أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 33 - صـ 335

جلسة 11 من مارس سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ صلاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد نجيب صالح وعوض جادو ومصطفى طاهر ومحمد حسن.

(67)
الطعن رقم 5708 لسنة 51 القضائية

1 - وصف التهمة. قتل خطأ. إصابة خطأ.
حق محكمة الموضوع في رد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح دون لفت نظر الدفاع. حد ذلك؟ معاقبة الطاعن عن صورة من الخطأ لم ترد في وصف النيابة استمدها الحكم من جماع العناصر المطروحة على المحكمة. لا عيب. حد ذلك؟
2 - استئناف "نظره والحكم فيه". محكمة استئنافية "نظرها الدعوى والحكم فيها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". وصف التهمة.
فصل المحكمة الاستئنافية في الدعوى على أساس التعديل الذي أجرته محكمة أول درجة في عناصر الخطأ والذي انصب عليه الاستئناف وكان الطاعن على علم به عند استئناف الحكم. لا إخلال بحق الدفاع.
3 - وصف التهمة. قتل خطأ. إصابة خطأ. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة شيء عن وصف التهمة لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - إجراءات المحاكمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محضر الجلسة.
حضور محام عن المتهم بجنحة غير واجب قانوناً. حد ذلك؟
5 - إجراءات المحاكمة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محضر الجلسة. حكم "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم كاملاً لا يعيب الحكم. طالما لم يتمسك بإثباته في محضر الجلسة.
6 - إعلان. محضر الجلسة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" إجراءات. "إجراءات المحاكمة". محاماة.
إعلان المتهم إعلاناً صحيحاً لجلسة المحاكمة. يوجب عليه الحضور مستعداً لإبداء دفاعه.
حق المحكمة في رفض طلب التأجيل للاستعداد. حده؟
7 - دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
سكوت المتهم بجنحة عن المرافعة لا ينبني عليه طعن ما دام لم يدع أن المحكمة منعته عن المرافعة.
8 - إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بمنح المتهم أجلاً لتقديم مستندات. حده؟
9 - مسئولية تقصيرية. خطأ. ضرر. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
صيانة العقار وترميمه واجب على مالكه. تقصيره في ذلك يوجب مساءلته.
10 - مسئولية تقصيرية. خطأ. ضرر. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مسئولية جنائية. مسئولية مدنية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه مدنياً وجنائياً. موضوعي عدم إذعان شاغلي العقار لطلب الإخلاء الموجه إليهم لا ينفي عن الطاعن الخطأ المستوجب لمساءلته كون الخطأ مشتركاً بين المتهم وغيره لا يمنع من مساءلته. مثال لتسبيب غير معيب على توافر ركن الخطأ.
11 - نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
الطعن في حكم محكمة أول درجة أمام محكمة النقض غير جائز ما دام الحكم الاستئنافي قد أنشأ لنفسه أسباباً جديدة.
1 - الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل إن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة هو إيضاح عن وجهة نظرها فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم ما دام لا يتعدى تصرفها في ذلك مجرد تعديل الوصف ولا ينصرف إلى تغيير التهمة ذاتها حتى يستلزم الأمر من المحكمة تنبيه المتهم أو المدافع عنه إليه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ولم يأخذ بصورة الخطأ الواردة في وصف التهمة وهي السماح بوجود نزلاء في العقار مع أن حالته لا تسمح بذلك وعاقب الطاعن على صورة أخرى من الخطأ هي التراخي في تنفيذ قرار الهدم وعدم موالاة العقار بالصيانة والترميم التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالقانون إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة وبنيانها القانوني.
2 - لما كان الطاعن حتى استأنف الحكم الابتدائي الصادر بإدانته على أساس التعديل الذي أجرته محكمة أول درجة في عناصر الخطأ كان على علم بهذا التعديل وكان استئناف الحكم الابتدائي منصباً على هذا التعديل الوارد به ومن ثم فلا وجه للقول بأن الدفاع لم يخطر به طالما أن المحكمة الاستئنافية لم تجر أي تعديل في التهمة.
3 - لما كان الطاعن لم يثر شيئاً بخصوص تعديل وصف التهمة أمام المحكمة الاستئنافية وهو ما لا يجيز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض،
4 - لما كان الأصل أن حضور محام عن المتهم بجنحة غير واجب قانوناً إلا أنه متى عهد إلى محام بالدفاع عنه فإنه يتعين على المحكمة أن تسمعه متى كان حاضراً، فإذا لم يحضر فإن المحكمة لا تتقيد بسماعه ما لم يثبت أن غيابه كان لعذر قهري.
5 - لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم إذ عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر كما عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل حجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن تسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم.
6 - من المقرر أنه إذا كان المتهم قد أعلن بالحضور إعلاناً صحيحاً لجلسة المحاكمة فيجب عليه أن يحضر أمام المحكمة مستعداً لإبداء أوجه دفاعه وللمحكمة ألا تقبل التأجيل للاستعداد إذا ما رأت أنه لا عذر للمتهم في عدم تحضير دفاعه في المدة التي أوجب القانون إعطاءه إياها من تاريخ الإعلان ويوم الجلسة فإذا حضر غير مستعد فتبعة ذلك لا تقع إلا عليه إذ لا شأن للمحكمة فيه ولا فرق في هذا الصدد بين المتهم ومحاميه إذا كان وجود المحامي أثناء المحاكمة غير الواجب كما هو الحال في مواد الجنح والمخالفات.
7 - لا يجوز أن ينبني على سكوت المتهم عن المرافعة في الجنح الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع ما دام لا يدعي أن المحكمة قد منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة.
8 - ومن المقرر أيضاً أن المحكمة لا تلتزم بمنح المتهم أجلاً لتقديم مستندات ما دام قد كان في استطاعته تقديمها وإذ كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المحامي الحاضر معه قد دفع بأن إعلان المتهم بالجلسة لم يكن حاصلاً في الميعاد الذي قرره القانون أو أن عذراً قهرياً قد طرأ فمنعه من تحضير الدفاع وتجهيز المستندات في هذا الميعاد فلا تثريب على المحكمة إن هي رفضت طلب التأجيل لهذا السبب ويكون النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع غير سديد.
9 - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مالك العقار مطالب بتعهد ملكه وموالاته بأعمال الصيانة والترميم فإذا قصر كان مسئولاً عن الضرر الذي يصيب الغير بهذا التقصير.
10 - تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق.
11 - حيث إن ما يثيره الطاعن بشأن فساد استدلال الحكم الابتدائي على توافر مصلحة الطاعن في عدم تنفيذ قرار الهدم الجزئي مردوداً بأنه نعي موجه إلى حكم محكمة أول درجة وهو ما لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض ما دام الحكم المطعون فيه قد أنشأ لقضائه أسباباً جديدة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين في قضية الجنحة رقم...... بأنهم بدائرة....... محافظة القاهرة: أولاً: تسببوا خطأ في موت...... وآخرين وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهم وعدم احترازهم ومخالفتهم للقانون بأن لم يراعوا الحيطة الواجب اتباعها عند استخدام العقار واستجلبوا نزلاء دون أن تكون حالة المبنى تسمح بذلك مما ترتب عليه تصدع وانهيار الطابق العلوي وما فوقه من غرف فحدثت إصابات المجني عليهم. ثانياً: تسبب خطأ في إصابة..... وآخرين بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي وكان ناشئاً عن إهمالهم وعدم احترازهم ومخالفتهم للقانون. وطلبت عقابهم بالمادتين 338/ 1، 3، 244/ 1 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الأزبكية قضت حضورياً اعتباراً عملاً بمادتي الاتهام للمتهمين الثلاثة بحبس كل منهم سنة مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لكل لوقف التنفيذ. فاستأنف المحكوم عليه ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف والإيقاف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وشابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، ذلك بأن المحكمة نسبت إلى الطاعن صورة للخطأ مغايرة في وصفها لوصف التهمة الواردة في أمر الإحالة دون لفت الدفاع ولم تمنحه أجلاً لحضور محاميه الأصيل الذي تغيب لمرضه ولتحضير دفاع وتقديم مستندات تنفي التهمة عنه، كما استخلص الحكم ركن الخطأ في جانبه لعدم موالاة العقار المملوك له بالصيانة والترميم وعلمه بحالته المستفاد من الطلب المقدم منه إلى الجهة الإدارية في حين أن الملكية لم تنتقل إليه لشرائه حصة في ذلك العقار بعقد عرفي لم يسجل، كما ضمن طلبه سالف الذكر - بصفته نائباً عن الملاك - اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإخلاء العقار من سكانه بالطريق الإداري لتنفيذ قرار الهدم بعد أن لم يذعنوا لطلب الإخلاء وقد تراخت تلك الجهة في تنفيذ طلبه. مما يرفع المسئولية عنه وينفى الخطأ في حقه، هذا إلى أن الحكم الابتدائي ذهب إلى القول بتوافر مصلحة الطاعن في عدم تنفيذ قرار الهدم الجزئي حتى يتم هدم العقار كاملاً وهي علة غير سائغة مبناها الظن والافتراض كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي القتل والإصابة الخطأ اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تعطيه النيابة العامة للواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو بورقة التكليف بالحضور بل إن واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون لأن وصف النيابة هو إيضاح عن وجهة نظرها فهو غير نهائي بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم ما دام لا يتعدى تصرفها في ذلك مجرد تعديل الوصف ولا ينصرف إلى تغيير التهمة ذاتها حتى يستلزم الأمر من المحكمة تنبيه المتهم أو المدافع عنه إليه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى ولم يأخذ بصورة الخطأ الواردة في وصف التهمة وهي السماح بوجود نزلاء في العقار مع أن حالته لا تسمح بذلك وعاقب الطاعن على صورة أخرى من الخطأ هي التراخي في تنفيذ قرار الهدم وعدم مولاة العقار بالصيانة والترميم التي استمدها من جماع الأدلة والعناصر المطروحة أمام المحكمة على بساط البحث فإنه لم يتعد بذلك الحق المخول له بالقانون إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة وبنيانها القانوني، هذا فضلاً عن أن الطاعن حين استأنف الحكم الابتدائي الصادر بإدانته على أساس التعديل الذي أجرته محكمة أول درجة في عناصر الخطأ كان على علم بهذا التعديل وكان استئناف الحكم الابتدائي منصباً على هذا التعديل الوارد به ومن ثم فلا وجه للقول بأن الدفاع لم يخطر به طالما أن المحكمة الاستئنافية لم تجر أي تعديل في التهمة، خاصة أن الطاعن لم يثير شيئاً بخصوص تعديل وصف التهمة أمام المحكمة الاستئنافية وهو ما لا يجيز له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان الأصل أن حضور محام عن المتهم بجنحة غير واجب قانوناً إلا أنه متى عهد إلى محام بالدفاع عنه فإنه يتعين على المحكمة أن تسمعه متى كان حاضراً، فإذا لم يحضر فإن المحكمة لا تتقيد بسماعه ما لم يثبت أن غيابه كان لعذر قهري. ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن الطاعن حضر ومعه محاميه وطلب أجلاً لتقديم مستندات فقضت المحكمة في الدعوى، وخلا محضر الجلسة من إثبات طلب الطاعن تأجيل نظر الدعوى لحضور المحامي الأصيل الذي تغيب لمرضه على خلاف ما يزعمه الطاعن. ولما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاع الخصم إذ عليه إن كان يهمه تدوينه أن يطلب صراحة إثباته في هذا المحضر كما عليه إن ادعى أن المحكمة صادرت حقه في الدفاع قبل حجز الدعوى للحكم أن يقدم الدليل على ذلك وأن تسجل عليها هذه المخالفة في طلب مكتوب قبل صدور الحكم، وإذ كان الطاعن لم يذهب إلى الادعاء بأنه طلب أن يثبت بمحضر جلسة المحكمة تأجيل نظر الدعوى لحضور المحامي الأصيل أو أنه تقدم بطلب سجل فيه على المحكمة مصادرة حقه في الدفاع وكانت أسباب طعنه قد خلت البتة من أية إشارة إلى سلوك طريق الطعن بالتزوير في هذا الصدد فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان المتهم قد أعلن بالحضور إعلاناً صحيحاً لجلسة المحاكمة فيجب عليه أن يحضر أمام المحكمة مستعداً لإبداء أوجه دفاعه وللمحكمة ألا تقبل التأجيل للاستعداد إذا ما رأت أنه لا عذر للمتهم في عدم تحضير دفاعه في المدة التي أوجب القانون إعطاءه إياها من تاريخ الإعلان ويوم الجلسة فإن حضر غير مستعد فتبعة ذلك لا تقع إلا عليه ولا شأن للمحكمة فيه ولا فرق في هذا الصدد بين المتهم ومحاميه إذا كان وجود المحامي أثناء المحاكمة غير واجب كما هو الحال في مواد الجنح والمخالفات، كما أنه لا يجوز أن ينبني على سكوت المتهم عن المرافعة في الجنح الطعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع ما دام لا يدعي أن المحكمة قد منعته من المرافعة الشفوية بالجلسة، ومن المقرر أيضاً أن المحكمة لا تلتزم بمنح المتهم أجلاً لتقديم مستندات ما دام قد كان في استطاعته تقديمها وإذ كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المحامي الحاضر معه قد دفع بأن إعلان المتهم بالجلسة لم يكن حاصلاً في الميعاد الذي قرره القانون أو أن عذراً قهرياً قد طرأ فمنعه من تحضير الدفاع وتجهيز المستندات في هذا الميعاد فلا تثريب على المحكمة إن هي رفضت طلب التأجيل لهذا السبب ويكون النعي على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مالك العقار مطالب بتعهد ملكه وموالاته بأعمال الصيانة والترميم فإذا قصر كان مسئولاً عن الضرر الذي يصيب الغير بهذا التقصير وكان تقدير الخطأ المستوجب لمسئولية مرتكبه جنائياً ومدنياً هو من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب ما دام تقديرها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة لها أصلها في الأوراق، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر في منطق سائغ وتدليل مقبول ركن الخطأ في جانب الطاعن بما دلل عليه من أقوال شهود الإثبات وقرار السلطة القائمة على أعمال التنظيم عن حالة البناء من أن سبب الحادث مردود إلى عدم قيام الطاعن بتنفيذ قرار الهدم الجزئي للأدوار العليا حتى سطح الدور الأرضي وعدم موالاتها العقار بأعمال الصيانة والترميم الصادر بها القرار الهندسي مما أدى إلى انهيار الطابقين الأول والثاني فوق الأرضي ووقوع الحادث ومن إقراره بمحضر الشرطة بأنه هو المالك للمبنى وعلمه بأنه آيل للسقوط وتقديمه شكوى بذلك إلى الاتحاد الاشتراكي والسلطة القائمة على أعمال التنظيم - وهو ما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه -، وإذ كان الطاعن لم يثر في دفاعه أمام محكمة الموضوع أن ملكية العقار لم تنتقل إليه فلا يسوغ له أن يثير ذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقاً تنأى عنه وظيفتها ولما كان ما أورده الحكم فيما تقدم يتوافر به قيام ركن الخطأ في جانب الطاعن وتتحقق به رابطة السببية بين هذا الخطأ والضرر الذي أصاب المجني عليهم ولا يعفيه من المسئولية ما يثيره في شأن مسئولية جهة الإدارة لتراخيها في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإخلاء العقار من سكانه بالطريق الإداري بعد أن تحقق لها خطر سقوطه، ذلك أن تقدير وجوب هذا التدخل أو عدم وجوبه موكول للسلطة القائمة على أعمال التنظيم فإذا جاز القول بأن خطأها في هذا التقدير بعرضها للمسئولية من ناحية القانون العام فإن ذلك إنما يكون بوصفها سلطة عامة ذات شخصية اعتبارية من أخص واجباتها المحافظة على الأمن وعلى أرواح الناس، كما أنه بفرض قيام هذه المسئولية فإن هذا لا ينفي مسئولية الطاعن طالما أن الحكم قد أثبت قيامها في حقه، هذا فضلاً عن أن عدم إذعان شاغلي العقار لطلب الإخلاء الموجه إليهم - بفرض حصوله - لا ينفي عن الطاعن الخطأ المستوجب لمسئوليته عن الحادث إذ يصح في القانون أن يكون الخطأ الذي أدى إلى وقوع الحادث مشتركاً بين المتهم وغيره فلا ينفي خطأ إحداهما مسئولية الآخر ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن فساد استدلال الحكم الابتدائي على توافر مصلحة الطاعن في عدم تنفيذ قرار الهدم الجزئي مردود بأنه نعي موجه إلى حكم محكمة أول درجة وهو ما لا يجوز الطعن فيه بطريق النقض ما دام الحكم المطعون فيه قد أنشأ لقضائه أسباباً جديدة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.