أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1010

جلسة 25 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حافظ هريدي، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد، علي عبد الرحمن.

(157)
الطعن رقم 417 لسنة 36 القضائية

( أ ) بيع. "الوعد المتبادل بالبيع والشراء". عقد. "الوعد بالتعاقد".
الوعد المتبادل بالبيع من جانب زيد والشراء من جانب عمرو. وروده على قطعة أرض بسعر محدد. اعتباره عقد بيع كامل الأركان ولو أرجئ التحديد النهائي لمساحة المبيع.
(ب) حكم. "عيوب التدليل. ما يعد قصوراً". تعويض.
إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض طلب التعويض. قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض دون بيان عناصر الضرر الموجب له. قصور.
1 - إذا كان الثابت في الدعوى أن.... وعد بشراء قطعة الأرض الواردة بالاتفاق المؤرخ... وبالسعر المحدد به، كما وعدت الشركة المطعون عليها بأن تبيعه هذه القطعة بذات السعر، فإن هذا الوعد المتبادل بالبيع من جانب الشركة والشراء من جانب... هو بيع تام ملزم للطرفين، وتترتب عليه كل الآثار التي تترتب على البيع، ولا يؤثر عليه إرجاء التحديد النهائي لمساحة المبيع. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الاتفاق المؤرخ... عقد بيع كامل الأركان، ورتب على تنازل المشتري عن حقوقه في هذا العقد إلى الطاعنين، وقبولهما الحلول فيه، ثم قبول الشركة المطعون عليها انتقال حقوق والتزامات المشتري الأول إليهما اعتبارهما مشتريين فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض طلب التعويض على ما قرره من "أن هذه المحكمة ترى تقدير تعويض قدره... مقابل ما لحق الشركة من خسارة وما فاتها من كسب بسبب تقصير المشتريين في تنفيذ التزاماتهما، وأساس هذا الالتزام هو المسئولية التقصيرية" وكان ما جرى عليه الحكم من ذلك لا يتضمن بيان عناصر الضرر الموجب للتعويض، فإنه يكون معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مؤسسة ضاحية المعادي أقامت الدعوى رقم 34 لسنة 1961 مدني كلي القاهرة ضد السيدين عريان نوار وممدوح نوار طالبة الحكم بفسخ عقد البيع الصادر منها لهما بتاريخ 23/ 9/ 1955 واعتبار ما دفعاه حقاً مكتسباً لها، وقالت شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 23/ 9/ 1955 اشترى المدعى عليهما قطعة أرض فضاء برقم 213/ 9 من خريطة تقسيم الشركة بمنطقة حدائق المعادي والبالغ مساحتها 840 متراً مربعاً بسعر المتر 260 قرشاً تدفع بالشروط المبينة بالعقد، وإذ استحق لها قبلهما مبلغ 2033 ج و20 م في 30/ 10/ 1960، وامتنعا عن الوفاء به رغم إعذارهما فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها، ودفع المدعى عليهما بأنه لم يبرم بينهما وبين الشركة عقد بيع يصح فسخه، وطلبا رفض الدعوى وبتاريخ 18/ 4/ 1963 حكمت المحكمة بفسخ العقد ورفض الطلب الثاني واستأنف المدعى عليهما هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه ورفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 1260 لسنة 80 ق، كما استأنفته الشركة طالبة تعديله والحكم لها بالتعويض، وقيد هذا الاستئناف برقم 1328 لسنة 80 ق وبتاريخ 28/ 5/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف رقم 1260 لسنة80 ق وفي الاستئناف رقم 1328 لسنة 80 ق بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليهما بأن يدفعاً للمستأنفة مائة جنيه على سبيل التعويض وتأييده فيما عدا ذلك - وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير، وطلبت الشركة المطعون عليها رفض الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الثالث المتعلق بالتعويض، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن حاصل الأسباب الأول والثاني والخامس والوجهين الأول والثاني من السبب السادس والوجهين الثاني والثالث من السبب السابع أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون كما شابه القصور، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه وصف اتفاق 11/ 9/ 1951 الحاصل بين الشركة وبين السيد/ عبد المجيد الزمينى بأنه عقد بيع كامل الأركان مع أن نية المتعاقدين لم تنصرف إلى ترتيب آثار البيع، كما أن نصوصه لم تتناول أي ركن من الأركان اللازمة لقيام عقد البيع، بل نص فيه على أن الشركة لا ترتبط بالعرض المقدم لها وأنها في حل من إتمام البيع، وهو ما يجعله اتفاقاً غير ملزم، وإذ حل الطاعنان محل عبد المجيد الزمينى المتعاقد الأصلي فإن حقوق هذا الأخير والتزاماته تنتقل إليهما بما في ذلك ما نص عليه من التزامه بتحرير العقد الابتدائي خلال الأسبوعين التاليين لإخطار الشركة له بإتمام إجراءات التقسيم والمرافق، وللشركة أن تلزمهما بذلك قضاءً، أو أن تعتبر الاتفاق مفسوخاً من تلقاء نفسه وترد التأمين، وذلك كله وفقاً لشروط الاتفاق ذاته، أما العقد المؤرخ 23/ 9/ 1955 فلا يحمل توقيعاً لأي منهما واصطنعته الشركة خدمة لدعوى الفسخ، وتختلف بنوده الخاصة بالمساحة والثمن وطريقة الوفاء به عن تلك الواردة بالاتفاق الأصلي، ولكن الحكم المطعون فيه اعتبره بيعاً ملزماً لهما، وقضى بفسخه تأسيساً على عدم قيامهما بالوفاء بالثمن دون أن يرد على دفاعهما بأن اتفاق 11/ 9/ 1951 وكذلك ورقة 23/ 9/ 1955 لا يعتبر أيهما بيعاً وهو منه مخالفة للقانون وقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته بأن الحكم المطعون فيه عول في تكييف العلاقة بين الطاعنين والشركة المطعون عليها على ما قرره من أن "عقد البيع حرر أصلاً بتاريخ 11/ 9/ 1951 بين الشركة وبين السيد/ عبد المجيد الزمينى وعليه إمضاؤه عن القطعة المذكورة بسعر المتر 260 قرشاً ومساحتها 1050 متراً مربعاً على أن تحدد مساحتها نهائياً فيما بعد، وذكر فيه أن ربع الثمن يدفع عند التوقيع على العقد الابتدائي وباقي الثمن يدفع على عشرة أقساط سنوية متساوية بفائدة 4.5% سنوياً، وعنون هذا العقد بكلمة (اتفاق) وعليه عبارة مؤرخة في 27/ 6/ 1955 عليها إمضاء المشتري المذكور تتضمن أنه تنازل عن هذه الأرض المشتراة للسيدين عريان وممدوح نوار حنا، ثم تقدم هذا المشتري للشركة بطلب مؤرخ 27/ 6/ 1955 عليه إمضائه قال فيه إنه تنازل نهائياً للسيدين المذكورين عن هذه القطعة وبذلك قد حلا محله في عقد الاتفاق المحرر بينه وبين الشركة في 11 سبتمبر سنة 1951 وأصبحا مسئولين في مواجهة الشركة عن تنفيذ شروط هذا العقد وإنهما سيقومان بدفع باقي ربع الثمن والأقساط المطلوبة حسب الاتفاق المحرر بينه وبين الشركة، وعلى هذا الطلب ثبتت عبارة (قبلت التنازل) وعليها إمضاء كل من عريان نوار حنا وممدوح نوار حنا، كذلك تقدم المشتري المذكور بطلب آخر مؤرخ في 27/ 6/ 1955 عليه إمضاؤه قال فيه إنه تنازل لهما عن مبلغ المائتي جنيه المدفوع منه لأنهما حلا محله، وعلى هذا الطلب ثبتت عبارة (قبلت التنازل) وعليها إمضاء كل من عريان وممدوح نوار حنا، ثم تحرر العقد الابتدائي بتاريخ 23/ 9/ 1955 بين عريان وممدوح نوار حنا وبين الشركة، وقد وقعت عليه الشركة ولكنهما لم يوقعا عليه، وشروطه هي نفس شروط الاتفاق المؤرخ 11/ 9/ 1951 مع ذكر المساحة الحقيقية وهي 840 متراً مربعاً، وظاهر أن هذا العقد الابتدائي هو تنفيذ الاتفاق المذكور ويجب عليهما (عريان وممدوح) أن يوقعا عليه وأنه يبين من الاتفاق المؤرخ 11/ 9/ 1951 أنه عقد بيع كامل الأركان وإن اقتضت شروط تقسيم الأرض إلى تأجيل تحرير العقد الابتدائي حتى يدفع ربع الثمن وحتى تعرف مساحة الأرض المبيعة على وجه التحديد، وقد حل عريان وممدوح نوار حنا محل المشتري الأصلي في هذا الاتفاق فكتب العقد الابتدائي باسمهما فليس الاتفاق المذكور هو اتفاق غير مسمى كما يذهبان هما إلى ذلك ليتخلصاً من التزامهما" وهو ما يبين منه أن السيد عبد المجيد الزميتى وعد بشراء قطعة الأرض الواردة باتفاق 11/ 9/ 1951 وبالسعر المحدد به، كما وعدت الشركة بأن تبيعه هذه القطعة بذات السعر، ولما كان هذا الوعد المتبادل بالبيع من جانب الشركة والشراء من جانب السيد/ عبد المجيد الزميتى هو بيع تام ملزم للطرفين تترتب عليه كل الآثار التي تترتب على البيع ولا يؤثر عليه إرجاء التحديد النهائي لمساحة المبيع، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر اتفاق 11/ 9/ 1951 عقد بيع كامل الأركان، ورتب على تنازل المشتري عن حقوقه في هذا العقد إلى الطاعنين وقبولهما الحلول فيه، ثم قبول الشركة انتقال حقوق والتزامات المشتري الأول إليهما واعتبارهما مشتريين فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، والقول بأن شروط اتفاق 11/ 9/ 1951 تختلف عن شروط العقد المؤرخ 23/ 9/ 1955 من حيث المساحة والثمن وطريقة الوفاء به مردود بأن الحكم المطعون فيه عول في هذا الصدد على ما قرره من أن شروط الاتفاق الأخير هي نفس شروط الاتفاق المؤرخ 11/ 9/ 1951 مع ذكر المساحة الحقيقية وهى 840 متراً مربعاً وبذلك فإنه يكون قد علل سبب الخلاف الوارد بين المحررين بما أسفر عنه التحديد المساحي للقطعة المبيعة وما يترتب على ذلك من تحديد سعرها على أساس سعر الوحدة المتفق عليه من قبل، ثم بيان ما تبقى من الثمن ومواعيد الوفاء به بعد سقوط المواعيد الأولى. أما النعي بأن اتفاق 11/ 9/ 1951 يحوى نصاً يتضمن أن الشركة لا ترتبط بالعرض المقدم، وأنها في حل من إتمام البيع فإن الطاعنين ولم يقدماً ما يدل على أنهما تمسكا به لدى محكمة الموضوع، فلا يجوز لها إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع وبالوجه الأول من السبب السابع مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم جعل من ورقة المحرر المؤرخ 23/ 9/ 1955 عقد بيع متكامل الأركان ملزماً لهما في حين أن هذا الاتفاق لم يوقع منهما، بل إن الشركة المطعون عليها أكدت بعد ذلك وبالعبارة التي حررتها على اللوحة الإنشائية التي قدمها الطاعن لها عند شروعه في البناء على هذه الأرض ما يفيد أنها لا تتحمل أية مسئولية فيما يتعلق بملكية الأرض أو حقوق مقدم الرسم عليها وقد تجاهل الحكم المطعون فيه هذه العبارة كما لم يشر إلى محضر إرشاد الشركة المؤرخ 12/ 10/ 1960، والذي يفيد أنها لم تكن حتى هذا التاريخ قد تبينت المساحة الحقيقية للأرض بما ينفي قيام البيع، وهو من الحكم إخلال بحق الدفاع وقصور.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان في الرد على النعي السابق انتهى إلى تكييف اتفاق 11/ 9/ 1951 وحده بأنه عقد بيع كامل الأركان، حل فيه الطاعنان محل المشتري الأول، وأن تحرير عقد جديد في 23/ 9/ 1955 لا يعدو أن يكون صورة من الاتفاق الأول أعدت لتوقيع الطاعنين عليها لخلو الاتفاق الأصلي من هذا التوقيع. إذ كان ذلك فإن إغفال الحكم مناقشة الحجج التي ساقها الطاعنان للتدليل على عدم التزامهما بعقد 23/ 9/ 1955 لا عيب فيه، إذ أنه لم يكن بحاجة إلى ذلك بعد أن انتهى إلى تقرير أنهما يلتزمان بشروط اتفاق 11/ 9/ 1951 لحلولهما فيه محل المشتري السابق.
وحيث إن حاصل السبب الثالث والوجه الثالث من السبب السادس أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم المطعون فيه قضى بالتعويض على أساس قيام المسئولية التقصيرية رغم عدم توافر أركانها، ورغم أن اتفاق 11/ 9/ 1951 أباح لكل من الطرفين إذا ما عدل عن التعاقد ولم يرغب في تحرير عقد البيع الابتدائي أن يعتبر الاتفاق لاغياً، وأن ترد الشركة مبلغ التأمين المدفوع وقدره 200 جنيه وذيل هذا الاتفاق بعبارة "دون أن يكون لأي طرف من الطرفين الحق في تعويض ما" كما أن الحكم لم يبين سبب مخالفته لما قضى به الحكم الابتدائي من رفض طلب التعويض وهو قصور ومخالفة للقانون.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من رفض طلب التعويض على ما قرره من "أن هذه المحكمة ترى تقدير تعويض قدره 100 جنيه مقابل ما لحق الشركة من خسارة وما فاتها من كسب بسبب تقصير المشتريين في تنفيذ التزاماتهما وأساس هذا الالتزام هو المسئولية التقصيرية" وما جرى عليه الحكم من ذلك لا يتضمن بيان عناصر الضرر الموجب للتعويض مما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه في هذا الخصوص.