أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1026

جلسة 27 من مايو سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سميح طلعت، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(160)
الطعن رقم 254 لسنة 37 القضائية

( أ ) موظفون. "منع الجمع بين الوظيفة والأعمال الأخرى". بطلان. "بطلان التصرفات". عقد. "شروط انعقاده".
منع الموظفين من الجمع بين وظائفهم وبين الأعمال الأخرى. مخالفة ذلك لا تعدو أن تكون مخالفة إدارية لا تنال من صحة التصرفات التي يبرمها أولئك الموظفون.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم". تأمينات اجتماعية. عمل.
إقامة الحكم قضاءه بأحقية ورثة العامل في المعاش والتأمين المقررين بقانون 63 لسنة 1964 على أساس قيام علاقة عمل صحيحة بين مورثهم ورب العمل لا على أساس أنه كان من العاملين بالحكومة. لا مخالفة للقانون.
1 - مخالفة القانون رقم 210 سنة 1951 بشأن موظفي الدولة الذي منع الموظفين من الجمع بين وظائفهم وبين الأعمال الأخرى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - لا تعدو أن تكون مخالفة إدارية تقع تحت طائلة الجزاء الإداري ولا تنال من صحة التصرفات التي يبرمها أولئك الموظفون بالمخالفة لذلك.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه لم يؤسس إقامة قضاءه بأحقية الورثة في المعاش والتأمين المقررين بقانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 على أن مورثهما كان من العاملين في الحكومة - إذ أن هذه العلاقة تنظمها قوانين المعاشات المقررة لموظفي الدولة - ومستخدميها - وإنما على أساس قيام علاقة عمل صحيحة بينه وبين المطعون ضدهما الأخيرين (رب العمل) أدت إلى سريان أحكام قانون التأمينات الاجتماعية عليه وبالتالي إفادة ورثته منها، فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأولين أقاما الدعوى رقم 2542 سنة 1964 عمال كلي الإسكندرية ضد الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية - الطاعنة - وفي مواجهة المطعون ضدهما الأخيرين، وطلبا الحكم بإلزام الطاعنة بأن تؤدي لهما مدى حياتهما معاشاً شهرياً قدره 6 جنيهات مع تأمين إضافي قدره 400 جنيه استناداً إلى أن مورثهما المرحوم عبد السلام منصور محمود كان يعمل سائقاً لسيارة المطعون ضدهما الأخيرين منذ 12 يناير سنة 1963 بمرتب شهري قدره 13 جنيهاً إلى أن توفي أثناء تأدية عمله وبسببه في 6 إبريل سنة 1964 نتيجة اصطدامه بهذه السيارة مع إحدى المركبات، وفي 21 مارس سنة 1966 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهما الأولان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 405 سنة 22 ق. وفي 28 فبراير سنة 1967 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون ضدهما الأولين في المعاش والتأمين الإضافي واستبقت النظر في تقديرهما، وفي 29 إبريل سنة 1967 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره صممت على هذا الرأي.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم أقام قضاءه على أنه وإن كان لا يجوز للموظف أن بجمع بين وظيفته وبين عمل آخر طبقاً للمادة 78 من القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن موظفي الدولة، إلا أن مخالفة هذا الحظر يقتصر أثرها على الجزاء الإداري، ورتب على ذلك أن اعتبر علاقة مورث المطعون ضدهما الأولين بالمطعون ضدهما الأخيرين علاقة عمل صحيحة، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، لأنه يشترط لصحة العقد أن يرد على محل قابل للتعامل فيه فإذا كان التعامل فيه غير مشروع لمخالفته للنظام العام سواء ورد نص بتحريمه أولم يرد كان العقد باطلاً طبقاً للمادة 135 من القانون المدني، ولما كانت النظم الإدارية من النظام العام، وكان مورث المطعون ضدهما الأولين قد خالف ذلك الحظر إذ عمل لدى المطعون ضدهما الأخيرين في ذات الوقت الذي كان فيه موظفاً بمحافظة الإسكندرية، فإن تلك العلاقة تكون مخالفة للنظام العام وباطلة تبعاً لذلك، وبطلان هذه العلاقة يجرد ما كان يتقاضاه مورث المطعون ضدهما الأولين من المطعون ضدهما الأخيرين من صفة الأجر ليصبح مجرد تعويض وبالتالي لا يحق له وورثته من بعده الإفادة من قانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 سنة 1964، ولا يغير من ذلك أن يكون القانون رقم 210 سنة 1951 أورد في المادة 83 منه جزاءً إدارياً لمخالفة الحظر الوارد في المادة 78 منه لأن هذا الجزاء لا يحكم سوى علاقة الموظف بالجهة الإدارية التي يعمل بها أما علاقة العمل التي نشأت بالمخالفة له، فتحكمها القواعد العامة الواردة بالقانون المدني وقانون العمل، هذا إلى أن مورث المطعون ضدهما الأولين باعتباره عاملاً في الحكومة يفيد من قوانين التأمين والمعاشات المقررة لعمال الحكومة ولا تسري عليه أحكام القانون رقم 63 سنة 1964 عملاً بالمادة 2 منه، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأحقية المطعون ضدهما الأولين في المعاش والتأمين طبقاً للمادتين 82 و87 من هذا القانون، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول، ذلك أن مخالفة القانون رقم 210 سنة 1951 بشأن موظفي الدولة الذي منع الموظفين من الجمع بين وظائفهم وبين الأعمال الأخرى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تعدو أن تكون مخالفة إدارية تقع تحت طائلة الجزاء الإداري ولا تنال من صحة التصرفات التي يبرمها أولئك الموظفون بالمخالفة لذلك. والنعي في شقه الآخر مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يؤسس قضاءه بأحقية المطعون ضدهما الأولين في المعاش والتأمين المقررين بقانون التأمينات الاجتماعية رقم 63 لسنة 1964 على أن مورثهما كان من العاملين في الحكومة، إذ أن هذه العلاقة تنظمها قوانين المعاشات المقررة لموظفي الدولة ومستخدميها، وإنما على أساس قيام علاقة عمل صحيحة بينه وبين المطعون ضدهما الأخيرين أدت إلى سريان أحكام قانون التأمينات الاجتماعية عليه وبالتالي إفادة ورثته منها. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


[(1)] نقض 31/ 12/ 1970 مجموعة المكتب الفني س 21 ص 1344.