أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 728

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1982

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدى، أحمد محمود هيكل، محمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفى عبد الجواد.

(151)
الطعن رقم 4139 لسنة 52 القضائية

1 - عفو. عقوبة "العفو عن العقوبة". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دعوى مدنية.
صدور قرار رئيس الجمهورية بالعفو عن العقوبة المحكوم بها. أثره؟
2 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود. موضوعى.
3 - اثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. حد ذلك؟
4 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعى.
5 - اثبات "اعتراف". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع تقديرها.
6 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "خبرة". ضرب "احدث عاهة".
لمحكمة الموضوع تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء والجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقديره.
7 - عقوبة "تقديرها". ضرب "أحدث عاهة". رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تغليظ العقوبة على المتهم بسبب نتيجة فعلته. رهن بتوافر حسن النية لدى المجنى عليه. أثر ذلك؟
1 - حيث ان الثابت من اوراق الدعوى ان رئيس الجمهورية اصدر القرار رقم 487 لسنة 1981 بالعفو عن العقوبة المحكوم بها على الطاعنة، لما كان ذلك، وكان الالتجاء الى رئيس الدولة للعفو عن العقوبة المحكوم بها هو الوسيلة الأخيرة للمحكوم عليها للتظلم من العقوبة الصادرة عليها والتماس اعفائها منها كلها او بعضها او ابدالها بعقوبة اخف منها فمحله اذن ان يكون الحكم القاضى بالعقوبة غير قابل للطعن بأية طريقة من طرقه العادية وغير العادية ولكن اذا كان التماس بالعفو قد حصل وصدر العفو فعلا عن العقوبة المحكوم بها قبل ان يفصل فى الطعن بطريق النقض فى الحكم الصادر بالعقوبة فان صدور هذا العفو يخرج الامر من يد القضاء مما تكون معه محكمة النقض غير مستطيعة المضى فى نظر الدعوى ويتعين عليها التقرير بعدم جواز نظر الطعن، ولما كان من المقرر أيضا ان العفو عن العقوبة لا يمكن ان يمس الفعل فى ذاته ولا يمحو الصفة الجنائية التى تظل عالقه به ولا يرفع الحكم ولا يؤثر فيما نفذ من عقوبة بل يقف دون ذلك جميعا. لما كان ما تقدم، وكان أثر العفو عن الطاعنة ينصرف الى الدعوى الجنائية وحدها ويقف دون المساس بما قضى به فى الدعوى المدنية التى تستند الى الفعل فى ذاته لا الى العقوبة المقضى بها عنه وكانت الطاعنة قد طلبت فى اسباب طعنها نقض الحكم فى كل ما قضى به سواء بالنسبة للدعوى الجنائية او الدعوى المدنية ومن ثم يتعين القضاء بعدم جواز نظر الطعن المقدم منها بالنسبة للدعوى الجنائية وحدها مع نظره بالنسبة للدعوى المدنية.
2 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه الى محكمة الموضوع تنزلة المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فان ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها.
3 - لا يعيب الحكم أو يقدح فى سلامته تناقض أقوال الشهود أو تضاربها - بفرض حصوله - ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه.
4 - الدفع بتلفيق التهمة هو دفع موضوعى لا يستأهل فى الاصل ردا صريحا بل يكفى ان يكون الرد مستفادا من الادلة التى استند اليها الحكم فى الادانة.
5 - من المقرر ان الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات وكان البين من عبارة الحكم المطعون فيه ان المحكمة لم تطمئن الى اعتراف.... لما قدرته من أنه لا يطابق الحقيقة والواقع فأطرحته فان ما تثيره الطاعنة بشأن تناقض أقوال الشهود ودلالته واطراح اعتراف زوج المجنى عليها ينحل الى جدل موضوعى فى حق محكمة الموضوع فى تقدير ادلة الدعوى مما لا تجوز مجادلتها فيه او مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام هذه المحكمة.
6 - لمحكمة الموضوع ان تجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره ولها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة اليها كما أنها لا تلتزم بالرد على المطاعن الموجهة الى تقرير الخبير مادامت قد أخذت بما جاء فيه لأن مؤدى ذلك انها لم تجد فى تلك المطاعن ما يستحق التفاتها اليه ومن ثم فان ما تثيره الطاعنة فى هذا الصدد يكون على غير أساس.
7 - من المقرر ان أحكام القانون فى تغليظ العقوبة على المتهم بسبب نتيجة فعلته انما لوحظ فيها قيام حسن النية لدى المجنى عليه ومراعاته فى حق نفسه ما يجب على الشخص العادى مراعاته، فاذا كان المجنى عليه قد تعمد تسوئ مركز المتهم فأهمل قاصدا أو كان قد وقع منه خطأ جسيم سوأ نتيجة تلك الفعلة فعند ئذ لا تصح مساءلة المتهم عما وصلت اليه حال المجنى عليه بسبب ذلك، واذ كان المجنى عليه فى الضرب أو نحوه مطالبا بتحمل المداواة المعتادة المعروفة، فانه اذا رفضها فلا يسأل المتهم عما يترتب على ذلك لان رفضه لا يكون له ما يسوغه، لكنه لا يصح ان يلزم بتحمل عملية جراحية يكون من شأنها ان تعرض حياته للخطر او ان تحدث له آلاما مبرحة واذا رفض ذلك فانه رفضه لا يكون ملحوظا فيه عنده امر المتهم وفى هذه الحالة يجب أن يتحمل المتهم النتيجة باعتبار انه كان عليه وقت ارتكاب فعله أن يتوقعها بما يلابسها من ظروف، لما كان ذلك، وكان رفض المجنى عليها لاجراء الجراحة انما كان لما قدرته من خطر على حياتها الامر الذى اكده مساعد كبير الاطباء الشرعيين بجلسة المحاكمة فان منعى الطاعنة فى هذا الخصوص يكون غير قويم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها بدائرة قسم النزهة محافظة القاهرة ضربت... بجسم صلب راض "طقطوقة كريستال" فى وجهها فأحدثت بها الاصابة الموصوفة بالتقارير الطبية الشرعية التى نشأت من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى ضيق فى المسالك الهوائية الانفية مما يعرضها مستقبلا للنزلات الصدرية تقدر بنحو 15%. وطلبت من مستشار الاحالة احالتها الى محكمة الجنايات لمحاكمتها طبقا للقيد والوصف الواردين بقرار الاتهام، فقرر ذلك. وادعت المجنى عليها قبل المتهمة مدنيا بمبلغ خمسين الف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع اعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهمة بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر وبالزامها بأن تؤدى الى المدعية بالحق المدنى مبلغ 1000 جنيه - ألف جنيه على سبيل التعويض.
فطعنت المحكوم عليها فى هذا الحكم بطريق النقض.. الخ.


المحكمة

حيث ان الثابت من أوراق الدعوى ان رئيس الجمهورية اصدر القرار رقم 487 لسنة 1981 بالعفو عن العقوبة المحكوم بها على الطاعنة، لما كان ذلك، وكان الالتجاء الى رئيس الدولة للعفو عن العقوبة المحكوم بها هو الوسيلة الأخيرة للمحكوم عليها للتظلم من العقوبة الصادرة عليها والتماس اعفائها منها كلها او بعضها او ابدالها بعقوبة اخف منها فمحله اذن ان يكون الحكم القاضى بالعقوبة غير قابل للطعن بأية طريقة من طرقه العادية وغير العادية ولكن اذا كان التماس بالعفو قد حصل وصدر العفو فعلا عن العقوبة المحكوم بها قبل ان يفصل فى الطعن بطريق النقض فى الحكم الصادر بالعقوبة فان صدور هذا العفو يخرج الامر من يد القضاء مما تكون معه محكمة النقض غير مستطيعة المضى فى نظر الدعوى ويتعين عليها التقرير بعدم جواز نظر الطعن، ولما كان من المقرر أيضا ان العفو عن العقوبة لا يمكن ان يمس الفعل فى ذاته ولا يمحو الصفة الجنائية التى تظل عالقه به ولا يرفع الحكم ولا يؤثر فيما نفذ من عقوبة بل يقف دون ذلك جميعا. لما كان ما تقدم، وكان أثر العفو عن الطاعنة ينصرف الى الدعوى الجنائية وحدها ويقف دون المساس بما قضى به فى الدعوى المدنية التى تستند الى الفعل فى ذاته لا الى العقوبة المقضى بها عنه وكانت الطاعنة قد طلبت فى اسباب طعنها نقض الحكم فى كل ما قضى به سواء بالنسبة للدعوى الجنائية او الدعوى المدنية ومن ثم يتعين القضاء بعدم جواز نظر الطعن المقدم منها بالنسبة للدعوى الجنائية وحدها مع نظره بالنسبة للدعوى المدنية.
وحيث ان الطعن بالنسبة للدعوى المدنية قد استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث ان مبنى الطعن هو الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأن الحكم عول فى قضائه بالادانة على أقوال شهود الاثبات رغم تناقضها بما يهدم الدليل المستمد منها ولم تفطن المحكمة الى دلالة ذلك على أن التهمة ملفقة بسبب الخلافات السابقة بين الطاعنة والمجنى عليها واطرح اعتراف..... بأنه هو محدث اصابة زوجته المجنى عليها التى نشأت عنها العاهة كما عول الحكم على التقرير الطبى الشرعى الذى بنى على الترجيح والافتراض دون التقرير الاستشارى رغم ما وجه الى الاول من مطاعن، هذا الى ان الثابت من الاوراق امكان شفاء المجنى عليها من تلك العاهة بجراحة رفضت اجراءها مما يقطع رابطة السببية بين الفعل المسند الى الطاعنة والنتيجة التى ترتبت عليه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها فى حقها ادلة مستمدة من أقوال المجنى عليها..... و..... و...... والتقرير الطبى الشرعى المؤيد بأقوال الدكتور..... مساعد كبير الاطباء الشرعيين بجلسة المحاكمة، وهى ادلة سائغة من شأنها ان تؤدى الى ما رتبه عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر ان وزن اقوال الشهود وتقديرها مرجعه الى محكمة الموضوع تنزلة المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فان ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها، ولا يعيب الحكم او يقدح فى سلامته تناقض أقوال الشهود أو تضاربها - بفرض حصوله - مادام الحكم قد استخلص الحقيقة من اقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه. وان الدفع بتلفيق التهمة هو دفع موضوعى لا يستأهل فى الأصل ردا صريحا بل يكفى أن يكون الرد مستفادا من الأدلة التى استند اليها الحكم فى الادانة، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد أوردت فى حكمها المطعون فيه الأسباب التى أقامت عليها قضاءها بما لا تناقض فيه واطمأنت الى أقوال شهود الاثبات واقتنعت بوقوع الحادث على الصورة التى شهدوا بها، وكان من المقرر ان الاعتراف فى المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات وكان البين من عبارة الحكم المطعون فيه ان المحكمة لم تطمئن الى اعتراف..... لما قدرته من أنه لا يطابق الحقيقة والواقع فأطرحته فان ما تثيره الطاعنة بشأن تناقض أقوال الشهود ودلالته واطراح اعتراف زوج المجنى عليها ينحل الى جدل موضوعى فى حق محكمة الموضوع فى تقدير ادلة الدعوى مما لا تجوز مجادلتها فيه او مصادرة عقيدتها فى شأنه أمام هذه المحكمة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد من واقع التقرير الطبى الشرعى ان المجنى عليها أصيبت بكسر بعظام الأنف يمكن حدوثه وفقا لتصويرها وانه تخلف عن اصابة الأنف وكسر عظامه ضيق بالمسالك الهوائية الانفية مما يعرض المجنى عليها مستقبلا للنزلات الصدرية ويعتبر عاهة مستديمة تقدر بنحو 15% فى المائة، وكان لمحكمة الموضوع ان تجزم بما لم يجزم به الخبير فى تقريره ولها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة اليها كما أنها لا تلتزم بالرد على المطاعن الموجهة الى تقرير الخبير ما دامت قد أخذت بما جاء فيه لأن مؤدى ذلك انها لم تجد فى تلك المطاعن ما يستحق التفاتها اليه ومن ثم فان ما تثيره الطاعنة فى هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أحكام القانون فى تغليظ العقوبة على المتهم بسبب نتيجة فعلته انما لوحظ فيها قيام حسن النية لدى المجنى عليه ومراعاته فى حق نفسه ما يجب على الشخص العادى مراعاته، فاذا كان المجنى عليه قد تعمد تسوئ مركز المتهم فأهمل قاصدا أو كان قد وقع منه خطأ جسيم سوأ نتيجة تلك الفعلة فعندئذ لا تصح مساءلة المتهم عما وصلت اليه حال المجنى عليه بسبب ذلك، واذ كان المجنى عليه فى الضرب أو نحوه مطالبا بتحمل المداواة المعتادة المعروفة، فانه اذا رفضها فلا يسأل المتهم عما يترتب على ذلك لأن رفضه لا يكون له ما يسوغه، لكنه لا يصح أن يلزم بتحمل عملية جراحية يكون من شأنها أن تعرض حياته للخطر أو ان تحدث له آلاما مبرحة واذا رفض ذلك فان رفضه لا يكون ملحوظا فيه عنده أمر المتهم وفى هذه الحالة يجب أن يتحمل المتهم النتيجة باعتبار انه كان عليه وقت ارتكاب فعله أن يتوقعها بما يلابسها من ظروف، لما كان ذلك، وكان رفض المجنى عليها لاجراء الجراحة انما كان لما قدرته من خطر على حياتها الامر الذى اكده مساعد كبير الاطباء الشرعيين بجلسة المحاكمة فان منعى الطاعنة فى هذا الخصوص يكون غير قويم، لما كان ما تقدم، فان الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.