أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 937

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد يونس ثابت، ومحمد عبد الرحيم نافع، حسن غلاب ومحمد أحمد حسن.

(194)
الطعن رقم 4424 لسنة 52 القضائية

1 - أسباب الاباحة وموانع العقاب "أسباب الاباحة". قانون "تفسيره". جريمة تزوير.
طاعة الرئيس فى مفهوم المادة 63 عقوبات عدم امتداها الى ارتكاب الجرائم.
2 - أوراق رسمية. تزوير. قانون "تفسيره" "تطبيقه". موظفون عموميون.
متى يعتبر المحرر رسميا فى حكم المادتين 211 و213 عقوبات؟
اختصاص الموظف بتحرير الورقة. مناطه؟.
3 - مأمورو الضبط القضائى. استدلالات. موظفون عموميون.
تغيب مأمور الضبط القضائى عن مقر عمله. حقه فى انابة مساعده باتخاذ اجراءات الاستدلال. علة ذلك؟
4 - حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تزوير. اثبات "بوجه عام".
تحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من أركان جريمة التزوير. غير لازم. شرط ذلك؟
5 - اثبات "بوجه عام".
عدم رسم القانون شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة.
6 - اثبات "بوجه عام". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. مالا يوفره".
الطلب الذى تلتزم المحكمة باجابته أو الرد عليه. مثال. لا يتحقق فى هذا الطلب.
7 - اثبات "بوجه عام". "أوراق". تزوير.
دعاوى التزوير. لم يحدد القانون طريقة اثبات معينة فيها.
التعويل على الصورة الضوئية للمحرر المزور كدليل فى الدعوى. لا عيب.
1 - من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأى حال الى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرؤس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه.
2 - من المقرر أن المحرر يعتبر رسميا فى حكم المادتين 211 و213 من قانون العقوبات متى صدر أو كان فى الامكان صدوره من موظف عام مختص بتحريرة بمقتضى وظيفته أو التداخل فى هذا التحرير، ولا يستمد الموظف اختصاصه بتحرير الورقة الرسمية من القوانين واللوائح فحسب، بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به.
3 - لمأمور الضبط القضائى اذا ما تغيب عن مقر عمله لقيامه بعمل آخر أن يصدر أمرا عاما لمساعده باتخاذ ما يلزم من اجراءات الاستدلال وذلك حرصا على حريات الناس التى أراد القانون المحافظة عليها.
4 - من المقرر انه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
5 - القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها.
6 - لما كان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة باجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى اليه به، ويصر عليه مقدمه فى طلباته الختامية، وكان ما أثبت على لسان المدافع عن الطاعن بمحضر جلسة المحاكمة التى دارت فيها المرافعة وصدر بها الحكم المطعون فيه من أنه "كان يجب ايقاف الفصل فى هذه الدعوى لحين الفصل فى الدعوى الأصلية لا يعتبر من قبيل الطلبات الجازمة، فضلا عن أن المدافع عن الطاعن لم يصر عليه فى طلباته الختامية اذ اختتم مرافعته بطلب البراءة أصليا واستعمال الرأفة بصفة احتياطية، فانه لا تثريب على المحكمة أن هى اعرضت عن هذا الطلب واغفلت الرد عليه.
7 - لما كان القانون الجنائى لم يحدد طريقة اثبات معينة فى دعاوى التزوير للقاضى أن يكون اعتقاده فيها دون التقيد بدليل معين، فلا حرج على المحكمة ان هى أخذت بالصورة الضوئية للمحرر المزور كدليل فى الدعوى مادامت قد اطمأنت الى صحتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفا عموميا ورقيب أول بقسم شرطة....... - أرتكب أثناء تأدية وظيفته تزويرا فى محرر رسمى هو محضر الجنحة رقم.... لسنة 1979 قسم أول..... حالة تحريره بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أثبت على خلاف الحقيقة أقوالا نسبها زورا الى شهود الواقعة لم يدلوا بها وامتنع عن اثبات أخرى أدلوا بها أمامه، وطلبت الى مستشار الاحالة احالته الى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة فقرر ذلك. ومحكمة جنايات بنها قضت حضوريا عملا بالمادة 213 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند اليه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

حيث ان مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة التزوير فى محرر رسمى، فقد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه القصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع وانطوى على البطلان فى الاجراءات. ذلك بأنه التفت عما دفع به الطاعن من انطباق حكم المادة 63 من قانون العقوبات عليه لأن ما صدر منه كان طاعة لأمر رئيسه ومن انتفاء اختصاصه بتحرير محضر الجنحة المنسوب له التزوير فيه لعدم كونه من مأمورى الضبط القضائى، وبالتالى لا يعتبر المحرر رسميا فى هذا الصدد. كما جاء الحكم قاصرا فى بيان أركان الجريمة التى دان الطاعن بها وفى التدليل على صفة الوظيفة العامة فى حقه. والتفت عن طلب الطاعن ارجاء الفصل فى الدعوى لحين الفصل فى جناية القتل العمد التى شملها المحضر ذاته لما قد يترتب على الحكم فيها من ثبوت صحة البيانات التى أثبتها الطاعن فى المحضر. هذا الى أن المحكمة لم تطلع على أصل المحرر المنسوب للطاعن التزوير فيه مكتفية بالاطلاع على صورة ضوئية منه. كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الاثبات واعتراف الطاعن ومن الاطلاع على المحرر المزور، وهى أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها، ولم يجادل الطاعن فى أن لها معينها الصحيح من الأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل دفاع الطاعن - بأنه كان مأمورا من رئيسه وبعدم اختصاصه بتحرير المحرر المزور - واطرحه على أساس أنه غير صائب فى صحيح القانون واذ كان من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأى حال الى ارتكاب الجرائم، وأنه ليس على المرءوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، وأن المحرر يعتبر رسميا فى حكم المادتين 211 و213 من قانون العقوبات متى صدر أو كان فى الامكان صدروه من موظف عام مختص بتحريرة بمقتضى وظيفته أو التداخل فى هذا التحرير، ولا يستمد الموظف اختصاصه بتحرير الورقة الرسمية من القوانين واللوائح فحسب، بل يستمده كذلك من أوامر رؤسائه فيما لهم أن يكلفوه به، وكان لمأمور الضبط القضائى اذا ما تغيب عن مقر عمله لقيامه بعمل آخر أن يصدر أمرا عاما لمساعدة باتخاذ ما يلزم من اجراءات الاستدلال، وذلك حرصا على حريات الناس التى أراد القانون المحافظه عليها، ومن ثم فان الحكم المطعون فيه اذ انتهى الى اطراح دفاع الطاعن متقدم البيان يكون بريئا من قالة الخطأ فى تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالا عن كل ركن من أركان جريمة التزوير مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، وكان القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها، واذ كانت الأدلة التى عول عليها الحكم المطعون فيه - التى لا يمارى الطاعن فى أن لها أصل صحيح فى الأوراق - من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه عليها من مقارفة الطاعن لجريمة التزوير التى دانه بها، فان النعى عليه فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الطلب الذى تلتزم المحكمة باجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى اليه به، ويصر عليه مقدمه فى طلباته الختامية، وكان ما أثبت على لسان المدافع عن الطاعن بمحضر جلسة المحاكمة التى دارت فيها المرافعة وصدر بها الحكم المطعون فيه من أنه "كان يجب ايقاف الفصل فى هذه الدعوى لحين الفصل فى الدعوى الأصلية لا يعتبر من قبيل الطلبات الجازمة، فضلا عن أن المدافع عن الطاعن لم يصر عليه فى طلباته الختامية اذ اختتم مرافعته بطلب البراءة أصليا واستعمال الرأفة بصفة احتياطية، فانه لا تثريب على المحكمة أن هى اعرضت عن هذا الطلب واغفلت الرد عليه. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائى لم يحدد طريقة اثبات معينة فى دعاوى التزوير للقاضى أن يكون اعتقاده فيها دون التقيد بدليل معين، فلا حرج على المحكمة ان هى أخذت بالصورة الضوئية للمحرر المزور كدليل فى الدعوى مادامت قد اطمأنت الى صحتها، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون فى غير محله. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.