أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 941

جلسة 17 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكري، وعثمان حسين عبد الله.

(146)
الطعن رقم 214 لسنة 34 القضائية

(أ، ب، ج) تأمينات عينية. "حق الامتياز". ضرائب. "امتياز دين الضريبة". تنفيذ عقاري.
( أ ) المبالغ المستحقة للخزانة العامة كالضرائب. ثبوت الامتياز لها. شرطه. أن تقضي بذلك القوانين والأوامر الخاصة بها وبالقيود التي تقررها.
(ب) للخزانة العامة حق امتياز عام على أموال المدينين بالضرائب. المادة 90 ق 14 لسنة 1939. عدم وجوب شهره، ولا يثبت فيه حق التتبع ولو كان محله عقاراً.
(ج) اتخاذ البائع إجراءات التنفيذ العقاري على الأطيان المبيعة منه بعد تسجيل المشتري للعقد، لعدم سداده باقي الثمن. الثمن المودع من الراسي عليهم المزاد. من حق المشتري. لمصلحة الضرائب - الدائنة للمشتري - استيفاء حقها من الثمن المودع بالأولية على سائر الديون الممتازة، ومن بينها باقي الثمن المستحق للبائع.
(د) حكم. "تسبيب الحكم".
عدم ذكر نصوص المستندات في الحكم. لا يعيبه. يكفي مجرد الإشارة إليها.
(هـ) تنفيذ.
حق الدائن في التنفيذ على أموال مدينه جميعها عدا ما كان منها غير جائز الحجز عليه.
1 - مؤدى نص المادة 1139 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - أن المبالغ المستحقة للخزانة العامة بجميع أنواعها ومنها الضرائب، وتكون ممتازة، ويثبت لها هذا الامتياز إذا قضت بامتيازها القوانين والأوامر الخاصة بكل منها، وبالشروط والقيود التي تقررها هذه القوانين والأوامر، بحيث إذا استحق للخزانة العامة مبلغ ما، ووجد قانون أو أمر يقضي بامتيازه تعين الرجوع إليه للتعرف على شروط الامتياز ونطاقه ووعائه وما عساه أن يرد عليه من أموال.
2 - نص المادة 90 من القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل، يقرر للخزانة العامة - مصلحة الضرائب - حق امتياز عام على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها، فيجرى في شأنها ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 1134 من القانون المدني، من أن حقوق الامتياز العامة ولو كان محلها عقاراً، لا يجب فيها الشهر ولا يثبت فيها حق التتبع، وأنها تكون أسبق في المرتبة على أي حق امتياز عقاري آخر أو أي حق رهن رسمي مهما كان تاريخ قيده.
3 - مفاد نص المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 أن الملكية في المواد العقارية تنقل بالتسجيل سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير. وإذ كان الثابت في الدعوى أن مورث الطاعنة باع مساحة من الأطيان الزراعية إلى مورث المطعون عليهم عدا الأولى، ولعدم سداد باقي الثمن اتخذ البائع إجراءات التنفيذ العقاري بالنسبة لقدر من هذه الأطيان، وكانت ملكية الأطيان المذكورة قد انتقلت إلى المشتري - وهو مدين مصلحة الضرائب - بتسجيل عقد البيع، فيكون ثمنها المودع من الراسي عليهم المزاد حقاً خالصاً لهذا المشتري المدين، ويجوز للمصلحة بما لها من حق امتياز عام على أموال مدينها أن تستوفى حقها من الثمن المذكور بالأولية على سائر الديون الممتازة ومن بينهما باقي الثمن المستحق للطاعنة، ولا يغير من ذلك قول الطاعنة إنه لو كان مورثها قد استعمل حقه في الفسخ لعدم وفاء المشتري بباقي الثمن لعادت إليه الأطيان المنزوعة ملكيتها غير محملة بحق ما لمصلحة الضرائب أو سواها من دائني المشتري، ذلك أن المركز القانوني للطاعنة قد تحدد بسلوك مورثها طريق التنفيذ العقاري، ولا يجوز لها التحدي بحقوقها المترتبة على طلب الفسخ.
4 - إذ كان ما أورده الحكم فيه بيان لما جاء بالمستندات التي قدمتها المطعون عليها، فإنه لا يعيبه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها متى كانت هذه المستندات مقدمة إلى المحكمة وترافع بشأنها الخصوم، وهو ما يكفي معه مجرد الإشارة إليها.
5 - لا محل لتحدي الطاعنة بأن لورثة المدين أموالاً أخرى - للتنفيذ عليها - تفي بدين مصلحة الضرائب، ذلك أن للدائن الحق في التنفيذ على أموال مدينه جميعها، ولا فرق في ذلك بين مال وآخر إلا ما كان منها غير جائز حجزه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب عقد بيع رسمي مؤرخ 5 مايو سنة 1948 باع المرحوم عبد العزيز مليكه جرجس مورث الطاعنة إلى المرحوم السعيد حسن وهبه - مورث المطعون عليهم عدا الأولى - 154 ف و5 ط و4 س أطياناً زراعية موضحة الحدود والمعالم بالعقد نظير ثمن قدره 30071 ج و980 م تبقى منه 10071 ج و980 م، تعهد المشتري بدفعه في شهر أكتوبر سنة 1948، واحتفظ البائع لنفسه بحق امتيازه على الأطيان المبيعة، وتم تسجيل قائمة الامتياز بتاريخ 21/ 12/ 1948، ولعدم سداد باقي الثمن اتخذ مورث الطاعنة إجراءات التنفيذ العقاري بالنسبة لمساحة قدرها 84 ف و8 ط و7 س من الأطيان المبيعة ورسا المزاد بتاريخ 25/ 7/ 1956 في الدعوى رقم 24 سنة 1953 بيوع المنصورة الابتدائية على آخرين بمبلغ 16000 ج، قاموا بإيداعه مع المصروفات خزانة المحكمة، وتقدمت الطاعنة بطلب توزيع المبلغ المودع وتخصيصها بباقي الثمن المستحق لها وملحقاته من فوائد ومصاريف بطريق الامتياز والأولوية على غيرها من الدائنين، وطلبت مصلحة الضرائب - المطعون عليها الأولى - تخصيصها بمبلغ 17205 ج و70 م قيمة الضرائب المستحقة على المدين المنزوعة ملكيته عن السنوات من 1938 حتى 17/ 3/ 1954 باعتبار أن دينها من الديون الممتازة المقدمة على سائر الديون طبقاً للمادة 1139 من القانون المدني والمادة 90 من القانون رقم 14 سنة 1939، وإذ أصدر قاضي التوزيع بتاريخ 27/ 9/ 1961 قائمة مؤقتة خص فيها الطاعنة بقيمة دينها بطريق الامتياز والأولوية على غيرها من الدائنين، فقد قررت مصلحة الضرائب بالمناقضة في هذه القائمة بالدعوى رقم 936 سنة 1961 مدني المنصورة الابتدائية طالبة تقديم دينها على دين الطاعنة، وبتاريخ 24/ 4/ 1962 حكمت المحكمة بتعديل القائمة المناقض فيها واعتبار دين مصلحة الضرائب أسبق في المرتبة على دين الطاعنة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم طالبة إلغاءه والحكم برفض المناقضة وتأييد قائمة التوزيع المؤقتة واعتبارها نهائية، وقيد هذا الاستئناف برقم 128 سنة 14 ق المنصورة. وبتاريخ 30/ 1/ 1964 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما وبالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، ذلك أن الحكم أقام قضاءه على أن الدين المستحق لمصلحة الضرائب ثابت بذمة مورث الطاعنة، وأنه طبقاً لنص المادتين 1134/ 2 و1139 من القانون المدني والمادة 90 من القانون رقم 14 سنة 1939 يكون لهذا الدين امتياز على جميع أموال المدين أسبق في المرتبة على أي حق امتياز عقاري آخر، في حين أن مورث المطعون عليهم عدا الأولى هو المدين لمصلحة الضرائب لا مورث الطاعنة وأن الأطيان المنزوعة ملكيتها قد آلت إلى مورث المطعون عليهم المذكورين بطريق الشراء من مورث الطاعنة محملة بحق امتياز البائع وفاءً لباقي الثمن وملحقاته، مما يتعين معه أن يخصم هذا الباقي من ثمن الأطيان المودع من الراسي عليهم المزاد ويعتبر ما تبقى بعد ذلك مالاً خالصاً للمشتري المذكور يتحمل بحق امتياز مصلحة الضرائب، وقد تمسكت الطاعنة بهذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف غير أنها لم ترد على هذا الدفاع الجوهري. هذا إلى أنه لو كان مورث الطاعنة قد استعمل حقه في فسخ العقد لعدم الوفاء بباقي الثمن وملحقاته لعادت إليه الأطيان غير محملة بحق ما لمصلحة الضرائب أو سواها من دائني المشتري وليس من المستساغ أن يختلف موقف البائع بين اتخاذه طريق فسخ العقد واتخاذه طريق التنفيذ بباقي الثمن، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن النص في المادة 1139 من القانون المدني على أن "المبالغ المستحقة للخزانة العامة من ضرائب ورسوم وحقوق أخرى من أي نوع كان، يكون لها امتياز بالشروط المقررة في القوانين والأوامر الصادرة في هذا الشأن. وتستوفى هذه المبالغ من ثمن الأموال المثقلة بهذا الامتياز في أية يد كانت قبل أي حق آخر، ولو كان ممتازاً أو مضموناً برهن رسمي عدا المصروفات القضائية". "يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المبالغ المستحقة للخزانة العامة بجميع أنواعها ومنها الضرائب تكون ممتازة ويثبت لها هذا الامتياز إذا قضت بامتيازها القوانين والأوامر الخاصة بكل منها وبالشروط والقيود التي تقررها هذه القوانين والأوامر بحيث إذا استحق للخزانة العامة مبلغ ما ووجد قانون أو أمر يقضي بامتيازه تعين الرجوع إليه للتعرف على شروط الامتياز ونطاقه ووعائه وما عساه أن يرد عليه من أموال، وبالرجوع إلى القانون رقم 14 لسنة 1939 بفرض ضريبة على إيرادات رؤوس الأموال المنقولة وعلى الأرباح التجارية والصناعية وعلى كسب العمل والتعديلات التي أدخلت عليه يبين أنه نص في المادة 90 منه على أنه "تكون الضرائب والمبالغ الأخرى المستحقة للحكومة بمقتضى هذا القانون ديناً ممتازاً على جميع أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها إلى الخزانة بحكم القانون". فهو بذلك يقرر للخزانة العامة - مصلحة الضرائب - حق امتياز عام على أموال المدينين بها أو الملزمين بتوريدها فيجرى في شأنها ما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 1134 من القانون المدني من أن حقوق الامتياز العامة ولو كان محلها عقاراً لا يجب فيها الشهر ولا يثبت فيها حق التتبع وأنها تكون أسبق في المرتبة على أي حق امتياز عقاري آخر أو أي حق رهن رسمي مهما كان تاريخ قيده، ولما كان مفاد المادة التاسعة من قانون تنظيم الشهر العقاري رقم 114 لسنة 1946 أن الملكية في المواد العقارية تنتقل بالتسجيل سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير، وكان الثابت في الدعوى أن مورث الطاعنة باع مساحة من الأطيان الزراعية إلى مورث المطعون عليهم عدا الأولى، ولعدم سداد باقي الثمن اتخذ البائع إجراءات التنفيذ العقاري بالنسبة لقدر من هذه الأطيان، وكانت ملكية الأطيان المذكورة قد انتقلت إلى المشتري - وهو مدين مصلحة الضرائب - بتسجيل عقد البيع الرسمي المؤرخ 5/ 5/ 1948 فيكون ثمنها المودع من الراسي عليهم المزاد حقاً خالصاً لهذا المشتري المدين، ويجوز للمصلحة بما لها من حق امتياز عام على أموال مدينها وعلى ما سلف البيان أن تستوفى حقها من الثمن المذكور بالأولوية على وسائر الديون الممتازة ومن بينها باقي الثمن المستحق للطاعنة، ولا يغير من ذلك قول الطاعنة إنه لو كان مورثها قد استعمل حقه في الفسخ لعدم وفاء المشتري بباقي الثمن لعادت إليه الأطيان المنزوعة ملكيتها غير محملة بحق ما لمصلحة الضرائب أو سواها من دائني المشتري، ذلك أن المركز القانوني للطاعنة قد تحدد بسلوك مورثها طريق التنفيذ العقاري ولا يجوز لها التحدي بحقوقها المترتبة على طلب الفسخ. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وجرى في قضائه على أن لمصلحة الضرائب أن تستوفى دينها المستحق في ذمة المرحوم السعيد حسن وهبة من ثمن الأطيان المودع خزانة المحكمة بالتقدم على سائر الديون الممتازة بعد امتياز المصروفات القضائية، لأن ملكية الأطيان موضوع التنفيذ العقاري قد انتقلت إلى مدين المصلحة سالف الذكر بالتسجيل، وكان ما ورد في أسباب الحكم من أن "دين مصلحة الضرائب ثابت في ذمة مورث الطاعنة" لا يعدو أن يكون مجرد خطأ مادي وقع في الحكم لا يؤثر على سلامة النتيجة التي انتهى إليها، خاصة وأن الحكم قد أثبت في باقي مدوناته أن مدين مصلحة الضرائب هو المرحوم السعيد حسن وهبة لا مورث الطاعنة. لما كان ما تقدم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وتقول في بيان ذلك إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأنه ليس في الأوراق المقدمة من مصلحة الضرائب ما يدل على أن الضريبة التي يطالب بها ورثة المدين أصبحت مقدرة القيمة بصفة نهائية وواجبة التنفيذ، هذا إلى أن لورثة المدين أموالاً أخرى تفي بدين مصلحة الضرائب، واكتفت المحكمة في الرد على هذا الدفاع بقولها إنه ثابت من المستندات التي قدمتها المصلحة أن الضرائب المستحقة على مدينها قد أصبحت واجبة النفاذ دون أن تبين المحكمة ماهية تلك المستندات وقوتها من حيث التنفيذ، مما يعيب حكمها بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه أن مصلحة الضرائب استندت في إثبات طلبها باختصاصها بدينها بالأولوية على دين الطاعنة إلى ثلاث استمارات بربط الضريبة على المرحوم السعيد حسن وهبه، وثلاثة وثلاثين ورداً فردياً مبيناً بها جميع الضرائب المستحقة عليه حتى يوم 17/ 3/ 1954، وكشف ببيان الضرائب المسددة والباقية عليه في المدة من سنة 1938 حتى 17/ 3/ 1954، وقرر الحكم المطعون فيه أنه ثابت من هذه المستندات أن الضرائب المستحقة على الممول المذكور أصبحت واجبة النفاذ، ولما كان هذا الذي أورده الحكم يكفي للرد على دفاع الطاعنة الذي أثارته بسبب النعي، وفيه بيان لما جاء بالمستندات التي قدمتها مصلحة الضرائب، فإنه لا يعيبه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه لم يذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها متى كانت هذه المستندات مقدمة إلى المحكمة وترافع بشأنها الخصوم، وهو ما يكفي معه مجرد الإشارة إليها، وكان لا محل للتحدي بأن لورثة المدين أموالاً أخرى تفي بدين مصلحة الضرائب، ذلك أن للدائن الحق في التنفيذ على أموال مدينه جميعها لا فرق في ذلك بين مال وآخر إلا ما كان منها غير جائز حجزه. لما كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 17/ 6/ 1969 مجموعة المكتب الفني س 20 ص 989.