أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 887

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فوزى المملوك، راغب عبد الظاهر، عبد الرحيم نافع ومحمد حسن.

(183)
الطعن رقم 2271 لسنة 52 القضائية

1 - اختصاص "الاختصاص الولائى". نظام عام. دفوع "الدفع بعدم الاختصاص".
اختصاص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى. من النظام العام.
جواز الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - اختصاص "الاختصاص الولائى". قضاء عسكرى.
اختصاص المحاكم العادية بنظر جميع الدعاوى الناشئة عن جريمة.
اختصاص المحاكم العسكرية. استثنائى. مناطه؟.
3 - اختصاص. قضاء عسكرى. قانون "تفسيره" "تطبيقه".
خلو قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 وقانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1966 من النص على انفراد القضاء العسكرى بما يختص به. أثر ذلك؟.
4 - قتل عمد. قصد جنائى. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تميز القتل العمد. بنية خاصة هى قصد ازهاق الروح.
وجوب استظهار الحكم له وايراد ما يدل على توافره. مثال لتسبيب معيب.
1 - من المقرر ان اختصاص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى من مسائل النظام العام التى يجوز التمسك بها فى أية حالة كانت عليها الدعوى، الا أن الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن يكون مستندا الى وقائع أثبتها الحكم والا يقتضى تحقيقا موضوعيا. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد أفصحت عن أن الطاعن من أمناء الشرطة وان الجريمة المسندة اليه قد وقعت منه أثناء قيامه فى نقطة مرور الأمناء بطريق القاهرة الاسماعيلية الصحراوى فان تمسك الطاعن بالدفع باختصاص المحاكم العسكرية لأول مرة أمام محكمة النقض يكون جائزا بما يستوجب بحثه والرد عليه.
2 - من المقرر أن القضاء العادى هو الأصل وان المحاكم العادية هى المختصة بالنظر فى جميع الدعاوى الناشئة عن أفعال مكونة لجريمة وفقا لقانون العقوبات أيا كان شخص مرتكبها حين أن المحاكم العسكرية ليست الا محاكم خاصة ذات اختصاص استثنائى مناطه اما خصوصية الجرائم التى تنظرها واما شخص مرتكبها على أساس صفة معينة توافرت فيه.
3 - أجاز قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 وقانون هيئة الشرطة رقم 109 سنة 1966 اختصاص القضاء العسكرى بنظر جرائم من نوع معين ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، الا أنه ليس فى هذين القانونين ولا فى أى تشريع آخر نص على انفراد ذلك القضاء بالاختصاص. لما كان ذلك، وكانت الجريمة التى اسندت الى الطاعن معاقب عليها بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات، وكانت النيابة العامة قد قدمته الى المحاكمة أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بالفصل فى جميع الجرائم، ولم يقرر القضاء العسكرى اختصاصه بمحاكمته، فان الاختصاص بذلك ينعقد للقضاء الجنائى العادى وما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله.
4 - لما كانت جناية القتل العمد تتميز قانونا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى ازهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه، فان الحكم الذى يقضى بادانة متهم فى هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بايراد الأدلة التى تدل عليه وتكشف عنه، واذ كان المطعون فيه لم يتحدث عن نية القتل استقلالا ولم يعرض لها الا فى مجال رفض دفاع المتهم بأن ما أتاه يعتبر عملا مشروعا فى تطبيق المادتين 61، 63 من قانون العقوبات وكل ما أورده الحكم فى خصوص توافرها قوله أنه "بمجرد عدم استجابة السيارة النقل لأمره (أى لأمر الطاعن) بالوقوف اكتفى باطلاق عيار واحد صوبه على المجنى عليه مباشرة وقد كان يعتلى ظهر السيارة من الخلف وعن قرب شديد لا يجاوز نصف المتر فأصابه فى رأسه أى فى مقتل من مقاتله" ثم استطرد الحكم الى أن ما أتاه المتهم "ينم عن استهانة بالتعليمات المفروضة عليه واستخفاف بالأرواح لا يجيزه القانون". ولما كان هذا الذى أورده الحكم فى اثبات نية القتل لا يتحقق به سوى مجرد اتجاه قصد الطاعن الى ارتكاب الفعل المادى، وهو مالا يكفى بذاته لثبوت نية القتل مادام الحكم لم يكشف عن قيام تلك النية بنفس الطاعن فانه يكون معيبا فى هذا الشأن بالقصور الذى يوجب نقضه والاحالة بغير حاجة الى بحث سائر أوجه الطعن الأخرى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: قتل عمدا...... بأن أطلق عيارا ناريا من سلاحه الأميرى قاصدا قتله، فأحدث به الاصابة الموصوفة بالتقرير الطبى والتى أودت بحياته، وطلبت الى مستشار الاحالة احالته لمحكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، فقرر ذلك، ومحكمة جنايات الاسماعيلية قضت حضوريا عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
فطعن المحكوم فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمة القتل العمد فقد اعتراه البطلان والقصور فى التسبيب - ذلك بأنه صدر من محكمة غير مختصة ولائيا بنظر الدعوى باعتبار أن الطاعن أمين شرطة ووقعت الجريمة المسندة اليه وهو فى الخدمة، فينعقد الاختصاص بمحاكمته لجهة القضاء العسكرى، هذا الى أن الحكم لم يستظهر فى أسبابه على استقلال توافر نية ازهاق الروح لدى الطاعن، وفى ذلك ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان البين من محاضر جلسات المحاكمة ان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم اختصاصها، ولئن كان من المقرر ان اختصاص المحاكم الجنائية بنظر الدعوى من مسائل النظام العام التى يجوز التمسك بها فى أية حالة كانت عليها الدعوى، الا أن الدفع به لأول مرة أمام محكمة النقض مشروط بأن يكون مستندا الى وقائع أثبتها الحكم والا يقتضى تحقيقا موضوعيا. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد أفصحت عن أن الطاعن من أمناء الشرطة وان الجريمة المسندة اليه قد وقعت منه أثناء قيامه فى نقطة مرور الأمناء بطريق القاهرة الاسماعيلية الصحراوى فان تمسك الطاعن بالدفع باختصاص المحاكم العسكرية لأول مرة أمام محكمة النقض يكون جائزا بما يستوجب بحثه والرد عليه. لما كان ذلك. وكان من المقرر أن القضاء العادى هو الأصل وان المحاكم العادية هى المختصة بالنظر فى جميع الدعاوى الناشئة عن أفعال مكونة لجريمة وفقا لقانون العقوبات أيا كان شخص مرتكبها حين أن المحاكم العسكرية ليست الا محاكم خاصة ذات اختصاص استثنائى مناطه اما خصوصية الجرائم التى تنظرها واما شخص مرتكبها على أساس صفة معينة توافرت فيه، وأنه وان أجاز قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 وقانون هيئة الشرطة رقم 109 سنة 1966 اختصاص القضاء العسكرى بنظر جرائم من نوع معين ومحاكمة فئة خاصة من المتهمين، الا أنه ليس فى هذين القانونين ولا فى أى تشريع آخر نص على انفراد ذلك القضاء بالاختصاص. لما كان ذلك، وكانت الجريمة التى اسندت الى الطاعن معاقب عليها بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات، وكانت النيابة العامة قد قدمته الى المحاكمة أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة بالفصل فى جميع الجرائم، ولم يقرر القضاء العسكرى اختصاصه بمحاكمته، فان الاختصاص بذلك ينعقد للقضاء الجنائى العادى وما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكانت جناية القتل العمد تتميز قانونا عن غيرها من جرائم التعدى على النفس بعنصر خاص هو أن يقصد الجانى من ارتكابه الفعل الجنائى ازهاق روح المجنى عليه، وكان هذا العنصر ذا طابع خاص يختلف عن القصد الجنائى العام الذى يتطلبه القانون فى سائر تلك الجرائم وهو بطبيعته أمر يبطنه الجانى ويضمره فى نفسه، فان الحكم الذى يقضى بادانة متهم فى هذه الجناية يجب أن يعنى بالتحدث عن هذا الركن استقلالا واستظهاره بايراد الأدلة التى تدل عليه وتكشف عنه، واذ كان المطعون فيه لم يتحدث عن نية القتل استقلالا ولم يعرض لها الا فى مجال رفض دفاع المتهم بأن ما أتاه يعتبر عملا مشروعا فى تطبيق المادتين 61، 63 من قانون العقوبات وكل ما أورده الحكم فى خصوص توافرها قوله أنه "بمجرد عدم استجابة السيارة النقل لأمره (أى لأمر الطاعن) بالوقوف اكتفى باطلاق عيار واحد صوبه على المجنى عليه مباشرة وقد كان يعتلى ظهر السيارة من الخلف وعن قرب شديد لا يجاوز نصف المتر فأصابه فى رأسه أى فى مقتل من مقاتلة" ثم استطرد الحكم الى أن ما أتاه المتهم "ينم عن استهانة بالتعليمات المفروضة عليه واستخفاف بالأرواح لا يجيزه القانون". ولما كان هذا الذى أورده الحكم فى اثبات نية القتل لا يتحقق به سوى مجرد اتجاه قصد الطاعن الى ارتكاب الفعل المادى، وهو مالا يكفى بذاته لثبوت نية القتل مادام الحكم لم يكشف عن قيام تلك النية بنفس الطاعن فانه يكون معيبا فى هذا الشأن بالقصور الذى يوجب نقضه والاحالة بغير حاجة الى بحث سائر أوجه الطعن الأخرى.