أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1158

جلسة 22 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن، وعلي صلاح الدين.

(183)
الطعن رقم 367 لسنة 37 القضائية

( أ ) حكم. "الطعن في الحكم. الأحكام غير الجائز الطعن فيها". استئناف. "الأحكام غير الجائز استئنافها". دفوع. اختصاص.
الأحكام التي تصدر قبل الفصل ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. عدم جواز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع م 378 مرافعات سابق. القضاء برفض الدفع بعدم الاختصاص لا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها. الطعن فيه بالاستئناف على استقلال. غير جائز.
(ب) استئناف. "نصاب الاستئناف". اختصاص. دفوع.
جميع الأحكام الصادرة قبل الفصل في موضوع الدعوى يراعى في تقدير نصاب استئنافها قيمة الدعوى كأصل. الاستثناء جواز استئناف الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص والإحالة مهما تكن قيمة الدعوى. م 401/ 1، 3 مرافعات سابق. هذه المادة لا شأن لها بميعاد استئناف الأحكام المذكورة، ولا تؤدي إلى استثنائها من قاعدة المادة 378 من ذات القانون.
(ج) استئناف. "نطاق الاستئناف".
انصراف عبارة المادة 404 مرافعات سابق إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها. هذه المادة تكمل في خصوص الاستئناف قاعدة المادة 378 من ذات القانون.
(د) اختصاص. دفوع. نظام عام.
مسألة الاختصاص الولائي والنوعي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة. الحكم الصادر في الموضوع يشتمل على قضاء ضمني بالاختصاص. الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي لا يرد عليه القبول أو التنازل لتعلقه بالنظام العام.
(هـ) نقض. "أسباب الطعن. السبب المفتقر للدليل". عقد. "تكييف العقد".
انتهاء الحكم إلى تكييف العقد بأنه عقد مدني لعدم احتوائه على شروط غير مألوفة. عدم تقديم الخصم العقد الذي يستند إليه في تعييب هذا التكييف. نعي عار عن الدليل.
1 - نص المادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي يحكم النزاع صريح في أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى، ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع. وإذ كان الحكم الذي يصدر برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها هو حكم صادر قبل الفصل في الموضوع وغير منه للخصومة، ولا يجوز الطعن فيه إلا مع الحكم الصادر في الموضوع، فإنه ما كان يجوز للطاعنين أن يطعنا استقلالاً على الحكم الصادر ضدهما برفض الدفع المبدى منهما بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى قبلما يفصل في موضوعها، وإذ تربصا حتى صدر الحكم ضدهما في موضوع الدعوى فاستأنفاه، فإنهما يكونان قد توخيا حكم القانون.
2 - ما نصت عليه المادة 401 من قانون المرافعات السابق من أن الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص يجوز استئنافها مهما تكن قيمة الدعوى خاص بنصاب الاستئناف، وقد قصد به استثناء الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص والإحالة من القاعدة المقررة في الفقرة الأولى من نفس المادة، والتي تقضي بأن جميع الأحكام الصادرة قبل الفصل في موضوع الدعوى يراعى في تقدير نصاب استئنافها قيمة الدعوى، وجعل الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص والإحالة قابلة للاستئناف دائماً مهما تكن قيمة الدعوى، ولا شأن لهذه المادة بميعاد استئناف الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع، ومنها الأحكام الصادرة برفض الدفع بعدم الاختصاص، ولا تؤدي إلى استثناء هذه الأحكام الأخيرة من القاعدة الواردة في المادة 378 من قانون المرافعات السابق.
3 - تنصرف عبارة المادة 404 من قانون المرافعات السابق - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وهى بذلك إنما تكمل في خصوص الاستئناف القاعدة الواردة بالمادة 378 من ذات القانون.
4 - مسألة الاختصاص الولائي والنوعي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها طبقاً لما تقضي به المادة 134 من قانون المرافعات السابق، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني باختصاص المحكمة بنظر الموضوع، ولا يرد على الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي القبول أو التنازل لتعلقه بالنظام العام. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به في موضوع النزاع، فإنه يكون قد قضى ضمناً باختصاصه، ومن ثم يكون الدفع بعدم الاختصاص الولائي منصباً على الحكم الاستئنافي المطعون فيه.
5 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تكييف العقد بأنه عقد مدني لعدم احتوائه على شروط غير مألوفة، وكان الطاعنان لم يقدما العقد الذي يستندان إليه في تعييب هذا التكييف. فإن النعي يكون عارياً عن الدليل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن لطفي مدبولي وهدان بصفته حارساً قضائياً على محلات وهدان للفراشة أقام الدعوى رقم 3067 لسنة 1958 مدني كلي القاهرة ضد وزير التعليم العالي ومدير جامعة عين شمس طالباً إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 3146 ج و892 م والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقال شرحاً لدعواه إنه رسا عليه عطاء الخيام وتوريد الكراسي اللازمة لإجراء امتحانات كليتي العلوم والآداب بجامعة عين شمس عن سنة 1958 وحددت له المراقبة المالية بإدارة الجامعة في كتاب رسو العطاء المؤرخ 10/ 5/ 1958 عدد الكراسي ومساحة الخيام المطلوبة وقيمة العطاء، وتنفيذاً لذلك قام بتوريد الكراسي المطلوبة ومنها 2200 كرسي لكلية الآداب بموجب إيصال استلام مؤرخ 24/ 5/ 1958، وقد شب حريق في مخيم الكلية نتيجة إهمال الفراش التابع لها حسبما ثبت من التحقيق الذي أجرته نيابة ساحل روض الفرج عن الحادث وقد أدى الحريق إلى فقد 1129 كرسياً ثمنها 2822 ج و500 م كما تلف 252 كرسياً يتكلف إصلاحها 126 ج يضاف إلى ذلك مبلغ 149 ج و592 م أجرة الكراسي المفقودة من نهاية العقد حتى سداد ثمنها و6 ج و300 م أجرة الكراسي التالفة حتى إصلاحها، 82 ج و500 م أجرة الكراسي التي وردها من تاريخ التوريد حتى نهاية العقد، وإذ لم يسدد المدعى عليهما شيئاً من هذه المبالغ فقد انتهى إلى طلب الحكم له بطلباته، وفي 19/ 3/ 1966 حكمت المحكمة بإلزام المدعى عليهما بأن يدفعا للمدعي مبلغ 1125 ج و970 م والمصروفات المناسبة ومبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة، واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً تعديله والحكم له بمبلغ 1920 ج و922 م وقيد استئنافه برقم 771 لسنة 83 قضائية، كما استأنفه المدعى عليهما طالبين إلغاءه ورفض الدعوى، وقيد استئنافهما برقم 794 لسنة 83 قضائية، وقررت المحكمة ضم الاستئنافين، وفي 25/ 4/ 1967 حكمت برفضهما وتأييد الحكم المستأنف وألزمت كل مستأنف بمصروفات استئنافه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة، وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بالتقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكم ، ودفع المطعون عليه بعدم قبول الطعن شكلاً، وأصرت النيابة العامة على رأيها الذي أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من المطعون عليه أن الطاعنين أثارا من جديد ما كانا قد دفعا به الدعوى أمام محكمة أول درجة من عدم اختصاصها ولائياً بنظرها والذي كانت قد حكمت برفضه وبرفض الدفع بعدم الاختصاص النوعي بحكمها الصادر في 29/ 9/ 1962 بما يجعل الطعن موجها في حقيقته إلى الحكم الابتدائي وإن لم يشر إليه في تقرير الطعن، وهو غير حائز، كما أنه غير مقبول شكلاً للتقرير به بعد الميعاد، هذا بالإضافة إلى أن الطاعنين قد قبلا اختصاص القضاء العادي دون القضاء الإداري بدليل أنهما لم يستأنفا الحكم المذكور استقلالاً بالرغم من أنه قضي في مسألة من مسائل الاختصاص، وفصل في عدم إدارية العقد المنظم للعلاقة بينهما، لم يثيرا الدفع بعدم الاختصاص الولائي ولم يتمسكاً به في استئنافهما ضد الحكم الذي فصل في الموضوع، بل أسساه على عدم مسئوليتهما عن الحريق وبالتالي عدم التزامها بدفع المبلغ المطالب به، والدليل على تخليهما عن هذا الدفع أنهما باشرا تنفيذ حكمي الإحالة إلى التحقيق الصادرين من محكمة أول درجة في 9/ 5/ 1963 و18/ 4/ 1964، وأشهدا شاهدين على ما كلفهما الحكمان بإثباته، وهو أن الحريق الذي حدث وأتلف الكراسي المؤجرة إليهما وقع بسبب لا يد لهما فيه وأن هذا السبب أجنبي عنهما.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله، ذلك أنه لما كان نص المادة 378 من قانون المرافعات السابق الذي يحكم النزاع صريحاً في أن الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي به الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع، وكان الحكم الذي يصدر برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها، وهو حكم صادر قبل الفصل في الموضوع وغير منه للخصومة ولا يجوز الطعن فيه إلا مع الحكم الصادر في الموضوع، لما كان ذلك فإنه ما كان يجوز للطاعنين أن يطعنا استقلالاً على الحكم الصادر ضدهما برفض الدفع المبدى منهما بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى قبلما يفصل في موضوعها، وإذ تربصا حتى صدر الحكم ضدهما في موضوع الدعوى فاستأنفاه فإنهما يكونان قد توخيا حكم القانون، ولا محل لاستناد المطعون عليه إلى المادة 401 من قانون المرافعات السابق فيما نصت عليه في فقرتها الثانية من أن الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص يجوز استئنافها مهما تكن قيمة الدعوى، لأن هذا النص خاص بنصاب الاستئناف وقد قصد به استثناء الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص والإحالة من القاعدة المقررة في الفقرة الأولى من هذه المادة، والتي تقضي بأن جميع الأحكام الصادرة قبل الفصل في موضوع الدعوى يراعى في تقدير نصاب استئنافها قيمة الدعوى، وجعل الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص والإحالة قابلة للاستئناف دائماً مهما تكن قيمة الدعوى، ولا شأن لهذه المادة بميعاد استئناف الأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع، ومنها الأحكام الصادرة برفض الدفع بعدم الاختصاص ولا تؤدي إلى استثناء هذه الأحكام الأخيرة من القاعدة الواردة في المادة 378 من قانون المرافعات السابق، ولما كانت المادة 404 من هذا القانون تنص على أن "استئناف الحكم الصادر في موضوع الدعوى يستتبع حتماً استئناف جميع الأحكام التي سبق صدورها في القضية ما لم تكن قبلت صراحة" وعبارة هذه المادة بحسب ما هو واضح بالمذكرة الإيضاحية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إنما تنصرف إلى الأحكام القطعية الصادرة قبل الفصل في الموضوع ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها، وهي بذلك إنما تكمل في خصوص الاستئناف القاعدة الواردة بالمادة 378 مرافعات، هذا فضلاً عن أن مسألة الاختصاص الولائي والنوعي تعتبر قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على المحكمة وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها طبقاً لما تقضي به المادة 134 من قانون المرافعات السابق، ويعتبر الحكم الصادر في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني باختصاص المحكمة بنظر الموضوع، ولا يرد على الدفع بعدم الاختصاص الولائي أو النوعي القبول أو التنازل لتعلقه بالنظام العام. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به في موضوع النزاع، فإنه يكون قد قضى ضمناً باختصاصه، ومن ثم يكون الطعن بعدم الاختصاص الولائي إنما ينصب على الحكم الاستئنافي المطعون فيه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ذلك أنه قضى في موضوع النزاع على أساس أن العلاقة بين الطاعنين وبين المطعون عليه هي علاقة مؤجر بمستأجر استناداً إلى مدنية العقد الذي ينظمها وإلى أنه ليس بعقد توريد إداري ترتيباً على أنه لا شأن له بمرفق التعليم، وإلى أنه لا يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص، في حين أن هذا العقد إنما هو عقد إداري تحكمه قواعد القانون العام، ذلك أن أحد طرفيه هو الجامعة ويتصل بإدارة مرفق عام ويشتمل على شروط استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص منها التزام صاحب العطاء المقبول بإيداع التأمين النهائي في الميعاد وإلا جاز لجهة الإدارة أن تسحب قبول عطائه ومصادرة التأمين المؤقت، ومنها حقها في القيام على نفقة المتعهد بالأعمال التي يتراخى في تنفيذها وحقها في توقيع غرامة تأخير بواقع عشرة جنيهات يومياً بالإضافة إلى 10% مصاريف إدارية.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال في أسبابه أقام قضاءه في تكييف العقد موضوع النزاع على "أن الشرط الثاني من شروط العقد الإداري وهو شرط قيام العلاقة بالمرفق العام لا وجود له إذ أن موضوع التعاقد بين المدعي بصفته وبين المدعى عليهما هو تأجير خيام وكراس لأداء امتحانات الجامعة آخر العام ولا علاقة بين هذا التأجير ومرفق التعليم في أية صورة من صوره، إذ لا تأثير لهذه الخيام وتلك الكراسي على ذلك المرفق سواء من قريب أو بعيد، كما أن الشرط الثالث من شروط العقد الإداري غير قائم هو الآخر، إذ أن التعاقد بين الطرفين لم يتضمن شروطاً استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص فقد التزم المدعى عليهما بتأجير خيام وكراس طبقاً لمواصفات وشروط معينة نافذة محددة لقاء أجر معين التزمت الجامعة بسداده إليه ولم تخرج بنود تلك الشروط والمواصفات عن كونها التزامات يجيزها القانون المدني ويحكم قواعدها، وترتيباً على ذلك فإن هذا التعاقد لا يندرج تحت بند العقود الإدارية" وإذ كان يبين من ذلك أن الحكم قد انتهى إلى تكييف العقد بأنه عقد مدني لعدم احتوائه على شروط غير مألوفة، وكان الطاعنان لم يقدما العقد الذي يستندان إليه في تعييب هذا التكييف، فإن النعي يكون عارياً عن الدليل متعيناً رفضه.