أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 210

جلسة 8 من فبراير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة وممدوح يوسف.

(31)
الطعن رقم 1234 لسنة 66 القضائية

(1) اختلاس أموال أميرية. قانون "تفسيره". موظفون عموميون. ظروف مشددة. عقوبة "تطبيقها".
أموال الجمعيات التي يسري عليها قانون التعاون الزراعي. أموال عامة. أعضاء مجالس إدارتها. موظفون عموميون. المادة 29 من القانون 122 لسنة 1980.
المادة 122 عقوبات. مجال لتطبيقها؟
الاختلاس تمامه. متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية على اعتبار أنه مملوك له. استلامه المال بصفته أميناً على الودائع. وجوب معاقبته بالمادة 112/ 2 عقوبات.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
لمحكمة الموضوع. تكوين عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) اختلاس أموال أميرية. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المؤثمة بنص المادة 112 عقوبات. مناطه: تصرف المتهم الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له. التحدث عنه استقلالاً. غير لازم. كفاية إيراد الحكم من الوقائع والظروف ما يدل عليه.
مثال لتسبيب سائغ في توافر قصد الاختلاس.
(4) إثبات "اعتراف". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إسناد الحكم إلى الطاعن اعترافاً بالجريمة المسندة إليه. على خلاف الثابت بالأوراق. لا يعيبه. ما دام لم يعول في الإدانة. أساس ذلك؟
(5) اختلاس أموال أميرية. عقوبة "تطبيقها" "العقوبة التكميلية". غرامة "الغرامة النسبية". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون" "نظر الطعن والحكم فيه". محكمة النقض "سلطتها".
سداد المتهم كل أو بعض المبلغ المختلس أو قيمة الشيء المختلس كلها أو بعضها. لا يعفيه من الغرامة المقررة بالمادة 118 عقوبات. وإن أعفاه من الرد في حدود ما قام بسداده.
تغريم المطعون ضده بقدر ما لم يقم بسداده من المبلغ المختلس. خطأ في القانون. يوجب النقض والتصحيح. المادة 39/ 1 من القرار بقانون 57 لسنة 1959.
1 - لما كانت المادة 29 من القانون رقم 122 لسنة 1980 بشأن التعاون الزراعي قد نصت على أنه "في تطبيق أحكام قانون العقوبات تعتبر أموال الجمعية في حكم الأموال العامة، ويعتبر القائمون بها وأعضاء مجالس إدارتها في حكم الموظفين العموميين، كما تعتبر أوراق الجمعية وسجلاتها وأختامها في حكم الأوراق والأختام والسجلات الرسمية........" ويبين من هذا النص في صريح عبارته وواضح دلالته أنه في مجال تطبيق أحكام قانون العقوبات فإن أموال الجمعيات التي يسري عليها قانون التعاون الزراعي تعتبر أموالاً عامة، وأن أعضاء مجالس إدارتها يعدون في حكم الموظفين العموميين، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 119 من ذات القانون يختلس مالاً تحت يده متى كان قد وجد في حيازته بسبب وظيفته، ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية على اعتبار أنه مملوك له، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان، وهذه الصورة من الاختلاس هي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى، وأن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إلى اقتناعها، وأن تعرض عما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 أن يكون المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله، ومع ذلك فإن الحكم عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم توافر القصد الجنائي لديه ورد عليه في قوله "ومن حيث إنه عن القول بأن الواقعة الإجرامية المطروحة فاقدة لركن الاختلاس، ورغم كونه قد ورد قولاً مجهلاً دون سند أو دليل - إلا أن المحكمة تقرر أن المتهم..... وهو يعلم تماماً مقدار ما تحصل عليه من الجهة المجني عليها وقدر ما قام بتوريده من محصول الأرز عيناً أو أعاده نقداً، وأن هذا المال سلم إليه باعتباره أمانة لديه بمراعاة أنه أمين على الودائع قانوناً إلا أنه امتنع عن سداد القدر المتبقي طرفه منه مماطلة منه ودون إبداء أسباب مبررة لذلك، ومن ثم تكون يده على المال وهي في حقيقتها يد عارضة قد تحولت إلى يد أصلية هدف بها إلى الاستيلاء على ما في ذمته من مال بإضافته إلى أمواله الخاصة وإضاعته على الجهة المجني عليها الأمر الذي تتوافر بذلك في حقه نية الاختلاس، وتضحى بذلك الواقعة مستكملة لأركانها قانوناً خاصة وأن المال المشار إليه يعد مالاً عاماً طبقاً لنص المادة 29 من قانون التعاون الزراعي رقم 122 لسنة 1980" وهذا الذي أورده الحكم من أدلة وشواهد سائغ وكاف للتدليل على ثبوت قصد الاختلاس.
4 - لما كانت الأدلة التي عول عليها الحكم في إدانة الطاعن ليس من بينها الاعتراف المعزو إليه بتحقيقات النيابة، فإنه وعلى فرض إسناد الحكم له اعترافه بما أسند إليه على خلاف الثابت بالأوراق - لا تكون دعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد مقبولة، لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
5 - من المقرر أن قيام المتهم بسداد كل أو بعض المبلغ المختلس أو قيمة الشيء المختلس كلها أو بعضها لا يعفيه من الغرامة المقررة بتلك المادة وإن أعفاه من الحكم بالرد في حدود ما قام به من سداد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم المطعون ضده بمبلغ 170432.780 جنيه، وألزمه برد مبلغ مماثل تأسيساً على أنه يمثل قيمة ما اختلسه بعد استنزال مبلغ - ،96000 جنيه التي أثبت الحكم قيام المطعون ضده برده عقب صدور قرار حبسه احتياطياً على ذمة القضية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين الحكم بتغريمه مبلغاً مساوياً لقيمة المبلغ المختلس شاملاً المبلغ الذي قام برده عقب صدور قرار احتياطياً لتصبح قيمة الغرامة التي كان يجب القضاء بها مبلغ 266432.780 جنيه، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين - حسبما أوضحته الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 - الحكم بتصحيح الخطأ، والحكم القانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: وهو في حكم الموظف العام "عضو مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية لتسويق المحاصيل" اختلس المبلغ النقدي البالغ قدره 266432.780 "مائتين وستة وستين ألف وأربعمائة واثنين وثلاثين جنيهاً وسبعمائة وثمانين مليماً" المملوك لجهة عمله سالفة الذكر والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة وعلى النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بدمياط لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2 أ، 118، 118 مكرراً، 119/ هـ، 119مكرراً/ هـ من قانون العقوبات - بمعاقبة بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وإلزامه بأن يرد للجهة المجني عليها مبلغ 170432.780 (مائه وسبعين ألف وأربعمائة واثنين وثلاثين جنيهاً وسبعمائة وثمانين مليماً) وتغريمه مثل هذا المبلغ وعزله من عضوية مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية لتسويق المحاصيل المجني عليها.
فطعن كل من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على أن حقيقة الواقعة المسندة إليه تشكل الجنحة المعاقب عليها بالمادتين 80، 81 من القانون رقم 122 لسنة 1980 بشأن التعاون الزراعي تأسيساً على أن استلامه للمبالغ التي دين باختلاسها كان على سبيل القرض بيد أن المحكمة أطرحت هذا الدفاع بما لا يسوغ إطراحه، وقضت بإدانته بمقتضى المادة 112 من قانون العقوبات باعتبار أن استلامه تلك المبالغ كان على سبيل الأمانة لاستغلالها في تسويق محصول الأرز لحساب جمعية تسويق المحاصيل الحقلية التي يشغل الطاعن أحد مقاعد العضوية بمجلس إدارتها، كما دفع بانتفاء القصد الجنائي لديه، وأن التوقف عن توريد باقي كميات الأرز المسوقة يرجع إلى صدور قرار من الجمعية بالتوقف عن استلامها بسبب ارتفاع أسعار الأرز، هذا إلى أنه أسند إليه اعترافه بتحقيقات النيابة بالجريمة المسندة إليه في حين أن أقواله فيها اقتصرت على مجرد الإقرار باستلام المبالغ التي دين باختلاسها على سبيل القرض وهو ما لا يعد اعترافاًَ بارتكاب الجريمة، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها. وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 29 من القانون رقم 122 لسنة 1980 بشأن التعاون الزراعي قد نصت على أنه "في تطبيق أحكام قانون العقوبات تعتبر أموال الجمعية في حكم الأموال العامة، ويعتبر القائمون بها وأعضاء مجالس إدارتها في حكم الموظفين العموميين، كما تعتبر أوراق الجمعية وسجلاتها وأختامها في حكم الأوراق والأختام والسجلات الرسمية......" ويبين من هذا النص في صريح عبارته وواضح دلالته أنه في مجال تطبيق أحكام قانون العقوبات فإن أموال الجمعيات التي يسري عليها قانون التعاون الزراعي تعتبر أموالاً عامة، وأن أعضاء مجالس إدارتها يعدون في حكم الموظفين العموميين، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أن مجال تطبيق المادة 112 من قانون العقوبات يشمل كل موظف أو مستخدم عمومي ومن في حكمهم ممن نصت عليهم المادة 119 من ذات القانون يختلس مالاً تحت يده متى كان قد وجد في حيازته بسبب وظيفته، ويتم الاختلاس في هذه الصورة متى انصرفت نية الجاني إلى التصرف فيما يحوزه بصفة قانونية على اعتبار أنه مملوك له، فإذا كان الجاني من الأمناء على الودائع وسلم إليه المال بهذه الصفة تعين معاقبته بالعقوبة المغلظة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 112 سالفة البيان، وهذه الصورة من الاختلاس هي صورة خاصة من صور خيانة الأمانة وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها مما تطمئن إليه من أدلة وعناصر الدعوى، وأن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إلى اقتناعها، وأن تعرض عما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وإذ كانت المحكمة قد أطرحت في حدود سلطتها التقديرية دفاع الطاعن في هذا الخصوص، وأثبتت في تدليل سائغ أن الطاعن وهو عضو في مجلس إدارة جمعية تسويق المحاصيل الحقلية........ قد اختلس جزءاً من المبالغ التي كانت في عهدته والمسلمة إليه بسبب عضويته في تلك الجمعية بغرض استغلاله في تسويق محصول الأرز لحسابها بأن احتفظ بها لنفسه وامتنع عن ردها إلى الجمعية، وهو ما تتحقق به جناية الاختلاس بكافة أركانها القانونية، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. ولما كان ذلك، وكان يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 أن يكون المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله، ومع ذلك فإن الحكم عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم توافر القصد الجنائي لديه ورد عليه في قوله "ومن حيث إنه عن القول بأن الواقعة الإجرامية المطروحة فاقدة لركن الاختلاس، ورغم كونه قد ورد قولاً مجهلاً دون سند أو دليل - إلا أن المحكمة تقرر أن المتهم....... وهو يعلم تماماً مقدار ما تحصل عليه من الجهة المجني عليها وقدر ما قام بتوريده من محصول الأرز عيناً أو أعاده نقداً، وأن هذا المال سلم إليه باعتباره أمانة لديه بمراعاة أنه أمين على الودائع قانوناً إلا أنه امتنع عن سداد القدر المتبقي طرفه منه مماطلة منه ودون إبداء أسباب مبررة لذلك، ومن ثم تكون يده على المال وهي في حقيقتها يد عارضة قد تحولت إلى يد أصلية هدف بها إلى الاستيلاء على ما في ذمته من مال بإضافته إلى أمواله الخاصة وإضاعته على الجهة المجني عليها الأمر الذي تتوافر بذلك في حقه نية الاختلاس، وتضحى بذلك الواقعة مستكملة لأركانها قانوناً خاصة وأن المال المشار إليه يعد مالاً عاماً طبقاً لنص المادة 29 من قانون التعاون الزراعي رقم 122 لسنة 1980" وهذا الذي أورده الحكم من أدلة وشواهد سائغ وكاف للتدليل على ثبوت قصد الاختلاس. لما كان ذلك، وكانت الأدلة التي عول عليها الحكم في إدانة الطاعن ليس من بينها الاعتراف المعزو إليه بتحقيقات النيابة، فإنه وعلى فرض إسناد الحكم له اعترافه بما أسند إليه على خلاف الثابت بالأوراق - لا تكون دعوى الخطأ في الإسناد في هذا الصدد مقبولة، لما هو مقرر من أنه لا يعيب الحكم الخطأ في الإسناد طالما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب، والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه خلا من بيان الأسس التي استند إليها في تحديد مبلغ الغرامة المقضى بها فضلاً عن أنه قضى بتغريم المطعون ضده مبلغ 170432.780 جنيه في حين أن قيمة المال المختلس طبقاً للثابت في الأوراق هو مبلغ 266432.780 جنيه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه - في بيانه واقعة الدعوى، وتحصيل أدلة الثبوت فيها - أورد أن المطعون ضده بصفته عضواً بمجلس إدارة الجمعية التعاونية لتسويق المحاصيل الحقلية تسلم من الجمعية مبلغ - و715000 جنيه كعهدة تحت حساب تسويق محصول الأرز عن موسم سنة 1994، وأنه قام بتسويق كمية من ذلك المحصول بلغت قيمتها 243567.220 جنيه، ورد نقداً مبلغ - و301000 جنيه، منها مبلغ - و96000 جنيه قام بردها بعد صدور قرار حبسه احتياطياً على ذمة القضية. لما كان ذلك، وكانت المادة 118 من قانون العقوبات تنص على أن "فضلاً عن العقوبات المقررة للجرائم المذكورة في المواد 112، 113 فقرة أولى وثانية ورابعة...... يعزل الجاني من وظيفته أو تزول صفته كما يحكم عليه في الجرائم المذكورة....... بالرد وبغرامة مساوية لقيمة ما اختلسه أو استولى عليه أو حصله أو طلبه من مال أو منفعة على ألا تقل عن خمسمائة جنيه" وكان من المقرر أن قيام المتهم بسداد كل أو بعض المبلغ المختلس أو قيمة الشيء المختلس كلها أو بعضها لا يعفيه من الغرامة المقررة بتلك المادة وإن أعفاه من الحكم بالرد في حدود ما قام به من سداد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتغريم المطعون ضده بمبلغ 170432.780 جنيه، وألزمه برد مبلغ مماثل تأسيساً على أنه يمثل قيمة ما أختلسه بعد استنزال مبلغ - و96000 جنيه التي أثبت الحكم قيام المطعون ضده برده عقب صدور قرار حبسه احتياطياً على ذمة القضية، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين الحكم بتغريمه مبلغاً مساوياً لقيمة المبلغ المختلس شاملاً المبلغ الذي قام برده عقب صدور قرار احتياطياً لتصبح قيمة الغرامة التي كان يجب القضاء بها مبلغ 266432.780 جنيه، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم، فإنه يتعين - حسبما أوضحته الفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 - الحكم بتصحيح الخطأ، والحكم بمقتضى القانون، وذلك بجعل مقدار الغرامة المقضى بها مبلغ 266432.780 جنيه بدلاً من مبلغ 170432.780 جنيه ما دام تصحيح الحكم لا يقتضى التعرض لموضوع الدعوى.