أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1165

جلسة 24 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: محمد شبل عبد المقصود، وأديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل.

(184)
الطعن رقم 302 لسنة 37 القضائية

(أ، ب، جـ) إثبات. "إجراءات الإثبات". "التحقيق بالمضاهاة". تزوير. خبرة.
( أ ) الأوراق التي تقبل للمضاهاة م 269 مرافعات سابق. الأوراق الرسمية أو العرفية المعترف بها من الخصوم أو ما استكتب أمام القاضي. عدم الاكتفاء بسكوت الخصم بالنسبة للأوراق العرفية بل يجب أن يستدل بوضوح على اعترافه بها.
(ب) م 266 مرافعات سابق. اقتصار حكمها على حالة تحديد المحكمة جلسة لتقديم أوراق المضاهاة والاتفاق على ما لا يصلح منها لذلك.
(جـ) ورود النعي على قضاء محكمة الدرجة الأولى. عدم تقديم الطاعن الدليل على إثارة مطاعنه أمام محكمة الدرجة الثانية. سبب جديد لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
1- القاعدة التي قررتها المادة 269 من قانون المرافعات السابق بشأن الأوراق التي تقبل للمضاهاة هي قاعدة أساسية يجب مراعاتها في حالة التحقيق بالمضاهاة بمعرفة أهل الخبرة، ومن ثم فلا تقبل للمضاهاة غير الأوراق الرسمية أو الأوراق العرفية التي يعترف بها الخصوم أو تلك التي تم استكتابها أمام القاضي، وإذن فلا تجوز المضاهاة على ورقة عرفية لم يعترف بها الخصم، ولا يكتفي بالسكوت أو باتخاذ موقف سلبي، بل يجب أن يكون هناك موقف إيجابي يستدل منه في وضوح على اعترافه بصحة الورقة العرفية، وإذ كان لا نزاع في أن المطعون ضدها لم يصدر منها مثل هذا الاعتراف، فإن الحكم المطعون فيه حين قضى باستبعاد الأوراق المقدمة للمضاهاة، لأنها لا تدخل في عداد الأوراق التي نصت عليها المادة 269 مرافعات يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
2 - يواجه حكم المادة 266 من قانون المرافعات السابق حالة معينة، وهي تحديد المحكمة جلسة لتقديم ما لدى الخصوم من أوراق المضاهاة والاتفاق على ما يصلح منها، وقد أوجبت تلك المادة على الخصوم الحضور في هذا الموعد ورتبت على تخلف الخصم المكلف بالإثبات جواز الحكم بسقوط حقه في الإثبات كما رتبت على تخلف الخصم الآخر جواز الحكم اعتبار تلك الأوراق صالحة للمضاهاة، وهي حالة خاصة تختلف عن حالة هذه الدعوى ولا مجال للقياس عليها، وإذ كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون.
3- إذ كان سبب النعي وارداً على قضاء محكمة الدرجة الأولى وأسباب الحكم الابتدائي، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه جاء خالياً من هذا الدفاع ولم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة ما يدل على أنه عرض هذه المطاعن على محكمة الدرجة الثانية، فإنه بذلك يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها استصدرت أمر أداء بإلزام الطاعن بأن يدفع لها من تركة مورثته المرحومة حافظة أحمد أبو السعود مبلغ 940 جنيهاً تأسيساً على أنها كانت دائنة للمورثة بهذا المبلغ بموجب إيصال أمانة وسند إذني مستحق وقت الطلب موقعين بإمضاء المورثة ومحررين بتاريخ 3 مارس سنة 1961. تظلم الطاعن من هذا الأمر أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وقيد تظلمه برقم 438 لسنة 1965، وقرر أنه يجهل توقيع مورثته على السندين وبعد أن حلف الطاعن اليمين على عدم علمه بأن الإمضاءين هما للمورثة قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون ضدها صحة صدور الإمضائين من المورثة ولينفي الطاعن ذلك، وبعد أن سمعت المحكمة شهود المطعون ضدها ادعى الطاعن بتزوير السندين فقضت المحكمة بندب قسم أبحاث التزييف والتزوير بالطب الشرعي لمضاهاة التوقيعين المنسوبين للمورثة على السند الإذني وإيصال الأمانة على ما يكون لها من توقيعات صحيحة على أوراق رسمية أو عرفية معترف بها من الطرفين، إلا أن قسم التزييف والتزوير طلب لكي يتمكن من مباشرة مهمته تقديم أوراق موقع عليها من المورثة ومعاصرة بقدر الإمكان لتاريخ السندين، غير أن الطاعن قرر أنه لا توجد لديه أوراق من هذا القبيل، ثم قدم في فترة حجز الدعوى للحكم عقد إيجار مؤرخاً 30/ 3/ 1947 موقعاً عليه بإمضاء منسوب للمورثة ليكون أساساً للمضاهاة، وذهب كذلك إلى أن للمورثة توقيعات في بنك مصر تصلح هي الأخرى للمضاهاة، وبجلسة 22/ 3/ 1966 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية برفض الادعاء بالتزوير وبتأييد أمر الأداء. استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية، وقيد استئنافه برقم 487 لسنة 22 ق، وفي 19/ 3/ 1969 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن تمسكت بهذا الرأي.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن في أولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم رفض إجراء المضاهاة على إمضاء المورثة الموقع به على عقد الإيجار المؤرخ 30/ 3/ 1947 بحجة أن تاريخه غير معاصر لتاريخ السندين المطعون عليهما بالتزوير، حال أن عدم المعاصرة لا يبرر عدم صلاحية الورقة للمضاهاة، طالما أن الخصم لم يعترض عليها، وكذلك فإنه لا يكفي في استبعاد توقيعات المورثة ببنك مصر ما قاله الحكم من أن الطاعن لم يعين فرع البنك أو رقم الحساب، لأن هذا الفرع هو بالضرورة فرع الإسكندرية حيث تقيم المورثة، ولأنه كان يسيراً على الخبير أن يتعرف على رقم حسابها عن طريق الاستعانة على ذلك باسمها.
هذا ولا يتطلب القانون أن يصدر من المطعون ضدها اعتراف بصحة توقيع المورثة على أوراق المضاهاة، وإنما يكفي أن تقدم أوراق عرفية للمضاهاة، وأن يقف منها الخصم موقفاً سلبياً بعدم الاعتراض عليها، بل إن المادة 266 من قانون المرافعات التي أوجبت على الخصوم الحضور في الجلسة المحددة للتحقيق لتقديم ما لديهم من أوراق المضاهاة والاتفاق على ما يصلح منها لذلك ورتبت على تخلف المكلف بالإثبات إمكان الحكم بسقوط حقه في الإثبات ورتبت على تخلف الخصم الآخر جواز اعتبار الأوراق المقدمة من خصمه للمضاهاة صالحة لها، ولا شك في أن هذه الصلاحية تتوافر من باب أولى إذا حضر الخصم ولم يعترض عليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ استبعد أوراق المضاهاة التي قدمها الطاعن، والتي أرشد عنها رغم عدم اعتراض المطعون ضدها عليها يكون قد حرم الطاعن من إثبات ادعائه بالتزوير على غير أساس من القانون.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أنه لما كانت القاعدة التي قررتها المادة 269 من قانون المرافعات السابق بشأن الأوراق التي تقبل للمضاهاة هي قاعدة أساسية يجب مراعاتها في حالة التحقيق بالمضاهاة بمعرفة أهل الخبرة ومن ثم فلا تقبل للمضاهاة غير الأوراق الرسمية أو الأوراق العرفية التي يعترف بها الخصوم أو تلك التي تم استكتابها أمام القاضي، وإذن فلا تجوز المضاهاة على ورقة عرفية لم يعترف بها الخصم، ولا يكتفي بالسكوت أو باتخاذ موقف سلبي، بل يجب أن يكون هناك موقف إيجابي يستدل منه في وضوح على اعترافه بصحة الورقة العرفية لما كان ذلك، وكان لا نزاع في أن المطعون ضدها لم يصدر منها مثل هذا الاعتراف، فإن الحكم المطعون فيه حين قضى باستبعاد الأوراق المقدمة للمضاهاة لأنها لا تدخل في عداد الأوراق التي نصت عليها المادة 269 مرافعات يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، أما استناد الطاعن إلى ما نصت عليه المادة 266 من قانون المرافعات السابق فمردود بأن حكم هذه المادة إنما يواجه حالة معينة وهي تحديد المحكمة جلسة لتقديم ما لدى الخصوم من أوراق المضاهاة والاتفاق على ما يصلح منها، وقد أوجبت تلك المادة على الخصوم الحضور في هذا الموعد ورتبت على تخلف الخصم المكلف بالإثبات جواز الحكم بسقوط حقه في الإثبات، كما رتبت على تخلف الخصم الآخر جواز اعتبار تلك الأوراق صالحة للمضاهاة، وهي حالة خاصة تختلف عن حالة هذه الدعوى، ولا مجال للقياس عليها. لما كان ما تقدم فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي إذ قضى برفض الادعاء بالتزوير لم يقتصر في قضائه على ذلك وإنما قضى في نفس الوقت في موضوع الدعوى بتأييد أمر الأداء المتظلم فيه، دون أن يتيح للطاعن فرصة لاستكمال دفاعه في هذا الموضوع، وعلى هذا النهج سارت محكمة الاستئناف في حكمها المطعون فيه الذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي، وبذلك يكون الحكمان قد خالفا ما نصت عليه المادة 276 من قانون المرافعات السابق التي تقضي بأنه إذا قضت المحكمة بصحة الورقة أو بردها أو قضت بسقوط الحق في إثبات صحتها أخذت في نظر موضوع الدعوى في الحال أو حددت لنظره أقرب جلسة، ومفاد ذلك على ما استقر عليه قضاء محكمة النقض أن الحكم في الادعاء بالتزوير يجب أن يكون سابقاً على الحكم في موضوع الدعوى حتى لا يحرم الخصم من تقديم ما عسى أن يكون لديه من أدلة أخرى لإثبات دفاعه في الموضوع، وإذ حرمه الحكم المطعون فيه من حقه في هذا الإثبات بقضائه برفض الادعاء بالتزوير وفي الموضوع في وقت واحد يكون قد أخل بحقه في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك لأنه لما كان هذا السبب وارداً على قضاء محكمة الدرجة الأولى وأسباب الحكم الابتدائي، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه جاء خالياً من هذا الدفاع، ولم يقدم الطاعن إلى هذه المحكمة ما يدل على أنه عرض هذه المطاعن على محكمة الدرجة الثانية، فإنه بذلك يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.