أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 795

جلسة 21 من أكتوبر سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ الدكتور ابراهيم على صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ احمد أبو زيد ومحمد نجيب صالح وعوض جادو ومصطفى طاهر.

(163)
الطعن رقم 4179 لسنة 52 القضائية

1 - تزوير. محررات رسمية. جريمة "أركانها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط رسمية المحرر؟
2 - تزوير. محررات عرفية. محررات رسمية. موظفون عموميون. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
صدور المحرر من موظف عمومى من أول الأمر. غير لازم لاعتبار التزوير واقعا فى محرر رسمى. جواز أن يكون المحرر عرفيا ثم ينقلب الى محرر رسمى عند تدخل الموظف العمومى فيه فى حدود وظيفته.
3 - تزوير. محررات رسمية. جريمة "اركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
جريمة اصطناع المحرر الرسمى. مناط تحققها؟
4 - تزوير. اثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتما عدم ثبوت جريمة التزوير.
1 - مناط رسمية المحرر ان يكون صادرا من موظف عمومى مكلف بتحريره وان يقع التغيير فيما اعدت الورقة لاثباته أو فى بيان جوهرى متعلق بها.
2 - ليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا فى محرر رسمى أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومى من أول الأمر، ذلك ان المحرر قد يكون عرفيا فى أول الأمر ثم ينقلب الى محرر رسمى بعد ذلك اذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته، ففى هذه الحالة يعتبر التزوير واقعا فى محرر رسمى بمجرد أن يكتسب المحرر صفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ماسبق ذلك من الاجراءات،
3 - لا يشترط فى جريمة التزوير فى الأوراق الرسمية ان تكون قد صدرت فعلا من الموظف المختص بتحريرها بل يكفى لتحقق الجريمة - كما هو الشأن فى حالة الاصطناع - أن تعطى الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذبا الى موظف عام للايهام برسميتها، ويكفى فى هذا المقام أن تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف فى تحريرها بما يوهم انه هو الذى باشر اجراءاته فى حدود اختصاصه.
4 - عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتما عدم ثبوت جريمة التزوير اذ الأمر فى هذا مرجعه الى قيام الدليل على حصول التزوير ونسبته الى المتهم وللمحكمة أن تكون عقيدتها فى ذلك بكل طرق الاثبات.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا: بصفته موظفا عموميا (كاتب خفر مركز شرطة الفشن) اشترك بطريق المساعدة مع موظفين عموميين حسنى النية في ارتكاب تزوير فى أوراق أميرية حال تحريرها المختصين بوظائفهم بأن أصدر الاشارات التليفونية المبينة تفصيلا بالتحقيقات الى كل من...... و...... و...... و...... و....... عمال تليفونات نقط ونواحى المركز ونسب صدورها الى مأمور مركز شرطة الفشن بشأن تعيين كل من...... و...... و...... و....... و....... و....... و........ و....... و...... كخفراء نظاميين على خلاف الحقيقة مع علمه بذلك فقام كل منهم باثباتها بدفتر الاشارات وتمت الجريمة بناء على هذه المساعدة. ثانيا: تداخل فى وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن يكون له صفة رسمية فيها وأجرى عملا من مقتضيات احدى هذه الوظائف بأن عين المذكورين آنفا كخفراء نظاميين بالنقط والنواحى التابعة لمركز شرطة الفشن وذلك باصدار اشارات تليفونية باسم مأمور مركز الفشن وأبلغها الى عمال التليفونات سالفى الذكر وقد تم التعيين بناء على هذه الاشارات. وطلبت الى مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا لمواد الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنى سويف قضت حضوريا عملا بالمواد 40، 41، 155، 211، 213، 32 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاثة سنوات. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض. وبتاريخ.. قضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية الى محكمة جنايات بنى سويف لتفصل فيها من جديد مشكله من قضاة آخرين. والمحكمة الأخيرة قضت حضوريا عملا بالمواد 40، 41، 155، 211، 213 من قانون العقوبات مع أعمال المادتين 32، 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين عن التهمتين.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... الخ.


المحكمة

حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمتى الاشتراك فى تزوير محرر رسمى والتداخل فى وظيفه عمومية من غير ان تكون له صفة رسمية فيها قد انطوى على خطأ فى تطبيق القانون وشابه الخطأ فى الاسناد ذلك بأن حديث الطاعن مع نقط الشرطة شفويا والابلاغ تليفونيا بتعيين خفراء لا يعد تزويرا فى محرر رسمى فضلا عن ان الطاعن ليس مختصا بابلاغ الاشارات أو تدوينها بل أن مأمور المركز هو الذى يحررها ويوقع عليها ثم ينقلها تليفونيا كما وان المحررات التى قيل بتزويرها - وهى دفاتر الاشارات - تبين انها استهلكت وبعضها لم تطلع عليه النيابة والمحكمة، هذا الى أن الحكم قد استند فى ادانته الى أنه أعترف بارسال الاشارات التليفونية وأنه نسب صدورها الى مأمور المركز فى حين ان الثابت بأقواله بالتحقيقات أنه لم ينسبها لأحد وأنه بلغها شخصيا باسمه - كل ذلك مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله "ان المتهم..... بصفته موظفا عموميا - كاتب خفر بمركز شرطة الفشن محافظة بنى سويف - قام فى الفترة من يوم.... حتى..... بالاشتراك مع موظفين عموميين حسنى النية فى ارتكاب تزوير فى اوراق أميرية قام المختصون بتحريرها وذلك بأن اصدر المتهم الاشارات التليفونية المزورة والموضحة بالتحقيقات على خلاف الحقيقة ناسبا صدورها الى مأمور مركز شرطة الفشن الى كل من: ...... و...... و...... و....... و....... و....... عمال تليفونات نقط الشرطة بنواحى المركز بشأن تعيين كل من: ...... و...... و....... و...... و...... و....... و........ و...... كخفراء نظاميين على خلاف الحقيقة مع علمه بذلك. فقام كل منهم باثباتها بدفتر الاشارات وانه بوصفه السابق تداخل فى وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن يكون له صفة رسمية بأن أجرى عملا من مقتضيات احدى هذه الوظائف بأن عين المذكورين كخفراء نظاميين بالنقط التابعة لمركز شرطة الفشن وذلك باصدار اشارات تليفونية باسم مأمور مركز الفشن وتم هذا التعيين بناء على هذه الاشارات وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة ادلة مستمدة من أقوال كل من المقدم....... مأمور مركز الفشن والنقيب...... معاون شرطة المركز والملازم اول....... وباقى شهود الاثبات وما اثبت بدفاتر احوال نقطه شرطة شنرا وصفط الصرفا وصفط النور وابسوج بتعيين الخفراء محل الواقعة واستمرار عملهم حتى يوم...... ومن اعتراف الطاعن بالتحقيقات بارسال الاشارات التليفونية سالفة البيان. وهى أدلة سائغة تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها - لما كان ذلك وكان مناط رسمية المحرر أن يكون صادرا من موظف عمومى مكلف بتحريره وأن يقع التغيير فيما أعدت الورقة لاثباته أو فى بيان جوهرى متعلق بها، وليس بشرط لاعتبار التزوير واقعا فى محرر رسمى أن يكون هذا المحرر قد صدر عن موظف عمومى من اول الأمر، ذلك ان المحرر قد يكون عرفيا فى اول الأمر ثم ينقلب الى محرر رسمى بعد ذلك اذا ما تداخل فيه موظف عمومى فى حدود وظيفته، ففى هذه الحالة يعتبر التزوير واقعا فى محرر رسمى بمجرد أن يكتسب المحرر صفة الرسمية بتدخل الموظف وتنسحب رسميته على ماسبق ذلك من الاجراءات، وكان لا يشترط فى جريمة التزوير فى الاوراق الرسمية ان تكون قد صدرت فعلا من الموظف المختص بتحريرها بل يكفى لتحقق الجريمة - كما هو الشأن فى حالة الاصطناع - أن تعطى الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذبا الى موظف عام للايهام برسميتها، ويكفى فى هذا المقام أن تحتوى الورقة على ما يفيد تدخل الموظف فى تحريرها بما يوهم أنه هو الذى باشر اجراءاته فى حدود اختصاصه. واذ كان عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتما عدم ثبوت جريمة التزوير اذ الامر فى هذا مرجعه الى قيام الدليل على حصول التزوير ونسبته الى المتهم وللمحكمة أن تكون عقيدتها فى ذلك بكل طرق الاثبات. وكان الحكم قد عرض لما أثاره الدفاع بوجه الطعن عن عدم توافر أركان جريمة التزوير واطرحه فى قوله "وحيث ان ما ذهب اليه الدفاع عن المتهم مردود بأن دفتر الاشارات الموجود لدى عمال التليفونات بالقرى والضواحى هى سجلات رسمية معدة لاثبات التبليغات والأوامر الحكومية التى تصدرها الدولة ممثلة فى اشخاص موظفيها ويقوم باثباتها من جهة أخرى موظفون عموميون فان ارسال اشارات تليفونية على غير الحقيقة متضمنه واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة ومنسوب صدورها لمسئول الى موظف رسمى مختص بتبليغها وقيام هذا الاخير باثباتها فى السجل المعد لذلك فان ذلك يعتبر تزويرا فى أوراق رسمية كما ان الدفاع سالف الذكر مردود أيضا بأنه وان كان قد ثبت من كتاب مديرية أمن بنى سويف رقم.... المؤرخ.... ان الحرز الذى يحوى الأوراق المزورة قد استهلك نظرا لانتهاء العمل به ومضى المدة القانونية ومن ثم استحال ضمه لأوراق الدعوى فان هذا لا ينال من صحه ثبوت الواقعة فى حق المتهم على النحو السالف بيانه طالما ان الأوراق المنسوب اليه الاشتراك فى تزويرها كانت موجودة فعلا ولها أصل ثابت فى أوراق الدعوى اذ لا تشترط فى هذه الحالة اطلاع المحكمة عليها للقضاء بالادانة طالما ان المحكمة كونت عقيدتها مما أثبت بشأنها فى محاضر التحقيقات التى اجرتها سلطات التحقيق - ولما كان الثابت بيقين من ادلة الاثبات سالفة الذكر ان المتهم ارسل اشارات الى جهات الشرطة التابعة لمركز الفشن زيلها بما يتضمن صدورها من مأمور المركز فان دفاعه القائم على عدم اطلاع المحكمة على الاوراق سالفة الذكر يكون فى غير محله خاصة وانه أثبت فى محاضر تحقيق النيابة مضمون تلك الاشارات وما يفيد صدورها عن المأمور..... الخ" وكان هذا الذى أورده الحكم يتفق وصحيح القانون فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب الى الطاعن اعترافا بالتداخل فى وظيفة مأمور المركز - خلافا لما يدعيه الطاعن فى طعنه - بل حصل اعترافه بما مؤداه أنه أرسل اشارات تليفونية الى القرى التابع لها الخفراء الذين اجتازوا الاختبارات تتضمن تعيينهم خفراء اداريين - وهو مالا يمارى فيه الطاعن - فان النعى على الحكم بدعوى الخطأ فى الاسناد يكون غير صحيح - لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.