أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 665

جلسة 6 من يونيه سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ أمين أمين عليوة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جمال الدين منصور، عبد العزيز عبد العاطى، محمد خاطر ونجاح نصار.

(137)
الطعن رقم 1888 لسنة 52 القضائية

(1) - (5) اختلاس "أموال أميرية". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". اثبات. جريمة "أركانها". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما يوفره". قصد جنائى.
(1) مناط العقاب. بمقتضى المادة 112 من قانون العقوبات؟
(2) مجرد وجود عجز فى حساب الموظف العام. عدم اعتباره بذاته دليلا على حصول الاختلاس. علة ذلك؟
(3) الأحكام الجنائية. وجوب أن تبنى على الجزم واليقين.
(4) اثارة الطاعن دفاعا بأن العجز فى حسابه يرجع الى عدم انتظام العمل وقيام أخريين بالتحصيل معه. دفاع جوهرى. أثر ذلك؟
(5) عدم لزوم تحدث الحكم استقلالا عن نيه الاختلاس. شرطه؟
1 - 5 - لما كان القانون قد فوض العقاب فى المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته - باعتباره حائزا له - الى التصرف فيه على اعتبار انه مملوك له، وهو معنى مركب من فعل مادى - هو التصرف فى المال - ومن عامل معنوى يقترن به هو نية اضاعة المال على ربه.
من المقرر أن مجرد وجود عجز فى حساب الموظف العمومى لا يمكن أن يكون بذاته دليلا على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئا عن خطأ فى العمليات الحسابية أو لسبب آخر.
الأحكام فى المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال.
لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس لمجرد ثبوت عجز فى حسابه دون أن يستظهر ان نيته انصرفت الى اضافة المال المختلس الى ذمته مع ان الطاعن تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن العجز فى حسابه انما يرجع الى عدم انتظار العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع - فى خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بأحد أركان الجريمة التى دين الطاعن بها - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغا الى غاية الأمر فيه - فانه يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب فضلا عن الاخلال بحق الدفاع.
لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن نية الاختلاس لأن شرط ذلك أن تكون الواقعة الجنائية التى أثبتها الحكم تفيد بذاتها ان المتهم قصد بفعلته اضافة ما اختلسه الى ملكه الأمر الذى خلت منه مدونات الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: فى الفترة من 14 من سبتمبر سنة 1974 حتى 3 من أبريل سنة 1976 بدائرة قسم مصر القديمة محافظة القاهرة. بصفته موظفا عموميا "سكرتير مدرسة......، اختلس الأموال المملوكة لوزارة التربية والتعليم والمبالغ قدرها 2267 ج و205 م (ألفان ومائتان وسبعة وستون جنيها ومائتان وخمسة مليمات) والمسلمة اليه بسبب وظيفته حالة كونه من مأمورى التحصيل وطلبت من مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمواد 112/ 1، 118، 119/ أ، 119 مكررا ( أ ) من قانون العقوبات، مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ 964 ج و827 م (تسعمائة وأربعة وستين جنيها وثمانمائة وسبعة وعشرين مليما) والزامه برد مثل هذا المبلغ وعزله من وظيفته وعدم جواز تعيينه فى أى جهة وظيفية أميرية أو نيله أى مرتب منها لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه قصور فى التسبيب وانطوى على اخلال بحق الدفاع ذلك بأنه تمسك فى ختام مرافعته بأن العجز فى عهدته مرجعه عدم انتظام العمل واشتراك آخرين معه فى التحصيل، ورغم جوهرية هذا الدفاع الذى ساقه، فان الحكم لم يعن بايراده أو الرد عليه مكتفيا فى ادانته بمجرد ثبوت العجز فى حسابه دون يستظهر انصراف نيته الى اضافة المال المختلس الى ذمته، مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث انه لما كان القانون قد فرض العقاب فى المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد يبين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته - باعتباره حائزا له - الى التصرف فيه على اعتبار انه مملوك له، وهو معنى مركب من فعل مادى - هو التصرف فى المال - ومن عامل معنوى يقترن به هو نية اضاعة المال على ربه، وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز فى حساب الموظف العمومى لا يمكن أن يكون بذاته دليلا على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئا عن خطأ فى العمليات الحسابية أو لسبب آخر. وكانت الأحكام فى المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والاحتمال، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس لمجرد ثبوت عجز فى حسابه دون أن يستظهر ان نيته انصرفت الى اضافة المال المختلس الى ذمته مع أن الطاعن تمسك فى دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن العجز فى حسابه انما يرجع الى عدم انتظام العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع - فى خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بأحد أركان الجريمة التى دين الطاعن بها - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغا الى غاية الأمر فيه - فانه يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب فضلا عن الاخلال بحق الدفاع ولا ينال من ذلك، ما هو مقرر من انه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن نية الاختلاس لأن شرط ذلك أن تكون الواقعة الجنائية التى أثبتها الحكم تفيد بذاتها ان المتهم قصد بفعلته اضافة ما اختلسه الى ملكه الأمر الذى خلت منه مدونات الحكم - لما كان ذلك فان الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والاحالة دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن.