أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 23 - صـ 1170

جلسة 28 من يونيه سنة 1972

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق، وعثمان حسين عبد الله.

(185)
الطعن رقم 554 لسنة 34 القضائية

ضرائب. "ضريبة التركات". دعوى. "شروط قبول الدعوى".
المنازعة في دفع المقابل إن تصرف المورث إلى ورثته خلال خمس السنوات السابقة على الوفاة. خروجها من سلطة مصلحة الضرائب ومن نطاق الطعن في تقدير قيمة التركة. جواز رفع الدعوى لإثبات دفع المقابل في أي وقت من تاريخ وفاة المورث. تعليق رفع الدعوى على الانتهاء من تقدير التركة وسداد الرسم. خطأ.
مؤدى نص المادة 4 من القانون رقم 142 لسنة 1944 بعد تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951، أن المشرع أجاز لصاحب الشأن أن يرفع الأمر إلى القضاء لإثبات جدية التصرف الصادر من المورث خلال خمس السنوات السابقة على وفاته إلى شخص أصبح وارثاً له بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت صدور التصرف، بحيث إذا أثبت ذلك رد إليه رسم الأيلولة المحصل منه. ولم تحدد المادة سالفة الذكر ميعاداً معيناً لرفع الدعوى بإثبات المقابل، ولما كانت المنازعة في دفع المقابل أو عدم دفعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخرج من سلطة مصلحة الضرائب ومن نطاق الطعن في تقدير قيمة التركة، مما مقتضاه أن المصلحة لا تملك إعفاء التصرف من الرسم إلا إذا صدر حكم من القضاء بأن المقابل قد دفع، وإذ كان رسم الأيلولة يعتبر مستحقاً من وقت وفاة المورث طبقاً لما تنص عليه المادة الأولى والفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944، وكان الغرض من رفع الدعوى المشار إليها هو التوصل إلى عدم استحقاق الرسم، لما كان ذلك، فلا يكون هناك موجب لتعليق رفع الدعوى بإثبات المقابل على تقدير قيمة التركة وسداد الرسم المستحق عليها، بل يكون لصاحب الشأن من وقت وفاة المورث مصلحة في رفع دعواه لإثبات أن التصرف تم بعوض، حتى إذا ما حكم لصالحه يصبح الرسم غير مستحق، فتوقف مصلحة الضرائب التحصيل إن لم يكن الرسم قد سدد أو ترده إليه إن كان قد حصل، ولا يغير من ذلك النص في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة سالفة الذكر على أنه في حالة إقامة الدليل على دفع المقابل يرد إلى صاحب الشأن رسم الأيلولة المحصل منه، إذ لم يقصد بهذا النص سوى بيان الأثر المترتب على إثبات جدية التصرف، وهو عدم استحقاق الرسم ورده إن كان قد حصل، ولا يستفاد منه جعل ميعاد رفع الدعوى موقوتاً بالانتهاء من تقدير قيمة التركة وتحصيل الرسم، ولا وجه للاستناد إلى المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 142 لسنة 1944 التي تقضي بأن لصاحب الشأن الذي ترى مصلحة الضرائب أن دينه صوري أو غير ثابت ثبوتاً كافياً الحق في مطالبتها قضائياً برد الرسم الذي حصل ولم يكن مستحقاً، إذ لا علاقة لهذا النص بدعوى إثبات المقابل، ولكل منهما مجال مستقل في التطبيق وإذ كانت مناقشات مجلس الشيوخ - بشأن المادة الرابعة - خالية مما يفيد أن دعوى إثبات المقابل لا تكون مقبولة إلا بعد سداد الرسم، فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر، وجرى في قضائه على عدم قبول دعوى الطاعنين (الورثة) بإثبات المقابل لأنها رفعت قبل تقدير تركة المورث وتحصيل الرسم المستحق عليها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين أقاموا الدعوى رقم 80 لسنة 1963 شبين الكوم الابتدائية ضد مصلحة الضرائب ممثلة في المطعون عليهما طلبوا فيها الحكم بإخراج 64 ف و17 ط و4 س المبينة بعقد البيع المشهر بتاريخ 27/ 11/ 1958 من أصول تركة المرحوم رياض عبد الله أبو حسين مع حفظ حقهم في رد رسم الأيلوية وضريبة التركات الزائدة بالنسبة لهذا القدر، وقالوا شرحاً لدعواهم إنه بموجب العقد سالف الذكر اشترت الطاعنة الأولى من زوجها المرحوم رياض عبد الله أبو حسين مورث باقي الطاعنين الأطيان المشار إليها لبناتها منه وهن عايدة وفاطمة المشمولتان بوصاية الطاعن الثاني وسهير وأميرة الطاعنتان الثالثة والرابعة نظير ثمن قدره 13800 ج دفعته المشترية إلى البائع من مالها الخاص، وأثبت في العقد أنها تنازلت لهن عن الثمن، وإذ توفي البائع بتاريخ 16/ 9/ 1962 وأدخلت مأمورية ضرائب شبين الكوم تلك الأطيان في أصول التركة لوفاته قبل مضي خمس سنوات على حصول التصرف، وكان هذا التصرف قد تم بعوض، فقد أقاموا دعواهم بالطلبات سالفة البيان، وبتاريخ 28/ 4/ 1963 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعنون أن عقد البيع موضوع النزاع قد صدر لهم بعوض، وبعد سماع شاهديهم عادت المحكمة وبتاريخ 12/ 1/ 1964 فحكمت بإخراج القدر موضوع الدعوى من تركة المورث باعتبار أن التصرف تم بعوض. استأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 37 لسنة 14 ق تجاري طنطا، ودفعت بعدم قبول الدعوى لأن المنازعة تدور في حقيقتها حول تقدير عناصر التركة وكان يتعين عرضها على لجنة الطعن، وبتاريخ 27/ 6/ 1964 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الأوان تأسيساً على أن مفاد الفقرة الثالثة من المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944 أن صاحب الشأن لا يلجأ للقضاء لإثبات أن التصرف بعوض إلا بعد أن يتم تقدير التركة ويسدد عنها الرسم، وأن تركة مورث الطاعنين لم تقدر بعد ولم يحدد الرسم المستحق عليها. يدل على ذلك ما نصت عليه الفقرة سالفة الذكر من أن الالتجاء إلى القضاء يكون لإثبات المقابل ويترتب عليه رد الرسم المحصل، وأن مناقشات مجلس الشيوخ تشير إلى وجود ارتباط بين هذين الأمرين، وأن المادة 15 من القانون المشار إليه تقضي بأن لدائن المورث الذي ترى مصلحة الضرائب أن دينه صوري أو غير ثابت الحق في مطالبتها قضائياً برد الرسم الذي حصل ولم يكن مستحقاً، وهو من الحكم مخالفة للقانون وخطأ في تطبيقه، ذلك أن نص الفقرة الثالثة سالفة الذكر لم يحدد وقتاً معيناً لرفع دعوى إثبات المقابل، ولم يحرم صاحب الشأن من إقامتها قبل تقدير التركة وسداد الرسم، ولا اختصاص لمصلحة الضرائب أو لجنة الطعن ببحث الدليل على دفع المقابل، بل يجب أن يرفع هذا الأمر إلى القضاء مما لا محل معه للانتظار حتى تنتهي المصلحة من تقدير قيمة التركة وتحصيل الرسم عنها، هذا إلى أن الرسم يستحق بوفاة المورث فيكون لصاحب الشأن الحق في رفع تلك الدعوى ابتداءً من هذا التاريخ، أما نص الفقرة الثالثة المشار إليها على أن إثبات المقابل يترتب عليه رد الرسم المحصل، فهو لا يعدو أن يكون تقريراً للأثر الحتمي لنجاح صاحب الشأن في دعواه، ولا وجه للاستدلال بنص المادة 15 من القانون أو بمناقشات مجلس الشيوخ بشأن المادة الرابعة لأنها لا تفيد شيئاً في تحديد ميعاد رفع الدعوى المشار إليها.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أن النص في المادة 4 من القانون رقم 142 لسنة 1944 بعد تعديلها بالقانون رقم 217 لسنة 1951 على أن "يستحق رسم الأيلولة على الهبات وسائر التصرفات الصادرة من المورث في خلال خمس السنوات السابقة على الوفاة إلى شخص أصبح وارثاً له بسبب من أسباب الإرث كان متوافراً وقت حصول التصرف أو الهبة سواء تعلقت تلك الهبات والتصرفات بأموال منقولة أو ثابتة أو صدرت إلى الشخص المذكور بالذات أو بالواسطة. ويستحق هذا الرسم عند وفاة المورث ويخصم منه ما يكون قد سبق دفعه من رسوم نسبية إلى الخزانة العامة، على أنه إذا كان التصرف بعوض جاز لصاحب الشأن أن يرفع الأمر للقضاء لكي يقيم الدليل على دفع المقابل، وفي هذه الحالة يرد إليه رسم الأيلولة المحصل منه "يدل على أن المشرع أجاز لصاحب الشأن أن يرفع الأمر إلى القضاء لإثبات جدية التصرف الصادر من المورث خلال خمس السنوات السابقة على وفاته إلى شخص أصبح وارثا له بسبب من أسباب الإرث كان متوفراً وقت صدور التصرف بحيث إذا أثبت ذلك رد إليه رسم الأيلولة المحصل منه، ولما كانت المادة سالفة الذكر لم تحدد ميعاداً معيناً لرفع الدعوى بإثبات المقابل، وكانت المنازعة في دفع المقابل أو عدم دفعه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تخرج من سلطة مصلحة الضرائب ومن نطاق الطعن في تقدير قيمة التركة مما مقتضاه أن المصلحة لا تملك إعفاء التصرف من الرسم إلا إذا صدر حكم من القضاء بأن المقابل قد دفع، وإذ كان رسم الأيلولة يعتبر مستحقاً من وقت وفاة المورث طبقاً لما تنص عليه المادة الأولى والفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون رقم 142 لسنة 1944، وكان الغرض من رفع الدعوى المشار إليها هو التوصل إلى عدم استحقاق الرسم. لما كان ذلك فلا يكون هناك موجب لتعليق رفع الدعوى بإثبات المقابل على تقدير قيمة التركة وسداد الرسم المستحق عليها، بل يكون لصاحب الشأن من وقت وفاة المورث مصلحة في رفع دعواه لإثبات أن التصرف تم بعوض حتى إذا ما حكم لصالحه يصبح الرسم غير مستحق فتوقف مصلحة الضرائب إجراءات التحصيل إن لم يكن الرسم قد سدد أو ترده إليه إن كان قد حصل، ولا يغير من ذلك النص في الفقرة الثالثة من المادة الرابعة سالفة الذكر على أنه في حالة إقامة الدليل على دفع المقابل يرد إلى صاحب الشأن رسم الأيلولة المحصل منه، إذ لم يقصد بهذا النص سوى بيان الأثر المترتب على إثبات جدية التصرف، وهو عدم استحقاق الرسم ورده إن كان قد حصل، ولا يستفاد منه أنه جعل ميعاد رفع الدعوى موقوتاً بالانتهاء من تقدير قيمة التركة وتحصيل الرسم، وكان لا وجه للاستناد إلى المادة الخامسة عشرة من القانون رقم 142 لسنة 1944 التي تقضي بأن لصاحب الشأن الذي ترى مصلحة الضرائب أن دينه صوري أو غير ثابت ثبوتاً كافياً الحق في مطالبتها قضائياً برد الرسم الذي حصل ولم لم يكن مستحقاً، إذ لا علاقة لهذا النص بدعوى إثبات المقابل، ولكل منهما مجال مستقل في التطبيق، وكانت مناقشات مجلس الشيوخ خالية مما يفيد أن دعوى إثبات المقابل لا تكون مقبولة إلا بعد سداد الرسم. لما كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وجرى في قضائه على عدم قبول دعوى الطاعنين بإثبات المقابل لأنها رفعت قبل تقدير تركة المورث وتحصيل الرسم المستحق عليها، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.