أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 962

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفى، محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسى.

(199)
الطعن رقم 3536 لسنة 52 القضائية

1 - قبض. تفتيش "التفتيش باذن". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض والتفتيش. من الدفوع القانونية التى تختلط بالواقع. أثر ذلك؟
2 - دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". تفتيش "التفتيش باذن". بطلان. مأمورو الضبط القضائى. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق مأمور الضبط القضائى فى الاستعانة بالغير فى اجراء القبض والتفتيش. شرط ذلك؟
3 - اجراءات "اجراءات التحقيق" مأمور الضبط القضائى.
اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره. علة ذلك؟
4 - مأمورو الضبط القضائى. اجراءات "اجراءات التحقيق. استجواب. اثبات".
حق مأمور الضبط فى سؤال المتهم دون استجواب. المادة 128 اجراءات.
حق المحكمة فى التعويل على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعتراف. حده؟
5 - اثبات "اعتراف". اعتراف. محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال. حق المحكمة فى تقدير صحته. حده؟
6 - رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اخلال الموظف بواجبات وظيفته قرينة امتناعه عن عمل من أعمالها فى مفهوم المادة 104 عقوبات. أثر ذلك؟
7 - مأمورو الضبط القضائى "اختصاصهم". استدلال.
الكشف عن الجريمة والتوصل الى مرتكبها. من مهمة مأمور الضبط القضائى. المادة 21 اجراءات. أثر ذلك وحده؟
8 - دفوع "الدفع ببطلان تسجيل واقعة عرض الرشوة". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع ببطلان تسجيل واقعة عرض الرشوة. دفع قانونى مختلط بواقع. عدم جواز اثارته لأول مرة أمام النقض.
1 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة ان الطاعن لم يدفع ببطلان اذن النيابة العامة بضبطه لانه غير مسبوق بتحريات جدية، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التى لا تجوز اثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لانه يقتضى تحقيقا موضوعيا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يغدو غير مقبول.
2 - لمأمور الضبط القضائى أن يستعين فى اجراء الضبط والتفتيش بمن يرى مساعدته فيه مادام يعمل تحت اشرافه.
3 - اختيار المحقق لمكان التحقيق متروكا لتقديره حرصا على صالح التحقيق وسرعة انجازه.
4 - من المقرر طبقا لنص المادة 28 من قانون الاجراءات الجنائية ان لمأمور الضبط القضائى أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة اليه دون أن يستجوبه تفصيلا وأن يثبت فى محضره ما يجيب به المتهم بما فى ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصرا من عناصر الدعوى للمحكمة أن تستند الى ما ورد به مادام قد عرض مع باقى أوراق الدعوى على بساط البحث فى الجلسة ولها أن تعول على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعتراف مادامت قد اطمأنت اليه.
5 - الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة فى الأخذ بالاعتراف المتهم فى أى دور من التحقيق بما فى ذلك محضر الضبط متى اطمأنت الى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع.
6 - لما كان الشارع قد نص فى المادة 104 من قانون العقوبات - التى عددت صور الرشوة - على الاخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة للموظف ومن فى حكمه اسوة بامتناعه عن عمل من أعمال وظيفته فكل انحراف عن واجب من واجبات الوظيفة أو الامتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الاخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص.
7 - من مهمة مأمور الضبط القضائى بمقتضى المادة 21 من قانون الاجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل الى مرتكبيها وكل اجراء يقوم به فى هذا السبيل يعتبر صحيحا منتجا لاثره مادام لم يتدخل بفعله فى خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت ارادة الجانى حرة غير معدومة.
8 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان اجراء تسجيل واقعة عرض الرشوة فليس له أن يدفع بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لانه دفع قانونى يخالطه واقع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: عرضا رشوة على موظف عمومى للاخلال بواجبات وظيفته بأن قدما لـ....... "أمين مخزن نيابة طنطا". مبلغ خمسة وأربعون جنيها على سبيل الرشوة لاستبدال احراز أشرطة التسجيل المشتبه فى تقليدها والمضبوطة على ذمة القضية 693 لسنة 1979 بأخرى سليمة ولكن الموظف العمومى لم يقبل الرشوة منهما.. وطلبت الى مستشار الاحالة احالتهما الى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة فقرر ذلك... ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادتين 104 و109 مكرر فقرة أولى و110 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمهما خمسمائة جنيه ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

أولا: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول:
من حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة عرض الرشوة قد أخطأ فى تطبيق القانون وشابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال، ذلك بأنه عول على ما أسفر عنه الضبط برغم بطلان أذن النيابة العامة بالتفتيش لأنه غير مسبوق بتحريات جدية، فضلا عن أن الماذون بالتفتيش قد اصطحب معه أحد رجال الضبط القضائى دون أن يكون مصرحا له بذلك، وعول الحكم على اعتراف الطاعن فى تحقيق النيابة العامة الذى أجرى فى مقر الشرطة وعلى اعترافه فى محضر الضبط برغم بطلانه اذ كان وليد استجواب محظور على رجال الضبط القضائى، ولم يستظهر الحكم أن المبلغ المعروض كان مقابل قيام الموظف أو امتناعه عن عمل يدخل فى اختصاصه أو توهم أنه كذلك، واخيرا فان ما حصله الحكم لا يكون أية جريمة لأن رجل الضبط القضائى قد أوعز الى الموظف أن يجارى الطاعن متظاهرا بقبول الرشوة. وكل هذا يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بين وقائع الدعوى كما استخلصها من أوراقها فى قوله "أنه بتاريخ 15/ 11/ 1979 ولضبط أشرطة تسجيل مشتبه فى تقليدها لدى المتهم الأول....... ومودعه بمخزن النيابة قام المتهم المذكور والمتهم الثانى...... وهو شرطى بالقسم بالالتقاء مع...... أمين مخزن قسم أول طنطا وعرضا عليه خمسين جنيها رشوة مقابل تمكينهما من تغيير أشرطة تسجيل سليمة بتلك المقلدة المضبوطة فتظاهر أمين المخزن المذكور بالموافقة حيث بادر بالابلاغ بالواقعة وتم ضبط المتهمين متلبسين بارتكاب الجريمة داخل المخزن المذكور وقدم أمين المخزن المبلغ الذى تقاضاه من المتهمين للاخلال بواجبات وظيفته الا أنه رد عليهما قصدهما ولم يقبل الرشوة منهما" وكان ما أورده الحكم فيما تقدم تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وقد أورد على ثبوتها فى حقه أدلة تؤدى الى ما رتبه عليها. لما كان ذلك وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة ان الطاعن لم يدفع ببطلان اذن النيابة العامة بضبطه لانه غير مسبوق بتحريات جدية، وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التى لا تجوز اثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لانه يقتضى تحقيقا موضوعيا تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يغدو غير مقبول. لما كان ذلك وكان لمأمور الضبط القضائى أن يستعين فى اجراء الضبط والتفتيش بمن يرى مساعدته فيه مادام يعمل تحت اشرافه كما هو الحال فى الدعوى الماثلة، فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان اختيار المحقق لمكان التحقيق متروكا لتقديره حرصا على صالح التحقيق وسرعة انجازه، وكان من المقرر طبقا لنص المادة 28 من قانون الاجراءات الجنائية ان لمأمور الضبط القضائى أن يسأل المتهم عن التهمة المسندة اليه دون أن يستجوبه تفصيلا وأن يثبت فى محضره ما يجيب به المتهم بما فى ذلك اعترافه بالتهمة ويكون هذا المحضر عنصرا من عناصر الدعوى للمحكمة أن تستند الى ما ورد به مادام قد عرض مع باقى أوراق الدعوى على بساط البحث فى الجلسة ولها أن تعول على ما تضمنه محضر جمع الاستدلالات من اعتراف مادامت قد اطمأنت اليه لما هو مقرر من أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات بغير معقب ما دامت تقيمه على أسباب سائغة ولها سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من التحقيق بما فى ذلك محضر الضبط متى اطمأنت الى صدقه ومطابقته للحقيقة والواقع، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان الشارع قد نص فى المادة 104 من قانون العقوبات - التى عددت صور الرشوة - على الاخلال بواجبات الوظيفة كغرض من أغراض الرشوة وجعله بالنسبة للموظف ومن فى حكمه اسوة بامتناعه عن عمل من أعمال وظيفته فكل انحراف عن واجب من واجبات الوظيفة أو الامتناع عن القيام به يجرى عليه وصف الاخلال بواجبات الوظيفة الذى عناه الشارع فى النص، وكان الثابت ان الطاعن قد عرض مبلغا من المال على أمين مخزن نيابة قسم أول طنطا نظير استبدال شرائط تسجيل مضبوطة فى احدى القضايا، وكان اختصاص أمين المخزن يسمح له بتنفيذ الغرض المقصود من الرشوة، فان ما ينعاه الطاعن على الحكم من خطأ فى القانون وقصور فى التسبيب يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الضابط الذى ندبته النيابة العامة لضبط واقعة عرض الرشوة قد انتقل الى المكان الذى تحدد لتقديمها نفاذا للاتفاق الذى تم بين أمين المخزن والطاعن، وبعد أن تيقن من تسليم المبلغ ألقى القبض عليه، وكان من مهمة مأمور الضبط القضائى بمقتضى المادة 21 من قانون الاجراءات الجنائية الكشف عن الجرائم والتوصل الى مرتكبيها وكل اجراء يقوم به فى هذا السبيل يعتبر صحيحا منتجا لاثره مادام لم يتدخل بفعله فى خلق الجريمة أو التحريض على مقارفتها وطالما بقيت ارادة الجانى حرة غير معدومة كما هو الحال فى الدعوى المطروحة، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ثانيا: الطعن المقدم من المحكوم عليه الثانى:
ومن حيث ان الطاعن ينعى على المحكوم المطعون فيه انه اذ دانه بجريمة عرض الرشوة قد شابه فساد فى الاستدلال وأخطأ فى تطبيق القانون ذلك بأنه دانه برغم عدم اسهامه فى واقعة عرض الرشوة وعول على نتيجة الضبط برغم بطلان اجراءات تسجيل واقعة عرض الرشوة اذ قام بالتسجيل أمين المخزن وهو ليس من مأمورى الضبط القضائى مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد عول فى ادانة الطاعن على ما حصله من أقوال..... والمقدم...... والرائد........ واعتراف المتهمين وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتب عليها، لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة ان الطاعن لم يدفع ببطلان اجراء تسجيل واقعة عرض الرشوة فليس له أن يدفع بذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لانه دفع قانونى يخالطه واقع، هذا الى ان الحكم المطعون فيه لم يعول فى ادانة الطاعن على هذا التسجيل، ومن ثم يضحى ما يثيره فى هذا الشأن غير مجد. لما كان ما تقدم فان الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.