أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 608

جلسة 16 من مايو سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جمال الدين منصور وعبد العزيز عبد العاطى ومحمد صلاح خاطر ونجاح نصار.

(123)
الطعن رقم 1818 لسنة 52 القضائية

1 - تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها".
المحرر الرسمى. عدم اشتراط صدوره من موظف عمومى من أول الامر.
اثر تداخل الموظف العمومى؟.
2 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائى.
عدم لزوم تحدث الحكم صراحة عن كل ركن من اركان جريمة التزوير. مناط تحقق القصد الجنائى فى جريمة التزوير فى أوراق رسمية؟
3 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تزوير "أوراق رسمية". اشتراك.
اثبات الحكم ان المتهم أنتحل شخص المجنى عليه وتسمى باسمه امام المحامى الذى تول اعداد صحيفة دعوى الاشكال على أساس ذلك. تتوافر جريمة التزوير.
4 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". أثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ فى الاسناد الذى يعيب الحكم. ماهيته؟
1 - من المقرر أن ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا فى محرر رسمى أن يكون هذا المحرر قد صدر من موظف عمومى من أول الأمر - اذ قد يكون عرفيا فى أول الأمر ثم ينقلب الى محرر رسمى بعد ذلك اذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته ففى هذه الحالة يعتبر واقعا فى محرر رسمى بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتداخل الموظف، وتنسحب رسميته على ما سبق من الاجراءات، اذ العبرة بما يؤول اليه المحرر لا بما كان عليه فى أول الامر.
2 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام أنه قد أورد من وقائع الدعوى ما يدل عليه. ويتحقق القصد الجنائى فى جريمة التزوير فى الأوراق الرسمية متى تعمد الجانى تغيير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فى الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه، وليس أمرا لازما التحدث صراحة واستقلالا فى الحكم عن توافر هذا الركن ما دام فيما أورده من الوقائع ما يشهد لقيامه.
3 - لما كان مؤدى ما أورده الحكم المطعون فيه فى بيانه لواقعة الدعوى واستعراضه لأدلتها وفى رده على دفاع الطاعنين ان ما ثبت فى حقهما هو الاشتراك فى تزوير معنوى بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة وذلك بانتحال المتهم الثانى لشخصية المجنى عليه والتسمى باسمه أمام المحامى الذى تولى اعداد صحيفة الدعوى الاشكال على أساس البيانات المغايرة للحقيقة التى زوده بها الطاعنان مما يتوافر به تغيير الحقيقة فى المحرر الرسمى باحدى الطرق المنصوص عليها فى القانون، فان النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص يكون على غير سند.
4 - من المقرر ان الخطأ فى الاسناد الذى يعيب الحكم هو الذى يقع فيما هو مؤثر فى عقيدة المحكمة التى خلصت اليها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر حسن النية هو الأستاذ...... المحامى فى تزوير صحيفة الاشكال رقم...... مستعجل القاهرة. وأملياه بيانات الصحيفة المذكورة بعد أن انتحل الثانى اسم المستأجر الأصلي، وصادقه الأول على ذلك فوقع المحامى حسن النية على صحيفة الاشكال وقدمها للموظف المختص، وتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من مستشار الاحالة احالتهما الى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا فى...... عملا بالمواد 40/ 2، 3، 41، 11، 214 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الطاعنين بالسجن لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانهما بجريمة الاشتراك فى تزوير محرر رسمى (عريضة الاشكال رقم..... مستعجل القاهرة) قد شابه القصور والخطأ فى تطبيق القانون ومخالفة الثابت فى الأوراق. ذلك بأنه أخذ الطاعنين بجناية الاشتراك فى تزوير محرر رسمى تأسيسا على أن صحيفة الاشكال هى ورقة رسمية حال أن تغيير الحقيقة وقع فى هذه الورقة قبل أن تكتسب صفة رسمية بالتأشير عليها من الموظف المختص كما لم يعرض الحكم لتوافر القصد الجنائى لدى الطاعن الثانى الذى اقتصر دوره على مجرد الاستعانة بوكيل محام لاتخاذ اجراءات طرد المدعى عليه ولم يكن يعتقد انه سيقوم بما قام به لجهله بالاجراءات، هذا الى أن الحكم قد عول فى ادانة الطاعنين على شهادة الأستاذ...... المحامى من أنهما طلبا اليه رفع دعوى الاشكال بعد ان انتحل الثانى أمامه شخصية المجنى عليه وتسمى باسمه فى صحيفتها فى حين أن مؤدى شهادة هذا الشاهد ان وكيل محام اصطحب معه آخرين وقرر له أن احدهما هو المجنى عليه ولما انصرفا بعد سداد الرسم على صحيفة الاشكال قام المتهم الثانى بوضع بصمته على الصحيفة بما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أثبت فى حق الطاعنين انهما اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر حسن النية هو الأستاذ.... المحامى فى تزوير صحيفة الاشكال رقم...... مستعجل القاهرة وذلك بأن انتحل المتهم الثانى شخصية المجنى عليه....... وتسمى باسمه أمام المحامى الذى تولى اعداد صحيفة دعوى الاشكال على أساس البيانات المغايرة للحقيقة التى زوده بها المتهمان ثم قام المتهم الأول بالتوقيع على الصحيفة وأعقب ذلك تقديمها الى الموظف المختص بقلم كتاب المحكمة الذى حصل الرسم المستحق عليها وقام بالتوقيع عليها وحدد جلسة لنظرها ثم استطرد الحكم المطعون فيه الى القول "وحيث أنه وان بدت صحيفة الدعوى فى ثوب الورقة العرفية الا أنها قد تحولت الى محرر رسمى بتدخل الموظف العمومى بقلم كتاب المحكمة الذى حصل رسمها وقام بالتوقيع عليها وقيدها بجدول القضايا وسجل لها رقمها وحدد الجلسة التى ستنظر فيها فضلا عن تدخل المحضر الذى قام باعلانها وهذه الرسمية التى اكتسبتها الورقة تنسحب على الاجراءات التى سبقت تدخل الموظف العمومى......." وانتهى الحكم الى ادانة الطاعنين بجريمة الاشتراك فى تزوير ورقة رسمية وما ذهب اليه الحكم المطعون فيه يتفق وصحيح القانون لما هو مقرر من أنه ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا فى محرر رسمى أن يكون هذا المحرر قد صدر من موظف عمومى من أول الأمر - اذ قد يكون عرفيا فى أول الأمر ثم ينقلب الى محرر رسمى بعد ذلك اذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته ففى هذه الحالة يعتبر واقعا فى محرر رسمى بمجرد أن يكتسب المحرر الصفة الرسمية بتداخل الموظف، وتنسحب رسميته على ما سبق من الاجراءات، اذ العبرة بما يؤول اليه المحرر لا بما كان عليه فى أول الامر - ومن ثم يضحى ما ذهب اليه الطاعنان من تعييب الحكم بقالة الخطأ فى تطبيق القانون ولا أساس له. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحه عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام أنه قد أورد من وقائع الدعوى ما يدل عليه. ويتحقق القصد الجنائى فى جريمة التزوير فى الأوراق الرسمية متى تعمد الجانى تغيير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فى الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه، وليس أمرا لازما التحدث صراحة واستقلالا فى الحكم عن توافر هذا الركن ما دام فيما أورده من الوقائع ما يشهد لقيامه. وكان مؤدى ما أورده الحكم المطعون فيه فى بيانه لواقعة الدعوى واستعراضه لأدلتها وفى رده على دفاع الطاعنين ان ما ثبت فى حقهما هو الاشتراك فى تزوير معنوى بجعل واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة وذلك بانتحال المتهم الثانى لشخصية المجنى عليه والتسمى باسمه أمام المحامى الذى تولى اعداد صحيفة الدعوى الاشكال على أساس البيانات المغايرة للحقيقة التى زوده بها الطاعنان مما يتوافر به تغيير الحقيقة فى المحرر الرسمى باحدى الطرق المنصوص عليها فى القانون، فان النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص يكون على غير سند. واذ كان من المقرر ان الخطأ فى الاسناد الذى يعيب الحكم هو الذى يقع فيما هو مؤثر فى عقيدة المحكمة التى خلصت اليها. فانه بفرض صحة ما ذهب إليه الطاعنان من أن الاستاذ....... المحامى قرر أن شخصا آخر قدم له الطاعنان فقرر أن أحدهما هو المجنى عليه - خلافا لما ذهب اليه الحكم من أن الطاعنين هما اللذين تقدما الى هذا الشاهد وانتحل ثانيهما اسم المجنى عليه فانه لا أثر فيما خلصت اليه المحكمة من عقيدة، اذ يستوى فى ذلك أن يكون الطاعنين قد تقدما الى الشاهد من تلقاء نفسيهما أو بواسطة شخص آخر ما دام أن المحكمة قد أثبتت فى حقهما بادلة سائغة لها معينها من الأوراق أن احدهما انتحل شخصية المجنى عليه وأنهما زودا الشاهد بيانات مغايرة للحقيقة اعد على أساسها صحيفة دعوى الاشكال، فوقعت جريمة التزوير بناء على ذلك، ومن ثم فان منعى الطاعنين على الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل.
لما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض.