مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 621

جلسة 23 فبراير سنة 1942

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

(360)
القضية رقم 722 سنة 12 القضائية

استئناف. حق منوط بشخص المتهم. قيام عذر عند المتهم منعه من التقرير بالاستئناف في الميعاد المحدّد. محاسبته على أساس أنه كان عليه أن يوكل غيره للتقرير بالاستئناف في الميعاد. لا يصح. تقريره بالاستئناف على إثر زوال العذر مباشرة. قبول الاستئناف. توكيله محامياً ليقرّر عنه بالاستئناف. تأخر المحامي في التقرير إلى ما بعد فوات الميعاد. عدم تقريره بالاستئناف عقب التوكيل مباشرة إذا كان التوكيل قد حصل بعد انقضاء الميعاد. قبول الاستئناف في الحالتين ما دام عذر المتهم قائماً.

(المادتان 177 و178 تحقيق)

إن القانون لم يوجب على المتهم أن يوكل عنه محامياً أو غيره في استئناف الحكم الصادر عليه، بل إنه أعطى حق الاستئناف للمتهم يستعمله بنفسه أو بواسطة وكيل عنه إذا شاء. ولهذا فإنه إذا أثبت أنه لم يستطع لعذر مقبول الذهاب إلى قلم الكتاب ليقرّر فيه بالاستئناف فلا تصح محاسبته على أساس أنه كان ينبغي عليه قبل فوات الميعاد أن يوكل من يعهد إليه بالاستئناف نيابة عنه، بل يتعين في هذه الحالة - ما دام العذر الذي استحال معه الذهاب إلى قلم الكتاب قائماً - قبول الاستئناف منه متى كان قد حصل على إثر زوال العذر مباشرة، وإذن فإذا ما اعترى المتهم عذر منعه عن الذهاب إلى قلم الكتاب ليقرّر بالاستئناف، فوكل عنه محامياً في ذلك، فإن تأخر المحامي عن التقرير بالاستئناف إلى ما بعد فوات الميعاد، أو عدم تقريره به عقب توكيله مباشرة إذا كان الميعاد قد انقضى قبل ذلك، لا يصح اعتبار أيهما كأنه حاصل من الموكل، وذلك ما دام عذر الموكل قائماً بالفعل؛ إذ الغرض من التوكيل إنما هو مجرّد التقرير بالاستئناف نيابة عن الموكل، ولذلك لا يصح أن يكون له أثر فيما للموكل من الحق في امتداد ميعاد الاستئناف بالنسبة له حتى يزول عذره.


المحكمة

وحيث إن حاصل وجوه الطعن أن المحكمة الاستئنافية إذ قضت بعدم قبول الاستئناف المرفوع من الطاعن شكلاً قد خالفت القانون. وذلك لأنه كان مريضاً ولم يستطع الانتقال من بلده للتقرير بالاستئناف في قلم كتاب المحكمة، وأن عذره هذا قد ثبت لدى المحكمة بالشهادة الطبية التي قدّمت إليها ولكنها رفضته بمقولة إن المرض لم يكن من شأنه أن يضعف إدراك المريض ويجعله في حالة غيبوبة، وإنه حرّر الفعل توكيلاً لمحاميه في يوم 4 فبراير سنة 1941 ومع ذلك فالاستئناف لم يحصل إلا في يوم 12 من ذلك الشهر وكان الواجب حصوله في اليوم التالي للتوكيل على الأكثر، مع أنه ليس في القانون ما يوجب أن يكون الاستئناف في اليوم التالي لتحرير التوكيل، ومع أن الطاعن كما لم يستطع لمرضه أن يذهب لقلم الكتاب ليقرّر بالاستئناف لم يستطع أن يوصل التوكيل الذي حرر وصدّق عليه في بلدته إلى المحامي الموكل بمحل عمله في الوقت المناسب.
وحيث إن واقعة الحال في الدعوى أن الطاعن استأنف الحكم الصادر عليه ابتدائياً بالعقوبة، والمحكمة الاستئنافية قضت بعدم قبول استئنافه شكلاً. وقالت في ذلك "إنه قضى غيابياً بجلسة 24 أكتوبر سنة 1940 بحبس المتهم ثلاثة شهور شغل وكفالة 500 قرش وعارض المتهم في هذا الحكم الغيابي، وبجلسة المعارضة حكم باعتبار المعارضة كأنها لم تكن والمصاريف. وذلك بتاريخ 23 يناير سنة 1941 ولم يستأنف المتهم إلا في 12 فبراير سنة 1941 فيكون الاستئناف مرفوعاً بعد الميعاد. وحيث أن النيابة طلبت عدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد فيتعين تأييد طلبها". وفي المعارضة تمسك بأنه كان مريضاً وبأن في القضية شهادة بمرضه تثبت عدم إمكانه أن يتحرّك، فحكمت المحكمة في المعارضة برفضها وذكرت "أن حكم اعتبار المعارضة كأنها لم تكن صدر بتاريخ 23 يناير سنة 1941 ولم يستأنف المتهم هذا الحكم سوى في يوم 12 فبراير سنة 1941 فيكون استئنافه غير مقبول شكلاً لتقديمه بعد الميعاد القانوني. وحيث إن عذر المرض الذي أبداه المتهم تراه المحكمة غير مقبول أيضاً إذ كان في مقدوره أن يستأنف في الميعاد بمقتضى توكيل كما فعل أخيراً، لأن مرضه لم يكن من شأنه أن يضعف إدراكه أو يجعله في حالة غيبوبة، وأكثر من هذا فإن التوكيل وإن عمل في يوم 4 فبراير سنة 1941 إلا أن التقرير بالاستئناف تم في يوم 12 فبراير سنة 1941 أي بعد ثمانية أيام وكان الواجب حصوله في اليوم التالي لتاريخ تحرير هذا التوكيل على الأكثر".
وحيث إن القانون لم يوجب في استئناف المتهم للحكم الصادر عليه أن يكون ذلك بواسطة محامٍ أو وكيل آخر، بل إنه أعطى هذا الحق للمتهم يستعمله بنفسه وإن شاء فبواسطة وكيل عنه. ولذلك لا يصح محاسبة المتهم الذي يثبت أن عذراً مقبولاً لم يمكنه من الذهاب إلى قلم الكتاب ليقرّر فيه بالاستئناف - لا يصح محاسبته على أساس أنه كان ينبغي عليه قبل فوات الميعاد أن يوكل من يعهد إليه بالاستئناف نيابة عنه ما دام ذلك لم يكن واجباً عليه بمقتضى أي نص بالقانون. ويتعين في هذه الحالة - ما دام العذر استحال معه الذهاب إلى قلم الكتاب قائماً - قبول الاستئناف من المتهم بشرط أن يكون قد حصل على إثر زوال العذر مباشرة.
وحيث إنه إذا اعترى المتهم عذر منعه من الذهاب بنفسه إلى قلم الكتاب ليقرّر باستئناف الحكم الصادر بإدانته فوكل محامياً ليطعن بالنيابة عنه فلا يترتب على ذلك اعتبار تأخير المحامي في رفع الاستئناف حتى فوات ميعاده أو مضي مدّة غير قصيرة على التوكيل كأنه حاصل من موكله بلا عذر إذا كان عذر الموكل لا زال قائماً بالفعل، لأن التوكيل لم يقصد به إلا مجرّد التقرير بالاستئناف بالنيابة عن الموكل، ولم يكن الغرض منه تقصير المدّة المقرّرة له ليرفع استئنافه فيها ممتدة حتى يزول عنه عذره.
وحيث إنه متى تقرّر ذلك يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في قضائه بعدم قبول استئناف الطاعن شكلاً. ذلك لأنه إن صح أن المحكوم عليه كان مريضاً لا يستطيع أن يذهب بنفسه على قلم الكتاب ليقرّر بالاستئناف فإن ميعاد الاستئناف يمتد بالنسبة له حتى يزول العذر، ولا يجوز أن يحتج عليه بأنه كان في مقدوره أن يوكل من يرفع الاستئناف عنه في الميعاد القانوني أو أن من وكله ليستأنف عنه أثناء مرضه لم يقرّر بالاستئناف في الوقت المناسب.
وحيث إنه لذلك يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.