أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 58

جلسة 6 من يناير 1998

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك نواب رئيس المحكمة وعبد التواب أبو طالب.

(6)
الطعن رقم 516 لسنة 65 القضائية

(1) قبض.
لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم دون وجه حق.
(2) تفتيش "التفتيش بقصد التوقي". قبض. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير صحة التفتيش". مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم".
تقدير الشبهة التي تخول التفتيش بقصد التوقي والتحوط من شر من قبض عليه. منوط بالقائم به تحت إشراف محكمة الموضوع. حد ذلك؟
(3) عقوبة "تنفيذها". قبض. مأمورو الضبط القضائي سلطاتهم". تفتيش "التفتيش بقصد التوقي". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
تحصيل الغرامة المحكوم بها - لا يقتضي القبض على المحكوم عليه.
وضع المتهم يده في فتحة جلبابه. لا يقوم بذاته داعياً للتخوف من استعمال سلاح في مواجهة الضابط.
تجاوز الضابط الغرض الذي شرع من أجله التفتيش. يبطله. أساس ذلك؟
بحث الضابط عن سلاح مع المتهم عند تفتيشه بقصد التوقي أو عن أشياء قد تساعده على الهرب. لا يقتضي فض لفافة من الورق المسطر عثر عليها معه بها لفافات من المخدر. لا تصلح لوضع أي منها داخلها. مؤداه: أن التفتيش تم في غير حالاته المستوجبة له. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك. خطأ في القانون.
(4) تفتيش "التفتيش بغير إذن". إثبات "شهود". نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
بطلان التفتيش. مقتضاه: بطلان الدليل المستمد منه. استطالة هذا البطلان إلى كل ما ضبط مع المتهم من مخدر وشهادة من أجراه.
خلو الدعوى من دليل صحيح على مقارفة المحكوم عليه للجريمة المسندة إليه. يوجب النقض والقضاء ببراءته.
1 - من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم دون وجه حق.
2 - لئن كان تقدير الشبهة التي تخول التفتيش بقصد التوقي والتحوط من شر من قبض عليه إذا ما سولت له نفسه التماساً للفرار أن يعتدي على غيره مما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه منوط بالقائم بالتفتيش تحت إشراف محكمة الموضوع إلا أن حد ذلك أن يكون القبض قد تم في الحالات التي يجيزها القانون وأن يكون التفتيش بقصد التوقي مقيد بالغرض منه وليس للضابط أن يتجاوز هذا الغرض إلى تفتيش لغرض آخر.
3 - لما كان الثابت مما حصله الحكم وأورده في مدوناته أن المحكوم عليه لم يصدر أمراً بالقبض عليه وإنما توجه الضابطان لتنفيذ الغرامة المحكوم بها عليه في قضية أخرى وإذ كان تحصيل الغرامة لا يقتضي القبض - وليس في وضع المتهم يده في فتحة جلبابه ما يقوم به بذاته داعي للتخوف من استعماله السلاح في مواجهة الضابطين. لما كان ذلك وكان من غير المتصور أن يقتضي بحث الضابط عن سلاح مع المتهم عند تفتيشه له تفتيشاً وقائياً أو عن أشياء تساعده على الهرب إن جاز له القبض أن يقوم بالبحث عن ذلك داخل لفافة من الورق المسطر (بداخلها خمس لفافات من مخدر الهيروين زنتها 12.72 جرام) وهي لا تصلح لوضع أي منها بداخلها - فإن ذلك التفتيش من الضابط بالكيفية التي تم بها يكون في غير حالاته التي تستوجبه وجاء متجاوزاً الغرض الذي شرع من أجله إذ استطال لغرض آخر وهو سعي من أجراه للبحث عن جريمة لا صلة لها بهذا النوع من التفتيش الأمر الذي يكون معه الدفع ببطلانه سديداً في القانون، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه.
4 - لما كان التفتيش الذي تم على المتهم باطلاً فإن الدليل المستمد منه يضحى باطلاً ويستطيل هذا البطلان إلى كل ما ضبط مع المتهم من مخدر نتيجة لذلك الإجراء الباطل ويتعين استبعاد كل دليل نتج عن التفتيش الباطل بما في ذلك شهادة من أجراه ومن ثم تكون الدعوى قد خلت من أي دليل صحيح على مقارفة المحكوم عليه للجريمة المسندة إليه ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وإحالته إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند الثاني من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق مع إعمال المادة 36 من ذات القانون والمادة 17 من قانون العقوبات. بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه مائه جنيه وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط باعتبار أن إحراز المخدر مجرد من القصود.
فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن المحكمة ردت بما لا يصلح رداً على الدفع ببطلان القبض والتفتيش مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
لما كان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم دون وجه حق، وأنه ولئن كان تقدير الشبهة التي تخول التفتيش بقصد التوقي والتحوط من شر من قبض عليه إذا ما سولت له نفسه التماساً للفرار أن يعتدي على غيره مما قد يكون محرزاً له من سلاح أو نحوه منوط بالقائم بالتفتيش تحت أشراف محكمة الموضوع إلا أن حد ذلك أن يكون القبض قد تم في الحالات التي يجيزها القانون وأن يكون التفتيش بقصد التوقي مقيد بالغرض منه وليس للضابط أن يتجاوز هذا الغرض إلى تفتيش لغرض آخر. لما كان ذلك، وكان الثابت مما حصله الحكم وأورده في مدوناته أن المحكوم عليه لم يصدر أمراً بالقبض عليه وإنما توجه الضابطان لتنفيذ الغرامة المحكوم بها عليه في قضية أخرى وإذ كان تحصيل الغرامة لا يقتضي القبض - وليس في وضع المتهم يده في فتحة جلبابه ما يقوم به بذاته داعي التخوف من استعماله السلاح في مواجهة الضابطين. لما كان ذلك، وكان من غير المتصور أن يقتضي بحث الضابط عن سلاح مع المتهم عند تفتيشه له تفتيشاً وقائياً أو عن أشياء تساعده على الهرب إن جاز له القبض أن يقوم بالبحث عن ذلك داخل لفافة من الورق المسطر (بداخلها خمس لفافات من مخدر الهيروين زنتها 12.72 جرام) وهي لا تصلح لوضع أي منها بداخلها - فإن ذلك التفتيش من الضابط بالكيفية التي تم بها يكون في غير حالاته التي تستوجبه وجاء متجاوزاً الغرض الذي شرع من أجله إذ استطال لغرض آخر وهو سعي من أجراه للبحث عن جريمة لا صلة لها بهذا النوع من التفتيش الأمر الذي يكون معه الدفع ببطلانه سديداً في القانون. وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف ذلك فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله بما يوجب نقضه.
وحيث إنه متى كان التفتيش تم على المتهم لما سلف باطلاً فإن الدليل المستمد منه يضحى باطلاً ويستطيل هذا البطلان إلى كل ما ضبط مع المتهم من مخدر نتيجة لذلك الإجراء الباطل ويتعين استبعاد كل دليل نتج عن هذا التفتيش الباطل بما في ذلك شهادة من أجراه ومن ثم تكون الدعوى قد خلت من أي دليل صحيح على مقارفة المحكوم عليه للجريمة المسندة إليه ويتعين لذلك نقض الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءته دون حاجة لبحث سائر أوجه الطعن من المتهم أو النيابة العامة.