أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 111

جلسة 18 من يناير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد علي عبد الواحد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجى وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة وممدوح يوسف.

(16)
الطعن رقم 430 لسنة 66 القضائية

1 - إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الاعتراف في المسائل الجنائية. عنصر من عناصر الاستدلال. تقدير صحته وقيمته في الإثبات. وما إذا كان نتيجة إكراه. موضوعي.
للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة. وإن عدل عنه. ما دامت قد اطمأنت إلى صدقه ومطابقته للواقع.
2 - تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
3 - إثبات "بوجه عام". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم. حق لمحكمة الموضوع. لها أن تطمئن إليها في حق متهم ولا تطمئن إليها في حق متهم آخر.
حق محكمة الموضوع التعويل على التحريات. باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة. ولها تجزئتها والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وسلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام محكمة النقض.
(4) إذن التفتيش "بياناته". استدلالات. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي بتزوير توقيعات محرر محضر التحريات ومصدر الإذن بالتفتيش. لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
ورود النعي على شكل التوقيع، لا يعيب محضر التحريات أو إذن التفتيش. أساس ذلك؟
(5) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(6) تفتيش "إذن التفتيش". قبض. دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض لا جرائه قبل صدور الإذن. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن.
قرار المحكمة بضم دفتر الأحوال. تحضيري. لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتمية العمل على تنفيذه.
(7) عقوبة "الإعفاء منها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب الإعفاء من العقاب. إلا إذا دفع أمامها بذلك. إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(8) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير توافر قصد الاتجار في جريمة إحراز المخدر. موضوعي. حد ذلك؟
(9) محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مثول الطاعن بالجلسة التي صدر فيها الحكم دون حضور محاميه. لا يخل بحقه في الدفاع. طالما استكملت الواقعة والدفاع عنه في جلسات سابقة.
(10) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة في أخذها بأقوال المتهم نصها وظاهرها. تسميتها اعترافاً. لا يعيب الحكم طالما لم يرتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
(11) مواد مخدرة. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم قصوره في التدليل على جريمة تأليف التشكيل العصابي. غير مجد. ما دامت العقوبة التي أوقعها تدخل في الحدود المقررة لجريمة إحراز مخدر الهيروين بقصد الاتجار التي أثبتها في حقه.
(12) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي. أخذ المحكمة بشهادتهم. مفاده؟
تناقض الشهود في بعض التفاصيل. لا يعيب الحكم. ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز أمام محكمة النقض.
(13) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
أوجه الطعن لا يقبل منها. إلا ما اتصل بشخص الطاعن.
(14) مواد مخدرة. استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه".
انتهاء الحكم إلى جدية التحريات وسلامة الإذن الصادر بناء عليها. أثره: تسويغ الاستدلال بما أسفر عنه تنفيذ الإذن من ضبط المخدر.
(15) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إثبات الحكم تخلي الطاعن عن المخدر عند مشاهدته مأموري الضبط القضائي. كفايته لتوافر الركن المادي في جريمة إحراز المخدر.
(16) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدر. مناطها؟
القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر. تحققه. بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة. التحدث عنه استقلالاً غير لازم متى كان ما أورده الحكم كافياً في الدلالة عليه.
(17) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة.
(18) أسباب الإباحة موانع العقاب "الجنون والعاهة العقلية". مسئولية جنائية. قانون "تفسيره". إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية قانوناً طبقاً للمادة 62 عقوبات. ماهيته؟
الأحوال النفسية التي لا تفقد الشعور والإدراك. ليست سبباً لانعدام المسئولية.
تقدير حالة المتهم العقلية. موضوعي. ما دام سائغاً.
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات، حق لمحكمة الموضوع. عدم التزامها بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير. ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجاوز العقل والمنطق.
(19) قانون "قانون أصلح". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لتسبيب سائغ في رفض دفاع الطاعن بتطبيق القانون الأصلح بشأن عدم نشر الجدول الجديد الملحق بقرار وزير الصحة رقم 13 لسنة 1994.
(20) إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تشكيك الطاعن في إقراره للضباط. جدل موضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
1 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولا يغير من ذلك عدول الطاعن عن اعترافه بجلسة المحاكمة وإنكاره الاتهام المسند إليه إذ أنه من المقرر أنه لا على الحكم إن أخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشويه من عيب. الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة لمتهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر كما أن لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بالتحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى ولها أن تجزئها فتأخذ بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.
4 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن تزوير توقيعات محرر محضر التحريات ومصدر الإذن بالتفتيش ولم يطلب إجراء تحقيق معين في شأن ذلك فليس له أن يتمسك بهذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يصح لو النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن إنما يرد في حقيقته على شكل التوقيع في حد ذاته مما لا يعيب محضر التحريات أو إذن التفتيش الصادر بناء عليها ويضحى النعي على الحكم لهذا السبب في غير محله.
5 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه لإجرائه قبل صدور الإذن وكان هذا الدفع - بفرض إثارته - إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها - كما هو الحال في الدعوى - فلا يعيب الحكم من بعد قضاءه في الدعوى دون ضم دفتر الأحوال استجابة لطلب المتهم الخامس لأنه فضلاً عن تنازل المتهمين جميعاً عن الطلبات السابق إبداؤها مما يفقد هذا الطلب خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته، فإن قرار المحكمة في هذا الشأن لا يعدو قراراً تحضيرياً تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع أدلتها لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق.
7 - من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب إلا إذا دفع بذلك أمامها وكان الطاعن لم يثر هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض.
8 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجاه هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام يقيم قضاءه في شأنها على أسباب تحمله.
9 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد استكمل مرافعته والدفاع عنه في جلسات سابقة على تلك التي صدر فيها الحكم المطعون فيه والتي كانت الدعوى قد أجلت إليها لاستكمال المرافعة عن المتهم الخامس وبذلك تكون المحكمة قد كفلت للطاعن حقه في الدفاع على النحو المعتبر في القانون ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لمثوله جلسة المرافعة الأخيرة دون حضور محاميه لا يكون له محل.
10 - لما كان قول الطاعن حسبما جاء بأسباب طعنه أنه كان يبحث له عن شخص يشتري وأنه لم يتمكن من ذلك تعتبر أقوالاً تحمل معني الإقرار بإحراز المخدر ومن ثم فإن الحكم يكون سليماً ومبنياً على فهم صحيح للواقعة إذ المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها ولا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال الطاعن اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف ويكون النعي على الحكم بالقصور في التسبيب في غير محله.
11 - لا جدوى في النعي على الحكم قصوره في التدليل على جريمة تأليف التشكيل العصابي ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة إحراز مخدر الهيروين بقصد الاتجاه التي أثبتها الحكم في حقه لأن العقوبة للجريمتين واحدة.
12 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته كما هو الحال في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينخل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما اتصل منها بشخص الطاعن.
14 - لما كان الحكم إذ انتهى إلى جدية التحريات وسلامة الإذن الصادر بناء عليها فإن ذلك مما يسوغ به الاستدلال بما أسفر عنه تنفيذ الإذن من ضبط المخدر.
15 - لما كان الحكم قد نقل عن الشهود..... و...... و...... قولهم أنه بالانتقال إلى مسكن المتهم الثاني - الطاعن الأول - شاهدوا المتهم الثالث يجلس داخل حجرة على يسار الداخل ممسكاً بكيس تخلى عنه عند مشاهدته القوة فالتقطه الأول وعثر بداخله على ستة أكياس من النايلون ثبت أنها تحتوي على مخدر الهيروين وكان الطاعن لا يجادل في صحة ما نقله الحكم تحصيلاً لأقوال الشهود وتقرير المعمل الكيماوي فإن في ذلك ما يكفي لتوافر الركن المادي في جريمة إحراز المخدر المضبوط ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله.
16 - من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجوهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدرات اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأي صورة من علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة.
17 - من المقرر أن الدفع بشيوع التهمة - بفرض إثارته - من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي حصلها الحكم.
18 - لما كان الحكم قد فسر المرض الذي لا يجوز محاكمة الشخص المصاب به طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 339 من قانون الإجراءات الجنائية بأنه المرض العقلي وهو تفسير صحيح يتفق وصريح اللفظ ومدلوله ويتلاءم مع ما جرى به قضاء محكمة النقض من أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية قانوناً طبقاً لنص المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة. وكان المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيها يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم لها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافى العقل والمنطق. وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير اللجنة الطبية التي شكلت لملاحظة الطاعن بعد إيداعه مستشفى الصحة النفسية وإلى أقوال أعضائها الذين سمعتهم بالجلسة من أن الطاعن لا يعانى من مرض نفسي وأطرحت دفاع الطاعن في هذا الشأن وكان ردها على هذا الدفاع على النحو الذي أوردته في حكمها يتسع لدفاع الطاعن القائم على انعدام مسئوليته وعدم جواز محاكمته وكافياً في إطراحه فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
19 - لما كان الحكم قد رد على ما قام عليه دفاع الطاعن بتطبيق القانون الأصلح استناداً إلى عدم نشر الجدول الملحق بالقرار رقم 13 لسنة 1994 في تاريخ نشر القرار واستدراك ذلك السهو في تاريخ لاحق وأطرحه بقوله أن "هذا الدفاع ظاهر الفساد آية ذلك أن المقصود بالنشر في الوقائع المصرية هو نشر القرار كاملاً بما يتضمنه من جدول فإذا أغفل القرار الوزاري المذكور نشر الجدول الجديد فإنه يظل العمل بالجدول الأول الملحق بالقانون سارياً لعدم نسخه بتمام نشر الجدول الجديد ولا يعد الجدول القديم منسوخاً إلا من تاريخ نشر الجديد كاملاً والقول بغير ذلك لا يتفق مع عقل أو منطق كما لا يتفق والقواعد الأساسية لمشروعية العقاب التي تقضي بأن أحكام القوانين لا تسري إلى على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ما لم ينص على خلاف ذلك بنص خاص، هذا فضلاً عن أن عدم نشر الجدول الجديد خطأ أو سهواً - لا يمكن أن يقصد به المشرع عدم العقاب على المواد الواردة بالجدول القديم، وكان ما أورده الحكم رداً على هذا الدفع صحيحاً ويتفق وصحيح القانون فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله.
20 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن صدور اعتراف مستقل عنه وإنما عول في قضائه على أقوال الضباط الثلاثة الذين قاموا بالضبط بما تضمنته من إقرار الطاعن لهم بحيازة المخدر المضبوط في سيارته بقصد الاتجار ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولا يعدو ما يثيره في هذا الشأن أن يكون محاولة للتشكيك في صحة إقراره للضباط الثلاثة بما ينحل ذلك إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ......، 2 - ......، 3 - ....، 4 - ....، 5 - ..... (طاعن) أولاً المتهمون جميعاً: ألفوا تشكيلاً عصابياً من أغراضه جلب الجواهر المخدرة والاتجار فيها داخل البلاد. ثانياً المتهم: الخامس جلب جوهراً مخدراً (هيروين) إلى داخل البلاد وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وبدون تصريح كتابي من الجهة الإدارية المختصة. ثالثاً المتهمون الأول والثاني والرابع والخامس: حازوا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. رابعاً المتهمان: الثاني والثالث: أحرزوا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (هيروين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 33/ د، 34/ 1، 2/ 6، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1990 والبند رقم (2) من القسم الأول من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير. أولاً: ببراءة الأول والرابعة. ثانياً: بمعاقبة الثاني والثالث بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريم كل منهما مبلغ مائة ألف جنيه. ثالثاً: بمعاقبة المتهم الخامس بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه مائة ألف جنيه وذلك عن التهمتين الأولى والثالثة وبراءته من التهمة الثانية. رابعاً: بمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة وكذلك السيارة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول.....:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه دانه بجريمة الاشتراك في تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة وإحرازها بقصد الاتجار قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه عول في قضائه بالإدانة على اعتراف الطاعن رغم تمسكه ببطلان هذا الاعتراف لكونه وليد إكراه وقع عليه وأطرح دفاعه في هذا الشأن بما لا يصلح، وأطرح الدفع ببطلان إذن النيابة بالتفتيش لعدم جدية التحريات برد قاصر يتناقض قوله بجديتها مع ما انتهى إليه من تبرئة المتهم الخامس من تهمة الجلب، وأغفل تحقيق ما أثاره عن تزوير التوقيعات المذيل بها محضر التحريات وإذن التفتيش وكونها عبارة عن خطوط متشابكة لا تفصح عن شخصية صاحبها، هذا إلى أن الطاعن قد نازع في صحة ضبطه على الصورة التي رواها شهود الإثبات في خصوص مكان الضبط وزمانه وحصوله سابقاً على صدور الإذن به غير أن الحكم لم يعرض لهذا الدفاع رغم أن المحكمة أجلت الدعوى لتحقيقه بضم دفتر الأحوال إلا أنها تعجلت الفصل فيها دون تنفيذ قرارها ولم تضمن حكمها أسباب عدولها عنه، وأغفل الحكم الرد على طلب تمتعه بالإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون مكافحة المخدرات رغم توافر شروطه لإرشاده عن المتهمين الثالث والرابع وضبط أولهما وبحوزته كمية من المخدر وتحصيل الحكم لأقوال شهود الإثبات بما يظاهر هذا الدفاع، فضلاً عن معاملة المتهم الأول بهذا الإعفاء رغم تماثل موقفه مع موقف الطاعن واستدل على توافر قصد الاتجار بما لا ينتجه، وأخيراً فقد مثل الطاعن بجلسة المرافعة الأخيرة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه دون مدافع ولم تندب المحكمة له محامياً للدفاع عنه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي الاشتراك في تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة وإحرازها بقصد الاتجار اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها. وكان الحكم قد عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان اعترافه لصدوره وليد إكراه وأطرحه على سند من القول "أن المحكمة يطمئن وجدانها إلى صدور الاعتراف من المتهم الثاني - الطاعن - خالياً من شبهة الإكراه المادي أو المعنوي كما لا ترى المحكمة في إجراءات الضبط والتفتيش إكراهاً من أي نوع ذلك أن المتهم المذكور بادر منذ اللحظة الأولى بإقراره بإحرازه للمخدر المضبوط وظل على هذا الإقرار حتى مثل أمام النيابة العامة فبادر بالاعتراف بالجريمة دون أن يستطيل إليه أذى مادياً كان أو معنوياً......" وهذا الذي أورده الحكم سائغ وكاف للرد على هذا الدفع ذلك بأن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولا يغير من ذلك عدول الطاعن عن اعترافه بجلسة المحاكمة وإنكاره الاتهام المسند إليه إذ أنه من المقرر أنه لا على الحكم إن أخذ باعتراف المتهم في تحقيقات النيابة لبراءته مما يشوبه من عيب الإكراه واطمئناناً من المحكمة إلى صدقه ومطابقته للواقع ولو عدل عنه بعد ذلك ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها لسلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، ولما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات وأفصح عن أن المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش بعد أن اطمأنت إلى جدية الاستدلالات فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. ولا يعيب الحكم من بعد ما يدعيه الطاعن من وجود تناقض بين اطمئنان المحكمة إلى جدية التحريات وقضائها ببراءة المتهم الخامس من تهمة الجلب لما هو مقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة لمتهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر كما أن لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بالتحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى ولها أن تجزئها فتأخذ بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعاً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئاً عن تزوير توقيعات محرر محضر التحريات ومصدر الإذن بالتفتيش ولم يطلب إجراء تحقيق معين في شأن ذلك فليس له أن يتمسك بهذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض ولا يصح له النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الشأن إنما يرد في حقيقته على شكل التوقيع في حد ذاته مما لا يعيب محضر التحريات أو إذن التفتيش الصادر بناء عليها ويضحى النعي على الحكم لهذا السبب في غير محله. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وهي متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها علي عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في ذلك ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع ببطلان القبض عليه لإجرائه قبل صدور الإذن وكان هذا الدفع - بفرض إثارته - إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها - كما هو الحال في الدعوى - فلا يعيب الحكم من بعد قضاءه في الدعوى دون ضم دفتر الأحوال استجابة لطلب المتهم الخامس لأنه فضلاً عن تنازل المتهمين جميعاً عن الطلبات السابق إبداؤها مما يفقد هذا الطلب خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته، فإن قرار المحكمة في هذا الشأن لا يعدو قراراً تحضيرياً تصدره في صدد تجهيز الدعوى وجمع أدلتها لا تتولد عنه حقوق للخصوم توجب حتماً العمل على تنفيذه صوناً لهذه الحقوق. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب إلا إذا دفع بذلك أمامها وكان الطاعن لم يثر هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع فليس له أن يثيره لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد استدل على توافر قصد الاتجار في حق المحكوم عليهم ومن بينهم الطاعن بقوله "إن المحكمة تستخلصه من ضخامة الكمية المضبوطة من ذلك النوع من المخدر وتوزيعها بين المتهمين واعتراف المتهمين الثلاثة الأول بالاتجار فيها والبحث عن عملاء لبيع هذه الكميات لهم وضبط المبالغ الكبيرة مع المتهمين والاعتراف الصادر من المتهمين الثاني - الطاعن - والثالث بتحقيقات النيابة وإقرار المتهمين الأربعة بمحاضر الضبط بأن هذه المبالغ هي حصيلة الاتجار في المواد المخدرة وبيع كميات منها قبل الضبط وضبط الميزان الملوث بالمخدر والصنج المختلفة الأوزان بمنزل المتهم الثاني - الطاعن - كل ذلك يطمئن معه وجدان المحكمة أن قصد المتهمين الأربعة من إحراز وحيازة المخدر المضبوط هو الاتجار فيه ومن ثم تأخذهم المحكمة بهذا القصد". وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام يقيم قضاءه في شأنها على أسباب تحمله وكان ما أورده الحكم على السياق المتقدم سائغاً في العقل وكافياً فيما خلص إليه الحكم من أن إحراز الطاعن - وغيره من المحكوم عليهم - كان بقصد الاتجار فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنعى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد استكمل مرافعته والدفاع عنه في جلسات سابقة على تلك التي صدر فيها الحكم المطعون فيه والتي كانت الدعوى قد أجلت إليها لاستكمال المرافعة عن المتهم الخامس وبذلك تكون المحكمة قد كفلت للطاعن حقه في الدفاع على النحو المعتبر في القانون ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الإخلال بحق الدفاع لمثوله جلسة المرافعة الأخيرة دون حضور محاميه لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الثاني......:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة وإحرازها بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض إذ اتخذ من سبق اتهام الطاعن وباقي المتهمين في جريمة مماثلة وتواجدهم بالسجن معاً في السعودية والتحريات دليلاً على توافر جريمة تأليف التشكيل العصابي واستند إلى مجرد قول الطاعن أنه يبحث عن مشتري اعترافاً بالجريمة وعول على أقوال الضابط....... رغم تناقضه مع نفسه إذ أورد في محضره أن المخدر الذي ضبط مع المتهم الثاني - الطاعن الأول - كان في لفافة بينهما شهد بجلسة المحاكمة أن المخدر كان في حقيبة وهو ما يتفق مع رواية المتهمة الرابعة التي قضى ببراءتها فضلاً عن تناقض أقوال مع أقوال الضابط........ في خصوص ما قرره الأول أن باب الشقة التي ضبط فيها الطاعن وشقيقته كان مفتوحاً إذ قرر الثاني أنه لا يذكر شيئاً عن ذلك بالإضافة إلى أنه لا يتصور صحة ما قرره الضابط في هذا الشأن ورد الحكم على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات برد قاصر وعول على الدليل المستمد من هذا الإجراء رغم بطلانه وبطلان الآثار المترتبة عليه - وتناقض الحكم حين دان الطاعن وباقي الطاعنين وقضى ببراءة شقيقته المتهمة الرابعة رغم تماثل ظروف الواقعة وضبطهما معاً مما كان يتعين أن يتصرف أثر الدليل من حيث صحته أو فساده إليهما معاً خاصة وأن الأوراق قد خلت من دليل على اتصال الطاعن بالمخدر. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمتي تأليف تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة وإحرازها بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعتراف المتهمين الثلاثة الأول بتحقيقات النيابة العامة ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية ومعاينة السيارة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليه ولا يمارى الطاعن في أن لها أصلها في الأوراق. ولما كان قول الطاعن حسبما جاء بأسباب طعنه أنه كان يبحث له عن شخص يشتري وأنه لم يتمكن من ذلك تعتبر أقوالاً تحمل معني الإقرار بإحراز المخدر ومن ثم فإن الحكم يكون سليماً ومبنياً على فهم صحيح للواقعة إذ المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها ولا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال الطاعن اعترافاً طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني الاعتراف ويكون النعي على الحكم بالقصور في التسبيب في غير محله. هذا فضلاً عن أنه لا جدوى في النعي على الحكم قصوره في التدليل على جريمة تأليف التشكيل العصابي ما دامت العقوبة التي أوقعها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة إحراز مخدر الهيروين بقصد الاتجاه التي أثبتها الحكم في حقه لأن العقوبة للجريمتين واحدة. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كافة الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته كما هو الحال في الدعوى فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينخل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وغنى عن البيان أنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره بشأن تناقض الضابط في شأن وصف ما كان عليه حال المخدر الذي ضبط مع الطاعن الأول وكونه كان في لفافة أو في حقيبة لما هو المقرر من أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما اتصل منها بشخص الطاعن. لما كان ذلك وكان قد سبق الرد على النعي على الحكم بقصوره في الرد على الدفع ببطلان إذن النيابة لعدم جدية التحريات عند معالجة الأسباب المقدمة من الطاعن الأول ومن ثم فتحيل المحكمة عليها في الرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص كما تحيل إليها فيما سبق الرد به على منعى الطاعن الأول من إدانته وبراءة المتهم الخامس من تهمة الجلب وذلك في خصوص الرد على ما أثاره الطاعن نعياً على الحكم من القضاء بإدانته وبراءة شقيقته المتهمة الرابعة. لما كان ذلك، وكان الحكم إذ انتهى إلى جدية التحريات وسلامة الإذن الصادر بناء عليها فإن ذلك مما يسوغ به الاستدلال بما أسفر عنه تنفيذ الإذن من ضبط المخدر. لما كان ذلك، وكان الحكم قد نقل عن الشهود..... و...... و...... قولهم أنه بالانتقال إلى مسكن المتهم الثاني - الطاعن الأول - شاهدوا المتهم الثالث يجلس داخل حجرة على يسار الداخل ممسكاً بكيس تخلى عنه عند مشاهدته القوة فالتقطه الأول وعثر بداخله على ستة أكياس من النايلون ثبت أنها تحتوي على مخدر الهيروين وكان الطاعن لا يجادل في صحة ما نقله الحكم تحصيلاً لأقوال الشهود وتقدير المعمل الكيماوي فإن في ذلك ما يكفي لتوافر الركن المادي في جريمة إحراز المخدر المضبوط ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثالثاً: الطعن المقدم من المحكوم عليه الثالث......:
ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الاشتراك في تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة وحيازتها بقصد الاتجار قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد ذلك أنه أطرح الدفع ببطلان إذن النيابة الصادر من نيابة مخدرات القاهرة بتفتيشه برد قاصر يتناقض مع تبرئته من تهمة الجلب وتبرئة المتهمة الرابعة مما أسند إليها وأغفل الرد على ما تمسك به من بطلان القبض عليه وتفتيشه لكونه سابقاً على صدور الإذن به من نيابة مخدرات الإسكندرية ولم يعن بالرد على عدم علمه بوجود المخدر في حقيبة سيارته وما سطره من دفاع مثبت على وجه حوافظ المستندات المقدمة منه بالجلسة مؤداه انعدام إذنى النيابة للتوقيع عليهما بتوقيعات غير مقروءة وعدم توافر الدليل الكافي على جريمة التشكيل العصابي وشيوع الاتهام بينه وبين زوجته - هذا بالإضافة إلى أن الطاعن تمسك بإصابته بمرض عقلي واستند إلى ذلك في الدفع بانعدام مسئوليته وعدم جواز محاكمته غير أن الحكم لم يعرض لما قام عليه دفاعه في شقه الأول واكتفى بالرد على الشق الثاني منه واستمر في محاكمته دون وقفها حتى يتم شفاؤه وإيداعه أحد المحال الحكومية المختصة تنفيذاً لتوجيه اللجنة الطبية وجاء رده على هذا الشق رداً خاطئاً إذ استند إلى التقرير الطبي رغم فساد النتيجة التي انتهى إليها ودون أن يجيب الطاعن إلى طلبه عرضه على لجنة طبية أخرى - كما أنه انضم إلى المتهم الثاني في تمسكه بتطبيق القانون الأصلح على أساس أن وزير الصحة قد أصدر القرار رقم 13 لسنة 1994 باستبدال الجدول الأول الملحق بقانون مكافحة المخدرات ونشر هذا القرار في الجريدة الرسمية في 22/ 2/ 1994 دون نشر الجدول المرفق به سهواً واستدرك هذا السهو بنشر الجدول في 21/ 11/ 1994 ومن ثم فإن الفترة من 22/ 2/ 1994 حتى 21/ 11/ 1994 تعتبر فترة إباحة يستفيد منها الطاعن غير أن الحكم رد على هذا الدفاع برد خاطئ يخالف القانون وأورد الحكم في مدوناته أن الطاعن قد اعترف بالجريمة على خلاف الثابت بالأوراق كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعن بجريمتي الاشتراك في تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة وحيازتها بقصد الاتجار، وكان ما أثاره الطاعن بأسباب طعنه نعياً على الحكم من قصور في الرد على الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم جدية التحريات وتناقض الحكم في إدانته عن الجريمتين سالفتي الذكر مع تبرئته من تهمة الجلب والفضاء ببراءة المتهمة الرابعة وكذا ما ينعاه من إغفال الرد على الدفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه لكون الإذن صدر لاحقاً له وانعدام إذني النيابة لتوقيعهما بتوقيعات غير مقروءة وعدم وجود الدليل الكافي على توافر جريمة تأليف تشكيل عصابي للاتجار في المواد المخدرة فتحيل المحكمة في شأنه إلى ما سبق الرد على أسباب الطاعنين الأول والثاني. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدرات اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة وكان الحكم قد حصل واقعة الدعوى وأدلتها بما مؤداه أن التحريات دلت على أن المتهمين ألفوا تشكيلاً عصابياً للاتجار في المواد المخدرة وأن الكاهن يتزعم هذا التشكيل ويحتفظ بكمية من المواد المخدرة في سيارته وأنه بناء على إذن من النيابة العامة تم ضبط الطاعن وبتفتيش سيارته الوارد رقمها بالإذن بعد العثور على مفاتيحها مع الطاعن عثر بحقيبتها على المخدر المضبوط فإن ذلك ما يكفي للدلالة على قيام جريمة حيازة المخدر وثبوتها في حق الطاعن بركنيها المادي والمعنوي ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة - بفرض إثارته - من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي حصلها الحكم فإنه لا محل لما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن المستند إلى إصابته بمرض عقلي ورد عليه بقوله "وحيث إنه مما أثاره الدفاع عن المتهم الخامس - الطاعن - من أن هذا المتهم غير جائز محاكمته لأنه غير قادر على الدفاع عن نفسه بسبب عاهة في عقله طرأت عليه بعد وقوع الجريمة وأنه يتعين لذلك وقف إجراءات محاكمته حتى يعود إلى رشده عملاً بنص المادة 339 من قانون الإجراءات الجنائية. فإن المحكمة تشير إلى أن الدفاع أثار هذا الاعتوار وقدم تدليلاً عليه دفتر تسريح المتهم من الخدمة العسكرية في عام 1979 وقال أن المتهم غير مدرك لمرضه وأن ذاكرته مضطربة وأنه مصاب بمرض عقلي وبجلسة 9/ 11/ 1993 قضت المحكمة بهيئة أخرى بإيداع المتهم الخامس دار الصحة النفسية وتم تنفيذ هذا الحكم بإيداع المتهم المذكور بمستشفى الطب النفسي بالعباسية وشكلت لجنة فنية من ثلاثة أطباء من مديري المستشفيات النفسية حرروا تقريراً جاء به أن المتهم..... مسئول عما أسند إليه من اتهام موضوع القضية سالفة البيان حيث لم يثبت اضطراب في ملكاته العقلية والذهنية عند القبض عليه أما ما يعانيه حالياً من أعراض قد تم تشخيصها بأنها حالة شبه عته هستيري وهي حالة هستيرية انشقاقية مصحوبة بأعراض ذهنية كاذبة وهي حالة مرضية لاحقة للجريمة المتهم فيها وهي محاولة لا شعورية من المتهم لإزالة التوتر العصبي نتيجة لإحساسه بفداحة الجرم المرتكب وفداحة العقوبة التي قد توقع عليه وهو ما يسمي في الطب النفسي "بالفائدة المكتسبة من المرض" وبجلسة 2/ 5/ 1995 استمعت المحكمة إلى شهادة الأطباء الثلاثة الذين حرروا التقرير الطبي سالف الذكر فشهد الدكتور..... مدير مستشفى الأمل النفسية بأن المتهم كان وقت إتيانه الفعل المنسوب إليه مدركاً ولا يعاني من أية أمراض وأنه بعد ذلك أصيب بمرض نفسي وليس عقلي وهو ما يوصف بأنه شبه عته هستيري وقد شهد بذلك أيضاً كل من الدكتور...... مدير مستشفى السلام النفسي والدكتورة..... مديرة مستشفى الأمل النفسية للطب النفسي. لما كانت هذه هي تقارير الأطباء الثلاثة المختصين وكان من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأن جنون أو عاهة عقلية وتنعدم به المسئولية قانوناً وتوقف به إجراءات المحاكمة هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية أو وقف إجراءات المحاكمة آية ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 339 من قانون الإجراءات الجنائية قد جرى على أنه إذا ثبت أن المتهم غير قادر على الدفاع عن نفسه لسبب عاهة في عقله طرأت بعد وقوع الجريمة يوقف رفع الدعوى عليه أو محاكمته حتى يعود إليه رشده ومن ثم يتعين تفسير هذا تفسيراً يتفق ومدلول ألفاظه وقصره على الحالات التي تعد عاهة في العقل تجعله غير قادر على الدفاع عن نفسه. وإذ ثبت من التقرير الطبي وشهادة الأطباء الثلاثة السالف الإشارة إليهم أن المتهم يعاني من مرض يعد من العلامات الاكتئابية والظواهر النفسية ومن ثم فلا أثر لهذا المرض على الإجراءات ويتعين المضي في المحاكمة دون حاجة إلى ندب طبيب آخر والالتفات عن هذا الدفاع". لما كان ذلك وكان الحكم قد فسر المرض الذي لا يجوز محاكمة الشخص المصاب به طبقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 339 من قانون الإجراءات الجنائية بأنه المرض العقلي وهو تفسير صحيح يتفق وصريح اللفظ ومدلوله ويتلاءم مع ما جرى به قضاء محكمة النقض من أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهة في العقل وتنعدم به المسئولية قانوناً طبقاً لنص المادة 62 من قانون العقوبات هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور أو الإدراك أما سائر الأمراض والأحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره أو إدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية. لما كان ذلك، وكان الأصل أن تقدير حالة المتهم العقلية من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة وكان تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم لها دون أن تلتزم بندب خبير آخر ولا بإعادة المهمة إلى ذات الخبير ما دام استنادها إلى الرأي الذي انتهت إليه لا يجافى العقل والمنطق وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى تقرير اللجنة الطبية التي شكلت لملاحظة الطاعن بعد إيداعه مستشفى الصحة النفسية وإلى أقوال أعضائها الذين سمعتهم بالجلسة من أن الطاعن لا يعانى من مرض عقلي وإنما يعاني من مرض نفسي وأطرحت دفاع الطاعن في هذا الشأن وكان ردها على هذا الدفاع على النحو الذي أوردته في حكمها يتسع لدفاع الطاعن القائم على انعدام مسئوليته وعدم جواز محاكمته وكافياً في إطراحه فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على ما قام عليه دفاع الطاعن بتطبيق القانون الأصلح استناداً إلى عدم نشر الجدول الملحق بالقرار رقم 13 لسنة 1994 في تاريخ نشر القرار واستدراك ذلك السهو في تاريخ لاحق وأطرحه بقوله أن "هذا الدفاع ظاهر الفساد آية ذلك أن المقصود بالنشر في الوقائع المصرية هو نشر القرار كاملاً بما يتضمنه من جدول فإذا أغفل القرار الوزاري المذكور نشر الجدول الجديد فإنه يظل العمل بالجدول الأول الملحق بالقانون سارياً لعدم نسخه بتمام نشر الجدول الجديد ولا يعد الجدول القديم منسوخاً إلا من تاريخ نشر الجدول الجديد كاملاً والقول بغير ذلك لا يتفق مع عقل أو منطق كما لا يتفق والقواعد الأساسية لمشروعية العقاب التي تقضى بأن أحكام القوانين لا تسرى إلى على ما يقع من تاريخ نفاذها ولا يترتب عليها أثر فيما وقع قبلها ما لم ينص على خلاف ذلك بنص خاص، هذا فضلاً عن أن عدم نشر الجدول الجديد خطأ أو سهواً - لا يمكن أن يقصد به المشرع عدم العقاب على المواد الواردة بالجدول القديم". وكان ما أورده الحكم رداً على هذا الدفع صحيحاً ويتفق وصحيح القانون فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم ينسب إلى الطاعن صدور اعتراف مستقل عنه وإنما عول في قضائه على أقوال الضباط الثلاثة الذين قاموا بالضبط بما تضمنته من إقرار الطاعن لهم بحيازة المخدر المضبوط في سيارته بقصد الاتجار ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ولا يعدو ما يثيره في هذا الشأن أن يكون محاولة للتشكيك في صحة إقراره للضباط الثلاثة بما ينحل ذلك إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.