أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 680

جلسة 8 من يونيه سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ الدكتور أحمد رفعت خفاجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدى، أحمد محمود هيكل، محمد الصوفى عبد الجواد وكمال المتينى.

(140)
الطعن رقم 1611 لسنة 52 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وايداع الأسباب".
اقتصار الطاعن فى بيان أسباب طعنه على الاحالة الى أسباب طعن آخر. اعتبار الطعن خلوا من الأسباب. أساس ذلك؟
(2) اثبات "بوجه عام". قرائن. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". اصابة عمدية.
العبرة فى المحاكمات الجنائية باقتناع قاضى الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه.
(3) اثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تساند الأدلة فى المواد الجنائية. مؤداه؟
(4) اثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم اشتراط أن يكون الدليل صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد اثباتها. كفاية أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "خبرة". اصابة عمدية.
حق محكمة الموضوع فى الجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعى فى تقريره. شرط ذلك؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر حضوريا بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1980، فقرر المحكوم عليه الاول..... بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1980 وقرر المحكوم عليه الثانى.... بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1980، وقدم الطاعنان مذكرة باسباب الطعن انصرف مضمونها للمحكوم عليه الاول وحده دون الثانى، وكل ما ورد بها بشأن الأخير هو أنه يستفيد فى حالة نقض الحكم بالنسبة للمحكوم عليه الاول بنقضه بالنسبة له أيضا لحسن سير العدالة. لما كان ذلك وكان الأصل أنه عندما يشترط القانون لصحة الطعن بوصفه عملا اجرائيا شكلا معينا فانه يجب أن يستوفى هذا العمل الاجرائى بذاته شروط صحته دون تكملته بوقائع أخرى خارجة عنه واذ خلا الطعن - بالنسبة للمحكوم عليه الثانى - من الاسباب التى بنى عليها فانه لا يصح أن يقوم مقام هذا البيان القول باستفادة الطاعن من اسباب طعن شخص آخر، وكان من المقرر ان التقرير بالطعن بالنقض فى الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وان تقديم الاسباب التى بنى عليها الطعن في الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله، وان التقرير بالطعن وتقديم اسبابه يكونان وحدة اجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الاخر ولا يغنى عنه، وكان الثابت مما تقدم ان المحكوم عليه الثانى لم يقدم اسبابا لطعنه فى الميعاد فيتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلا.
2 - العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الادلة المطروحة عليه بادانه المتهم أو براءته.
3 - لا يشترط ان تكون الادلة التى يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى اذ الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الادلة بل يكفى ان تكون الادلة فى مجموعها مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه.
4 - لا يشترط فى الدليل أن يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد اثباتها بل يكفى أن يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائر وترتيب النتائج على المقدمات.
5 - لمحكمة الموضوع ان تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعى فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى حسبما كشفت عنها قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: المتهم الأول: (1) حاز بغير ترخيص سلاحا ناريا مششخنا "مسدس" (2) حاز ذخائر "طلقة واحدة" مما تستعمل فى السلاح النارى سالف الذكر دون أن يكون مرخصا له فى حيازته أو احرازه. المتهمين معا: - أحدثا عمدا بـ.... الاصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوما مستعملين فى ذلك آلات. وطلبت الى مستشار الاحالة احالتهما الى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك، ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بالمواد 1/ 1، 6، 26/ 3 - 5 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1958، 26 لسنة 1978 والبند ( أ ) من القسم الاول من الجدول رقم 3 المرفق بالقانون الاول والمادتين 242/ 1 - 3، 32/ 2، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الاول بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر عما هو منسوب اليه وبمعاقبة المتهم الثانى بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد عما هو منسوب اليه باعتبار أن السلاح المستعمل مسدس وعصا.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

من حيث أن الحكم المطعون فيه صدر حضوريا بتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1980، فقرر المحكوم عليه الاول...... بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 7 من ديسمبر سنة 1980 وقرر المحكوم عليه الثانى...... بالطعن فيه بطريق النقض بتاريخ 28 من ديسمبر سنة 1980، وقدم الطاعنان مذكرة باسباب الطعن انصرف مضمونها للمحكوم عليه الاول وحده دون الثانى، وكل ما ورد بها بشأن الأخير هو أنه يستفيد فى حالة نقض الحكم بالنسبة للمحكوم عليه الاول بنقضه بالنسبة له أيضا لحسن سير العدالة. لما كان ذلك وكان الأصل أنه عندما يشترط القانون لصحة الطعن بوصفه عملا اجرائيا شكلا معينا فانه يجب ان يستوفى هذا العمل الاجرائى بذاته شروط صحته دون تكملته بوقائع اخرى خارجة عند واذ خلا الطعن - بالنسبة للمحكوم عليه الثانى - من الاسباب التى بنى عليها فانه لا يصح أن يقوم مقام هذا البيان القول باستفادة الطاعن من اسباب طعن شخص آخر، وكان من المقرر ان التقرير بالطعن بالنقض فى الحكم هو مناط اتصال المحكمة به وان تقديم الاسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله، وان التقرير بالطعن وتقديم اسبابه يكونان وحدة اجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الاخر ولا يغنى عنه، وكان الثابت مما تقدم ان المحكوم عليه الثانى لم يقدم اسبابا لطعنه فى الميعاد فيتعين الحكم بعدم قبول طعنه شكلا.
وحيث ان الطعن بالنسبة للمحكوم عليه الأول...... قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذا دانه بجرائم حيازة سلاح نارى وذخيرة بغير ترخيص وضرب بسيط، قد شابه قصور فى التسبيب واعتوره فساد فى الاستدلال، ذلك بأن شهادة المجنى عليه التى اخذ بها الحكم اقتصرت على أنه شاهد الطاعن ممسكا بمسدس دون أن يذكر ان العيار الذى اصابه انطلق منه، كما ان التقرير الطبى الشرعى الذى عول عليه الحكم فيما يتعلق باصابة الطلق النارى قد بنى على الترجيح وليس على الجزم، مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به اركان جرائم احراز السلاح والذخيرة بغير ترخيص والضرب البسيط التى دان بها الطاعن، وأورد على ثبوتها فى حقه ادلة سائغة مستمدة من أقوال المجنى عليه والتقرير الطبى الشرعى تؤدى الى ما رتبه عليها وحصل اقوال المجنى عليه بقوله "أنه كان فى ديوان مركز كوم حمادة فى خصومة مع عائلة المتهمين وخرج من المركز لشراء طعام وفوجئ بعصا على رأسه ونظر فوجد المتهم الثانى مسكا بالعصا ثم ثنى عليه بعصا على ذراعة فسقط على الأرض ومع الضربه الأول سمع صوت عيار نارى ونظر فوجد المتهم الأول (الطاعن) ممسكا بالمسدس ولم يكن يحس باصابة فى ذلك الوقت الا انه تبين وجود اصابة بفخذه الأيمن" كما نقل الحكم عن التقرير الطبى الشرعى بصدد اصابة الفخذ "ان المجنى عليه مصاب بسحج بالفخذ الايمن يجوز ان يكون من عيار نارى معمر بمقذوف مفرد (رصاصة) وأنه وجد فى الجلباب الذى كان يرتديه المجنى عليه تمزق نارى فتحة دخول المقذوف مفرد ليست حولها علامات ضرب (اطلاق) وتمزق نارى فتحة خروج المقذوف النارى. وقد وجدت فتحة الدخول اعلا ذيل الجلباب بحوالى 49 سم للجانب الأيمن وفتحة الخروج اعلى الذيل بحوالى 53 سم للجانب الايسر لما كان ذلك، وكانت العبرة فى المحاكمات الجنائية هى باقتناع قاضى الموضوع بناء على الادلة المطروحة عليه بادانه المتهم أو براءته، ولا يشترط ان تكون الادلة التى يعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى اذ الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الادلة بل يكفى ان تكون الادلة فى مجموعها مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه كما لا يشترط فى الدليل ان يكون صريحا دالا بنفسه على الواقعة المراد اثباتها بل يكفى ان يكون استخلاص ثبوتها عن طريق الاستنتاج مما تكشف للمحكمة من الظروف والقرائن وترتيب النتائج على المقدمات ولما كان الحكم المطعون فيه قد اقتنع مما شهد به المجنى عليه وما اثبته التقرير الطبى الشرعى بثبوت الواقعة بناء على استخلاص سائغ، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن من قصور اقوال المجنى عليه فى اسناد اصابة الفخذ للطاعن لا يعدو ان يكون جدلا موضوعيا فى حق محكمة الموضوع فى معتقدها من الادلة المطروحة عليها - والتى لا يجادل الطاعن فى ان لها أصلها من الأوراق - واطراح ما رأت الالتفات عنه مما تقبل مصادرتها فيه أو الخوض فى مناقشته أمام محكمة النقض لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تجزم بما لم يجزم به الطبيب الشرعى فى تقريره متى كانت وقائع الدعوى حسبما كشفت عنها قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها، وهو ما لم يخطئ الحكم فى تقريره، فان منعى الطاعن فى هذا الصدد يكون غير قويم.
لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.