أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 183

جلسة 7 من فبراير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسين مصطفى ونير عثمان ورجب فراج نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي أحمد.

(27)
الطعن رقم 1520 لسنة 66 القضائية

(1) عقوبة "تطبيقها". رد. اختلاس أموال أميرية. استيلاء على مال عام.
جزاء الرد يدور موجبه مع بقاء المال المختلس أو المستولى عليه في ذمة المتهم حتى الحكم عليه. أساس ذلك؟
(2) اختلاس أموال أميرية. استيلاء على مال عام. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". عقوبة "تطبيقها". رد.
دفاع الطاعن بسداد بعض المبالغ المختلسة والمستولى عليها. يوجب على المحكمة أن تمحصه أو ترد عليه. إغفالها ذلك وقضاؤها بإلزامه برد مبلغ مماثل لما نسب إليه اختلاسه والاستيلاء عليه. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(3) اختلاس أموال أميرية. استيلاء على مال عام. عقوبة "تطبيقها". غرامة. رد. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
عقوبتا الغرامة والرد في جريمتي اختلاس الأموال الأميرية والاستيلاء عليها. أساس حسابهما؟
قضاء الحكم المطعون فيه بإضافة الفوائد وغرامات التأخير إلى قيمة المبالغ المختلسة والمستولى عليها. خطأ في تطبيق القانون. أساس ذلك؟
1 - من المقرر أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال في ذمة المتهم باختلاسه أو الاستيلاء عليه حتى الحكم عليه، إذ هو بمثابة تعويض عيني للدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها، قصد به إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة.
2 - لما كان الطاعنان قد تمسكا في دفاعهما بأنهما قاما بسداد بعض المبالغ المختلسة والمستولى عليها إما نقداً أو خصماً من مستحقاتهما الشهرية لدى البنك، وأشارا إلى مقدار المبلغ المسدد وأنه خمسة عشر ألفاً من الجنيهات قدمت مستنداته لرئيس النيابة ولم يعرض له التقرير، كما أشار إلى رقم قرار الخصم من الراتب الصادر من الجهة التي يتبعانها والشهر الذي بدأ منه الخصم فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقسط هذا الدفاع حقه وتعني بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب إذ يترتب على ثبوت صحته استنزال المبالغ المسددة من الأموال المختلسة أو المستولى عليها أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى إطراحه. أما وهي لم تفعل وانتهت إلى إلزامهما برد مبلغ مساو للغرامة المحكوم بها وهي مساوية لقيمة ما نسب إليهما اختلاسه والاستيلاء عليه قبل تحقيق دفاعهما المار بيانه اكتفاء بما أوردته، وهو لا يواجه ولا يكفي لطرح هذا الدفاع. فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع فضلاً عما شاب حكمها من قصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه.
3 - لما كان المال الذي اختلسه واستولى عليه الطاعنان، وأخرجه البنك محدداًَ على وجه القطع منذ وقوع الجريمة لا يدخل فيه فوائد تأخير سداده أو غرامات تأخير سداده أو غيرهما مما لم يكن موجوداً، إذ لا كيان له ولا يدخل فيه ولا يعتبر منه ولم يلحقه انتزاع. فإنه ما كان للمحكمة حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - أن تضيف الفوائد أو غرامات التأخير إلى قيمة مبالغ القروض الأصلية وتقضي بالغرامة والرد على هذا الأساس ما دام أن مبالغ القروض المختلسة والمستولى عليها هي وحدها التي يتعين حسابها بالنسبة لجريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال عام. أما وأنها قد فعلت فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: بصفتهما موظفين عموميين (الأول رئيس وحدة التنمية والائتمان والثاني مندوب صرف ببنك.....) اختلسا المبالغ المبينة بالتحقيقات والبالغ قدرها اثنين وثلاثين ألف وأربعمائة وواحد جنيه ومائتين وخمسين مليماً المملوكة لجهة العمل سالفة البيان والتي وجدت في حيازتهما بسبب وظيفتهما حال كون المتهم الثاني من الأمناء على العهد والودائع وقد ارتبطت تلك الجناية ارتباطاً لا يقبل التجزئة بجناية أخرى هي أنهما اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية هي إيصالات السلف المبينة بالتحقيقات والمنسوبة لكل من..... و...... و...... والمتضمنة اقتراضهم مبالغ من البنك بأن اتفقا مع ذلك المجهول وأمداه بالبيانات اللازمة فقام بدوره بإثباتها بها على خلاف الحقيقة ومهرها بتوقيعات نسبها زوراً إليهم فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. ثانياً: المتهم الثاني بصفته موظفاً عمومياً "مندوب صرف ببنك......." اختلس مبلغ ثلاثة آلاف وسبعمائة وثمانية وأربعين جنيهاً وتسعمائة وأربعين مليماً المملوك بجهة عمله سالفة البيان والمسلمة إليه بسبب وظيفته وقد ارتبطت تلك الجناية ارتباطاً لا يقبل التجزئة بجناية أخرى هي أنه اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير محررات رسمية هي إيصالات السلف المبينة بالتحقيقات والمنسوبة لـ..... و...... والمتضمنة اقتراضهما مبالغ من البنك بأن اتفق مع ذلك المجهول وأمده بالبيانات اللازمة فقام بدوره بإثباتها بها على خلاف الحقيقة ومهرها بتوقيعات نسبها زوراً إليهما فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالمنيا لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 112/ أ - ب، 118، 119، 119 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة كل متهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزلهما من وظيفتهما وبردهما معاً مبلغ اثنين وثلاثين وأربعمائة وواحد جنيه ومائه وخمسين مليماً وغرامة مساوية لقيمه هذا المبلغ وأن يرد الثاني مبلغ ثلاثة آلاف وسبعمائة وأربعين جنيهاً وغرامة مساوية لهذا المبلغ باعتبار أن التهمة اختلاس مال عام والاستيلاء عليه.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال عام وارتباط كل منهما بجناية تزوير في محررات رسمية، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وانطوى على خطأ في القانون، ذلك بأنه ألزمهما برد المبالغ المنسوب إليهما اختلاسها والاستيلاء عليها معرضاً عن تمحيص دفاعهما القائم على أنهما قاما بسداد بعضها إما نقداً أو خصماً من راتبهما ومستحقاتهما الشهرية لدى البنك، فضلاً عن أنه حسب الفوائد والغرامات ضمن هذه المبالغ بما لا يتفق وصحيح القانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه من المقرر أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال في ذمة المتهم باختلاسه أو الاستيلاء عليه حتى الحكم عليه، إذ هو بمثابة تعويض عيني للدولة عن مالها الذي أضاعه المتهم عليها، قصد به إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل الجريمة. لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد تمسكا في دفاعهما بأنهما قاما بسداد بعض المبالغ المختلسة والمستولى عليها إما نقداً أو خصماً من مستحقاتهما الشهرية لدى البنك، وأشار إلى مقدار المبلغ المسدد وأنه خمسة عشر ألفاً من الجنيهات قدمت مستنداته لرئيس النيابة ولم يعرض له التقرير، كما أشار إلى رقم قرار الخصم من الراتب الصادر من الجهة التي يتبعانها والشهر الذي بدأ منه الخصم فإنه كان يتعين على المحكمة أن تقسط هذا الدفاع حقه وتعنى بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه ما دام فيه تجلية للحقيقة وهداية للصواب إذ يترتب على ثبوت صحته استنزال المبالغ المسددة من الأموال المختلسة أو المستولى عليها أو ترد عليه بأسباب سائغة تؤدى إلى إطراحه. أما وهي لم تفعل وانتهت إلى إلزامهما برد مبلغ مساو للغرامة المحكوم بها وهي مساوية لقيمة ما نسب إليهما اختلاسه والاستيلاء عليه قبل تحقيق دفاعهما المار بيانه اكتفاء بما أوردته. وهو لا يواجه ولا يكفي لطرح هذا الدفاع، فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع فضلاً عما شاب حكمها من قصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه. لما كان ذلك، وكان المال الذي اختلسه واستولى عليه الطاعنان، وأخرجه البنك محدداًَ على وجه القطع منذ وقوع الجريمة لا يدخل فيه فوائد تأخير سداده أو غرامات تأخير سداده أو غيرهما مما لم يكن موجوداً، إذ لا كيان له ولا يدخل فيه ولا يعتبر منه ولم يلحقه انتزاع، فإنه ما كان للمحكمة حسبما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه - أن تضيف الفوائد أو غرامات التأخير إلى قيمة مبالغ القروض الأصلية وتقضي بالغرامة والرد على هذا الأساس ما دام أن مبالغ القروض المختلسة والمستولى عليها هي وحدها التي يتعين حسابها بالنسبة لجريمتي الاختلاس والاستيلاء بغير حق على مال عام، أما وأنها قد فعلت فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة وذلك دون حاجة لبحث باقي ما يثيره الطاعنان بأسباب طعنهما.