أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 954

جلسة 7 من ديسمبر سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد يونس ثابت، فوزى المملوك، عبد الرحيم نافع ومحمد حسن.

(198)
الطعن رقم 4714 لسنة 52 القضائية

1 - احالة. اجراءات "اجراءات المحاكمة". محاكم عسكرية. قانون. نيابة عامة. مستشار الاحالة.
احالة الدعوى. الى محكمة أمن الدولة العسكرية العليا باجراء صحيح. خروجها من ولاية سلطة التحقيق. أثر ذلك؟
2 - دفاع شرعى. أسباب الاباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير قيام حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها. موضوعى. مثال لتسبيب غير معيب.
3 - دفوع "الدفع بشيوع التهمة".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعى. القضاء بالادانة. كفايته للرد عليه.
4 - اثبات "شهود".
تناقض الشاهد وتضاربه فى أقواله لا يعيب الحكم. ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة منها.
5 - اثبات "شهود".
عدم التزام المحكمة بسرد روايات كل من الشهود. حسبها أن تورد منها ما تطمئن اليه وتطرح ما عداه.
6 - اثبات "بوجه عام".
الاصابة الناتجة عن الاعتداء بفأس. يصح أن تكون رضية. أساس ذلك؟.
7 - اثبات "شهود".
احالة الحكم فى بيان أقوال الشهود الى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه.
1 - لما كان الأصل ان كل اجراء تم صحيحا فى ظل قانون يظل صحيحا وفقا لأحكامه، وليس فى قانون الاجراءات الجنائية ما يقضى بابطال اجراء تم وانتهى صحيحا وفقا للتشريع الذى حصل الاجراء فى ظله، وكانت الدعوى الجنائية فى القضية موضوع الطعن محالة فعلا الى محكمة أمن الدولة العليا العسكرية باجراء صحيح، أصبحت به بين يدى القضاء وخرجت من ولاية سلطة التحقيق، فانه يتعين احالتها اداريا بحالتها الى المحكمة المختصة وفقا لأمر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976، ولا يسوغ القول باعادتها الى مستشار الاحالة، اذ هو لا يعدو أن يكون المرحلة النهائية من مراحل التحقيق، ولا تملك سلطة التحقيق بعد انحسار سلطانها على الدعوى باحالتها الى القضاء للتصرف فيها على وجه آخر. ومن ثم فلا محل للنعى بانه كان يجب احالة الدعوى - موضوع الطعن الماثل - الى محكمة الجنايات عن طريق مستشار الاحالة.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعى لديه، ورد عليه بقوله: "..... بأن أحدا من الشهود لم يؤيد هذا القول وعلى فرض صحة رواية المتهم بمحضر جمع الاستدلالات من أن المجنى عليه كان يحمل فأسا وانه انتزعها منه وضربه فهو قول بذاته ينفى حالة الدفاع الشرعى اذ ان المتهم وقد انتزع الفأس من المجنى عليه فقد زالت حالة الخطر التى تتهدده وبالتالى فان الاعتداء الحاصل منه بعد ذلك يكون بقصد الانتقام والتعدى وليس بغرض الدفاع عن النفس اما روايته فى تحقيقات النيابة من ان المجنى عليه أحضر فأسا أخرى فقد جاء هذا القول متأخرا وقصد به تصوير وجود حالة دفاع شرعى هذا فضلا عن أن أحدا لم يؤيده". واذ كان هذا الذى أوردته المحكمة كافيا وسائغا فى اطراح الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام هذه الحالة أو انتفاؤها انما هو من الأمور التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بلا معقب طالما كان استدلالها سائغا، كما أن حق الدفاع الشرعى لم يشرع لمعاقبته معتد على اعتدائه وانما شرع لرد العدوان، فان منعى الطاعن على الحكم فى هذا الصدد يكون غير مقبول.
3 - لما كان الدفع بشيوع الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة ردا صريحا مادام الرد مستفاد ضمنا من القضاء بالادانة استنادا الى أدلة الثبوت التى يوردها الحكم، فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن من قالة القصور يكون فى غير محله.
4 - لما كان تناقض الشاهد وتضاربه فى أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه ولم تورد تلك التفصيلات على نحو تركن به اليها فى تكوين عقيدتها.
5 - المحكمة غير ملزمة بسرد روايات كل من الشهود - أن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن اليه وتطرح ما عداه ولها فى سبيل ذلك أن تأخذ بأقوالهم فى أية مرحلة من مراحل التحقيق دون بيان العلة ومن ثم فلا محل للنعى على الحكم فى هذا الصدد.
6 - لما كان الاعتداء بفأس لا يستتبع حتما أن تكون الاصابة الناتجة عنها قطعة، بل يصح أن تكون رضية تأويلا لأمكان حصولها من الجزء غير الحاد منها، فان منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله.
7 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان أقوال الشهود الى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند اليه منها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب...... بفأس على رأسه فأحدث به الاصابات المبينة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى فقد عظمى بمقدمة عظمة القبوه تقدر بنحو 30%، واحالت المتهم لمحكمة جنايات أمن الدولة العسكرية العليا لمعاقبته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات والمادتين 1، 2 من الأمر العسكرى رقم 3 لسنة 1973 المعدلة بالأمر العسكرى رقم 7 لسنة 1974. وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنايات أمن الدولة العليا بدمنهور قضت حضوريا عملا بالمادتين 240/ 1، 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين والزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ قرش صاغ على سبيل التعويض المؤقت. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية الى محكمة جنايات دمنهور لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة جنايات دمنهور - (بهيئة أخرى) قضت حضوريا عملا بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات مع اعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبالزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ ثلاثة آلاف جنيه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) .... الخ.


المحكمة

حيث ان مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه اذ دان الطاعن بجريمة الضرب الذى أحدث عاهة مستديمة، فقد شابه البطلان والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الاسناد، ذلك بأنه رد على الدفع ببطلان اجراءات احالة الدعوى الى محكمة الجنايات بالقول أن الدعوى كانت منظورة أمام محكمة أمن الدولة العليا العسكرية عندما صدر قرار الغاء هذه المحاكم ومن ثم تصبح محكمة الجنايات هى المختصة بنظرها، بينما قام الدفع على أن الدعوى لم تنظر مطلقا أمام المحكمة العسكرية اذ كانت قد الغيت من قبل صدور قرار رئيس النيابة باحالة الطاعن اليها مما كان يتعين معه أن تكون احالته الى محكمة الجنايات عن طريق مستشار الاحالة، كما أن الطاعن تمسك بالدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى الا أن الحكم رد عليه بما لا يصلح ردا كما التفتت عن دفاعه بشيوع الاتهام. وقد عول الحكم - فيما عول عليه - على أقوال المجنى عليه رغم تضاربها فى مراحل التحقيق المختلفة وعول على قوله بأن الاعتداء كان بفأس رغم ما أورده التقرير الطبى من أن الاصابة رضية واحال فى بيان شهادة الشهود الى أقوال المجنى عليه مع ما بينهما من خلاف. كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث ان امر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976 - المعمول به من تاريخ نشره فى الجريدة الرسمية بتاريخ 11 يوليو سنة 1976 - قد نص فى مادته الأولى على احالة القضايا المنظورة أمام محاكم أمن الدولة العليا والجزئية العسكرية، بحالتها، الى محاكم أمن الدولة والمحاكم العادية المختصة. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة ان رئيس نيابة دمنهور أصدر بتاريخ 5 يونيو سنة 1976 أمرا باحالة الطاعن الى محكمة أمن الدولة العليا العسكرية لمحاكمته بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات والمادتين الأولى والثانية من الأمر العسكرى رقم 3 لسنة 1973 المعدل بالأمر العسكرى رقم 7 لسنة 1974، كما ان الطاعن قد أعلن بهذا الأمر بتاريخ 23 يونيو 1976 - أى قبل العمل بأمر رئيس الجمهورية سالف الذكر. لما كان ذلك، وكان الأصل ان كل اجراء تم صحيحا فى ظل قانون يظل صحيحا وفقا لأحكامه، وليس فى قانون الاجراءات الجنائية ما يقضى بابطال اجراء تم وانتهى صحيحا وفقا للتشريع الذى حصل الاجراء فى ظله، وكانت الدعوى الجنائية فى القضية موضوع الطعن محالة فعلا الى محكمة أمن الدولة العليا العسكرية باجراء صحيح، أصبحت به بين يدى القضاء وخرجت من ولاية سلطة التحقيق، فانه يتعين احالتها اداريا بحالتها الى المحكمة المختصة وفقا لأمر رئيس الجمهورية رقم 86 لسنة 1976، ولا يسوغ القول باعادتها الى مستشار الاحالة، اذ هو لا يعدو أن يكون المرحلة النهائية من مراحل التحقيق، ولا تملك سلطة التحقيق بعد انحسار سلطانها على الدعوى باحالتها الى القضاء للتصرف فيها على وجه آخر. ومن ثم فلا محل للنعى بانه كان يجب احالة الدعوى - موضوع الطعن الماثل - الى محكمة الجنايات عن طريق مستشار الاحالة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعى لديه، ورد عليه بقوله: "...... بأن أحدا من الشهود لم يؤيد هذا القول وعلى فرض صحة رواية المتهم بمحضر جمع الاستدلالات من أن المجنى عليه كان يحمل فأسا وانه انتزعها منه وضربه فهو قول بذاته ينفى حالة الدفاع الشرعى اذ ان المتهم وقد انتزع الفأس من المجنى عليه فقد زالت حالة الخطر التى تتهدده وبالتالى فان الاعتداء الحاصل منه بعد ذلك يكون بقصد الانتقام والتعدى وليس بغرض الدفاع عن النفس اما روايته فى تحقيقات النيابة من ان المجنى عليه أحضر فأسا أخرى فقد جاء هذا القول متأخرا وقصد به تصوير وجود حالة دفاع شرعى هذا فضلا عن ان أحدا لم يؤيده". واذ كان هذا الذى أوردته المحكمة كافيا وسائغا فى اطراح الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها قيام هذه الحالة أو انتفاؤها انما هو من الأمور التى تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها بلا معقب طالما كان استدلالها سائغا، كما أن حق الدفاع الشرعى لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وانما شرع لرد العدوان، فان منعى الطاعن على الحكم فى هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك وكان الدفع بشيوع الاتهام من أوجه الدفاع الموضوعية التى لا تستوجب فى الأصل من المحكمة ردا صريحا مادام الرد مستفاد ضمنا من القضاء بالادانة استنادا الى أدلة الثبوت التى يوردها الحكم، فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن من قالة القصور يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان تناقض الشاهد وتضاربه فى أقواله أو مع أقوال غيره لا يعيب الحكم مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه ولم تورد تلك التفصيلات على نحو تركن به اليها فى تكوين عقيدتها، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات كل من الشهود - أن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن اليه وتطرح ما عداه ولها فى سبيل ذلك أن تأخذ بأقوالهم فى أية مرحلة من مراحل التحقيق دون بيان العلة ومن ثم فلا محل للنعى على الحكم فى هذا الصدد. ولما كان الاعتداء بفأس لا يستنتج حتما أن تكون الاصابة الناتجة عنها قطعية، بل يصح أن تكون رضية تأويلا لامكان حصولها من الجزء غير الحاد منها، فان منعى الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان أقوال الشهود الى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند اليه منها. وكان البين من المفردات المضمومة ان ما أسنده الحكم لشهود الاثبات الذين احال فى بيان شهادتهم الى ما حصله من أقوال المجنى عليه، له أصل ثابت فى تحقيقات النيابة العامة، فان ما يثيره الطاعن فى شأن تعويل الحكم على أقوال المجنى عليه. والقول بخطئه فى الاحالة عليها فى بيان أقوال باقى الشهود يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه.