أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 561

جلسة 9 من مايو سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة: المستشار: جمال الدين منصور وعبد العزيز عبد العاطى ومحمد صلاح خاطر ونجاح نصار.

(113)
الطعن رقم 1274 لسنة 52 القضائية

قصد جنائى. اكراه. جريمة "أركانها". سرقة.
القصد الجنائى فى جريمة السرقة. ماهيته؟
عدم لزوم التحدث عنه. استقلالا.
ركن الاكراه فى السرقة. عدم لزوم تحدث الحكم عنه استقلالا. شرط ذلك.
عقوبة "تطبيقها" "العقوبة المبررة" سرقة. اكراه.
انتفاء مصلحة الطاعن فى النعى على الحكم بالقصور فى استظهار ظرف الاكراه فى السرقة. ما دامت العقوبة الموقعة عليه مبرره مع عدم توافر هذا الظرف.
محكمة الاعادة.
اعادة المحاكمة طبقا لنص المادة 395 أ. ج. محاكمة مبتدأه. أثر ذلك؟
محكمة الاعادة. محكمة الموضوع. اثبات "بوجه عام".
عدم تقيد القاضى بما يتضمنه حكم صادر فى ذات الواقعة على متهم آخر.
ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات؟
تقدير قيام لارتباط. موضوعى. مثال.
1 - القصد الجنائى فى جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجانى وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالا.
2 - لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الاكراه فى السرقة استقلالا ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه.
3 - انتفاء مصلحة الطاعن من النعى على الحكم بالقصور فى استظهار ظرف الاكراه فى جريمتى السرقة والشروع فيها ما دامت العقوبة المقضى بها وهى الحبس مع الشغل مبررة فى القانون حتى مع عدم توافر هذا الظرف.
4 - طبقا لنص المادة 395 من قانون الاجراءات الجنائية هى بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأه - وبالتالى فانه - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - يكون لمحكمة الاعادة أن تفصل فى الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بشئ مما جاء بالحكم الغيابى.
5 - من المقرر أن القاضى وهو يحاكم منهما يجب أن يكون مطلق الحرية فى هذه المحاكمة غير مقيد بشئ مما تضمنه حكم صادر فى ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التى تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيده التى تكونت لدى القاضى الآخر.
6 - لما كان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الاجرامية التى عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة المشار اليها وكان تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه وعلى ما يسلم به الطاعن فى طعنه - تشير الى أن جريمتى السرقة والشروع فيها اللتين قارفهما الطاعن - قد وقعتا على أشخاص مختلفين وفى أوقات وأمكنه وظروف مختلفة وهو ما يفيد بذاته أن ما وقع منه لم يكن وليد نشاط اجرامى واحد، ولا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين هاتين الجريمتين، فان الحكم اذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل منهما لا يكون قد خالف القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق الحكم عليه بأنهما. أولا: سرقا النقود المبينة بالتحقيقات والمملوكة.....، ......، .....، ..... بأن اعترضا سيارتهم ليلا بالطريق العمومى الموصل بين طنطا وبلدة اخناداى وأوقفاها شاهرين أسلحتهما ومهددين أياهم بها فوقع الرعب فى نفوس المجنى عليهم وشلت بذلك مقاومتهم وتمكنا بذلك من سرقة النقود المذكورة. ثانيا: شرعا فى سرقة النقود....، .....، .....، بأن اعترضا سيارتهم أثناء سيرها بالطريق سالف البيان وأوقفاها طلبا للنقود فوقع الرعب فى نفوس المجنى عليهم وهموا فى ابراز نقودهم الا أن الجريمة خاب أثرها لسبب لا دخل لارادة المتهمين فيه هو رؤيتهما لاحدى سيارات الأتوبيس قادمة من الاتجاه المضاد وفرارهما خشبة ضبطهما والجريمة متلبس بها. وطلبت من مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا عملا بالمواد 45، 46، 315 من قانون العقوبات مع اعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمة الأولى وسنة واحده عن التهمة الثانية.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمتى السرقة بالاكراه بالطريق العام والشروع فيها قد شابه القصور فى التسبيب وانطوى على خطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يتحدث عن قصد السرقة وظرف الاكراه، هذا الى ان المحكمة أوقعت به عقوبتين عن الجريمتين على خلاف ما قضى به الحكم النهائى السابق صدوره حضوريا بالنسبة للمتهم الآخر وغيابيا بالنسبة له من اعتبار الجريمتين مرتبطتين وتوقيع عقوبة واحدة عنهما.
وحيث ان الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية لجنايتى السرقة بالاكراه بالطريق العام والشروع فيها وأورد على ثبوتهما لديه فى حق الطاعن الأدلة السائغة التى من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائى فى جريمة السرقة هو قيام العلم عند الجانى وقت ارتكاب الفعل بأنه يختلس المنقول المملوك للغير عن غير رضاء مالكه بنية امتلاكه ولا يشترط تحدث الحكم استقلالا عن هذا القصد بل يكفى أن يكون ذلك مستفادا منه، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم عن ركن الاكراه فى السرقة استقلالا ما دامت مدوناته تكشف عن توافر هذا الركن وترتب جريمة السرقة عليه، وكان الحكم قد استظهر أن الطاعن والمحكوم عليه الآخر اعترضا احدى السيارات بالطريق العام وشهرا مطواه فى وجه ركابها وتمكنا من سلب أموالهم تحت التهديد باستعمالها، وأنهما ارتكبا الجريمة عينها مع ركاب سيارة أخرى وأمكن ضبطهما قبل اتمامها، وهو ما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتى السرقة بالاكراه بالطريق العام والشروع فيها اللتين دان الطاعن بهما فانه لا يعيب الحكم من بعد عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة وركن الاكراه ويضحى ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد غير سديد. هذا الى انتفاء مصلحة الطاعن من النعى على الحكم بالقصور فى استظهار ظرف الاكراه فى جريمتى السرقة والشروع فيها ما دامت العقوبة المقضى بها وهى الحبس مع الشغل مبررة فى القانون حتى مع عدم توافر هذا الظرف. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن اعادة المحاكمة طبقا لنص المادة 395 من قانون الاجراءات الجنائية هى بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأه - وبالتالى فانه - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - يكون لمحكمة الاعادة أن تفصل فى الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بشئ مما جاء بالحكم الغيابي، وكان من المقرر أن القاضى وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية فى هذه المحاكمة غير مقيد بشئ مما تضمنه حكم صادر فى ذات الواقعة على متهم آخر ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التى تكونت لدى القاضى الآخر، ولما كان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعه الوحدة الاجرامية التى عناها الشارع بالحكم الوارد بالفقرة المشار اليها وكان تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل فى حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم المطعون فيه وعلى ما يسلم به الطاعن فى طعنه - تشير الى أن جريمتى السرقة والشروع فيها اللتين قارفهما الطاعن - قد وقعتا على أشخاص مختلفين وفى أوقات وأمكنة وظروف مختلفة وهو ما يفيد بذاته أن ما وقع منه لم يكن وليد نشاط اجرامى واحد، ولا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين هاتين الجريمتين، فان الحكم اذ أوقع على الطاعن عقوبة مستقلة عن كل منهما لا يكون قد خالف القانون. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.