أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1062

جلسة أول يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد. وعلي عبد الرحمن.

(166)
الطعن رقم 243 لسنة 37 القضائية

( أ ) عقد. "تفسير العقد". محكمة الموضوع. "سلطتها في تفسير العقد". حكم. "عيوب التدليل. ما لا يعد خطأ في الإسناد". مقاولة.
سلطة محكمة الموضوع في تحصيل المعنى الذي قصده المتعاقدان من عبارات العقد مستهدية بالظروف التي أحاطت بها. انتهاء الحكم إلى أن عقد المقاولة لا يتضمن شرطاً بإعفاء رب العمل من التزامه بتمكين المقاول من إنجاز العمل بما يتطلبه ذلك من الحصول على رخصة البناء والتراخيص اللازمة للمضي في تنفيذه. عدم تمسك رب العمل أمام محكمة الموضوع بأنه وكل المقاول في استخراج الرخصة اللازمة لبناء باقي الأدوار. قضاء الحكم بمسئولية رب العمل عن توقف العمل نتيجة عدم استخراج هذه الرخصة. لا مخالفة للقانون ولا خطأ في الإسناد.
(ب) مقاولة. "التزامات رب العمل". عقد.
رب العمل في عقد المقاولة. تأخره في الحصول على التراخيص اللازمة لبدء العمل والمضي في تنفيذه. إخلال بالتزامه التعاقدي. موجب لمسئوليته إلا أن يثبت قيام السبب الأجنبي الذي لا يد له فيه.
(ج) التزام. "الإعذار". "حكم. عيوب التدليل. ما لا يعد قصوراً". مقاولة.
لا ضرورة للإعذار بنص المادة 220 مدني إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير ممكن أو غير مجد بفعل المدين. انتهاء الحكم إلى إخلال رب العمل - في عقد المقاولة - بالتزامه من جراء تأخره في الحصول على رخصة البناء في الوقت المناسب. عدم وجوب الإعذار في هذه الحالة، قضاء الحكم بالتعويض للمقاول دون الرد على ما دفع به رب العمل من ضرورة إعذاره. لا قصور.
1 - لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل المعنى الذي قصده المتعاقدان من عبارات العقد مستهدية بالظروف التي أحاطت بها. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن نطاق البند التاسع من قائمة الشروط الملحقة بعقد المقاولة على مواجهة حالة تغير الفئات والأثمان المتفق عليها، ولا يتضمن شرطاً بإعفاء رب العمل من التزاماته الناشئة عن العقد، ومنها التزامه بتمكين المقاول من إنجاز العمل، وهو يفرض عليه الحصول على رخصة البناء في العمل، كما يفرض عليه الحصول على التراخيص اللازمة للمضي في تنفيذه، وكان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأنه وكل المقاول أو أنابه عنه في استخراج الرخصة اللازمة لبناء باقي الأدوار، فإن الحكم المطعون فيه إذ رتب مسئولية الطاعن عن توقف العمل نتيجة عدم استخراج هذه الرخصة لا يكون قد خالف القانون أو شابه خطأ في الإسناد.
2 - تأخر الطاعن - رب العمل في عقد المقاولة - في الحصول على التراخيص اللازمة لبدء العمل والمضي في تنفيذه حتى يتم إنجازه هو إخلال بالتزامه التعاقدي، ومن ثم يعتبر في ذاته خطأ موجباً للمسئولية لا يدرؤها عنه إلا إثبات قيام السبب الأجنبي الذي لا يد له فيه.
3 - متى كان الحكم قد انتهى إلى إخلال الطاعن - رب العمل في عقد المقاولة - بالتزامه من جراء تأخره في الحصول على رخصة البناء في الوقت المناسب، فإن إعذاره لا يكون واجباً على الدائن بعد فوات هذا الوقت، إذ لا ضرورة للإعذار بنص المادة 220 من القانون المدني إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين. وإذ كان الحكم قد قضى بالتعويض المستحق للمطعون عليه دون أن يرد على ما تمسك به الطاعن في دفاعه من ضرورة إعذاره في هذه الحالة، فإنه لا يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المهندس كمال زكي أقام الدعوى رقم 818 سنة 1961 كلي القاهرة ضد ولسن إسحق جيد طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1615 ج و82 م والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال بياناً للدعوى إنه بموجب عقد مؤرخ 15/ 3/ 1959 عهد إليه المدعى عليه ببناء عمارة من تسعة أدوار بشارع ذهني رقم 14 قسم الظاهر بمدينة القاهرة طبقاً للرسومات والمواصفات وبالفئات والأثمان المتفق عليها في قائمة الشروط الملحقة بالعقد وفي مدة سبعة أشهر من تاريخ توقيعه، على أن يكون ملزماً بدفع خمسة جنيهات غرامة عن كل يوم من أيام التأخير، وتعهد المدعى عليه بتقديم المواد اللازمة للبناء ولأعمال الخرسانة بطريقة تضمن سير العمل دون توقف، فإذا تأخر في التسليم احتسبت مدة التأخير وأضيفت إلى المدة اللازمة لإنهاء الأعمال والتزم بدفع غرامة التأخير، وإنه قام بتنفيذ عقد المقاولة رغم أن المدعى عليه تراخى في تسليم الأرض، وأجرى أثناء التنفيذ تعديلات في الرسوم وتأخر في تسليم أعمدة الحديد، وفي توريد الطوب ولم يحصل على رخصة بالبناء فيما يزيد على أربعة أدوار، وقد أمره مهندس التنظيم بإيقاف العمل بعد أن رمى الخرسانة بسقف الدور الخامس، وظل العمل موقوفاً أربعة أشهر وعشرة أيام حتى حصل المدعى عليه على الرخصة فأخذ في إتمام البناء، إلا أن المدعى عليه طلب تعديلات في غرفة المصعد بعد إقامتها حسب الرسومات، مما أدى إلى تكسير المباني والأسقف وإضافة كمرات بعد صب الخرسانة، وتوقف العمل أكثر من مرة بسبب تعديله في الرسومات وتأخيره في تركيب أدوات النجارة، ثم امتنع عن الوفاء بالمستحق من قيمة الأعمال حسب النسب المتفق عليها، الأمر الذي دعاه إلى التوقف عن العمل، وإذ بلغ المستحق عن باقي أعماله 382 ج و82 م حسبما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى رقم 5740 سنة 1960 مستعجل القاهرة لإثبات الحالة، وأوقف العمل مدة 233 يوماً، وكان يستحق عن كل يوم منها خمسة جنيهات غرامة التأخير إعمالاً لشروط القائمة الملحقة بالعقد فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته. وأقام المدعى عليه دعوى فرعية طلب فيها الحكم بإلزام المدعى بأن يدفع له مبلغ 500 ج كتعويض عن حرمانه من الانتفاع بالعمارة بسبب التأخير في أعمال البناء، وبتاريخ 22/ 1/ 1962 حكمت المحكمة بندب خبير لمعاينة العقار موضوع عقد المقاولة وبيان الأعمال التي قام بها المدعي وتقدير قيمتها وفقاً للعقد والشروط الملحقة به وإجراء الحساب بين الطرفين وبيان ما إذا كان المدعي قد تأخر في تسليم العمل وسبب التأخير والأضرار التي أصابت رب العمل من جراء هذا التأخير، وبعد أن باشر الخبير المأمورية وقدم تقريره اعترض الطرفان على هذا التقرير، وبتاريخ 30/ 12/ 1963 حكمت المحكمة بإعادة المأمورية للخبير لفحص هذه الاعتراضات، وبعد أن قدم الخبير ملحق التقرير عادت وبتاريخ 21 مارس سنة 1966 فحكمت في موضوع الدعوى الأصلية بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعي مبلغ 945 ج و282 م والمصروفات المناسبة، وفي الدعوى الفرعية برفضها وألزمت رافعها بمصروفاتها، واستأنف ولسن إسحق هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه ورفض الدعوى الأصلية، والحكم له بطلباته في الدعوى الفرعية، وقيد هذا الاستئناف برقم 739 سنة 83 قضائية، وبتاريخ 2 مارس سنة 1967 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع (أولاً) في الدعوى الأصلية برفض الاستئناف موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصروفات ومبلغ ثلاثمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة (ثانياً) في الدعوى الفرعية بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليه (المقاول) بأن يدفع للمستأنف مبلغ 164 ج والمصروفات المناسبة وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة، وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه رفض الطعن وصممت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته في مذكرتها، وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه قضى للمطعون عليه بالتعويض مستنداً في ذلك إلى أن التزام الطاعن في عقد المقاولة بتمكين المقاول من إنجاز العمل يتضمن التزامه بالحصول على الرخصة اللازمة للبدء في عمل البناء أو مواصلته، وأن الشروط الملحقة بالعقد لا تجعل هذا الالتزام على عاتق المقاول وإنما تواجه حالة تغير الأثمان والفئات المتفق عليها، كما أنها لا تنطوي على إعفائه من المسئولية المترتبة على تأخيره في تنفيذ هذا الالتزام، وهو من الحكم مخالفة للقانون في الإسناد، ذلك أن عقد المقاولة لا ينص على مسئولية المالك بالتعويض في حالة تأخيره عن تقديم الرخصة ببناء الأدوار، وإنما ينص البند التاسع من الشروط الملحقة بالعقد على مسئولية المقاول وحده في جميع الظروف والملابسات عن مواجهة كل الصعوبات مهما كان نوعها منظورة كانت أو غير منظورة، وهو نص صريح في إعفاء المالك من المسئولية عن التأخير في استخراج تراخيص البناء، وهذا الاتفاق على الإعفاء صحيح إلا إذا وقع غش أو خطأ جسيم عملاً بنص المادة 217 من التقنين المدني، ولم يتحدث الحكم عن وقوع غش أو خطأ جسيم من جانب الطاعن، ولا يغني عن ذلك حديثه عن التوازن الاقتصادي المشار إليه بالفقرة الأخيرة من المادة 658 من التقنين المدني، لأن هذه الفقرة إنما تجيز للقاضي زيادة الأجر أو فسخ العقد إذا انهار التوازن الاقتصادي بين التزامات رب العمل والمقاول بسبب حوادث استثنائية عامة، ولا يجيز للقاضي إضافة نص إلى العقد بإلزام المالك بالتعويض إذا تأخر في استخراج الرخصة، فضلاً عن أن هذا التأخير أمر متوقع، وكان المقاول يعلم بأن الترخيص ببناء باقي الأدوار سوف يستخرج أثناء العمل، وكان عليه أن يتخذ الإجراءات لاستصداره، وقد أجاز نص المادة الثالثة من القانون رقم 656 لسنة 1954 أن يقدم طلب الحصول على الترخيص من المالك أو من ينوب عنه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الثابت بعقد المقاولة المودع بملف الطعن أن المطعون عليه تعهد بأن ينهي الأعمال المبينة بهذا العقد في المدة المحددة فيه وطبقاً للرسومات والمواصفات الموقع عليها من الطرفين وحسب الفئات المنصوص عليها في قائمة الشروط الملحقة به، وتضمن البند التاسع منها النص على أن المقاول "قام بجميع الأعمال اللازمة بنفسه وتحت مسئوليته لتحدي جميع الظروف والملابسات التي تحيط بالأعمال موضوع هذا العقد، وهو وحده المسئول عن مواجهة كل الصعوبات والطوارئ التي تصادفه مهما كان نوعها سواء كانت منظورة أو غير منظورة وليس له الحق في المطالبة بفئات أو أثمان أزيد مما هو متفق عليه "... وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه على قوله "إن التفسير الصحيح لعقد المقاولة المعروض أن تأخر المالك في تقديم الأدوات اللازمة للعمل لا يمكن أن يستتبع إلزام المقاول بذات المدة المحددة لإنهائه" وأن "التزام رب العمل بتمكين المقاول من إنجاز العمل يتضمن أيضاً أنه إذا كان المقاول في حاجة إلى رخصة للبناء للبدء في العمل أو لمواصلته فإن من الواجب المحتم على رب العمل أن يحصل له عليها في الميعاد المناسب حتى لا يتأخر العمل، وكذلك الحكم في جميع الترخيصات الإدارية التي يكون العمل في حاجة إليها، ولا يمكن تفسير البند التاسع من الشروط الملحقة بالعقد بأن استخراج التراخيص قد أصبح بمقتضاه على عاتق المقاول فضلاً عن أن ذلك ينم على قلب للأوضاع وتكليف بغير مستطاع، فإن عجز ذلك البند يفيد أن نطاقه قاصر على مواجهة حالة تغير الفئات والأثمان المتفق عليها في معنى المادتين 657 و658 من التقنين المدني، ولعل مصداق ذلك ما أورده البند الثالث من الشروط الملحقة بالعقد من أن على المقاول أن يراعى في تنفيذ الأعمال القوانين الحكومية ولوائح البلدية والتنظيم وليس ثمت شك في أن استخراج التراخيص من بينهما" وما قرره الحكم من ذلك هو تفسير للبند التاسع من قائمة الشروط الملحقة بالعقد لا يخالف الثابت بعبارات هذا البند ولا يخرج عن المعنى الذي يحتمله، ولا يغير من ذلك ورود بعض عبارات يبدو ظاهرها متعارضاً مع تفسيره إذ العبرة بما تفيده عبارات العقد في جملتها لا بما تفيده عبارة بعينها منها، ولمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل المعنى الذي قصده المتعاقدان من هذه العبارات مستهدية بالظروف التي أحاطت بها، إذ كان ذلك وكان الحكم قد انتهى إلى أن نطاق البند التاسع من قائمة الشروط يقتصر على مواجهة حالة تغير الفئات والأثمان المتفق عليها، ولا يتضمن شرطاً بإعفاء رب العمل من التزاماته الناشئة عن العقد وكان التزامه بتمكين المقاول من إنجاز العمل يفرض عليه الحصول على رخصة البناء للبدء في العمل، كما يفرض عليه الحصول على التراخيص اللازمة للمضي في تنفيذه وكان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بأنه وكل المقاول أو أنابه عنه في استخراج الرخصة اللازمة لبناء باقي الأدوار، فإن الحكم إذ رتب مسئولية الطاعن عن توقف العمل نتيجة عدم استخراج هذه الرخصة لا يكون قد خالف القانون أو شابه خطأ في الإسناد.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعن بالتعويض مستنداً في ذلك إلى ما أورده الخبير المنتدب في تقريره من أن المقاول توقف عن العمل مدة أربعة شهور وثلاثة أسابيع من جراء تأخر المالك في استخراج الرخصة، وهو من الحكم خطأ في تطبيق القانون وقصور من وجوه (أولها) أن الطاعن تمسك في اعتراضه على تقرير الخبير وفي صحيفة استئنافه بأن العمل لم يتوقف بسبب استصدار التراخيص وأن المقاول قام بأعمال الخرسانة المسلحة عن باقي الأدوار وحرر مستخلصه عن كل دور قبل الحصول على الترخيص به، إلا أن الخبير لم يحقق هذا الاعتراض واعتمد الحكم على هذا التقرير دون أن يواجه دفاع الطاعن. (وثانيها) أن الحكم نسب إلى الطاعن الخطأ في استصدار الترخيص بالبناء دون أن يبحث تاريخ تقديم طلبات الترخيص وما صادفها من عقبات، كما أن الحكم اكتفى في بيان ركن الضرر بالأخذ بتقرير الخبير رغم أنه جاء خالياً من الدليل على وقوع الضرر بالفعل، فضلاً عن أن الحكم أورد بأسبابه أن المقاول كان يستطيع مع تأخير التراخيص إنجاز الأعمال قبل نهاية الميعاد المتفق عليه بأسبوع. (ثالثها) أن الحكم أغفل الرد على ما تمسك به الطاعن في دفاعه من أن المقاول لم يقم بإعذاره قبل ترك العمل وقبل رفع الدعوى فلا يستحق التعويض وفقاً لنص المادة 218 من التقنين المدني.
وحيث إن هذا النعي في (الوجه الأول) منه مردود بأن الثابت بملحق تقرير الخبير المودعة صورته الرسمية بملف الطعن أن الرخصة ببناء الدور الأرضي والأدوار الأربعة من فوقه قد صدرت بتاريخ 30/ 9/ 1958 وأن المقاول بدأ العمل من تاريخ التعاقد في 15/ 3/ 1959 حتى رمى الخرسانة لسقف الدور الخامس الذي قدم مستخلصه بتاريخ 15/ 7/ 1959، ولم يكن مصرحاً بالعمل فوق الدور الرابع، وقد أوقف المقاول عن العمل من هذا التاريخ حتى صدر الترخيص عن الدورين الخامس والسادس بتاريخ 23/ 12/ 1959، وأن المستخلصات الخاصة بالعمل في هذه الفترة عن أعمال البياض في داخل الأدوار الصادر عنها الترخيص الأول ولا تدخل ضمن الترخيص الصادر في 23/ 12/ 1959 ولو أن الرخص كانت جاهزة لما توقف العمل في الخرسانة المسلحة ولما تعطلت الأخشاب في تلك الفترة. وإذ كان الثابت بالرجوع إلى المستخلصات المودعة بملف الطعن أنه حرر عن الدور السادس المستخلص المؤرخ 15/ 7/ 1959 وعن الدور السابع المستخلص المؤرخ 23/ 12/ 1959، وهما الدوران الخامس والسادس فوق الدور الأرضي والصادر الترخيص عنهما بعد توقف العمل، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه على هذا التقرير واطمأن إلى أسبابه التي تحمل الرد على دفاع الطاعن، فإن لا يكون مشوباً بالقصور. والنعي في (الوجه الثاني) مردود بأن تأخر الطاعن في الحصول على التراخيص اللازمة لبدء العمل والمضي في تنفيذه حتى يتم إنجازه هو إخلال بالتزامه التعاقدي على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول، فيعتبر في ذاته خطأ موجباً للمسئولية لا يدرؤها عنه إلا إثبات قيام السبب الأجنبي الذي لا يد له فيه، وإذ كان الثابت بتقرير الخبير الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أن المقاول توقف عن العمل لسبب عدم استخراج الرخصة بعد أن رمى الخرسانة لسقف الدور الخامس، وأنه لم ينتفع بأخشابه الخاصة بأعمال الخرسانة المسلحة فترة التوقف لمدة 161 يوماً، وكان ما أورده الحكم عن مدة العمل بصدد الدعوى الفرعية لا ينصرف إلى مدة التوقف ولا ينفي وقوع الضرر الذي حدث بخطأ الطاعن، فإن الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ومردود في (الوجه الثالث) بأن الحكم وقد انتهى إلى إخلال الطاعن بالتزامه من جراء تأخره في الحصول على الرخصة في الوقت المناسب فإن إعذاره لا يكون واجباً على الدائن بعد فوات هذا الوقت ووقوع الضرر، إذ لا ضرورة للإعذار بنص المادة 220 من التقنين المدني إذا أصبح تنفيذ الالتزام غير مجد بفعل المدين، وإذ كان الحكم قد قضى بالتعويض المستحق للمطعون عليه دون أن يرد ما تمسك به الطاعن في دفاعه من ضرورة إعذاره في هذه الحالة فإنه لا يكون مشوباً بالقصور.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه قضى في دعوى الطاعن الفرعية بمبلغ 164 ج باعتباره مقابل الضرر الذي لحقه من فرق التكاليف التي تحملها في اتفاقه مع مقاول جديد على استكمال الأعمال الناقصة التي تركها المطعون عليه دون تنفيذ، وهو من الحكم قصور في التسبيب، ذلك أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن المطعون عليه توقف عن العمل بغير مبرر منذ 3/ 1/ 1960 وأن الأعمال الناقضة لم تتم إلا في 15/ 10/ 1960 فتستحق عليه غرامة التأخير بواقع خمسة جنيهات عن كل يوم، إلا أن الحكم لم يواجه هذا الدفاع وأسقط من حسابه أن الطاعن لم يكن يستطيع أن يستكمل الأعمال الناقصة قبل أن يباشر الخبير مأموريته في دعوى إثبات الحالة التي اضطر لرفعها بسب توقف المقاول عن العمل بغير حق.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه يبين من الرجوع إلى الحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى إلى أن المقاول توقف عن إتمام العمل ووجه إلى الطاعن إنذاراً بتاريخ 14/ 6/ 1960 بأنه لن ينفذ العمل أقام قضاءه في الدعوى الفرعية بطلب التعويض على قوله "إن خبير دعوى إثبات الحالة قد قدر قيمة الأعمال الناقصة بمبلغ 146 ج و60 م بينما كلفت المالك عند تعاقده مع المقاول الجديد مبلغ 310 ج، فكأن المالك قد تحمل الفرق وهو مبلغ 164 ج فحسب وهذا يمثل ما لحق المالك من خسارة حقيقية واقعة. أما عن محاولة المالك اعتبار أن المقاول قد تأخر مدى مائة وستة عشر يوماً حتى تعاقد مع المقاول الجديد وطلب تطبيقه البند العاشر فواضح أنه كان من حق المالك إتمام الأعمال الناقصة فور وصول الإنذار إليه من المقاول" وأن "الأعمال التي لم تتم كانت قاصرة على بياض السلم والواجهة الخارجية ولم يكن من شأنها إعاقة السكن في العمارة واستغلالها" وما قرره الحكم من ذلك يفيد أن مدة التأخير في استكمال الأعمال الناقصة إنما ترجع لفعل المالك، فلا محل لأعمال حكم الشرط الجزائي ويكون لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير التعويض، وهو ما يتضمن الرد الكافي على دفاع الطاعن، ومن ثم يكون النعي على الحكم بالقصور على غير أساس.