أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1081

جلسة 8 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وعثمان زكريا، ومحمد سيد أحمد حماد.

(169)
الطعن رقم 357 لسنة 37 القضائية

( أ ) نزع الملكية للمنفعة العامة. "الطعن في قرار اللجنة". حكم. "بطلان الحكم". اختصاص. "اختصاص ولائي". بطلان.
لجنة المعارضات التي أنشأها القانون 577 لسنة 1954 هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي. الطعن في قراراتها أمام المحكمة الابتدائية ليس استئنافاً. هو طعن من نوع خاص تحكم فيه المحكمة وفق إجراءات وأحكام موضوعية محددة في القانون المذكور. صدور الحكم في الطعن من المحكمة الابتدائية المشكلة من قاض واحد طبقاً للمادة الثانية من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959. لا بطلان.
(ب) نزع الملكية للمنفعة العامة. "انتهائية الأحكام الصادرة بشأنها". استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها". حكم. بطلان.
الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية في الطعن في قرار لجنة الفصل في معارضات نزع الملكية غير قابل للطعن ما دام قد صدر في حدود النطاق الذي رسمه القانون 577 لسنة 1954.
قضاء الحكم المطعون فيه بجواز استئناف هذا الحكم وبطلانه لصدوره من محكمة ابتدائية مشكلة وقتئذٍ من قاض واحد. خطأ.
1 - اللجنة التي أنشأها القانون رقم 577 لسنة 1954 للفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات عن نزع الملكية للمنفعة العامة وإن كانت بحكم تشكيلها تعتبر هيئة إدارية، إلا أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(1)] - قد خولها اختصاصاً قضائياً معيناً حين ناط بها الفصل في الخلاف الذي يقوم بين المصلحة وبين ذوى الشأن على التعويضات المقررة لهم عن نزع الملكية، وهذا الفصل يعتبر فصلاً في خصومة، والطعن في قرارات هذه اللجنة أمام المحكمة الابتدائية ليس استئنافاً، بل هو طعن من نوع خاص في قرارات لجنة إدارية، له أوضاع متميزة، وتحكم فيه المحكمة وفق إجراءات وأحكام موضوعية محددة، هي الأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954، ولا يغير من هذا النظر أن تكون المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور قد وصفت الطعن في قرار لجنة المعارضات بأنه استئناف، ذلك أن ما يرد بالمذكرة الإيضاحية لا يصل إلى درجة التشريع، وليست له صفة الإلزام إذا ما تعارض معه. وإذ كان الطعن في قرار لجنة المعارضات أمام المحكمة الابتدائية، لا يعتبر استئنافاً، فإنه يعرض على الدائرة المنوط بها نظر الدعاوى الابتدائية، وقد كانت مشكلة من قاض واحد وقت نظر الطعن حتى الفصل فيه طبقاً للمادة الثامنة من قانون السلطة القضائية رقم 56 لسنة 1959، ومن ثم يكون الحكم الصادر في الطعن غير مشوب بالبطلان.
2 - الحكم الذي يصدر من المحكمة الابتدائية في الطعن المرفوع إليها في قرار لجنة الفصل في معارضات نزع الملكية للمنفعة العامة حكم نهائي غير قابل للطعن فيه عملاً بالمادة 14 من القانون رقم 577 لسنة 1954 ما دام قد صدر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة [(2)] - في حدود النطاق الذي رسمه لها القانون المذكور. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، وقرر بوجوب صدور الحكم في الطعن في قرار لجنة الفصل في معارضات نزع الملكية من دائرة استئنافية بالمحكمة الابتدائية مشكلة من ثلاثة قضاة، ورتب على ذلك بطلان الحكم المستأنف لصدوره من محكمة ابتدائية مشكلة وقتئذٍ من قاض واحد، وانتهى إلى جواز الاستئناف وقبوله شكلاً، وإلغاء الحكم المستأنف واعتباره كأن لم يكن وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية للفصل فيها إحدى دوائرها الاستئنافية، فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن وزارة الإسكان نزعت ملكية العقار رقم 3 بشارع فريد قسم الجمالية بالقاهرة والمملوك لورثة المرحوم إسماعيل الليثي، وقدر مجلس التثمين مبلغ 1761 ج و760 م مقابل نزع ملكية العقار للمنافع العامة، فعارض الورثة في هذا التقدير وقيدت المعارضة برقم 21 سنة 1962. وبتاريخ 12/ 6/ 1962 قررت لجنة الفصل في المعارضات بقبول المعارضة شكلاً وفي موضوعها بتعديل ثمن المتر المربع من الأرض المنزوعة ملكيتها بجعله 12 ج، فطعن الورثة في هذا القرار أمام محكمة القاهرة الابتدائية، وطلبوا الحكم بإلزام محافظ القاهرة بصفته ومدير إدارة نزع الملكية ووزير الإسكان بدفع مبلغ 13945 ج، وقيد الطعن برقم 3755 سنة 1962 محكمة القاهرة الابتدائية، كما طعنت وزارة الإسكان في ذات القرار طالبة إلغاءه وتأييد تقدير مجلس التثمين، وقيد طعنها برقم 4735 سنة 1962 محكمة القاهرة الابتدائية، وبعد أن ضمت المحكمة الطعنين حكمت بتاريخ 31/ 3/ 1964 (أولاً) في الطعن رقم 3755 سنة 1963 بعدم قبول طلب الطاعنات وارثات المرحوم إسماعيل الليثي إلزام المطعون ضدهم بدفع 13945 ج وإلزامهن بالمصروفات المناسبة (ب) بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بتعديل قرار لجنة الفصل في المعارضات الصادر في المعارضة رقم 21 سنة 1962 وذلك برفع ثمن المتر المربع من الأرض موضوع النزاع بالنسبة للجزء الخارجي البالغة مساحته 94.16 متراً مربعاً إلى مبلغ 40 ج وبرفع ثمن المتر المربع من الأرض بالنسبة للجزء الداخلي البالغة مساحته 33.64 متراً مربعاً إلى 20 ج وبرفع ثمن المتر المربع من المباني المقامة على الأرض إلى 4 ج بالنسبة لمباني الطابق الأول شاملة الأساسات وإلى مبلغ 3 ج بالنسبة لمباني كل من الطوابق الثلاثة الأخرى (وثانياً) وفي الطعن رقم 4735 سنة 1962 بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً، واستأنفت وارثات المرحوم إسماعيل الليثي هذا الحكم وطلبن قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع القضاء ببطلان الحكم المستأنف وبتقدير المنزل أرضاً وبناءً بمبلغ 13945 ج، وقيد الاستئناف برقم 1092 سنة 81 ق القاهرة، واستندت المستأنفات إلى أن الحكم المستأنف كان يتعين صدوره من دائرة استئنافية مشكلة من ثلاثة قضاة، وإذ صدر من قاض واحد فإنه يكون باطلاً ويجوز استئنافه عملاً بالمادة 396 مرافعات وبالنسبة للموضوع فإنهن ينازعن في قيمة التعويض المحكوم به، ودفعت محافظة القاهرة المستأنف عليها بعدم جواز الاستئناف لنهائية الحكم المستأنف. وبتاريخ 18/ 4/ 1967 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف الصادر في الطعن رقم 3755 سنة 1962 محكمة القاهرة الابتدائية واعتباره كأن لم يكن، وإعادة القضية إلى محكمة القاهرة الابتدائية لعرض الطعن على إحدى دوائرها الاستئنافية - وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث صمم الطاعنون على طلب نقض الحكم وطلب المطعون ضدهن رفض الطعن وصممت النيابة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن حاصل الوجهين الأول والثاني من سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه قضى ببطلان الحكم المستأنف لصدوره من قاض واحد، وأنه كان يتعين أن يصدر من هيئة استئنافية مشكلة من ثلاثة قضاة، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ المستفاد من المواد 12، 13، 14 من القانون رقم 577 سنة 1954 أن لجنة الفصل في المعارضات ليست محكمة تصدر أحكاماً إنما هي لجنة إدارية. وقد رأى المشرع على سبيل الاستثناء من القواعد العامة التي تقضي بنظر هذا الطعن أمام القضاء الإداري أن يكون الطعن في القرارات التي تصدر من اللجنة المذكورة أمام المحكمة الابتدائية، ولا يعتبر هذا الطعن استئنافاً، ومن ثم فإن المحكمة تفصل في الطعن باعتبارها محكمة أول درجة، وقد دفع الطاعنون أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم الصادر من محكمة القاهرة الابتدائية في الطعن رقم 3755 سنة 1962 نهائي طبقاً للمادة 14 ق 577 سنة 1954 التي تنص على أن يكون حكم المحكمة الابتدائية في الطعن في قرارات لجنة المعارضات نهائياً، إلا أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى جواز الاستئناف بمقولة إن الحكم شابه بطلان يجيز استئنافه عملاً بالمادة 396 مرافعات، في حين أن القانون رقم 577 سنة 1954 تشريع خاص تضمنت نصوصه قواعد تعتبر استثناءً من أحكام قانون المرافعات، ولا سبيل لإلغاء القانون الخاص إلا بتشريع خاص، ولا يستفاد ذلك من المادة 396 مرافعات.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أن اللجنة التي أنشأها القانون رقم 577 سنة 1954 للفصل في المعارضات الخاصة بالتعويضات عن نزع الملكية للمنفعة العامة وإن كانت بحكم تشكيلها تعتبر هيئة إدارية، إلا أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قد خولها اختصاصاً قضائياً معيناً حين ناط بها الفصل في الخلاف الذي يقوم بين المصلحة وبين ذوى الشأن على التعويضات المقررة لهم عن نزع الملكية، وهذا الفصل يعتبر فصلاً في خصومة، والطعن في قرارات هذه اللجنة أمام المحكمة الابتدائية ليس استئنافاً، بل هو طعن من نوع خاص في قرارات لجنة إدارية له أوضاع متميزة وتحكم فيه المحكمة وفق إجراءات وأحكام موضوعية محددة، هي الأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 577 لسنة 1954، ولا يغير من هذا النظر أن تكون المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور قد وصفت الطعن في قرار لجنة المعارضات بأنه استئناف، ذلك أن ما يرد بالمذكرة الإيضاحية لا يصل إلى درجة التشريع، وليست له صفة الإلزام إذا ما تعارض معه. وإذ كان الطعن في قرار لجنة المعارضات أمام المحكمة الابتدائية لا يعتبر استئنافاً، فإن الطعن يعرض على الدائرة المنوط بها نظر الدعاوى الابتدائية، وإذ كان تشكيلها من قاض واحد وقت نظر الطعن وحتى الفصل فيه طبقاً للمادة الثامنة من قانون السلطة القضائية رقم 56 سنة 1959، فإن الطعن يكون قد عرض على المحكمة الابتدائية مشكلة تشكيلاً سليماً، ويكون الحكم الصادر منها غير مشوب بالبطلان. إذ كان ذلك وكان الحكم الذي يصدر من المحكمة الابتدائية في الطعن المرفوع إليها في قرار لجنة الفصل في معارضات نزع الملكية للمنفعة العامة حكماً نهائياً غير قابل للطعن فيه عملاً بالمادة 14 من القانون رقم 577 سنة 1954 ما دام قد صدر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - في حدود النطاق الذي رسمه لها القانون المذكور، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقرر بوجوب صدور الحكم في الطعن في قرار لجنة الفصل في معارضات نزع الملكية من دائرة استئنافية بالمحكمة الابتدائية مشكلة من ثلاثة قضاة، ورتب على ذلك بطلان الحكم المستأنف لصدوره من محكمة ابتدائية مشكلة وقتئذٍ من قاض واحد، وانتهى إلى جواز الاستئناف وقبوله شكلاً وإلغاء الحكم المستأنف واعتباره كأن لم يكن وإعادة القضية إلى المحكمة الابتدائية للفصل فيها من إحدى دوائرها الاستئنافية فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم.


[(1)] نقض 19/ 3/ 1970 مجموعة المكتب الفني س 21 ص 497.
[(2)] نقض 19/ 3/ 1970 مجموعة المكتب الفني س 31 ص 497.