أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 581

جلسة 11 من مايو سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فوزى المملوك وراغب عبد الظاهر وفوزى أسعد وعبد الرحيم نافع.

(117)
الطعن رقم 4377 لسنة 51 القضائية

1 - قذف "قذف بطريق النشر". قصد جنائى. جريمة "أركانها".
توافر حسن النية. عدم كفايته تبريرا للطعن فى أعمال الموظفين.
وجوب اقترانه باثبات صحة الوقائع المسندة الى الموظف العمومى.
2 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "بوجه عام".
حق محكمة الموضوع فى القضاء بالبراءة ورفض الدعوى المدنية. شرطة؟
3 - قذف. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
خلو الحكم من بيان المستندات التى اتخذ منها دليلا على صحة وقائع القذف. قصور.
1 - ان حسن النية الذى اشترط القانون توافره لدى القاذف تبريرا لطعنه فى أعمال الموظفين لا يكفى وحده للاعفاء من العقاب وانما يجب ان يقترن باثبات صحة الوقائع المسندة الى الموظف العمومى، فاذا عجز القاذف عن اثبات الواقعة فلا يجديه الاحتجاج بحسن نيته.
2 - لئن كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية متى تشككت فى صحة اسناد التهمة الى المتهم أو لعدم كفاية ادلة الثبوت الا ان شرط ذلك أن يكون حكمها قد اشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى واحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وفطنت الى أدلة الثبوت التى قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين ادلة النفى فرجحت دفاع المتهم وداخلتها الريبة والشك فى صحة عناصر الاتهام وخلا حكمها من الخطأ فى القانون ومن عيوب التسبيب.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد خلا كلية من بيان المستندات التى اتخذ منها دليلا على صحة كل واقعة من وقائع القذف السبع الواردة فى المقال المنشور ولم يبين مؤداها وكيف استخلص منها انها مؤدية الى ثبوت تلك الوقائع واقعة واقعة، فضلا عن عدم استظهاره مقومات الفصل فيما أثاره الطاعن من تخلف المطعون ضدهما عن الاثبات فى الميعاد المقرر فى القانون، فانه يكون قاصرا عن الاحاطة بعناصر الدعوى بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها فى الحكم.


الوقائع

أقام المدعى بالحق المدنى دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح بولاق ضد المطعون ضدهم متهما اياهم بأنهم ارتكبوا جريمة قذف بطريق النشر فى احدى الصحف (أخبار اليوم). وطلب عقابهم بالمادتين 312، 313 من قانون العقوبات والمحكمة المذكورة قضت غيابيا عملا بمادتى الاتهام ببراءة المتهمين مما نسب اليهم ورفض الدعوى المدنية والزام رافعها بمصروفاتها فأستأنف المدعى بالحق المدنى ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف والزمت المدعى بالحق المدنى المصاريف.
فطعن الاستاذ...... المحامى عن المدعى بالحق المدنى بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ قضى بتأييد الحكم الابتدائى الصادر ببراءة المطعون ضدهما الأولى والثانية من جريمة القذف فى حق الطاعن بطريق النشر المسندة اليهما وبرفض دعواه المدنية قبلهما وقبل المطعون ضده الثالث المسئول عن الحقوق المدنية، فقد شابه القصور فى التسبيب والخطأ فى تطبيق القانون. ذلك بأن هذا الحكم المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - وقد أسس قضاؤه بالبراءة وبرفض الدعوى المدنية على أن المتهمين اثبتا الوقائع التى تناولها القذف الوارد فى المقال المنشور - فهو لم يدلل على هذا الثبوت بغير عبارات عامة مرسلة دون أن يستظهر اقامة الدليل على صحة كل واقعة من الوقائع السبع التى تناولها القذف والتى جاءت فى المقال، فضلا عن أنه قد عول فى هذا الاثبات على المستندات التى ما قدمت من المطعون ضده الثالث المسئول عن الحقوق المدنية الا بعد سقوط حق المتهمين المطعون ضدهما الاولى والثانى فى اقامة الدليل على الافعال التى اسنداها الى الطاعن بفوات الميعاد المقرر قانونا طبقا للمادة 123/ 2 من قانون الاجراءات. وفى كل ذلك ما يعيب الحكم فيما قضى به فى الدعوى المدنية بما يوجب نقضه والاحالة.
وحيث ان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد حرك دعوى القذف عن طريق النشر بالطريق المباشر ونسب الى المطعون ضدها الاولى انها نشرت بجريدة أخبار اليوم التى يرأس تحريرها المطعون ضده الثانى فى عددها رقم 1714 الصادر فى 10/ 9/ 1977 مقالا عرضت فيه لتصرفاته كرئيس لمرفق مياه القاهرة بما ينطوى على قذف فى حقه عن تصرفاته فى سبع وقائع هى عطاء توريد محطة مياه امبابة وتعاقدات استيراد الشبه والنالكو والعدادات وصفقات شراء السيارات والاوناش واسلوب صرف المكافآت فى المرفق، وبعد أن نقل الحكم المطعون فيه عن صحيفة تحريك الدعوى المباشرة ما أورده الطاعن عن تلك الوقائع السبع أخذا من المقال وتعقيبا عليه، استطرد الى ما هو مقرر من استثناء الشارع عن العقاب فى جرائم القذف. الطعن الذى يحصل فى حق الموظفين العمومين أو الأشخاص ذوى الصفة النيابة العامة أو المكلفين بخدمة عامة، اذا كان حاصلا بحسن نية ولم يتعد أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة - اذا ما اثبت الطاعن حقيقة كل أمر اسنده الى المطعون ضده. ثم خلص الحكم الى أنه "بانزال هذه التقريرات القانونية على واقعة التداعى، واذ كان الثابت من حافظة مستندات المتهمين والتى تضمنت صورا لأصول مستندات صادرة من المرفق الذى يمثله المدعى بالحق المدني، الذى لم يعترض على الصور أو يجحدها ان هناك قصورا واختلالا فى الاصول الفنية والادارية والمالية فى ادارة المرفق الذى يمثله المدعى بالحق المدني. ولما كان ما تقدم فان الاتهام المسند للمتهمين لا دليل عليه من واقع ما تقدم من مستندات. واذ كان..... رائد المتهمين الدفاع عن المصلحة العامة والمحافظة على المال العام وهو ما استقر فى وجدان ويقين المحكمة ومن ثم فقد انتفى القصد الجنائى عن الواقعة محل الاتهام اذ كان النشر فى نطاق الاطار العام لحق النشر وذلك بتوافر حسن النية وانتفاء القصد الجنائى وخلص الحكم من ذلك الى تبرئة المتهمين ورفض الدعوى المدنية قبلهما وقبل المسئول عن الحقوق المدنية لانتفاء الخطأ الموجب للتعويض. لما كان ذلك، وكان حسن النية الذى اشترط القانون توافره لدى القاذف تبريرا لطعنه فى أعمال الموظفين لا يكفى وحده للاعفاء من العقاب وأنما يجب ان يقترن باثبات صحة الوقائع المسندة الى الموظف العمومى، فاذا عجز القاذف عن اثبات الواقعة فلا يجديه الاحتجاج بحسن نيته، وكان من المقرر أنه يجب أن يشمل الاثبات كل وقائع القذف المؤثرة فى جوهره واقعة واقعة، فلا يكفى القاذف أن يكون قد تثبت من واقعة ليحتج بحسن نيته فيما عداها من الوقائع التى اسندها للمقذوف فى حقه دون دليل، كما أنه ولئن كان من المقرر ان لمحكمة الموضوع ان تقضى بالبراءة ورفض الدعوى المدنية متى تشككت فى صحة اسناد التهمة الى المتهم أو لعدم كفاية ادلة الثبوت الا ان شرط ذلك أن يكون حكمها قد اشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى واحاطت بظروفها عن بصر وبصيرة وفطنت الى ادلة الثبوت التى قام عليها الاتهام ووازنت بينها وبين ادلة النفى فرجحت دفاع المتهم وداخلتها الريبه والشك فى صحة عناصر الاتهام وخلا حكمها من الخطأ فى القانون ومن عيوب التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا كلية من بيان المستندات التى اتخذ منها دليلا على صحة كل واقعة ومن وقائع القذف السبع الواردة فى المقال المنشور ولم يبين مؤداها وكيف استخلص منها انها مؤدية الى ثبوت تلك الوقائع واقعة واقعة، فضلا عن عدم استظهاره مقومات الفصل فيما أثاره الطاعن من تخلف المطعون ضدهما عن الاثبات فى الميعاد المقرر فى القانون، فانه يكون قاصرا عن الاحاطة بعناصر الدعوى بما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار اثباتها فى الحكم، وبحث ما يثيره الطاعن فى أوجه طعنه. لما كان ذلك، وكان القصور فى الحكم له الصدارة على أوجه الطعن المتعلقة بالخطأ فى تطبيق القانون، وكان الحكم المطعون فيه لم ينشئ لنفسه اسبابا جديدة يتدارك بها هذا القصور، فانه يكون معيبا بما يوجب نقضه والاحالة فيما قضى به فى الدعوى المدنية بغير حاجة الى بحث أوجه الطعن الأخرى.