أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 909

جلسة 23 من نوفمبر سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد يونس ثابت نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: فوزى المملوك، راغب عبد الظاهر، حسن غلاب ومحمد حسن.

(188)
الطعن رقم 1227 لسنة 52 القضائية

1 - جمارك. تهريب جمركى. قانون "تفسيره". جريمة "أركانها". اثبات "بوجه عام".
التهريب الجمركى. ماهيته؟
2 - تهريب جمركى. جمارك. تبغ. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
وقوع أفعال التهريب الحكمى للتبغ وراء الدائرة الجمركية. شرط اعتبارها تهريبا؟
مثال لتسبيب معيب.
1 - أن المراد بالتهريب الجمركى هو ادخال البضاعة فى اقليم الجمهورية أو اخراجها منه على خلاف القانون وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة، وينقسم التهريب الجمركى من جهة محله الى نوعين: نوع يرد على الضربة الجمركية المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها ونوع يرد على بعض السلع التى لا يجوز استيرادها أو تصديرها وذلك بقصد خرق الحظر المطلق الذى يفرضه الشارع فى هذا الشأن. وفى كلا النوعين اما أن يتم التهريب فعلا بتمام اخراج السلعة من اقليم الجمهورية أو ادخالها فيه، واما أن يقع حكما اذا لم تكن السلعة الخاضعة للرسم أو التى فرض عليها المنع قد اجتازت الدائرة الجمركية ولكن صاحب جلبها أو اخراجها أفعال نص عليها الشارع اعتبارا بأن من شأن هذه الأفعال المؤثمة أن تجعل ادخال البضائع أو اخراجها قريب الوقوع فى الأغلب الأعم من الأحوال فحظرها الشارع ابتداء وأجرى عليها حكم الجريمة التامة ولو لم يتم للمتهرب ما أراد. وقد افترض الشارع وقوع هذه الأفعال - أيا كانت - عند اجتياز البضاعة للدائرة الجمركية خدعا للموظفين الذين ناط بهم قانون الجمارك اقتضاء الضريبة أو مباشرة المنع.
2 - لما كان وقوع أفعال التهريب الحكمى أيا كانت فيما وراء الدائرة الجمركية لا يعد فى القانون تهريبا، كما لا تعد حيازة البضاعة - من غير المهرب لها فاعلا كان أم شريكا - وراء هذه الدائرة تهريبا الا اذا توافرت، فيما يختص بتهريب التبغ - احدى حالات التهريب الحكمى المنصوص عليها فى المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بعد أن حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه ضبطت كمية من التبغ "المعسل" بمصنع الطاعن الذى قرر بمحضر الضبط انها متبقية فيه من احدى عمليات التشغيل وأنه تقدم بطلب امتداد صلاحية هذه العملية، انتهى الى ادانته بجريمة التهريب الجمركى استنادا الى أنه لم يثبت امتداد عملية التشغيل المشار اليها، وذلك دون أن يبين الحكم ماهية الأفعال التى قارفها الطاعن مما يعد تهريبا بالمعنى المتقدم، أو يعرض لما اذا كانت تتوافر فى الواقعة احدى حالات التهريب المنصوص عليها فى المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 آنف الذكر، فان الحكم يكون معيبا بالقصور الذى يعيبه بما يستوجب نقضه والاحالة دون حاجة الى بحث باقى ما يثيره الطاعن بأسباب الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أولا: هرب البضاعة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر "تبغ" بأن أدخلها الى البلاد دون أداء الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها وكان ذلك بطرق غير مشروعة. ثانيا: استورد البضائع المبينة وصفا وقيمة بالتهمة الأولى بأن أحضرها من الخارج قبل الحصول من وزارة التجارة على ترخيص باستيرادها بالمخالفة للاجراءات والقواعد التى تنظم عملية الاستيراد. وطلبت عقابه بالمواد 5، 13، 15، 28، 30، 43، 121، 122، 124 من القانون رقم 66 سنة 1963 والقرارات الوزارية المنفذة له والمادتين 1، 5 من القانون رقم 118 سنة 1975 ولائحته التنفيذية. ومحكمة الجرائم المالية قضت غيابيا عملا بمواد الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه والمصادرة وبتعويض جمركى يعادل مثلى الضرائب الجمركية وذلك عن التهمتين. عارض المحكوم عليه وقضى فى معارضته بقبولها شكلا ورفضها موضوعا وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ ...... المحامى فى هذا الحكم بطريق النقض نيابة عن المحكوم عليه.... الخ.


المحكمة

حيث ان مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجريمتى تهريب التبغ واستيراده بدون ترخيص قد أخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن التبغ قد ضبط بمصنعه خارج نطاق الدائرة الجمركية مما يعتبر قرينة قانونية على سداد الضرائب الجمركية المستحقة عليه. غير أن الحكم قد التفت عن دلالة ذلك، مما يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث ان البين من الأوراق أن الدعوى الجنائية قد رفعت على الطاعن بوصف أنه (أولا) هرب البضاعة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر بأن أدخلها الى البلاد دون أداء الضرائب والرسوم الجمركية المستحقة عليها وكان ذلك بطرق غير مشروعة. (ثانيا) استورد البضائع المبينة وصفا وقيمة بالتهمة الأولى بأن أحضرها من الخارج قبل الحصول من وزارة التجارة على ترخيص باستيرادها وبالمخالفة للاجراءات والقواعد التى تنظم عمليات الاستيراد. وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمواد 5، 13، 15، 28، 30، 43، 121، 122، 124 من القانون رقم 66 لسنة 1963 وبالمادتين 1 و15 من القانون 118 لسنة 1975. ومحكمة أول درجة قضت غيابيا بتغريم الطاعن مائة جنية والمصادرة وبتعويض جمركى يعادل مثلى الضرائب الجمركية. واذ عارض قضت بقبول المعارضة شكلا ورفضها موضوعا، فاستأنف الطاعن وقضت محكمة ثانى درجة - بحكمها المطعون فيه - بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. لما كان ذلك، وكانت المادة 121 من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 قبل تعديلها بالقانون رقم 75 لسنة 1980 - قد عرفت التهريب بنصها على أنه: "يعتبر تهريبا ادخال البضائع من أى نوع الى الجمهورية أو اخراجها منها بطرق غير مشروعة بدون أداء الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها فى شأن البضائع الممنوعة ويعتبر فى حكم التهريب تقديم مستندات أو فواتير مزورة أو مصطنعة أو وضع علامات كاذبة أو أخفاء البضائع أو العلامات أو ارتكاب أى فعل آخر بقصد التخلص من الضرائب الجمركية المستحقة كلها أو بعضها أو بالمخالفة للنظم المعمول بها فى شأن البضائع الممنوعة. ولا يمنع من اثبات التهريب عدم ضبط البضائع". وقد جرى قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - فى تفسير هذه المادة على أن المراد بالتهريب الجمركى هو ادخال البضاعة فى اقليم الجمهورية أو اخراجها منه على خلاف القانون وهو ما عبر عنه الشارع بالطرق غير المشروعة، وينقسم التهريب الجمركى من جهة محله الى نوعين: نوع يرد على الضريبة الجمركية المفروضة على البضاعة بقصد التخلص من أدائها ونوع يرد على بعض السلع التى لا يجوز استيرادها أو تصديرها وذلك بقصد خرق الحظر المطلق الذى يفرضه الشارع فى هذا الشأن. وفى كلا النوعين اما أن يتم التهريب فعلا بتمام اخراج السلعة من اقليم الجمهورية أو ادخالها فيه، واما أن يقع حكما اذا لم تكن السلعة الخاضعة للرسم أو التى فرض عليها المنع قد اجتازت الدائرة الجمركية ولكن صاحب جلبها أو اخراجها أفعال نص عليها الشارع اعتبارا بأن من شأن هذه الأفعال المؤثمة أن تجعل ادخال البضائع أو اخراجها قريب الوقوع فى الأغلب الأعم من الأحوال فحظرها الشارع ابتداء وأجرى عليها حكم الجريمة التامة ولو لم يتم للمهرب ما أراد. وقد افترض الشارع وقوع هذه الأفعال - أيا كانت - عند اجتياز البضاعة للدائرة الجمركية خدعا للموظفين الذين ناط بهم قانون الجمارك اقتضاء الضريبة أو مباشرة المنع. وعلى ذلك فان وقوع أفعال التهريب الحكمى أيا كانت فيما وراء الدائرة الجمركية لا يعد فى القانون تهريبا، كما لا تعد حيازة البضاعة - من غير المهرب لها فاعلا كان أم شريكا - وراء هذه الدائرة تهريبا الا اذا توافرت، فيما يختص بتهريب التبغ - احدى حالات التهريب الحكمى المنصوص عليها فى المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 فى شأن تهريب التبغ. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - بعد أن حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أنه ضبطت كمية من التبغ "المعسل" بمصنع الطاعن الذى قرر بمحضر الضبط أنها متبقية فيه من احدى عمليات التشغيل وأنه تقدم بطلب امتداد صلاحية هذه العملية، انتهى الى ادانته بجريمة التهريب الجمركى استنادا الى أنه لم يثبت امتداد عملية التشغيل المشار اليها، وذلك دون أن يبين الحكم ماهية الأفعال التى قارفها الطاعن مما يعد تهريبا بالمعنى المتقدم، أو يعرض لما اذا كانت تتوافر فى الواقعة احدى حالات التهريب المنصوص عليها فى المادة الثانية من القانون رقم 92 لسنة 1964 آنف الذكر، فان الحكم يكون معيبا بالقصور الذى يعيبه بما يستوجب نقضه والاحالة دون حاجة الى بحث باقى ما يثيره الطاعن بأسباب الطعن.