أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 614

جلسة 18 من مايو سنة 1982

برياسة السيد المستشار: محمد عبد العزيز الجندى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: احمد محمود هيكل ومحمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفى عبد الجواد وكمال المتينى.

(124)
الطعن رقم 934 لسنة 52 القضائية

1 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اثبات "شهادة".
احالة الحكم فى بيان شهادة شاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند اليه منها.
2 - اثبات "بوجه عام". اصابة. سلاح. ذخيرة.
اثبات الحكم اعتمادا على أقوال الشهود والتقارير الطبية فى حق كل من المتهمين تهمة اصابة أحد المجنى عليهم نتيجة اطلاق عيار نارى كان يحمله وادانتهم بجريمة احراز سلاح وذخيرة. لا عيب.
3 - اثبات "شهادة" "خبرة". اصابة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفنى. غير لازم. كفاية أن يكونا غير متناقضين بما يستعصى على الملاءمه والتوفيق. مثال.
4 - دعوى مدنية. مسئولية مدنية. مسئولية جنائية. تعويض. تضامن.
ثبوت اتحاد الفكرة وتطابق الارادات بين المتهمين على التعدى. أثره. وجوب مساءلتهم متضامنين مدنيا عما وقع منهم أو من احدهم من فعل غير مشروع. عدم ثبوت الاتفاق بينهم. لا أثر له فى قيام المسئولية التضامينة أساس ذلك؟
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان أقوال الشاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند اليه الحكم منها.
2 - اذا كان الحكم بعد أن اثبت فى حق كل من الطاعنين الثلاثة تهمة اصابة أحد المجنى عليهم نتيجة اطلاق عيار من سلاح نارى كان يحمله، واعتمد فى ذلك على أقوال الشهود وما أسفرت عنه التقارير الطبية من ان أصابة كل من المجنى عليهم حدثت من عيار ناري، خلص الى ثبوت تهمة احراز السلاح والذخيرة فى حق كل من الطاعنين استنتاجا من الادله سالفة البيان، وهو استنتاج لازم فى منطق العقل، فان النعى على الحكم فى هذا الخصوص يضحى فى غير محله.
3 - لما كان لا تناقض بين ما انتهى الحكم اليه من ادانة الطاعنين الاول والثالث باحراز سلاح نارى غير مششخن، وما اثبته - نقلا عن التقرير الطبى الشرعى - من ان اصابة كل من المجنى عليهما الأول والثالثة تحدث عن عيار نارى معمر بمقذوف مفرد، ما دام ان الحكم قد نقل عن هذا التقرير - وبغير منازعة من الطاعنين فى سلامة مأخذه منه - أنه يتعذر تحديد نوع السلاح النارى الذى اطلق منه العيار الذى أصاب كلا من المجنى عليهما سالفى الذكر. فان منعى للطاعنين فى هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى أقوال المجنى عليها...... كما حصلها الحكم ان الطاعن الثالث اطلق صوبها عيارا ناريا من سلاح نارى أصابها فى ظهرها وصدرها، وكان الثابت بالحكم ان التقرير الطبى الشرعى أورى بأن تلك المجنى عليها أصيبت من عيار نارى أطلق عليها من الخلف واصابها بأعلا يسار الظهر ونفذ من وحشية يسار الثدى الايسر، فانه لا يكون ثمة تناقض بين الدليلين القولى والفنى، ولا يغير من ذلك أن تكون المجنى عليها قد شهدت بالتحقيقات بأن الطاعن الثالث أطلق العيار النارى الذى اصابها وهو قادم نحوها، لان قدومه على هذا النحو لا يعنى أنها لم تكن مولية له طهرها، فضلا عن أن المحكمة لم تعول على هذا الشق من قالة المجنى عليها بفرض صدوره - ولم تورده فى حكمها أو تركن اليه فى تكوين عقيدتها، ولا يعتبر ذلك منها افتئاتا على الشهادة ببترها،
4 - من المقرر قانونا أنه متى أثبت الحكم اتحاد الفكرة وتطابق الارادات لدى المتهمين على الاعتداء وقت وقوعه، فانهم جميعا يكونون مسئولين متضامنين مدنيا عما أصاب المدعين من ضرر نتيجة اصابتهم بسبب الاعتداء الذى وقع عليهم من المتهمين جميعا أو من أى واحد منهم، ولا يؤثر فى قيام هذه المسئولية التضامنية قبلهم عدم ثبوت اتفاق بينهم على التعدى، فان هذا الاتفاق انما تقتضيه فى الأصل المسئولية الجنائية عن فعل الغير، أما المسئولية المدنية فتبنى على مجرد تطابق الارادات ولو فجأة بغير تدبير سابق على الايذاء لفعل غير مشروع، فيكفى فيها ان تتوارد الخواطر على الاعتداء وتتلاقى ارادة كل مع ارادة الاخرين على ايقاعه، لتعمهم المسئولية المدنية جميعا، ولو تم التفريق بينهم فى المسئولية الجنائية ومن ثم فان ما يثيره الطاعنون فى هذا الوجه لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم أولا شرعوا فى قتل....... و...... و...... عمدا بأن أطلق المتهم الاول عيارا ناريا على المجنى عليه الاول وأطلق المتهم الثاني عيارا ناريا على المجنى عليها الثانية وأطلق المتهم الثالث عيارا ناريا على المجنى عليها الثالثة من أسلحة نارية (بنادق) كانوا يحملونها قاصدين من ذلك قتلهم فأحدثوا بهم الاصابات الموصوفة بالتقريرين الطبيين الشرعيين وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لارادتهم فيه وهو مداركة المجنى عليهم بالعلاج. ثانيا: أحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية غير مششخنة "بنادق". ثالثا: أحرزوا ذخائر (ثلاث طلقات) مما تستعمل فى الاسلحة النارية آنفة البيان دون أن يكون مرخصا لهم بحمل واحراز السلاح. وطلبت من السيد مستشار الاحالة احالتهم الى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام فقرر ذلك. وادعى المجنى عليهم مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و6 و26/ 1 - 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمى 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958 والجدول رقم 2 الملحق به والمواد 242/ 1 و32 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة والزامهم متضامنين بأن يؤدوا للمدعين بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت باعتبار ان الواقعة جنحة ضرب بسيط وجناية احراز سلاح وذخيرة بدون ترخيص.
فطعن المحكوم عليهم فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

حيث ان الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانهم بجرائم الشروع فى القتل العمد واحراز سلاح نارى وذخائر بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم اكتفى فى بيان مؤدى أقوال الشهود.... و.... و.... بالاحالة الى ما أورده من أقوال المجنى عليهم الثلاثة، على الرغم من اختلافها عما قال به الشهود، كما ادان الحكم كلا من الطاعنين باحراز سلاح نارى غير مششخن وذخائر دون أن يدلل على ذلك، فى حين أن - الثابت من التقرير الطبى الشرعى ان اصابه كل من المجنى عليهما الاول والثالثة تحدث من مقذوف مفرد، وبما ينبئ عن استخدام الجانى فى الحالين سلاحا ناريا مششخنا، وعول الحكم على رواية المجنى عليها الثالثة..... التى شهدت بأن الطاعن الثالث أطلق عليها النار أثناء قدومه نحوها، فى حين أثبت التقرير الطبى أن اصابتها حدثت من عيار نارى أطلق من خلفها، كما قضى الحكم بتضامن الطاعنين فى الالتزام بأداء التعويض المحكوم به، دون سند لهذا التضامن، وبما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الجرح العمد واحراز سلاح نارى غير مششخن وذخائر بغير ترخيص التى دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها فى حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم ان يحيل فى بيان أقوال الشاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند اليه الحكم منها، وكان يبين من مطالعة المفردات - التى ضمت تحقيقا لوجه الطعن أن أقوال الشهود الثلاثة - التى احال الحكم فى بيانها الى ما أورده من مؤدى أقوال المجنى عليهم تتفق فى جملتها مع ما شهد به المجنى عليهم سالفوا الذكر، فان منعى الطاعنين فى هذا الشأن لا يكون سديدا، لما كان ذلك، وكان الحكم بعد أن أثبت فى حق كل من الطاعنين الثلاثة تهمة اصابة أحد المجنى عليهم نتيجة اطلاق عيار من سلاح نارى كان يحمله، واعتمد فى ذلك على أقوال الشهود وما أسفرت عنه التقارير الطبية من ان اصابة كل من المجنى عليهم حدثت من عيار نارى، خلص الى ثبوت تهمة احراز السلاح والذخيرة فى حق كل من الطاعنين استنتاجا من الأدلة سالفة البيان، وهو استنتاج لازم فى منطق العقل، فان النعى على الحكم فى هذا الخصوص يضحى فى غير محله. لما كان ما تقدم. وكان لا تناقض بين ما انتهى الحكم اليه من ادانة الطاعنين الاول والثالث باحراز سلاح نارى غير مششخن، وما اثبته - نقلا عن التقرير الطبى الشرعى - من أن اصابة كل من المجنى عليهما الأول والثالثة تحدث عن عيار نارى معمر بمقذوف مفرد، ما دام ان الحكم قد نقل عن هذا التقرير - وبغير منازعة من الطاعنين فى سلامة مأخذه منه - أنه يتعذر تحديد نوع السلاح النارى الذى اطلق منه العيار الذى أصاب كلا من المجنى عليهما سالفى الذكر، فان منعى الطاعنين فى هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان الأصل أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى، بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى - كما أخذت به المحكمة - غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق، وكان مؤدى أقوال المجنى عليها..... كما حصلها الحكم ان الطاعن الثالث اطلق صوبها عيارا ناريا من سلاح نارى أصابها فى ظهرها وصدرها، وكان الثابت بالحكم ان التقرير الطبى الشرعى أورى بأن تلك المجنى عليها أصيبت من عيار نارى أطلق عليها من الخلف وأصابها بأعلا يسار الظهر ونفذ من وحشية يسار الثدى الايسر، فانه لا يكون ثمة تناقض بين الدليلين القولى والفني، ولا يغير من ذلك أن تكون المجنى عليها قد شهدت بالتحقيقات بأن الطاعن الثالث أطلق العيار النارى الذى اصابها وهو قادم نحوها، لان قدومه على هذا النحو لا يعنى أنها لم تكن مولية له طهرها، فضلا عن أن المحكمة لم تعول على هذا الشق من قالة المجنى عليها بفرض صدوره - ولم تورده فى حكمها أو تركن اليه فى تكوين عقيدتها، ولا يعتبر ذلك منها افتئاتا على الشهادة ببترها، لما هو مقرر من ان لمحكمة الموضوع تجزئة الدليل المقدم لها، وأن تأخذ بما تطمئن اليه من أقوال الشهود وتطرح ما عداه، اذ مرجع الأمر فى هذا الشأن الى اقتناعها هى وحدها. لما كان ما تقدم، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة ومن الحكم المطعون فيه أن المجنى عليهم الثلاثة قد ادعوا مدنيا قبل الطاعنين جميعا طالبين الحكم بالزامهم متضامنين بأن يدفعوا لهم قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت، فقضى لهم الحكم بذلك، وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه ان شجارا نشب بين أفراد من عائلة الطاعنين من بينهم ثلاثتهم، وآخرين من عائلة المجنى عليهم، اطلق فيه كل من الطاعنين عيارا ناريا أصاب واحدا من المجنى عليهم الثلاثة، وكان من المقرر قانونا أنه متى أثبت الحكم اتحاد الفكرة وتطابق الارادات لدى المتهمين على الاعتداء وقت وقوعه، فانهم جميعا يكونون مسئولين متضامنين مدنيا عما أصاب المدعين من ضرر نتيجة اصابتهم بسبب الاعتداء الذى وقع عليهم من المتهمين جميعا أو من أى واحد منهم، ولا يؤثر فى قيام هذه المسئولية التضامنية قبلهم عدم ثبوت اتفاق بينهم على التعدى، فان هذا الاتفاق انما تقتضيه فى الاصل المسئولية الجنائية عن فعل الغير، أما المسئولية المدنية فتبنى على مجرد تطابق الارادات ولو فجأة بغير تدبير سابق على الايذاء لفعل غير مشروع، فيكفى فيها ان تتوارد الخواطر على الاعتداء وتتلاقى ارادة كل مع ارادة الاخرين على ايقاعه، لتعمهم المسئولية المدنية جميعا، ولو تم التفريق بينهم فى المسئولية الجنائية ومن ثم فان ما يثيره الطاعنون فى هذا الوجه لا يكون له محل، لما كان ذلك، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.