أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1105

جلسة 13 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وأحمد ضياء الدين حنفي، ومحمود السيد عمر المصري.

(174)
الطعن رقم 392 لسنة 37 القضائية

( أ ) دعوى. "التدخل في الدعوى". استئناف. "الأحكام الجائز استئنافها.
الحكم بعدم قبول التدخل ممن يطلب لنفسه الحكم بطلب مرتبط بالدعوى. أثره. اعتبار طالب التدخل محكوماً عليه في طلب التدخل وله استئناف الحكم بعدم قبول تدخله. ولو أنه لا يعتبر خصماً في الدعوى الأصلية أو طرفاً في الحكم الصادر فيها.
(ب) التزام. "آثار الالتزام". "وسائل التنفيذ". دعوى. "بعض أنواع الدعاوى". "الدعوى البوليصية".
الدعوى البوليصية. دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنه. عدم مساس الحكم الصادر فيها بصحة العقد الصادر من المدين. بقاؤه صحيحاً وقائماً بين عاقديه.
(ج) التزام. "آثار الالتزام". "وسائل التنفيذ". دعوى. "بعض أنواع الدعاوى". "الدعوى البوليصية".
الدعوى البوليصية. دعوى شخصية. أثرها.
1 - إذا كان من شأن الحكم الابتدائي الصادر بعدم قبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى، ألا يعتبر طالب التدخل خصماً في الدعوى الأصلية أو طرفاً في الحكم الصادر فيها، إلا أنه يعتبر - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محكوماً عليه في طلب التدخل، ويكون له أن يستأنف الحكم القاضي بعدم قبول تدخله.
2 - الدعوى البوليصية ليست في حقيقتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنه، ولا يمس الحكم الصادر فيها صحة العقد الصادر من المدين، بل يظل هذا العقد صحيحاً وقائماً بين عاقديه منتجاً كافة آثاره القانونية بينهما.
3 - ليس من شأن الدعوى البوليصية المفاضلة بين العقود، بل هي دعوى شخصية لا يطالب فيها الدائن بحق عيني، ولا يؤول بمقتضاها الحق العيني إليه أو إلى مدينه، بل إنها تدخل ضمن ما يكفل به القانون حقوق الدائنين ضمن وسائل الضمان، دون أن يترتب على الحكم فيها لصالح الدائن أن تعود الملكية إلى المدين، وإنما ترجع العين فقط إلى الضمان العام للدائنين.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 854 سنة 1962 مدني كلي المنصورة ضد المطعون عليه الثالث وطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ أول ديسمبر سنة 1962 والمتضمن بيع هذا الأخير له 1 ف و2 ط أرضاً زراعية مبينة الحدود والمعالم بذلك العقد وبصحيفة الدعوى لقاء ثمن قدره 570 ج، وفي أثناء سير الدعوى طلبت المطعون عليهما الأوليان قبول تدخلهما في الدعوى والحكم برفضها واحتياطياً بإحالتها إلى التحقيق لتثبتا أن عقد البيع المتقدم الذكر صوري واستندتا في ذلك إلى أنه سبق لهما شراء ذات الأرض موضوع ذلك العقد من المطعون عليه الثالث بعقد محرر في 4 سبتمبر سنة 1955، وأنهما أقامتا عليه بموجبه الدعوى رقم 1100 سنة 1962 مدني كلي المنصورة بطلب صحته ونفاذه، وأن الطاعن طلب التدخل ضدهما في تلك الدعوى غير أن المحكمة لم تقبل تدخله وحكمت لهما بصحة ونفاذ عقدهما المشار إليه، وبتاريخ 11 من مارس سنة 1964 حكمت محكمة أول درجة في الدعوى الماثلة بعدم قبول تدخل المطعون عليهما الأوليين خصمين في الدعوى وبصحة ونفاذ عقد البيع موضوع النزاع والصادر للطاعن من المطعون عليه الثالث في أول ديسمبر سنة 1962 استأنفت المطعون عليهما الأوليان هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة بالاستئناف رقم 103 ق. دفع الطاعن بعدم جواز الاستئناف، وبتاريخ 7 من إبريل سنة 1965 حكمت المحكمة برفض هذا الدفع، ثم حكمت في 8 فبراير سنة 1966، بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول المطعون عليهما الأوليين خصمين في الدعوى، وبقبولهما وإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت هاتان الأخيرتان ادعاءهما بأن التصرف موضوع العقد الصادر من المطعون عليه الثالث للطاعن ينطوي على غش من أولهما وأن الثاني يعلم بهذا الغش، وبعد أن سمعت المحكمة شهود كل من المطعون عليهما الأوليين والطاعن حكمت في 10 مايو سنة 1967 بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم نفاذ التصرف موضوع ذلك العقد في حق المطعون عليهما الأوليين. طعن الطاعن في الحكم الصادر بتاريخ 7 من إبريل سنة 1965، وفي الحكم الصادر بتاريخ 10 مايو سنة 1967 والسابق الإشارة إليهما بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن بالنسبة للحكم الأول من الحكمين المتقدمي الذكر، وبنقض الحكم الثاني.
وحيث إن الطعن في الحكم الصادر في 7 من إبريل سنة 1965 قد أقيم على سبب واحد حاصله خطأ الحكم المطعون فيه في القانون، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه أسس دفعه بعدم جواز الاستئناف الذي أقامته المطعون عليهما الأولى والثانية على أنهما لم تكونا من الخصوم في الدعوى أمام محكمة أول درجة، وذلك بعد أن رفضت تلك المحكمة قبول تدخلهما، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع وهو ما يعيبه بالخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان من شأن الحكم الابتدائي الصادر بعدم قبول التدخل ممن يطلب الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى ألا يعتبر طالب التدخل خصماً في الدعوى الأصلية أو طرفاً في الحكم الصادر فيها إلا أنه يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محكوماً عليه في طلب التدخل، ويكون له أن يستأنف الحكم القاضي بعدم قبوله تدخله، ولما كان الحكم المطعون فيه لم يخالف هذا النظر حين قضى برفض الدفع بعدم جواز الاستئناف الذي أسسه الطاعن على أن المطعون عليهما الأوليين لم تكونا من بين الخصوم في الدعوى أمام محكمة أول درجة، بعد أن رفضت تلك المحكمة قبول تدخلهما فيها، فإن النعي عليه بالخطأ في القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم الصادر في 10 مايو سنة 1967 الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم بعد أن انتهى إلى اعتبار عقد البيع الصادر إليه من المطعون عليه الثالث غير نافذ في حق المطعون عليهما الأوليين طبقاً لأحكام المادة 237 من القانون المدني فقد قضى بإلغاء الحكم الابتدائي الذي انتهى إلى القضاء بصحة ونفاذ ذلك العقد، مع أنه ليس من مقتضى تطبيق أحكام الدعوى البوليصية على العقد المذكور سوى عدم نفاذه في حق المطعون عليهما الأوليين ويبقى صحيحاً نافذاً بين عاقديه منتجاً لكافة آثاره القانونية، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه أن المطعون عليهما الأوليين دائنتان للمطعون عليه الثالث بإلزامه بأن ينقل إليهما ملكية العين المبيعة منه لهما ورتب الحكم على ذلك أن التصرف الصادر إلى الطاعن من المطعون عليه الثالث بتاريخ أول ديسمبر سنة 1960 لا يكون نافذاً في حقهما عملاً بالمادة 237 من القانون المدني، ولما كانت الدعوى البوليصية ليست في حقيقتها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضراراً بدائنه، ولا يمس الحكم الصادر فيها صحة العقد من المدين بل يظل هذا العقد صحيحاً وقائماً بين عاقديه منتجاً كافة آثاره القانونية بينهما، وليس من شأن الدعوى البوليصية المفاضلة بين العقود، بل هي دعوى شخصية لا يطالب فيها الدائن بحق عيني ولا يؤول بمقتضاها الحق العيني إليه أو إلى مدينه، بل أنها تدخل ضمن ما يكفل به القانون حقوق الدائنين ضمن وسائل الضمان، دون أن يترتب على الحكم فيها لصالح الدائن أن تعود الملكية إلى المدين، وإنما ترجع العين فقط إلى الضمان العام للدائنين. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم الابتدائي بصحة ونفاذ العقد الصادر إلى الطاعن من المطعون عليه الثالث، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.