أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1087

جلسة 8 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، وعثمان زكريا، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين.

(170)
الطعن رقم 366 لسنة 37 القضائية

( أ ) حكم. "الطعن في الحكم. الأحكام غير الجائز الطعن فيها". اختصاص. "الاختصاص الولائي". استئناف. "نطاق الاستئناف". دفوع. نقض. نظام عام.
قضاء محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي. غير منه للخصومة كلاً أو بعضاً. الطعن فيه على استقلال غير جائز. استئناف الحكم الصادر من بعد برفض الدعوى يطرح النزاع برمته على محكمة الدرجة الثانية بما في ذلك الدفع بعدم الاختصاص الولائي. هذا الدفع لا يسقط في إبدائه أو التمسك به حتى لو تنازل عنه الخصوم، ويجوز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض لتعلقه بالنظام العام.
(ب) حكم. "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. عقد. "العقد الإداري" اختصاص. "الاختصاص الولائي".
القضاء - في دعوى مطالبة بإيجار - بأن العقد المبرم بين الطرفين عقد إداري - لا تختص المحاكم العادية بنظر المنازعات الناشئة عنه - عدم جواز مخالفة هذا القضاء في دعوى مطالبة بالتعويض مؤسسة على ذات العقد.
1 - إذا كان البين من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا لدى محكمة أول درجة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وقضت المحكمة في... برفض هذا الدفع، وكان هذا الحكم غير منه للخصومة كلها أو بعضها، فإن الطعن فيه يكون غير جائز. وإذ كانت المحكمة الابتدائية قد قضت في... برفض الدعوى، وكان استئناف هذا الحكم من جانب المطعون عليه يطرح النزاع برمته على محكمة الدرجة الثانية في كل ما أصدرته محكمة أول درجة من أحكام قطعية كانت أو متعلقة بالإثبات، كما يطرح عليها الدفع بعدم الاختصاص الولائي لأنه دفع متعلق بالنظام العام، ويعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع ولو لم يدفع به أمامها، فإنه لا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به لو تنازل عنه الخصوم، كما يجوز الدفع به لأول مرة لدى محكمة النقض.
2 - متى كان الأساس المشترك بين الدعويين، دعوى المطالبة بالإيجار ودعوى المطالبة بالتعويض - إيجار خيمة لإحدى الجامعات لأداء الامتحان وتعويض عن حريق الخيمة - هو العقد المبرم بين الطرفين، وكان الحكم الصادر من محكمة النقض قد حسم النزاع حول تكييف هذا العقد، وانتهى إلى أنه عقد إداري لا تختص المحاكم العادية بنظر المنازعات الناشئة عنه، فإنه ما كان يجوز للحكم المطعون فيه مخالفة هذا الأساس القانوني في أي نزاع لاحق يكون ناشئاً عنه أو مترتباً عليه ولو اختلفت الطلبات في الدعويين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن سيد محمد خضر أقام الدعوى رقم 3735 سنة 1958 كلي القاهرة ضد وزارة التعليم العالي وآخرين بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 21742 ج و620 م، وقال في صحيفتها شرحاً لها إن جامعة عين شمس أعلنت عن مناقصة لإقامة خيام وتوريد المقاعد اللازمة للجان الامتحان في المدة من 24 حتى 30 مايو سنة 1958، وإذ قبلت الجامعة بخطابها المؤرخ 10/ 5/ 1958 عطاءه الخاص بخيمة كلية الآداب وفقاً للشروط والمواصفات الموقع عليها منه بادر بإقامة الخيمة وبتوريد المقاعد المطلوبة، إلا أنه حدث في 27/ 5/ 1958 أن شب حريق أدى إلى إتلاف الخيمة ومحتوياتها مما اضطره إلى رفع الدعوى رقم 4361 سنة 1958 مستعجل القاهرة لإثبات حالة أمتعته، وإثبات الضرر الذي أصابه والذي انتهى الخبير إلى تقديره بمبلغ 8094 ج و420 م، ولما كان هذا التقدير لا يتناسب مع خسارته الحقيقية، فقد أقام هذه الدعوى للمطالبة بالتعويض الوارد بصحيفتها، ودفعت الجامعة بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى تأسيساً على أن العقد المبرم بينها وبين المدعي هو عقد إداري - يختص مجلس الدولة دون غيره بنظره طبقاً لنص المادة العاشرة من القانون رقم 165 لسنة 1955، إلا أن المحكمة قضت برفض هذا الدفع، وحددت جلسة لنظر الموضوع حيث دفعت الجامعة بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية نوعياً بنظر الدعوى إعمالاً لنص المادة 46/ هـ من قانون المرافعات السابق - وفي 30/ 9/ 1962 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع وبرفض الدعوى. استأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته، وقيد هذا الاستئناف برقم 1955 سنة 79 قضائية، وفي 25/ 4/ 1967 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف ضدهم متضامنين بأن يدفعوا للمستأنف (المطعون عليه) مبلغ عشرة آلاف جنيه - فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم، وطلب المطعون عليه الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن لرفعه عن حكم ابتدائي حاز قوة الشيء المقضى به واحتياطياً برفضه، وصممت النيابة العامة على الرأي الوارد بمذكرتها، وطلبت نقض الحكم.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن أن المحكمة الابتدائية قضت في 30/ 1/ 1960 برفض الدفع المبدى من المدعى عليهم (الطاعنين) بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وعدم إثارتهم هذا الدفع لدى محكمة الدرجة الثانية عند نظر الاستئناف المرفوع من المدعي (المطعون عليه) عن الحكم المستأنف الصادر في 30/ 9/ 1962 برفض دعواه وامتناعهم عن رفع استئناف فرعي عن الحكم الأول، مما يجعل ذلك الحكم انتهائياً لقبولهم له، فلا يجوز الطعن فيه بطريق النقض.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، إذ يبين من الأوراق أن الطاعنين تمسكوا لدى محكمة أول درجة بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، وقضت المحكمة في 30/ 1/ 1960 برفض هذا الدفع، وإذ كان هذا الحكم غير منه للخصومة كلها أو بعضها، فإن الطعن فيه يكون غير جائز. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الابتدائية قد قضت في 30/ 9/ 1962 برفض الدعوى، وكان استئناف هذا الحكم من جانب المطعون عليه يطرح النزاع برمته على محكمة الدرجة الثانية في كل ما أصدرته محكمة أول درجة من أحكام قطعية كانت أو متعلقة بإجراءات الإثبات، كما يطرح عليها الدفع بعدم الاختصاص الولائي لأنه دفع متعلق بالنظام العام يعتبر دائماً مطروحاً على محكمة الموضوع، ولو لم يدفع به أمامهما فلا يسقط الحق في إبدائه والتمسك به حتى لو تنازل عنه الخصوم، كما يجوز الدفع به لأول مرة لدى محكمة النقض ولو لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه مخالفته لحكم انتهائي سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم في ذات النزاع وحاز قوة الشيء المحكوم فيه وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه إذ قضى باختصاص المحكمة بنظر الدعوى وبإلزامهم بالتعويض المقضى به قد خالف الحكم الصادر من محكمة النقض في 11/ 11/ 1965 بين الخصوم أنفسهم والذي قضى بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر دعوى المطالبة بإيجار الخيمة المرفوعة ضدهم من المطعون عليه، استناداً إلى أن العقد المبرم بين الطرفين هو عقد إداري يختص مجلس الدولة وحده دون غيره بنظر المنازعات الناشئة عنه.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه يبين من الاطلاع على ذلك الحكم أن المطعون عليه أقام على جامعة عين شمس الدعوى رقم 1327 سنة 1959 كلي القاهرة للمطالبة بأجرة الخيام، فدفعت الجامعة بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى تأسيساً على أن العقد الذي يحكم العلاقة بين الطرفين عقد إداري، وحكمت المحكمة الابتدائية برفض هذا الدفع، وبإلزام الجامعة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 385 ج واستأنفت الجامعة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1077 سنة 77 قضائية استئناف القاهرة وأصرت على التمسك بهذا الدفع إلا أن محكمة الاستئناف قضت في 24/ 12/ 1960 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص وباختصاص المحاكم بنظر الدعوى وبخروجها عن ولاية القضاء الإداري، كما قضت بوقف الدعوى عن أجرة الخيام في الأيام من 27 - 30 مايو سنة 1958 حتى يفصل نهائياً في موضوع الدعوى رقم 3725 سنة 1958 مدني كلي القاهرة (موضوع الطعن الحالي) المرفوعة من المطعون عليه بطلب تعويضه عن الضرر الذي أصابه بسبب الحريق والدعوى رقم 958 سنة 18 ق قضاء إداري المرفوعة من الجامعة بطلب تعويضها عن منقولاتها التي حرقت داخل الخيمة، وطعنت الجامعة في ذلك الحكم بطريق النقض على أساس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه فيما قضى به من رفض الدفع بعدم الاختصاص الولائي، وقيد هذا الطعن برقم 42 سنة 31 ق، وقد انتهت محكمة النقض إلى أن العقد أساس الدعوى يعتبر عقداً إدارياً، وقضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه في الطعن الحالي قد أقام قضاءه على أن "الحكم المستأنف قد أسس رفضه الدعوى على شرط الإعفاء من الحريق الوارد بالبند السابع من شروط المناقصة وهذا الشرط وإن كان من الجائز الاتفاق عليه قانوناً كشرط من شروط التعاقد يلقى عبء المسئولية عن تحمل الخسائر الناجمة عن الحريق على عاتق المؤجر، إلا أنه في نطاق إعمال هذا الشرط يجب مراعاة ضرورة تنفيذ التعاقد بحسن نية فإذا قام شرط الإعفاء من خسائر الحريق في التعاقد بحيث يلقي عبء الخسارة على المؤجر فإنه يجب لإعمال هذا الشرط أن يقوم المستأجر بالمحافظة على العين المؤجرة والعناية بها عناية الرجل العادي" فإن المحكمة تكون قد أقامت قضاءها بمسئولية الطاعنين عن التعويض على أساس العقد، وليس على أساس المسئولية التقصيرية. لما كان ذلك وكان الأساس المشترك بين الدعويين، دعوى المطالبة بالإيجار ودعوى المطالبة بالتعويض هو العقد المبرم بين الطرفين، وكان الحكم الصادر من محكمة النقض قد حسم النزاع حول تكييف هذا العقد، وانتهى إلى أنه عقد إداري لا تختص المحاكم العادية بنظر المنازعات الناشئة عنه، فإنه ما كان يجوز للحكم المطعون فيه مخالفة هذا الأساس القانوني في أي نزاع لاحق يكون ناشئاً عنه أو مترتباً عليه ولو اختلفت الطلبات في الدعويين، مما يوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاص المحاكم العادية بنظر الدعوى.