مجموعة القواعد القانونية التي قررتها محكمة النقض والإبرام في المواد الجنائية
وضعها محمود أحمد عمر باشكاتب محكمة النقض والإبرام
الجزء الخامس (عن المدة من 6 نوفمبر سنة 1939 لغاية 26 أكتوبر سنة 1942) - صـ 629

جلسة 23 مارس سنة 1942

برياسة سعادة مصطفى محمد باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات: محمد كامل الرشيدي بك وسيد مصطفى بك وحسن زكي محمد بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

(367)
القضية رقم 501 سنة 12 القضائية

( أ ) قذف وسب بالكتابة. العلانية في هذه الجريمة. كيف تتحقق؟ توزيع الكتابة بغير تمييز على عدد من الناس. قصد الإذاعة. صورة واقعة. مذكرة في دعوى تحوي قذفاً وسباً.
(ب) استنباط العلانية من وقائع الدعوى. سلطة محكمة الموضوع في ذلك. متى تتدخل محكمة النقض؟

(المادة 148 ع = 171)

(جـ) سب وقذف في مذكرة مقدّمة في دعوى. مناط المسئولية عنه. كونه يستلزمه الدفاع أولاً. وجوب بحث ذلك وبيانه في الحكم.

(المادة 266 ع = 309)

(د) حكم. تسبيبه. رفض الدعوى المدنية المقامة من المدّعي على المتهم لتكافؤهما في القذف. عدم بيان ما وقع من المدّعي من عدوان وظروفه. قصور مبطل.
1 - العلانية في جريمتي القذف والسب المنصوص عليهما في المادة 171 من قانون العقوبات يشترط لها توافر عنصرين: توزيع الكتابة المتضمنة لعبارات القذف والسب على عدد من الناس بغير تمييز، وانتواء المتهم إذاعة ما هو مكتوب. ولا يجب أن يكون التوزيع بالغاً حدّاً معيناً، بل يكفي أن يكون المكتوب قد وصل إلى عدد من الناس، ولو كان قليلاً، سواء أكان ذلك عن طريق تداول نسخة واحدة منه أم بوصول عدّة صور ما دام ذلك لم يكن إلا بفعل المتهم أو كان نتيجة حتمية لعمله لا يتصوّر أنه كان يجهلها. فإذا كانت المحكمة قد أثبتت في حكمها بالإدانة أن المذكرة التي يحاكم من أجلها المتهم (وهو محامٍ) لما حوته من عبارات القذف والسب قد كتبت بالآلة الكاتبة من ثلاث نسخ بقيت إحداها بدوسيه المحامي عن المتهم وسلمت الثانية لمحامي المدّعين بالحق المدني وقدّمت الثالثة لهيئة المحامين لتودع ملف القضية، فهذا يدل على أن المذكرة قد اطلع عليها المحامي عن المقذوف في حقه وهيئة المحكمة وكاتب الجلسة أيضاً بحكم وظيفته. والمتهم بوصفه محامياً - كما ذكر الحكم - لم يكن يجهل تداول المذكرة بين الموظفين المختصين بالمحكمة كنتيجة حتمية للإيداع الذي يستدعي بالضرورة اطلاعهم عليها. وبهذا كله تتوافر العلانية في جريمتي القذف والسب كما عرفها القانون، لتداول المذكرة بين محامي المقذوف في حقه وهيئة المحكمة وغيرهم ممن تقتضي طبيعة عملهم أن يطلعوا عليها، ولثبوت قصد الإذاعة لدى المتهم ووقوع الإذاعة بفعله.
2 - إنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقدّر وقائع دعوى القذف والسب المطروحة عليها وتتعرّف توافر العلانية فيها أو عدم توافرها إلا أنها إذا استنتجت نتيجة من مقدمات لا تؤدّي إلى ما انتهت إليه فيكون لمحكمة النقض أن تراجعها في ذلك.
3 - إذا كان ما وقع من المتهم من قذف أو سب قد استلزمه حقه في الدفاع أمام المحكمة عند نظر الدعوى فإنه لا يكون مسئولاً عنه طبقاً للمادة 309 من قانون العقوبات. أما إذا كان قد خرج في ذلك عما يقتضيه المقام فإنه يكون قد تجاوز حقه وتجب مساءلته مدنياً عما وقع منه. ولذلك فإنه يجب على المحكمة في هذا النوع من القذف أن تعرض في حكمها لبحثه من هذه الناحية وإلا كان حكمها مشوباً بالقصور.
4 - إذا كانت المحكمة قد رفضت دعوى التعويض المرفوعة من المدّعي بالحق المدني على المتهم بمقولة تكافئهما في السيئات قائلة إن المتهم لم يقدّم المذكرة المحتوية للقذف إلا بعد أن استفزه المدّعي، وإنه لم يورد عبارات القذف والسب فيها إلا رداً على ما بدأه به من عدوان ولو أن بعض هذا العدوان ليس معاصراً لتلك المذكرة، وذلك دون أن تبين ماهية هذا العدوان ولا ظروفه، فإنها تكون قد قصرت في إيراد الأسباب التي أقامت عليها حكمها. إذ هذا القصور لا يستطاع معه مراقبتها في استخلاص انتفاء مسئولية المتهم هل كان من عناصر واقعية تؤدّي إليه أو لا؟