أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 896

جلسة 18 من نوفمبر سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ الدكتور ابراهيم على صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد، محمد نجيب صالح، عوض جادو ومصطفى طاهر.

(185)
الطعن رقم 364 لسنة 51 القضائية

تهريب. كحول. دعوى جنائية "تحريكها" "انقضاؤها بالتصالح". صلح. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق مصلحة الجمارك فى التصالح مع المتهمين فى جرائم التهريب المنصوص عليها فى القانون رقم 363 لسنة 1956.
طبيعة هذا التصالح وأثره؟
حيث ان المادة 22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسوم الانتاج أو الاستهلاك على الكحول - المنطبق على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أى اجراء فى جرائم التهريب المنصوص عليها فى هذا القانون الا بناء على طلب مكتوب من مدير عام مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة فى ذلك. ويجوز للمدير العام لمصلحة الجمارك التصالح فى جميع الأحوال وذلك بخفض مبلغ التعويض الى مالا يقل عن النصف وله فى هذه الحالة أن يرد البضاعة المضبوطة مقابل أداء عشر قيمتها على الأقل حسب تقدير الجمرك علاوة على رسوم الانتاج المستحقة ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة الجنائية حسب الأحوال". ولما كان البين من مؤدى هذا النص أن لمصلحة الجمارك التصالح مع المتهمين فى مثل هذا النوع من الجرائم فى جميع الأحوال سواء تم الصلح أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أو بعد الفصل فيها بحكم بات، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة حسب الأحوال، فالصلح يعد - فى حدود تطبيق هذا القانون - بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها فى الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذى قام عليه الصلح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضى من المحكمة اذا تم التصالح أثناء نظر الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية، أما اذا تراخى الى ما بعد الفصل فى الدعوى الجنائية فانه يترتب عليه وجوبا وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضى بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: حازا كحولا لم يؤديا عنه رسوم الانتاج أو الاستهلاك وطلبت عقابهما بالمواد 1، 15، 20، 21، 22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 والمادة الأولى من القانون رقم 328 لسنة 1952. وادعى وزير الخزانة بصفته مدنيا قبل المتهمين بقيمة الرسوم المستحقة. ومحكمة جنح اللبان قضت حضوريا للاول وغيابيا للثانى عملا بمواد الاتهام بتغريم كل من المتهمين خمسة جنيهات والمصادرة وغلق المحل لمدة خمسة عشر يوما والزامهما بأن يدفعا للسيد وزير الخزانة بصفته مبلغ 075ر152 ج. فاستأنف المحكوم عليه (الطاعن). ومحكمة الاسكندرية الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية الى محكمة الاسكندرية الابتدائية لتفصل فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. والمحكمة الأخيرة - بهيئة استئنافية أخرى - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتغريم المتهم خمسة جنيهات والمصادرة وغلق المحل خمسة عشر يوما والزامه بأن يؤدى الى وزير الخزانة بصفته مبلغ 075ر152 ج.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية). وهذه المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.


المحكمة

حيث ان هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع عملا بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
وحيث ان الاستئناف استوفى الشكل المقرر فى القانون.
وحيث ان واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات وما دار بشأنها بالجلسة تتحصل فى أنه بتاريخ 13/ 9/ 1972 تقدم المتهم بطلب الى المراقبة العامة لضرائب انتاج اسكندرية لاجراء عملية تخفيف مائتى لتر سوما عسل اشتراها من معمل خمور........ بموجب فاتورة مؤرخة 3/ 8/ 1972 راغبا فى ان يصنع هذه الكمية لكير عرق عسل باليانسون تحت اشراف ادارة الانتاج فانتقل مفتش الانتاج الى محله وأخذ عينة من هذه الكمية قبل تخفيفها لمقارنتها بأصل العملية المنسوبة اليها، وتبين من تقرير التحليل أن العينة غير مماثلة لعينة العملية الخاصة بمعمل كليس من حيث الدرجة الكحولية الحقيقية فهى 5ر59% بدلا من 4ر55% وبسؤال المتهم فى التحقيقات أنكر التهمة وقرر أنه اشترى كمية الخمور من معمل....... بموجب الفاتورة سالفة البيان وألقى مسئولية مخالفة العينة للعملية المنسوبة اليها على عاتق المنتج. وبسؤال...... قرر أنه أنتج هذه الخمور تحت اشراف ادارة الانتاج وقام بسداد الرسوم المقررة وأنه باعها بحالتها للمتهم. وطلبت مصلحة الجمارك بكتابها المؤرخ 4/ 6/ 1972 اقامة الدعوى الجنائية قبل المتهمين وطلبت الزامهما بتعويض قدره 870.650 ج. وقد أقامت النيابة العامة الدعوى الجنائية قبل المتهم وآخر (المنتج) بوصف أنهما "حازا كحولا لم يؤديا عنه رسوم الانتاج والاستهلاك" وطلبت عقابهما بالمواد 1، 15، 20، 21، 22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 والمادة الأولى من القانون رقم 328 لسنة 1952.
وحيث ان الدعوى نظرت على الوجه المبين بمحضر الجلسة ولم يمثل المتهم فيها وقدمت النيابة صورة من كتاب مصلحة الجمارك المؤرخ 23/ 5/ 1982 (المودع أصله فى الطعن رقم 367 لسنة 51 ق المنظور بذات الجلسة) يفيد أن المتهم تصالح مع مصلحة الجمارك وسدد الرسوم وتعويضا يماثل الرسوم.
وحيث ان المادة 22 من القانون رقم 363 لسنة 1956 بتنظيم تحصيل رسوم الانتاج أو الاستهلاك على الكحول - المنطبق على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "لا يجوز رفع الدعوى الجنائية أو اتخاذ أى اجراء فى جرائم التهريب المنصوص عليها فى هذا القانون الا بناء على طلب مكتوب من مدير عام مصلحة الجمارك أو من ينيبه كتابة فى ذلك. ويجوز للمدير العام لمصلحة الجمارك التصالح فى جميع الأحوال وذلك بخفض مبلغ التعويض الى مالا يقل عن النصف وله فى هذه الحالة أن يرد البضاعة المضبوطة مقابل أداء عشر قيمتها على الأقل حسب تقدير الجمرك علاوة على رسوم الانتاج المستحقة ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة الجنائية حسب الأحوال". ولما كان البين من مؤدى هذا النص أن لمصلحة الجمارك التصالح مع المتهمين فى مثل هذا النوع من الجرائم فى جميع الأحوال سواء تم الصلح أثناء نظر الدعوى أمام المحكمة أو بعد الفصل فيها بحكم بات، ويترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية أو وقف تنفيذ العقوبة حسب الأحوال، فالصلح يعد - فى حدود تطبيق هذا القانون - بمثابة نزول من الهيئة الاجتماعية عن حقها فى الدعوى الجنائية مقابل الجعل الذى قام عليه الصلح ويحدث أثره بقوة القانون مما يقتضى من المحكمة اذا تم التصالح أثناء نظر الدعوى أن تحكم بانقضاء الدعوى الجنائية، أما اذا تراخى الى ما بعد الفصل فى الدعوى الجنائية فانه يترتب عليه وجوبا وقف تنفيذ العقوبة الجنائية المقضى بها.
وحيث انه لما تقدم فانه يتعين القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح.