أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 496

جلسة 20 من ابريل سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ راغب عبد الظاهر وفوزى أسعد وعبد الرحيم نافع وحسن غلاب.

(101)
الطعن رقم 1250 لسنة 51 القضائية

1 - ايجار أماكن. خلو رجل. قانون "تفسيره" "تطبيقه". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها". وسيط.
اقتضاء المؤجر. مالكا كان أم مستأجرا. مباشرة أو عن طريق وسيط. مقدم ايجار أو أية مبالغ اضافية بسبب تحرير عقد الايجار. أو خارج نطاقة. زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليهما فى العقد. مؤثم. مناط التأثيم؟
2 - خلو رجل. وصف التهمة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقيل منها".
عدم تقيد محكمة الموضوع بالوصف الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها فى رد الواقعة إلى الوصف القانونى السليم.
3 - إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق محكمة الموضوع فى القضاء بالبراءة. شرطه.
إثبات الحكم. تقاضى المستأجر مبالغ من مستأجر آخر بموافقة المالك وقضاؤه بالبراءة على سند من انتفاء صفة المؤجر فى حقه. دون مناقشة صورة الوساطة فى التأجير أو الاشتراك فيه. قصور.
1 - صدر القانون رقم 52 لسنة 1969 - فقد نص فى المادة 17 منه على أنه "لا يجوز للمؤجر بالذات أو بالوساطة اقتضاء أى مقابل أو اتعاب بسبب تحرير العقد أو أى مبلغ أضافى خارج نطاق عقد الايجار زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها فى العقد ويسرى هذا الحظر أيضا على المستأجر.. "كما نصت المادة 45 من هذا القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المادة 17 سواء كان مؤجرا أو مستأجرا أو وسيطا ثم صدر القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن - الذى حصلت واقعة الدعوى الراهنة فى ظله - وأعاد صياغه حكم الحظر المقرر بالمادة 26 منه وهى التى حلت محل المادة 17 من القانون رقم 52 سنة 1969 دون أى تغيير فى مضمون القاعدة - فقد أصبح الشارع بجلاء وفى دقة تقطع دابر أى لبس عمن هو مقصود بالحظر المؤثم فنصت تلك المادة على أنه "لا يجوز للمؤجر مالكا كان أو مستأجرا بالذات أو بالوساطة اقتضاء أى مقابل أو اتعاب بسبب تحرير العقد أو أى مبلغ أضافى خارج نطاق عقد الايجار زيادة عن التأمين والاجره المنصوص عليهما فى العقد كما لا يجوز بأية صورة من الصور للمؤجر أن يتقاضى أى مقدم ايجار" ونص فى المادة 77 منه على أنه "يعاقب كل من يخالف حكم المادة 26 من هذا القانون سواء كان مؤجرا أو مستأجرا أو وسيطا بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة تعادل مثلى المبلغ الذى تقاضاه بالمخالفة لأحكام هذه المادة.." ولما كان الواضح من استقراء تلك النصوص والأعمال التشريعية التى اقترنت بإصدارها أن الشارع أنما يؤثم - فى ظل العمل بهذه التشريعات - أن يتقاضى المؤجر بالذات أو بالوساطة أية مبالغ اضافية بسبب تحرير عقد الايجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها فى العقد - سواء كان ذلك المؤجر ملك العقار أو مستأجره الذى يبتغى تأجيره إلى غيره فتقوم فى جانبه حينئذ صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الإيجار وهما مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الاضافية. ومن ثم فإن الحظر بمقتضيات تأثيمه تتحاذى فيه مسئولية المالك والمستأجر والوسيط طالما تحققت صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الايجار.
2 - الأصل ان المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند الى المتهم لان هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه ان يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها الى الوصف القانونى السليم.
3 - لئن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى صحة اسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت وأن ملاك الأمر يرجع الى وجدان القاضى وما يطمئن اليه غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد ان المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيره وأن تكون الأسباب التى تستند إليها فى قضائها من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى حق المطعون ضده تقاضيه مبالغ من الطاعن فى سبيل اخلاء مسكنه وأن ذلك بموافقة مالك العقار ثم انتهى إلى براءته ورفض الدعوى المدنية قبله تأسيسا على انتفاء صفة المؤجر فى حقه، دون أن يناقش صورة الوساطة فى التأجير أو الاشتراك فيه، ويدلى برأى فى شأن واقعة موافقة المالك على اقتضاء المبالغ لإخلاء العين وتأجيرها وصله هذه الموافقة بفعل الطاعن ومدى اتصال ذلك بمناط التأثيم فانه يكون مشوبا بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها بالحكم مما يتعين معه نقضه والاحالة فى خصوص الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه فى غضون سبتمبر سنة 1978 تقاضى المبالغ المبينة قيمة بالأوراق من....... وذلك خارج نطاق عقد الايجار على النحو الوارد بالأوراق. وطلبت عقابه بالمادتين 26/ 1، 77 من القانون 49 سنة 1977. وادعى...... مدنيا قبل المتهم بمبلغ مائه جنيه تعويض. ومحكمة جنح الدرب الأحمر قضت حضوريا بتاريخ 11 من يناير سنة 1979 بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائتى جنيه وتغريمه ستة آلاف جنيه والزامه بأن يرد للمجنى عليه مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ مائتى جنيه على سبيل التعويض المدنى النهائى. فاستأنف المحكوم عليه. ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعى بالحقوق المدنية بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن (المدعى بالحقوق المدنية) على الحكم المطعون فيه، أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضده من جريمة خلو الرجل ورفض الدعوى المدنية قبله - فقد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب، ذلك بأنه سلم بواقعة اقتضاء المطعون ضده مبلغ الخلو من الطاعن مقابل تخليه عن العين المؤجرة ليستأجرها الطاعن بموافقة مالك العقار، واعتبرها غير مؤثمة، دون أن يفطن لما أثاره الطاعن من ان الواقعة بهذه الصورة تنطوى على جريمة الوساطة فى اقتضاء مبالغ بمناسبة تحرير عقد الايجار - المؤثمة بالمادتين 26، 77/ 1 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
حيث ان حكم محكمة أول درجة الذى أحال إليه الحكم المطعون فيه فى شأن بيان الواقعة قد أوردها فى قوله "ان الواقعة تخلص فيما ابلغ به وقرره...... (الطاعن) بمحضر الشرطة المؤرخ 1/ 10/ 1978 من أنه اتفق مع المتهم (المطعون ضده) على أن يتنازل الأخير له عن عقد ايجار مسكنه مقابل مبلغ ثلاثة الاف جنيه ودفعت له بالفعل أمام شهود وقام المتهم تنفيذا للاتفاق بنقل منقولاته من الشقة محل الواقعة الا أنه ماطل فى تسليم العقد لتغييره من المالك باسم ابنته بالرغم من موافقة مالك العقار على ذلك، وأضاف أنه دخل الشقة بالفعل بعد دفع المبلغ ونقل المتهم لمنقولاته من المسكن المتفق على التنازل عنه لابنة المبلغ. "وخلص الحكم المطعون فيه إلى أن الواقعة بهذه الصورة تخرج عن نطاق التأثيم لأن المطعون ضده لا يعد مؤجرا وبالتالى لا يسرى فى شأنه الحظر المقرر فى المادة 26 من القانون رقم 49 سنة 1977. لما كان ذلك - وكان يبين من استقراء التشريعات التى تناولت تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين أن أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 جاءت - عند صدوره - خلوا من النص على تأثيم ما قد يتقاضاه المؤجرون من المستأجرين من مبالغ اضافية خارج نطاق عقد الايجار، مما حدا بالمشرع الى اصدار القانون رقم 11 لسنة 1962 باضافة فقرة جديدة الى المادة 16 من القانون رقم 121 لسنة 1947 تنص على أنه "يعاقب بالعقوبة المشار إليها كل مؤجر يتقاضى أى مبلغ اضافى خارج نطاق عقد الايجار كخلو أو ما يماثله من المستأجر مباشرة أو عن طريق وسيط فى الايجار وفى الحالة الأخيرة تطبق العقوبة ذاتها على الوسيط." وأفصح الشارع عن الهدف الذى تغياه من هذا التعديل فيما تضمنته المذكرة الايضاحية للقانون من ان "بعض المؤجرين ما زالوا يحصلون على مبالغ اضافية خارج نطاق عقد الايجار كخلو رجل تحايلا منهم على (قوانين تخفيض ايجار الأماكن) التى قصد منها حماية المستأجر من مغالاة المؤجرين فى تقدير الايجار وأن المادة السادسة من القانون رقم 121 لسنة 1479 تنص على التزام المؤجر برد أية مبالغ يحصل عليها من المستأجر خارج نطاق عقد الأيجار سواء حصل عليها مباشرة أو عن طريق وسيط فى الأيجار وهذه المبالغ هى ما يعرف اصطلاحا بخلو الرجل أو أى مبالغ أخرى يحصل عليها المؤجر دون سبب مشروع والغرض من تقرير هذا الحكم هو حماية الأثار التى استهدفها المشرع من تحديد الايجار لصالح المستأجرين الا أن القانون لم يضع جزاء جنائيا على مخالفة هذه المادة ضمن العقوبات التى نص عليها فى المادة 16 منه.. لذلك يقتضى الأمر ادراج هذه المخالفة ضمن المخالفات الأخرى التى تستوجب الجزاء الجنائى الوارد بهذه المادة وتطبيقها على المؤجر أو وسيط الايجار فى حالة الحصول على هذه المبالغ.." ثم بعد ذلك وإذ صدر القانون رقم 52 لسنة 1969 - فقد نص فى المادة 17 منه على أنه "لا يجوز للمؤجر بالذات أو بالوساطة اقتضاء أى مقابل أو اتعاب بسبب تحرير العقد أو اى مبلغ أضافى خارج نطاق عقد الايجار زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها فى العقد ويسرى هذا الحظر أيضا على المستأجر.. "كما نصت المادة 45 من هذا القانون على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة شهور وبغرامة لا تجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المادة 17 سواء كان مؤجرا أو مستأجرا أو وسيطا ثم صدر القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن - الذى حصلت واقعة الدعوى الراهنة فى ظله - وأعاد صياغه حكم الحظر المقرر بالمادة 26 منه وهى التى حلت محل المادة 17 من القانون رقم 52 سنة 1969 دون أى تغيير فى مضمون القاعدة - فقد أفصح الشارع بجلاء وفى دقه تقطع دابر أى لبس عمن هو مقصود بالحظر المؤثم فنصت تلك المادة على أنه "لا يجوز للمؤجر مالكا كان أو مستأجرا بالذات أو بالوساطة اقتضاء أى مقابل أو اتعاب بسبب تحرير العقد أو أى مبلغ أضافى خارج نطاق عقد الايجار زيادة عن التأمين والاجره المنصوص عليهما فى العقد كما لا يجوز بأية صورة من الصور للمؤجر أن يتقاضى أى مقدم ايجار" ونص فى المادة 77 منه على أنه "يعاقب كل من يخالف حكم المادة 26 من هذا القانون سواء كان مؤجرا أو مستأجرا أو وسيطا بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة تعادل مثلى المبلغ الذى تقاضاه بالمخالفة لأحكام هذه المادة...." ولما كان الواضح من استقراء تلك النصوص والأعمال التشريعية التى اقترنت باصدارها ان الشارع أنما يؤثم - فى ظل العمل بهذه التشريعات - أن يتقاضى المؤجر بالذات أو بالوساطة أية مبالغ أضافية بسبب تحرير عقد الايجار أو خارج نطاقه زيادة عن التأمين والأجرة المنصوص عليها فى العقد - سواء كان ذلك المؤجر مالك العقار أو مستأجره الذى يبتغى تأجيره إلى غيره فتقوم فى جانبه حينئذ صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الايجار وهما مناط حظر اقتضاء تلك المبالغ الأضافية. ومن ثم فإن الحظر بمقتضيات تأثيمه تتحاذى فيه مسئولية المالك والمستأجر والوسيط طالما تحققت صفة المؤجر ومناسبة تحرير عقد الايجار. لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانونى الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لان هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها الى الوصف القانونى السليم، كما أنه وان كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت فى صحة اسناد التهمة الى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت وأن ملاك الأمر يرجع الى وجدان القاضى وما يطمئن اليه غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل الحكم على ما يفيد ان المحكمة محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التى قام الاتهام عليها عن بصر وبصيره وأن تكون الأسباب التى تستند اليها فى قضائها من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اثبت فى حق المطعون ضده تقاضيه مبالغ من الطاعن فى سبيل اخلاء مسكنه وأن ذلك بموافقة مالك العقار ثم انتهى الى براءته ورفض الدعوى المدنية قبله تأسيسا على انتفاء صفة المؤجر فى حقه، دون ان يناقش صورة الوساطة فى التأجير أو الاشتراك فيه، ويدلى برأى فى شأن واقعة موافقة المالك على اقتضاء المبالغ لاخلاء العين وتأجيرها وصله هذه الموافقة بفعل الطاعن ومدى اتصال ذلك بمناط التأثيم فإنه يكون مشوبا بالقصور الذى يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم مما يتعين معه نقضه والاحالة فى خصوص الدعوى المدنية.