ضدهم" لما عاد عليه من منفعة بسبب هذا الوفاء، وهي براءة ذمته من الدين الذي يسبق له الوفاء به كلياً وجزئياً، ولا يقوم بهذا الدين سبب من أسباب البطلان أو الانقضاء، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل هذا الدفاع ولم يعن ببحثه مع أنه دفاع جوهري لو كان الحكم قد بحثه لجاز أن تتغير به النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن البنك الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 841 سنة 1958 تجاري كلي القاهرة، وطلب الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا له من تركة مورثهم المرحوم أحمد فريد مبلغ 4970 ج و196 م وفوائده بواقع 7% تضاف للأصل شهرياً حتى تمام الوفاء، وقال بياناً لدعواه إنه في 8/ 2/ 1951 فتح لمورث المطعون ضدهم اعتماداً بحساب جار لمدة سنة تنتهي في 31/ 1/ 1952 بمبلغ مائة ألف من الجنيهات، يخصص نصفه لخطابات الضمان التي يحتاج إليها العميل المذكور للدخول في عطاءات، ويخصص نصفه الآخر لتمويل العمليات التي ترسو عليه، واشترط في عقد فتح الاعتماد بأن يتقاضى البنك علاوة على العمولة المتفق عليها فائدة قدرها 6% سنوياً تضاف إلى الأصل شهرياً عن كل مبلغ يقيده على حساب هذا الاعتماد من يوم القيد أو السحب حتى ميعاد الاستحقاق هذا بخلاف فائدة تأخيرية بواقع 7% شهرياً من هذا التاريخ، وإنه تنفيذاً لهذا العقد أصدر البنك خطاب الضمان رقم 1380 سنة 1955 في 14/ 12/ 1955 بمبلغ 8595 جنيهاً لمصلحة الطرق والكباري باسم المقاول فؤاد خلاط على أن يسري مفعوله لمدة سنة تنتهي في 13/ 3/ 1956، كما أصدر في 9/ 2/ 1951 خطاب ضمان آخر بمبلغ 5476 ج و800 م لمصلحة الميكانيكا والكهرباء باسم عبد الرحمن حلمي لمدة سنة من تاريخ إصداره، ثم أصدر خطاب ضمان مكملاً للخطاب السابق بمبلغ 774 جنيهاً، فأصبحت قيمة الخطابين بمبلغ 6250 جنيهاً وظلت هذه الخطابات هي وعقد فتح الاعتماد تتجدد لمدد متعاقبة، وحدث أن توفي مورث المطعون ضدهم في 6/ 3/ 1956، وقد بلغ مطلوب البنك حتى 22/ 12/ 1957 مبلغ 4970 ج و196 م، ولذلك أقام دعواه على ورثة عميله بطلباته السالف بيانها واستند في ذلك إلى كشف حساب قدمه، وإذ اعترض الورثة على الحساب فقد قضت المحكمة في 30/ 9/ 1956 بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لتصفية الحساب وبعد أن قدم المكتب تقريره رفع المطعون ضدهم على البنك دعوى فرعية طلبوا فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 2889 ج و934 م، وبتاريخ 23/ 12/ 1965 حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وبإجابة المطعون ضدهم إلى
طلباتهم في الدعوى الفرعية مؤسسة قضاءها على عدم سريان خطابات الضمان بعد انقضاء الميعاد المحدد لقيام البنك بمد أجلها دون موافقة العميل أو ورثته، مما يمتنع معه على البنك الرجوع عليهم بما أوفاه للجهات المستفيدة، طالما أن الوفاء قد تم بعد انقضاء المدة المحددة في تلك الخطابات، ويتحمل البنك في هذه الحالة بنتيجة هذا الوفاء. استأنف البنك الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 102 سنة 83 ق، ومحكمة استئناف القاهرة حكمت بتاريخ 28/ 3/ 1967 برفض الدفع المبدى من المطعون ضدهم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن وبقبوله شكلاً وتأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها والتي سلف بيانها، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض دفع المطعون ضدهم ببطلان الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن مبنى الدفع بالبطلان الذي أبداه المطعون ضدهم هو وقوع بطلان في إعلان الطعن إلى المطعون ضدها الأولى والثانية، ذلك أن الطاعن أعلن المطعون ضدها الأولى بتقرير الطعن في مواجهة النيابة على اعتبار أن موطنها غير معلوم دون أن يقوم بأية تحريات لمعرفة موطنها، مما يمتنع عليه إعلانها إلى جهة الإدارة، وهو ما يجعل إعلان المطعون ضدهما المذكورتين على النحو المتقدم باطلاً، ويستتبع ذلك بطلان الطعن بالنسبة إلى سائر المطعون ضدهم لأن موضوع الدعوى غير قابل للتجزئة.
وحيث إن هذا الدفع غير مقبول، ذلك أنه لما كان الثابت أن المطعون ضدهم قدموا في الميعاد القانوني مذكرة بدفاعهم فإنه لا يقبل منهم والحال كذلك التمسك ببطلان الطعن - أياً كان وجه الرأي في الإعلان - إذ أن المادة الأولى من قانون المرافعات الحالي الذي عمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره في 9/ 5/ 1968 نصت على سريان أحكامه على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى إلا ما استثنى بذات المادة، كما نصت الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون المذكور على أنه لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء وإذ كان الثابت على ما سلف البيان أن المطعون ضدهم قد علموا بالطعن المقرر به في الميعاد، وقدموا مذكرة في الميعاد القانوني بالرد على أسباب الطعن فقد تحققت الغاية التي كان يبتغيها المشرع من إعلانهم، ولا محل بعد ذلك للحكم ببطلان الطعن لهذا السبب.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن المطعون ضدهم تمسكوا في مذكرتهم المقدمة لهذه المحكمة باعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلان المطعون ضدها الأولى به إعلاناً صحيحاً في الميعاد القانوني، وهو الدفع الذي كانوا قد أبدوه أمام محكمة الاستئناف وقضت برفضه.
وحيث إنه وإن كان القانون رقم 57 لسنة 1959 ببعض حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - قد أجاز في الفقرة الأولى من المادة 12 منه للمدعى عليه في الطعن التمسك في مذكرته بالدفوع التي سبق له إبداؤها أمام محكمة الموضوع وقضت برفضها، إلا أن القانون رقم 106 لسنة 1962 الذي عمل به ابتداءً من 27 من يوليو سنة 1962 أي قبل صدور الحكم المطعون فيه، قد ألغى تلك الرخصة، والتي كانت تعتبر من قبيل الطعن الفرعي، لما كان يترتب على هذا النوع من الطعن وعلى ما صرحت به المذكرة الإيضاحية لهذا القانون من صعوبات في العمل بسب توسيع نطاق الخصومة في غير ما رفع عنه الطعن. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد صدر بعد إلغاء الرخصة السالف ذكرها فإن تمسك المطعون ضدهم باعتبار الاستئناف كأن لم يكن يكون غير جائز.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في صحيفة الاستئناف بأن من بين ما يؤسس عليه دعواه في الرجوع على المطعون ضدهم أحكام الإثراء بلا سبب، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل هذا الدفاع ولم يرد عليه، مع أنه دفاع جوهري لو عني الحكم ببحثه لتغيرت به النتيجة التي انتهى إليها، وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كان الثابت أن الطاعن أقام دعواه أمام محكمة أول درجة بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بقيمة خطابات الضمان المتنازع عليها على أساس أن مورثهم وهم من بعده مسئولون عن أداء هذه القيمة التي أوفاها البنك للجهات المستفيدة، ولو كان هذا الوفاء قد تم بعد انقضاء الميعاد المحدد في تلك الخطابات وبعد مد أجلها ودون موافقتهم على هذا المد ما دامت المطالبة قد صدرت أثناء سريان المدة الأصلية، وإذ حكمت محكمة أول درجة برفض الدعوى فقد استأنف الطاعن هذا الحكم، وأسس استئنافه على ما سبق أن أبداه أمام تلك المحكمة على النحو السالف بيانه، كما استند ضمن ما استند إليه إلى أحكام الإثراء بلا سبب. لما كان ذلك وكانت المادة 411/ 3 من قانون المرافعات السابق قد أجازت للخصوم في الاستئناف مع بقاء موضوع الطلب الأصلي على حالة تغيير سببه والإضافة إليه، وكان استناد الطاعن أمام محكمة الاستئناف في طلب إلزام المطعون ضدهم بالمبلغ موضوع الدعوى إلى أحكام الإثراء بلا سبب يعد سبباً جديداً أضافه الطاعن إلى السبب الذي رفعت به الدعوى ابتداءً، وليس طلباً جديداً يتغير به موضوع الطلب الأصلي، لأن هذا الطلب ظل باقياًَ على حاله حسبما كان مطروحاً أمام محكمة أول درجة، فإن ما أبداه الطاعن على النحو المتقدم يكون مقبولاً أمام محكمة الاستئناف. لما كان ذلك وكان مؤدى نص المادتين 179، 324 من التقنين المدني أنه إذا تولى شخص عملاً لآخر أو أبرم له تصرفاً قانونياً رغم إرادته وأدى هذا التصرف أو ذلك العمل إلى افتقار في جانب ذلك الشخص وإلى إثراء بالنسبة إلى الآخر، وكان هذا الإثراء بلا سبب قانوني فإن المثرى يلتزم بتعويض المفتقر بأقل القيمتين الإثراء أو الافتقار. وإذ كان البنك الطاعن قد استند في دفاعه المؤسس على أحكام الإثراء بلا سبب إلى أن قيامه بوفاء قيمة خطابات الضمان قد أدى إلى افتقاره وإلى إثراء العميل "مورث المطعون ضدهم" لما عاد عليه من منفعة بسبب هذا الوفاء، وهي براءة ذمته من الدين الذي لم يسبق له الوفاء به كلياً أو جزئياً، ولا يقوم بهذا الدين سبب من أسباب البطلان أو الانقضاء، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل هذا الدفاع ولم يعن ببحثه، مع أنه دفاع جوهري لو كان الحكم قد بحثه لجاز أن تتغير به النتيجة التي انتهى إليها فإنه يكون معيباً بالقصور، مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.