أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 1020

جلسة 15 من ديسمبر سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفى، محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسى.

(210)
الطعن رقم 6049 لسنة 52 القضائية

1 - اثبات "بوجه عام" "شهود". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. مالا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعى.
2 - اثبات "شهادة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "بيانات الادانة".
عدم التزام محكمة الموضوع بالاشارة الى أقوال شهود النفى. قضاؤها بالادانة. دلالته؟.
3 - اثبات "شهادة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل".
احالة الحكم فى بيان شهادة شاهد الى ما ورد من أقوال شاهد آخر. لا تعيبه. حد ذلك؟.
4 - محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". اثبات "شهود" "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات الشهود. حسبها أن تورد منها ما تطمئن اليه.
5 - اجراءات "اجراءات المحاكمة". حكم "ما لا يعيبه فى نطاق التدليل" "بياناته".
الأصل فى الاجراءات الصحة وانها قد روعيت.
خلو الحكم من بيان كيفية احالة الدعوى الى المحكمة. لا يبطله. أساس ذلك؟
6 - محكمة الجنايات "تشكيلها". قانون "تفسيره".
جواز ندب رئيس محكمة بالمحاكم الابتدائية فى حالة الاستعجال للجلوس بمحكمة جنايات أمن الدولة العليا. لدور من أدوار انعقادها. أساس ذلك وحده؟
1 - من المقرر فى قضاء هذه المحكمة ان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، مرجعه الى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن اليه دون رقابة عليها من محكمة النقض.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفى، مادامت لا تثق بما شهدوا به، وهى غير ملزمة بالاشارة الى أقوالهم ما دامت لم تستند اليها، وفى قضائها بالادانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن الى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها.
3 - لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر، مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند اليه الحكم منها.
4 - محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات الشهود - أن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن اليها وتطرح ما عداها.
5 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أمر الاحالة تلى فى مواجهة الطاعن وترافع الدفاع عنه دون أن ينازع فى صحة هذا الأمر، وكان الأصل فى الاجراءات الصحة، وأنها قد روعيت، وكان منعى الطاعن مبنيا على مجرد أن الحكم لم يشر فى أسبابه الى كيفية احالة الدعوى الى المحكمة ولم يدع أن هذا الاجراء قد خولف فى الواقع، فان منعاه فى هذا الشأن لا يكون مقبولا، هذا فضلا عن أن خلو أسباب الحكم من هذا البيان، لا يبطله، واذ لا يوجد فى القانون نص يوجب ذكره فى أسباب الحكم.
6 - لما كان كل من القانونين، رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، ورقم 105 لسنة 1980 بانشاء محاكم أمن الدولة، لم ينص على الغاء المادة 367 من قانون الاجراءات الجنائية ولم يرد بنصوصهما ما يغاير أحكامها، بل نصت المادة الخامسة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بادى الذكر، على وجوب اتباع الأحكام المقررة بقانون الاجراءات الجنائية فيما لم يرد فيه نص فى ذاك القانون، وكانت الفقرة الثالثة من المادة 367 من قانون الاجراءات الجنائية قد نصت على أنه يجوز عند الاستعجال اذا حصل مانع لأحد المستشارين المعينين لدور من أدوار انعقاد محكمة الجنايات، أن يجلس مكانه رئيس المحكمة الابتدائية الكائنة بالجهة التى تنعقد بها محكمة الجنايات، أو وكيلها، على ألا يشترك فى الحكم المذكور أكثر من واحد من غير المستشارين، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التى أصدرته كانت مشكلة من اثنين من مستشارى محكمة استئناف القاهرة، أحدهما وهو الرئيس بدرجة رئيس محكمة استئناف، وعضو ثالث هو رئيس محكمة بالمحكمة الابتدائية (منتدب)، وكان الطاعن لا يمارى فى توافر حالة الاستعجال التى اقتضت اجراء ذلك الندب، فان تشكيل المحكمة التى أصدرت الحكم يكون صحيحا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: وهو موظف عمومى - رئيس قسم المرتبات والاستحقاقات بالمنطقة المركزية لهيئة السكة الحديد - طلب لنفسه رشوة لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من...... مبلغ عشرة جنيهات على سبيل الرشوة مقابل اتخاذ الاجراءات اللازمة لصرف التعويض المستحق له وأحيلت الى محكمة الجنايات لمعاقبته بمواد الاتهام. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 103/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه ألف جنيه.
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه اذ دانه بجريمة طلب وأخذ رشوة، قد شابه البطلان والقصور فى التسبيب والاخلال بحق الدفاع والخطأ فى القانون، ذلك بأنه أغفل الأدلة على براءة الطاعن ومنها التسجيل الذى خلا من طلبه رشوة أو ما يفيد أخذه أى مبالغ، وأحال فى بيان شهادة الرائد...... الى ما شهد به الرائد...... برغم تناقض شهادتيهما، ولم يتفطن الحكم الى شهادة الشاهد...... من عدم ضبط شئ مع الطاعن ولا الى دفاعه أن الاتهام ملفق وأنه من غير المعقول أن ينتقل من مكتب الى آخر حاملا بيده مبلغ الرشوة برغم تقاريره الممتازة فى عمله وقرب تقاعده ولم يبين فى أسبابه كيفية احالة الدعوى الى المحكمة وهو بيان ضرورى، ولو كشف عنه لاستبان أن الدعوى أحيلت من نيابة أمن الدولة الى المحكمة بحسبانها محكمة أمن الدولة، اشتمل تشكيلها على واحد من غير المستشارين المختصين بجنايات أمن الدولة، هو رئيس بمحكمة ابتدائية، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه..
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الاثبات من شأنها أن تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم، مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات، مرجعة الى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن اليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد أطمأن الى أقوال شهود الاثبات وعول عليها، فان ما يثيره الطاعن من تشكيك فى هذه الأقوال وما ساقه فى شأن تلفيق الاتهام وعدم معقوليته، انما ينحل الى جدل موضوعى لا تقبل اثارته أمام محكمة النقض، ويضحى منعى الطاعن فى هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفى، مادامت لا تثق بما شهدوا به، وهى غير ملزمة بالاشارة الى أقوالهم مادامت لم تستند اليها، وفى قضائها بالادانة لأدلة الثبوت التى أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن الى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها، فان منعى الطاعن فى هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة الشاهد الى ما أورده من أقوال شاهد آخر، مادامت أقوالهم متفقة مع ما استند اليه الحكم منها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات الشهود - أن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن اليها وتطرح ما عداها، واذ كان الطاعن لا يمارى فى أن ما نقله الحكم من أقوال الشاهد الأول له أصله الثابت فى الأوراق، ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادته، بل أن البين مما أورده الطاعن فى أسباب طعنه نقلا عن أقوال الضابطين أنها تتفق مع استند اليه الحكم منها، ولا تناقض فيها، فلا على الحكم ان هو أحال فى بيان أقوال الرائد...... الى ما أورده من أقوال الرائد.....، ولا يؤثر فى ذلك أن يكون للشاهد الثانى قوله آخر بشأن ما كان عليه وقت الضبط - بفرض وجوده - اذ أن مفاد احالة الحكم فى بيان أقواله الى ما حصله من أقواله الشاهد الأول فيما اتفقا فيه، أنه لم يستند فى قضائه الى ما زادت فيه هذه الشهادة من أقوال وطالما أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن اليه واطراح ما عداه، دون أن يعد هذا تناقضا فى حكمها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أمر الاحالة تلى فى مواجهة الطاعن وترافع الدفاع عنه دون أن ينازع فى صحة هذا الأمر، وكان الأصل فى الاجراءات الصحة، وأنها قد روعيت، وكان منعى الطاعن مبنيا على مجرد أن الحكم لم يشر فى أسبابه الى كيفية احالة الدعوى الى المحكمة ولم يدع أن هذا الاجراء قد خولف فى الواقع، فان منعاه فى هذا الشأن لا يكون مقبولا، هذا فضلا عن أن خلو أسباب الحكم من هذا البيان، لا يبطله، واذ لا يوجد فى القانون نص يوجب ذكره فى أسباب الحكم. لما كان ذلك، وكان كل من القانونين رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، ورقم 105 لسنة 1980 بانشاء محاكم أمن الدولة، لم ينص على الغاء المادة 367 من قانون الاجراءات الجنائية ولم يرد بنصوصهما ما يغاير أحكامها، بل نصت المادة الخامسة من القانون رقم 105 لسنة 1980 بادى الذكر، على وجوب اتباع الأحكام المقررة بقانون الاجراءات الجنائية فيما لم يرد فيه نص فى ذاك القانون، وكانت الفقرة الثالثة من المادة 367 من قانون الاجراءات الجنائية قد نصت على أنه يجوز عند الاستعجال اذا حصل مانع لأحد المستشارين المعينين لدور من أدوار انعقاد محكمة الجنايات، أن يجلس مكانه رئيس المحكمة الابتدائية الكائنة بالجهة التى تنعقد بها محكمة الجنايات، أو وكيلها، على ألا يشترك فى الحكم المذكور أكثر من واحد من غير المستشارين، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الهيئة التى أصدرته كانت مشكلة من اثنين من مستشارى محكمة استئناف القاهرة، أحدهما وهو الرئيس بدرجة رئيس محكمة استئناف، وعضو ثالث هو رئيس محكمة بالمحكمة الابتدائية (منتدب)، وكان الطاعن لا يمارى فى توافر حالة الاستعجال التى اقتضت اجراء ذلك الندب، فان تشكيل المحكمة التى أصدرت الحكم يكون صحيحا. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعيا.