أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1109

جلسة 13 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ بطرس زغلول نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام، وعدلي مصطفى بغدادي، وأحمد ضياء الدين حنفي.

(175)
الطعن رقم 397 لسنة 37 القضائية

( أ ) نقض. "ميعاد الطعن". موطن.
إضافة ميعاد مسافة بين موطن الطاعنين بالنقض وبين مقر محكمة النقض التي قرروا بالطعن في قلم كتابها. علة ذلك.
(ب) نقض. "آثار نقض الحكم". شفعة. "آثار نقض حكم الشفعة". حيازة. "تملك الثمار بالحيازة". دعوى. صحيفة الدعوى".
نقض الحكم القاضي بالشفعة، يترتب عليه اعتباره كأن لم يكن وإعادة القضية والخصوم إلى ما كانت وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض. وجوب رد ما قبض أو ما تم تسلمه من مال أو عقار - الأصل والفوائد والثمار - من يوم إعلان تقرير الطعن بالنقض للحائز.
(ج) نقض. "آثار نقض الحكم". شفعة. "آثار نقض حكم الشفعة". حيازة. "تملك الثمار بالحيازة".
الحكم بعدم مساءلة الشفيع عن رد غلة الأطيان محل الشفعة رغم نقض الحكم الصادر له والقضاء بعدم أحقيته في أخذها بالشفعة. خطأ في تطبيق القانون.
1 - إذا كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين جميعاً يقيمون بناحية إبيار مركز كفر الزيات، وإذ كان من الجائز أن يكون للشخص أكثر من موطن، وكان للطاعنين أن يضيفوا ميعاد مسافة بين موطنهم التابع لمورثهم - كفر الزيات - وبين مقر محكمة النقض في القاهرة التي قرروا بالطعن في قلم كتابها لما يقتضيه هذا التقرير من حضورهم في شخص محاميهم إلى قلم كتاب هذه المحكمة. وإذ كانت المسافة من كفر الزيات إلى القاهرة تزيد على مائة كيلو متر، فإنه يتعين إضافة ميعاد مسافة يومين طبقاً لما كانت تقضي به المادة 21 من قانون المرافعات السابق الذي حصل التقرير بالطعن في ظل أحكامه إلى ميعاد الطعن.
2 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أنه يترتب على نقض الحكم القاضي بالشفعة، اعتباره كأن لم يكن، وإعادة القضية والخصوم إلى ما كانت عليه، وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض، ويقتضي ذلك سقوط جميع الآثار التي ترتبت عليه وبطلان كل ما اتخذ من أعمال وإجراءات تنفيذاً له، وبالتالي يتعين رد ما قبض أو حصل تسلمه من مال أو عقار نتيجة له، وليس يجب رد الأصل فحسب بل يجب أيضاً رد فوائد النقد وثمار العقار، وتجب هذه الثمار من يوم إعلان تقرير الطعن بالنقض إلى حائز العقار، لأن هذا الإعلان يتضمن معنى التكليف بالحضور لسماع الحكم بنقض الحكم المطعون فيه - سند حيازة الحائز - ولاحتوائه على بيان عيوب هذا السند ويكون لهذا الإعلان ذات الأثر المترتب على إعلان صحيفة الدعوى في زوال حسن نية الحائز.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن المطعون عليها غير مسئولة عن رد غلة الأطيان على الرغم مما أثبته، من أن محكمة النقض قد قضت بنقض الحكم الاستئنافي، وبعدم أحقية المطعون عليها في أخذ الأطيان بالشفعة ورفض دعواها، فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها كانت قد أقامت الدعوى رقم 774 سنة 1943 مدني كلي طنطا وطلبت الحكم بأحقيتها في أخذ أربعين فداناً مبينة بالدعوى بالشفعة كانت قد تصرفت فيها مصلحة الأملاك إلى السيدة عزيزة أحمد الشريف، وأثناء نظر هذه الدعوى باعت هذه المتصرف إليها إلى مورث الطاعنين العقار المطلوب أخذه بالشفعة، وذلك بمقتضى العقد المؤرخ 12/ 8/ 1943، فأقامت المطعون عليها الدعوى رقم 178 لسنة 1944 مدني كلي طنطا ضد السيدة عزيزة أحمد الشريف ومورث الطاعنين بطلب أحقيتها في أخذ العقار المبيع بالشفعة. وقد حكمت محكمة طنطا الابتدائية في دعوى الشفعة الأولى رقم 774 لسنة 1943 برفضها. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 915/ 61 ق القاهرة وقضي في هذا الاستئناف بإلغاء الحكم الابتدائي المبيع من مصلحة الأملاك إلى السيدة عزيزة أحمد الشريف بالشفعة. تنازلت المطعون عليها عن دعواها الأخرى بالشفعة التي كانت قد أقامتها ضد مورث الطاعنين وضد السيدة عزيزة أحمد الشريف، وقامت المطعون عليها في 21/ 7/ 1945 باستلام العين المشفوعة تنفيذاً للحكم الصادر من محكمة الاستئناف سالف البيان. وقد حصل التنفيذ بالتسليم في مواجهة مورث الطاعنين، فاعترض عليه وأقام الدعوى رقم 1981 لسنة 1945 مستعجل طنطا باسترداد حيازته لهذه الأطيان فقضي برفضها، فاستأنف مورث الطاعنين هذا الحكم أمام محكمة طنطا الابتدائية بالاستئناف رقم 708 لسنة 1945 وقضت تلك المحكمة بهيئة استئنافية برد الأطيان إلى حيازة مورث الطاعنين وعاد واستلمها في 23/ 1/ 1946، وكانت السيدة عزيزة أحمد الشريف قد طعنت بالنقض في الحكم الصادر ضدها لصالح المطعون عليها لتأخذ العقار بالشفعة، وقضت محكمة النقض في الطعن رقم 127 لسنة 15 ق بتاريخ 16/ 5/ 1946 بنقض الحكم وبتأييد الحكم الابتدائي الصادر في الدعوى رقم 774 لسنة 1943 مدني كلي طنطا فيما قضى به من رفض دعوى الشفعة. أقامت السيدة عزيزة أحمد الشريف دعوى بفسخ عقد البيع المؤرخ 12/ 8/ 1943 الصادر منها إلى مورث الطاعنين، وبعد أن قضي نهائياً بفسخ هذا العقد أقامت الدعوى رقم 110 سنة 1955 مدني كلي طنطا وانتهت في طلباتها إلى إلزام مورث الطاعنين بريع هذا القدر عن المدة من 24/ 2/ 1945 حتى استلامها هذه الأطيان في 27/ 12/ 1945، وأثناء نظر هذه الدعوى وجه مورث الطاعنين إلى المطعون عليها دعوى ضمان طالباً إلزامها بريع هذا القدر عن المدة من 21/ 7/ 1945 وهو تاريخ استلامها هذه الأطيان تنفيذاً لحكم الشفعة الاستئنافي رقم 915/ 61 ق استئناف القاهرة سالف البيان - الذي قضي فيما بعد بنقضه - حتى 23/ 1/ 1946 وهو تاريخ استلام مورث الطاعنين للأطيان بناءً على حكم استرداد الحيازة في الاستئناف رقم 708 لسنة 1945 مدني مستأنف طنطا، وقال مورث الطاعنين في بيان دعوى الضمان إن المطعون عليها استلمت هذه الأطيان بما عليها من زراعة قطن مساحتها 15 فدان و21 ط وزراعة "مقات" مساحتها 1 فدان، وكانت باقي الأطيان مهيئة لزراعة ذرة وقدر مورث الطاعنين ريع الأطيان عن هذه الفترة بمبلغ 1286 ج فقضت المحكمة بإلزام مورث الطاعنين في الدعوى الأصلية التي أقامتها السيدة عزيزة أحمد الشريف ضده بمبلغ 4959 ج و789 م، وفي دعوى الضمان بندب مكتب الخبراء لتقدير ثمن المحصولات التي قال مورث الطاعنين إن المطعون عليها قد استولت عليها وكذلك تقدير المصروفات التي أنفقتها المطعون عليها وخصمها من ثمن هذه المحصولات، وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره قضت المحكمة في 19/ 1/ 1965 بإلزام المطعون عليها بأن تدفع لمورث الطاعنين مبلغ 674 ج و501 م. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا وقيد الاستئناف برقم 143 لسنة 15 ق، وبتاريخ 8/ 5/ 1967 قضت بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الضمان الموجهة من مورث الطاعنين إلى المطعون عليها. طعن الطاعنون في هذا الحكم بالنقض، ودفعت المطعون عليها بسقوط حق الطاعنين في الطعن، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وبنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع الذي أبدته المطعون عليها أن الحكم المطعون فيه صدر في 8/ 5/ 1967 وأن الطاعنين قرروا فيه بالطعن بالنقض بتاريخ 9/ 7/ 1967 بعد مضي أكثر من ستين يوماً من صدور الحكم المطعون فيه، واستطردت المطعون عليها إلى القول إنه ليس من حق الطاعنين إضافة ميعاد مسافة إلى ميعاد الطعن إذ أنهم يقيمون بالقاهرة، وقالت في مرافعتها إنه كان من حق الطاعنين التقرير بالطعن في قلم كتاب محكمة استئناف طنطا وإن الثابت من التوكيل الصادر من بعض الطاعنين إلى محاميهم أنهم يقيمون بالقاهرة.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين جميعاً يقيمون بناحية إبيار مركز كفر الزيات، وإذ كان من الجائز أن يكون للشخص أكثر من موطن، وكان للطاعنين أن يضيفوا ميعاد مسافة بين موطنهم التابع لمورثهم بكفر الزيات وبين مقر محكمة النقض في القاهرة التي قرروا بالطعن في قلم كتابها لما يقتضيه هذا التقرير من حضورهم في شخص محاميهم إلى قلم كتاب هذه المحكمة، وإذ كانت المسافة من مركز كفر الزيات إلى القاهرة تزيد على مائة كيلو متر بما يتعين معه إضافة ميعاد مسافة يومين طبقاً لما كانت تقضي به المادة 21 من قانون المرافعات السابق الذي حصل التقرير بالطعن في ظل أحكامه. لما كان ذلك فإنه بإضافة ميعاد المسافة هذا إلى ميعاد الطعن فإن الطعن يكون قد رفع في الميعاد، ويكون الدفع بسقوط حق الطاعنين في الطعن على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن الحكم الاستئنافي الصادر لصالح المطعون عليها في دعوى الشفعة التي كانت قد أقامتها ضد السيدة عزيزة محمود الشريف ومصلحة الأملاك قد قضى بنقضه بتاريخ 16/ 5/ 1946 في الطعن رقم 127 لسنة 15 ق، وأنه يترتب على صدور حكم محكمة النقض زوال كل الآثار المترتبة على حكم محكمة الاستئناف، وتعتبر المطعون عليها غير مالكة للأرض المطالب بريعها في أي وقت، وعليها رد غلتها التي استولت عليها بغير وجه حق، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب الطاعنين بإلزامها برد ثمار العقار في الفترة بين استلامها الأطيان ورد حيازتها لمورث الطاعنين تأسيساً على أنها كانت حسنة النية مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إنه يبين من صورة المذكرة التي قدمها الطاعنون إلى محكمة الاستئناف لجلسة 3/ 4/ 1967 أنهم تمسكوا بأن الطاعنة أقدمت على تنفيذ الحكم الاستئنافي الصادر لصالحها بأخذ العقار المبيع بالشفعة رغم الطعن عليه بالنقض وإلغائه ورفض دعواها وعدم أحقيتها في الشفعة، وأنه يترتب على ذلك أنها لم تملك هذه الأطيان في يوم من الأيام، ويتعين عليها رد ما قبضته من غلتها، وأورد الحكم المطعون فيه في الرد على هذا الدفاع قوله "إنه لا جدال من الخصوم في أن المستأنفة (المطعون عليها) قد تسلمت الأطيان موضوع النزاع تنفيذاً لحكم استئنافي نهائي صدر لصالحها بأحقيتها لأخذ هذه الأطيان بالشفعة وأنها وضعت يدها على هذه الأطيان تبعاً لذلك بموجب محضر التسليم الحاصل في 21/ 7/ 1945، وأن مورث المستأنف عليهم (الطاعنين) قد استرد هذه الأطيان من تحت يدها نفاذاً لحكم قضى له باسترداد الحيازة فاستردها بتاريخ 23/ 1/ 1946 وأنه بعد ذلك رفع نقض عن حكم الشفعة فأوقفت محكمة النقض تنفيذ الحكم الاستئنافي الصادر بأحقية المستأنفة في أخذ الأطيان محل النزاع بالشفعة، ثم قضت محكمة النقض بعد ذلك بإلغاء الحكم القاضي بأحقية المستأنفة في أخذ الأطيان المذكورة بالشفعة وتأييد الحكم الابتدائي القاضي بعدم أحقيتها في أخذ الأطيان المذكورة بالشفعة ورفض دعواها" ثم استطرد الحكم إلى القول "أنه بناءً على ما تقدم فإنه لا مراء في أن وضع يد المستأنفة (المطعون عليها) على الأطيان محل النزاع كان نفاذاً لحكم استئنافي نهائي قد صدر لها بالأحقية في أخذ الأطيان بالشفعة ولا يؤثر في نهائية هذا الحكم رفع نقض فيه، ذلك أن النقض ليس من شأنه عدم تنفيذ الأحكام الانتهائية، كما لا يقدح في ذلك أيضاً قضاء محكمة النقض بإلغائه بعد ذلك" ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك إلغاء الحكم الابتدائي ورفض دعوى الطاعنين بطلب رد غلة الأطيان عن الفترة سالفة البيان. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يترتب على نقض الحكم القاضي بالشفعة اعتباره كأن لم يكن وإعادة القضية والخصوم إلى ما كانت عليه وكانوا عليه قبل صدور الحكم المنقوض، ويقتضي ذلك سقوط جميع الآثار التي ترتبت عليه وبطلان كل ما اتخذ من أعمال وإجراءات تنفيذاً له، وبالتالي يتعين رد ما قبض أو حصل تسلمه من مال أو عقار نتيجة له، وليس يجب رد الأصل فحسب بل يجب أيضاً رد فوائد النقود وثمار العقار، وتجب هذه الثمار من يوم إعلان تقرير الطعن بالنقض إلى حائز العقار، لأن هذا الإعلان تضمن معنى التكليف بالحضور لسماع الحكم بنقض الحكم المطعون فيه - سند حيازة الحائز - ولاحتوائه على بيان عيوب هذا السند ويكون لهذا الإعلان ذات الأثر المترتب على إعلان صحيفة الدعوى في زوال حسن نية الحائز، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر واعتبر أن المطعون عليها غير مسئولة عن رد غلة الأطيان على الرغم مما أثبته الحكم من أن محكمة النقض قد قضت بنقض الحكم الاستئنافي وبعدم أحقية المطعون عليها في أخذ الأطيان بالشفعة ورفض دعواها هذه، فإن الحكم يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون بما يقتضي نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.