أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 963

جلسة 18 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، وعلي عبد الرحمن.

(150)
الطعن رقم 246 لسنة 37 القضائية

( أ ) إثبات. "القرائن". خبرة.
اتخاذ الحكم من أقوال الشهود الذين سمعهم خبير الدعوى - بناءً على طلب الطاعن ودون حلف يمين - دليلاً على ثبوت الوقائع الجائز إثباتها بالقرائن. لا عيب.
(ب) محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة المطروحة عليها. عدم التزامها بالرد على القرائن التي لم تأخذ بها.
(ج) دعوى. "إغفال الفصل في بعض الطلبات". حكم. "الطعن في الحكم".
إغفال الحكم الفصل في أحد الطلبات لا يجيز الطعن فيه. علاج ذلك الرجوع إلى ذات المحكمة لنظر الطلب والفصل فيه.
(د) وقف. "مسئولية ناظر الوقف". حكم. "عيوب التدليل. ما يعد قصوراً". وكالة.
مسئولية ناظر الوقف في دعوى الحساب قاصرة على ما قبضه بالفعل من إيراد الوقف. ضمانه باعتباره وكيلاً عن المستحقين لما ينشأ عن تقصيره الجسيم. عدم مسئوليته عن التقصير اليسير إلا إذا كان له أجر على النظر.
مطالبة الطاعن بالمستحق له من إيراد الوقف وبنصيبه في إيراد أعيان أهمل الناظر تأجيرها. مناقشة الحكم مسئولية الناظر عما قبضه من إيراد الوقف دون مواجهة دفاع الطاعن في شأن المسئولية عن الإهمال في التأجير. خطأ وقصور.
1 - لا على الحكم إذا هو اطمأن إلى أقوال الشهود الذين سمعهم خبير الدعوى دون حلف يمين بناءً على طلب الطاعن، فاتخذها دليلاً على ثبوت الوقائع التي يجوز إثباتها بالقرائن.
2 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة المطروحة عليها، ولا يجب عليها الرد على ما استند إليه الطاعن في دفاعه من قرائن لم تأخذ بها.
3 - لا يجوز الطعن في الحكم بسبب إغفاله الفصل في أحد الطلبات، وإنما يتعين وفقاً لنص المادة 368 من قانون المرافعات السابق الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت هذا الحكم لتستدرك ما فاتها الفصل فيه. وإذ كان الثابت أن محكمة أول درجة لم تتعرض للفصل في طلب الريع عن المدة..... على اعتبار أن الطاعن لم يطلب الحساب عن هذه المدة، ولم يقدم الخبير المنتدب في الدعوى حساب ريعها، ومؤدى ذلك أن هذا الطلب بقى معلقاً أمامها لم تقض فيه، وكانت عبارة "ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات" الواردة بمنطوق حكمها مقصورة على الطلبات التي كانت محل بحثها، ولا تمتد إلى ما لم تكن قد تعرضت له بالفصل لا صراحة ولا ضمناً، فإن الحكم المطعون فيه إذ جرى على أن محكمة أول درجة أغفلت الفصل في طلب الريع عن هذه المدة بسبب الخطأ في تقدير الخبير الذي أخذت به، وأوجب الرجوع إليها لنظر هذا الطلب طبقاً للمادة 368 من قانون المرافعات السابق، لا يكون قد خالف القانون.
4 - ناظر الوقف وإن كان لا يسأل في دعوى الحساب إلا عما قبضه بالفعل من إيراد الوقف، إلا أنه باعتباره وكيلاً عن المستحقين يكون مسئولاً في ماله الخاص عما ينشأ عن تقصيره الجسيم نحو أعيان الوقف وغلاته، وعن تقصيره اليسير إذا كان له أجر على النظر. وإذ كان الثابت أن دعوى الحساب رفعت على المطعون عليها بصفتها الشخصية وبصفتها ناظرة على الوقف، وطالبها الطاعن بالمستحق له من الإيراد في الوقف، وتمسك في دفاعه أمام محكمة أول درجة وفي صحيفة استئنافه بنصيبه في إيراد - منزلين لم تؤجرهما ودكانين تنازلت عن أجرتهما - وكان ما أورده الحكم المطعون فيه ينصب على مسئولية المطعون عليها في مال الوقف، ولا يواجه دفاع الطاعن في شأن مسئوليتها عن تقصيرها وإهمالها في تأجير المنزلين وفي التنازل عن أجرة الدكانين، وهو دفاع جوهري من شأنه - لو صح - أن يغير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الدكتور إبراهيم محمد سالم بصفته ولياً شرعياً على ولده حسن أقام الدعوى رقم 335 سنة 1945 مدني كلي القاهرة ضد السيدة ما شاء الله محمد شافعي عن نفسها وبصفتها ناظرة على وقف المرحوم علي شافعي، وطلب الحكم بإلزامها بأن تقدم له حساباً تفصيلياً مشفوعاً بالمستندات عن إيراد الأعيان المبينة بالصحيفة في المدة من أول يناير سنة 1941 حتى تاريخ رفع الدعوى، وبتعيين خبير لمراجعة الحساب الذي تقدمه، والحكم بما يظهر من تقريره وبالمصروفات والأتعاب، وقال بياناً للدعوى، إن المرحوم علي شافعي أوقف أطياناً زراعية كائنة بناحية مهدية مركز ههيا، وإن والدها المرحوم محمد الشافعي أوقف الأطيان والمنازل المبينة بصحيفة الدعوى وجعل الاستحقاق لبنته المطعون عليها ولشقيقتها والدة الطاعن، وعين كلاً منهما ناظرة على نصيبها بحق النصف على الشيوع في هذه الأعيان، وقد توفيت والدة الطاعن في 29/ 7/ 1941، وعين المدعي ناظراً على نصيبه إلا أن المدعى عليها لم تسلمه هذا النصيب، ووضعت يدها عليه حتى تاريخ رفع الدعوى، وانتهى إلى طلب الحكم له بطلباته، وبتاريخ 26/ 5/ 1945 حكمت المحكمة بندب خبير لمراجعة كشف الحساب وحصر إيرادات ومصروفات جهة الوقف وبيان نصيب القاصر في المدة من أول يناير سنة 1941 حتى تاريخ صدور الحكم وبتاريخ 26/ 3/ 1949 حكمت بندب خبير لمباشرة المأمورية المبينة بحكمها السابق على أن يضيف إليها المدة التي استجدت وأن يحقق اعتراضات المدعي على تقرير الخبير، وبتاريخ 27/ 6/ 1961 حكمت بإعادة المأمورية إلى الخبير لاستكمال فحص الحساب وتصفيته حتى نهاية سنة 1957 وتحقيق اعتراضات المدعى عليها بشأن التقرير السابق، ثم عادت وبتاريخ 7 نوفمبر سنة 1964 فحكمت بإلزام المدعى عليها بصفتيها بأن تدفع للمدعي مبلغ 784 ج و26 م صافي استحقاق المدعي في الريع عن الفترة من أول يناير سنة 1945 حتى 6 مارس سنة 1949 والمصاريف المناسبة وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، واستأنفت المدعى عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة تعديله إلى مبلغ 362 ج و326 م بعد خصم مبلغ 421 ج و700 م قيمة ما أنفقته على القاصر، وقيد الاستئناف برقم 7 سنة 82 ق، كما استأنفه حسن إبراهيم بعد بلوغه سن الرشد طالباً تعديله والحكم بإلزام المستأنف عليها بصفتيها بأن تدفع له مبلغ 3353 ج و386 م والفوائد بواقع 4% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية في 31/ 10/ 1944 حتى السداد والمصروفات والأتعاب عن الدرجتين، وقيد استئنافه برقم 17 سنة 82 ق القاهرة، وبتاريخ 26 فبراير سنة 1967 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى مبلغ 362 ج و326 م، وألزمت السيدة ما شاء الله الشافعي بالمصروفات المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما مع رفض الاستئناف رقم 17 سنة 82 ق المرفوع من حسن إبراهيم سالم وألزمته بمصاريفه ومصاريف الاستئناف رقم 17 سنة 82 ق ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته في مذكرتها، وطلبت نقض الحكم في خصوص السبب الثالث.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى باستبعاد مبلغ 421 ج و700 م من إيراد الوقف باعتبار أن المطعون عليها صرفت هذا المبلغ في شئون القاصر مستنداً في ذلك إلى أقوال شهود سئلوا في محاضر أعمال الخبير الأول، وهو من الحكم مخالفة للقانون وقصور، ذلك أنه اعتمد على أقوال شهود سألهم الخبير دون حلف يمين ودون أن تأذن له المحكمة بسماعهم أو تحيل الدعوى إلى التحقيق، كما أن الحكم ذكر شاهدين بالاسم ولم يذكر أسماء باقي الشهود ولم يورد مضمون أقوالهم، وأغفل الرد على ما تمسك به الطاعن في دفاعه أمام محكمة الاستئناف من أن الشهود الذين سألهم الخبير الثاني قرروا في محاضر أعماله أن والد الطاعن كان ينفق عليه في غذائه وكسائه وأن الخصومة التي احتدمت بين والده وبين المطعون عليها لإنكارها استحقاقه وامتناعها عن تقديم الحساب تستبعد الزعم بإنفاقها على القاصر.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بخصم المبلغ الثابت بتقرير الخبير الأول مقابل نفقة القاصر من إيراده في الوقف على أنه لا حق للمستأنف حسن إبراهيم سالم في الاعتراض على سماع الخبير الأول للشهود، لأنه هو الذي طلب منه سماع شهوده "وأن الحكم المستأنف أخطأ في استبعاد هذا المبلغ بحجة أنه لم يقم عليه دليل، مع أن الدليل حاضر أمامه من تقرير الخبير الذي سمع عدداً وفيراً من شهود الطرفين ومنهم ذوو قرباهم وجيرانهم وخدمهم وغيرهم، وهذه المحكمة ترى أن هذا المبلغ قد صرف حقيقة من المستأنفة المذكورة في شئون القاصر لأنها ترتاح إلى أقوال الدكتور إبراهيم قدري وعلي أفندي بهجت وغيرهم ممن سئلوا في هذا الصدد" وما قرره الحكم من ذلك استخلاص سائغ اعتمد فيه على القرينة التي استنبطها من أقوال الشهود الذين سمعهم خبير الدعوى دون حلف يمين بناءً على طلب الطاعن ولا عليه إذا هو اطمأن إليها فاتخذها دليلاً على ثبوت الوقائع التي يجوز إثباتها بالقرائن. إذ كان ذلك وكان الحكم قد أشار إلى الشهود الذين سئلوا أمام الخبير الأول وذكر شاهدين بالاسم وأورد مضمون أقوالهم وأخذ بتقدير الخبير لمبلغ النفقة فجعل تقريره جزءاً متمماً له في هذا الخصوص، وكان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير الأدلة المطروحة عليها، ولا يجب عليها الرد ما استند إليه الطاعن في دفاعه من قرائن لم تأخذ بها، فإن الحكم إذ قضى باستبعاد مقابل النفقة من الإيراد المستحق للطاعن لا يكون مخالفاً للقانون أو مشوباً بالقصور.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه كلف الطاعن بالرجوع إلى محكمة أول درجة لإغفالها الفصل في طلب الريع عن المدة من 7/ 3/ 1949 إلى 31/ 12/ 1957 وقضى برفض طلب الفوائد، وهو منه مخالفة للقانون وقصور في التسبيب من وجهين (أولهما) أن محكمة أول درجة تعمدت عدم الفصل في طلب الريع عن هذه المدة مستندة في ذلك إلى أن الخبير لم يقدم الحساب عنها، وأن الطاعن لم يطلب إلزام المطعون عليها بتقديم الحساب، ولا يجوز الرجوع إلى المحكمة وفقاً لنص المادة 368 مرافعات إلا إذا كانت قد أغفلت الفصل في الطلب عن سهو أو غلط، كما أن محكمة أول درجة قضت في منطوق حكمها "برفض ما عدا ذلك من الطلبات" وهو فصل برفض طلب الريع يمنع من الرجوع إليها بعد أن استنفذت ولايتها (وثانيهما) أن محكمة أول درجة قضت برفض طلب الفوائد، تأسيساً على أن الطاعن لم يذكر الفوائد في طلباته الختامية، وقد تمسك الطاعن في صحيفة الاستئناف بأن طلب الفوائد قائم، ولم يتنازل عنه أمام محكمة أول درجة، ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي وأغفل الرد على هذا الدفاع.
وحيث إن النعي مردود في (الوجه الأول) منه بأنه لا يجوز الطعن في الحكم بسبب إغفاله الفصل في أحد الطلبات، وإنما يتعين وفقاً لنص المادة 368 من قانون المرافعات الرجوع إلى المحكمة التي أصدرت هذا الحكم لتستدرك ما فاتها الفصل فيه، وإذ كان الثابت أن محكمة أول درجة لم تتعرض للفصل في طلب الريع عن المدة من 7/ 3/ 1949 على اعتبار أن الطاعن لم يطلب الحساب عن هذه المدة، ولم يقدم الخبير المنتدب في الدعوى حساب ريعها، ومؤدى ذلك أن هذا الطلب بقى معلقاً أمامها لم تقض فيه وكانت عبارة "ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات" الواردة بمنطوق حكمها مقصورة على الطلبات التي كانت محل بحثها، ولا تمتد إلى ما لم تكن قد تعرضت له بالفصل لا صراحة ولا ضمناً. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد جرى على أن محكمة أول درجة أغفلت الفصل في طلب الريع عن هذه المدة بسبب الخطأ في تقدير الخبير الذي أخذت به، وأوجب الرجوع إليها لنظر هذا الطلب طبقاً للمادة 368 من قانون المرافعات، فإنه لا يكون قد خالف القانون. ومردود في (الوجه الثاني) بأنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه رد على طلب الطاعن للفوائد بقوله إن "هذا الادعاء منه غير سديد، ذلك لأنه بمطالعة المذكرة 6 دوسيه المفردات بجلسة 17/ 11/ 1966 لا يوجد فيها ذكر للفوائد حتى أنه بإجراء الحساب في ص 2 يبين أنه 3352 ج و386 م دون الإشارة إلى الفوائد، وانتهى في طلباته بختام نفس المذكرة بتحديد ما يطلب الحكم به على المستأنف عليها بصفتيها من مبالغ مع المصروفات والأتعاب، الأمر الذي يتضح منه أنه عدل عن طلب الفوائد كما انتهت إلى ذلك محكمة أول درجة بحق" وما قرره الحكم من ذلك يحمل الرد الصحيح على دفاع الطاعن، لأن العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى لا بالطلبات التي تتضمنها الصحيفة، وقد حدد الطاعن طلباته في مذكرته الختامية دون الإشارة إلى طلب الفوائد أو الإحالة إلى طلباته الواردة بالصحيفة.
وحيث إن حاصل السببين الثالث والرابع أن الحكم المطعون فيه استبعد إيراد الوقف ريع المنزلين 5 "أ" و7 بدرب الفوطي وأجرة دكان النجار بالمنزل/ 16 وريع دكان بالمنزل رقم 18 غيط العدة، مستنداً في ذلك إلى أن المطعون عليها لا تحاسب إلا على ما استلمته فعلاً من إيراد الوقف، وهي لم تستلم شيئاً من إيراد هذه الأعيان وكان على الطاعن أن ينذرها ويثبن إهمالها أو يطلب عزلها من النظر، وأن والد الطاعن تنازل عن نصيبه في دكان النجار وكان يستغل دكاناً في استعمال سيارته مقابل حصته في الدكان الآخر الكائن في ذات المنزل، وهو من الحكم مخالفة للقانون وقصور في التسبيب، ذلك أن ناظر الوقف مسئول عن تقصيره في الإدارة، وقد تمسك الطاعن في صحيفة استئنافه بأن المطعون عليها أهملت في استغلال هذه الأعيان وفي إصلاحها، وإن الثابت بتقرير الخبير أنها وضعت منقولاتها بالمنزلين، وصرحت بأنها لا تريد تأجير المنزلين حتى لا تجرح سكان منزلها رقم 16، كما تمسك الطاعن في دفاعه بأن سكوت والده عن طلب الاستحقاق لا يفيد نزوله عن حقه، والنزول لا يفترض ولا يحتج به إلا على من صدر منه ولا شأن للطاعن بهذا النزول، كما لا شأن بما كان يستغله والده من أعيان الوقف لأن المطعون عليها مسئولة عن حقه بالكامل دون حاجة إلى إنذارها أو طلب عزلها.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن ناظر الوقف وإن كان لا يسأل في دعوى الحساب إلا عما قبضه بالفعل من إيراد الوقف، إلا أنه باعتباره وكيلاً عن المستحقين يكون مسئولاً في ماله الخاص عما ينشأ عن تقصيره الجسيم نحو أعيان الوقف وغلاته وعن تقصيره اليسير إذا كان له أجر على النظر، وإذ كان الثابت أن دعوى الحساب رفعت على المطعون عليها بصفتها الشخصية وبصفتها ناظرة على الوقف، وطالبها الطاعن بالمستحق له من الإيراد في الوقف، واستند في دفاعه أمام محكمة أول درجة وفي صحيفة استئنافه بنصيبه في إيراد المنزلين 5 "أ" و7 "ب" بدرب الفوطي إلى ما ثبت من تقرير الخبير المنتدب في دعوى القسمة من أنها لم تؤجر المنزلين حتى لا تجرح سكنها بالمنزل/ 16، ووضعت فيهما منقولاتها، كما تمسك بنصيبه في إيجار دكان النجار الذي استبعده الخبير من الحساب وبريع الدكان بالمنزل رقم 18 الذي كان يستخدمه والده في السيارة، لأن المطعون عليها كانت تستغل خلف هذا الجراج دكاناً آخر دون أجر، وهي المسئولة عن تقصيرها في إدارة هذه الأعيان، وقد أنكرت عليه استحقاقه في هذين الدكانين وفي المنزل رقم 16 حتى قضي لصالحه وأصبح الحكم نهائياً، وكان يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على قوله "إن الخبير الأخير على حق في استبعاد إيجار دكان النجار الأسطى رمضان عبد الله حتى 5/ 2/ 1955 لعدم إثبات المدعي أن هذا النجار كان يدفع إيجاراً ويعرف أنه كان لم يدفع إيجاراً حسبماً أجاب في ص 6 من محاضر أعمال الخبير" وإنه "عن اعتراض المستأنف على تقرير الخبير الأخير أنه استبعد ما قدره الخبير الثاني ريعاً للمنزلين رقمي 5 ( أ ) و7 ب بدرب الفوطي لأن ناظرة الوقف تعمدت بل أهملت استغلالهما خشية "جرح" المنزل الذي تسكنه، فإنه لم يتخذ إجراءً قبلها عقب ثبوت استحقاقه فيهما حتى تكون مسئولة عن ريعهما، واتخذ من قول خبير القسمة عن غلق الأبواب المطلة دليلاً على أنه يستحق ريعاً وكان الأولى به أن ينذرها ويثبت عليها الإهمال أو يرفع دعوى بعزلها من النظر أو ما أشبه، ومن ثم فلا تحاسب إلا على ما استلمته فعلاً ولم يدع أنها استلمت شيئاً من غلة المنزلين المذكورين وبالتالي فتقرير الخبير الأخير على صواب في هذا الصدد ويتعين إطراح اعتراضات المستأنف". وما قرره الحكم من ذلك ينصب على مسئولية المطعون عليها في مال الوقف، ولا يواجه دفاع الطاعن في شأن مسئوليتها عن تقصيرها وإهمالها في تأجير المنزلين وفي التنازل عن أجرة الدكانين، إذ رتب الحكم على ذلك استبعاد المستحق للطاعن من إيراد هذه الأعيان، وأغفل البحث في دفاعه المتعلق بالمسئولية التقصيرية، مع أنه دفاع جوهري من شأنه - لو صح - أن يغير وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد خالف القانون وشابه قصور في التسبيب بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.