أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 90

جلسة 14 من يناير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ يحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نائبي المحكمة ومحمد عيد سالم وإبراهيم العربي عبد المنعم.

(13)
الطعن رقم 41691 لسنة 59 القضائية

(1) دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". نقض "الصفة والمصلحة في الطعن".
القضاء ببراءة المتهم لعدم ثبوت التهمة. يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم.
للمدعي بالحقوق المدنية الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
لمحكمة الموضوع القضاء ببراءة المتهم متى تشككت في صحة إسناد التهمة إليه. شرط ذلك؟
(3) دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الحيازة الفعلية للعقار طالت مدتها أو قصرت. وجوب حمايتها من اعتداء الغير عليها. المادة 370 عقوبات.
الحيازة قانوناً هي وضع اليد على الشيء والسيطرة عليه سيطرة فعلية والانتفاع به واستغلاله بكافة الوجوه المادية القابل لها. اختلافها تبعاً لطبيعة الشيء المحوز. مؤدي ذلك؟
اقتصار الطاعن على التردد على العين لتجهيزها. غير كاف لحيازته لها. أساس ذلك؟
إغفال الحكم المطعون فيه بيان طبيعة العين موضوع النزاع وحالتها وظروف تردد الطاعن عليها وما إذا كان ذلك التردد يكشف عن سيطرته عليها من عدمه وكيفية استدلاله على انتفاء حيازته لها وسنده في ذلك وعدم تعرضه لأدلة الثبوت القائمة في الدعوى. قصور.
(1) لما كان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمة دخول مكان معد للسكن في حيازة الطاعن بقصد منع حيازته بالقوة على أساس أن التهمة غير ثابتة في حقه وهو قضاء ضمني على الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعن. بما يؤدى إلى رفضها لأن القضاء بالبراءة في صدد الدعوى الجنائية المقام على عدم ثبوت التهمة إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم. فإن الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية والذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية أمام محكمة ثاني درجة - تتوافر له الصفة والمصلحة في الطعن وإن لم ينص في منطوق الحكم المطعون فيه على رفض دعواه المدنية.
(2) من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية الأدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. وما دام قد أقام قضاءه على أساس يحمله وطالما جاءت أسبابه خالية من الخطأ في القانون ومن عيوب التسبيب.
(3) لما كان من المقرر قانوناً في تطبيق المادة 370 من قانون العقوبات أنه يتعين إسباغ الحماية على حائز العقار الفعلي من اعتداء الغير على تلك الحيازة طالت مدتها أو قصرت. وكانت الحيازة قانوناً هي وضع اليد على الشيء والسيطرة عليه سيطرة فعلية والانتفاع به واستغلاله بكافة الوجوه المادية القابل لها وهي تختلف تبعاً لطبيعة الشيء المحوز، فإذا كانت طبيعة العين أو الظروف المحيطة بطريقة استغلالها لا تسمح بأكثر من وضع يد متقطع. فإن اقتران وضع اليد على هذه الصورة بنية الحيازة على سبيل الاستمرار كلما تهيأت أسبابها يكفي لتوفر الحيازة بركنيها المادي والأدبي. ولما كان الحكم المطعون فيه قد رتب على ما أورده في مدوناته من أن تردد الطاعن على الشقة موضوع النزاع مع العمال لتجهيزها ينفي أنه حائز لتلك الشقة. وكان اقتصار الطاعن على التردد على الشقة لتجهيزها ليس من شأنه أن ينفي عنه صفة الحائز لها إذ قد يكون ذلك التردد هو فقط ما يتطلبه الانتفاع بالشقة وفقاً لطبيعتها في هذه الظروف. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يبين طبيعة الشقة موضوع النزاع وحالتها وظروف تردد الطاعن عليها وما إذا كان تردده على الشقة في هذه الظروف التي وقع فيها يكشف عن سيطرته عليها من عدمه. ولم يبين كيف استدل بما أورده فيما تقدم على انتفاء حيازة الطاعن للشقة موضوع النزاع وسنده في هذا الاستدلال، كما لم يعرض في قضائه بالبراءة لأدلة الثبوت القائمة في الدعوى والتي عول عليها الحكم الابتدائي في التثبت من أن الحيازة الفعلية معقودة للطاعن وهي أقوال الطاعن وجيران العقار. فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة قد أصدرت حكمها المطعون فيه دون إحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لأدلتها مما يصمه بالقصور, بما يتعين نقضه والإعادة في خصوص الدعوى المدنية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه دخل بيتاً معداً للسكني في حيازة....... قاصداً من ذلك منع حيازته بالقوة. وطلبت عقابه بالمادة 370 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المطعون ضده بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح قسم الساحل قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المطعون ضده مائه جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وتأييد قرار قاضي الحيازة. استأنف ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضده.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمة دخول مكان معد للسكنى في حيازة الطاعن بقصد منع حيازته بالقوة على أساس أن التهمة غير ثابتة في حقه وهو قضاء ينطوي ضمناً على الفصل في الدعوى المدنية المقامة من الطاعن بما يؤدى إلى رفضها لأن القضاء بالبراءة في صدد الدعوى الجنائية المقام على عدم ثبوت التهمة إنما يتلازم معه الحكم برفض الدعوى المدنية ولو لم ينص على ذلك في منطوق الحكم. فإن الطاعن - المدعي بالحقوق المدنية والذي كان طرفاً في الخصومة الاستئنافية أمام محكمة ثاني درجة - تتوافر له الصفة والمصلحة في الطعن وإن لم ينص في منطوق الحكم المطعون فيه على رفض دعواه المدنية وقد استوفى الطعن الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ضمناً برفض دعواه المدنية بناء على براءة المطعون ضده من تهمة دخول مكان معد للسكني في حيازته بقصد منع حيازته بالقوة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. ذلك بأن أسس قضاءه على مجرد القول بأنه لم يكن حائزاً للعقار برغم ما شهد به الجيران وما قدمه من مستندات تثبت حيازته له ودون أن يعني ببيان ظروف الواقعة أو يعرض للأدلة القائمة في الدعوى، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه ببراءة المطعون ضده من جريمة دخول مكان معد للسكني في حيازة الطاعن بقصد منع حيازته بالقوة على قوله "من حيث إن الثابت من مطالعة محضر الشرطة المؤرخ 25/ 12/ 1987 أن المجني عليه قرر أنه كان يتردد فقط على الشقة محل النزاع مع العمال لتجهيزها وهو الأمر الذي يفيد أن الشقة المذكورة لم تكن في حيازة المجني عليه وإلا اعتبر العمال هم الآخرين حائزين لتلك الشقة وبالتالي فقد تخلف أحد شروط تطبيق المادة 370 عقوبات ومن ثم تقضي المحكمة والحال كذلك ببراءة المتهم مما أسند إليه وبإلغاء قرار قاضي الحيازة". لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضى بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت غير أن ذلك مشروط بأن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام الاتهام عليها عن بصر وبصيرة ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجحت دفاع المتهم أو داخلتها الريبة في صحة عناصر الإثبات. وما دام قد أقام قضاءه على أساس يحمله وطالما جاءت أسبابه خالية من الخطأ في القانون ومن عيوب التسبيب. لما كان ذلك وكان من المقرر قانوناً في تطبيق المادة 370 من قانون العقوبات أنه يتعين إسباغ الحماية على حائز العقار الفعلي من اعتداء الغير على تلك الحيازة طالت مدتها أو قصرت. وكانت الحيازة قانوناً هي وضع اليد على الشيء والسيطرة عليه سيطرة فعلية والانتفاع به واستغلاله بكافة الوجود المادية القابل لها وهي تختلف تبعاً لطبيعة الشيء المحوز، فإذا كانت طبيعة العين أو الظروف المحيطة بطريقة استغلالها لا تسمح بأكثر من وضع يد متقطع. فإن اقتران وضع اليد على هذه الصورة بنية الحيازة على سبيل الاستمرار كلما تهيأت أسبابها يكفي لتوفر الحيازة بركنيها المادي والأدبي. ولما كان الحكم المطعون فيه قد رتب على ما أورده في مدوناته من أن تردد الطاعن على الشقة موضوع النزاع مع العمال لتجهيزها ينفي أنه حائز لتلك الشقة. وكان اقتصار الطاعن على التردد على الشقة لتجهيزها ليس من شأنه أن ينفي عنه صفة الحائز لها إذ قد يكون ذلك التردد هو فقط ما يتطلبه الانتفاع بالشقة وفقاً لطبيعتها في هذه الظروف. وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يبين طبيعة الشقة موضوع النزاع وحالتها وظروف تردد الطاعن عليها وما إذا كان تردد على الشقة في هذه الظروف التي وقع فيها يكشف عن سيطرته عليها من عدمه. ولم يبين كيف استدل بما أورده فيما تقدم على انتقاء حيازة الطاعن للشقة موضوع النزاع وسنده في هذا الاستدلال، كما لم يعرض في قضائه بالبراءة لأدلة الثبوت القائمة في الدعوى والتي عول عليها الحكم الابتدائي في التثبت من أن الحيازة معقودة للطاعن وهي أقوال الطاعن وجيران العقار. فإن ذلك ينبئ عن أن المحكمة قد أصدرت حكمها المطعون فيه دون إحاطة كافية بظروف الدعوى وتمحيص سليم لأدلتها مما يصمه بالقصور, بما يتعين نقضه والإعادة في خصوص الدعوى المدنية، وذلك دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.