أحكام النقض - المكتب الفنى - جنائى
السنة 33 - صـ 1038

جلسة 22 من ديسمبر سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم حسين رضوان، حسين كامل حنفى، محمد ممدوح سالم ومحمود بهى الدين.

(213)
الطعن رقم 5462 لسنة 52 القضائية

1 - مأمورو الضبط القضائى. استدلالات. نقض.
الحق المخول لمأمورى الضبط القضائى بمقتضى المادة 29 من قانون الاجراءات الجنائية. نطاقه؟ مثال ينتفى فيه القبض.
2 - استجواب. تحقيق. مأمورو الضبط القضائى. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الاستجواب المحظور قانونا على غير سلطة التحقيق.
3 - اثبات "اعتراف". نقض "أسباب الطعن. مالا يقبل منها". دفاع "الاخلال بحق الدفاع. مالا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع فى تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الاثبات.
4 - ارتباط. نقض "المصلحة فى الطعن" "أسباب الطعن. مالا يقبل منها". عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". طعن "المصلحة فيه". تزوير.
ادانة الطاعن بجرائم تقليد أختام احدى الجهات الأجنبية واستعمالها والتزوير والنصب ومعاقبته عنها بعقوبة واحدة هى عقوبة الجريمة الأشد عملا بالمادة 32 عقوبات عدم جدوى نعيه على الحكم بشأن التهمتين الأخريين.
5 - ارتباط. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض "حالات الطعن" "مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه". محكمة النقض "سلطتها". تزوير. تقليد أختام.
ادانة الطاعن بجرائم تقليد خاتم احدى الجهات الأجنبية والتزوير والنصب وتطبيق المادة 32/ 2 عقوبات وتوقيع عقوبة الغرامة الى جانب عقوبة الحبس المقررة وحدها عن الجريمة الأولى الأشد وجوب تصحيحه بالغاء عقوبة الغرامة ولو لم يرد هذا الوجه فى أسباب الطعن. علة ذلك؟
1 - لما كان من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانونا على مأمورى الضبط القضائى فى دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التى ترد اليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم بأجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التى يعلمون بها بأى كيفية كانت وان يستحصلوا على جميع الايضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفى الوقائع المبلغ بها اليهم، أو التى يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الاجراءات الجنائية تخول مأمورى الضبط القضائى أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان توجه مأمور الضبط القضائى الى الطاعن وسؤاله عن الاتهام الذى حام حوله فى نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضا ماديا فيه مساس بحريته الشخصية.
2 - من المقرر أن الاستجواب الذى حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها ان كان منكرا للتهمة أو يعترف بها ان شاء الاعتراف.
3 - الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات، ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو اليه قد انتزع منه بطريق الاكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت اليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها.
4 - لايجدى الطاعن ماينعاه على الحكم من اغفال المحكمة الاطلاع على الأوراق المدعى بتزويرها وعدم اجابة طلب اعادة مضاهاة هذه الأوراق على استمارة صحيحة وعدم بيان مؤدى الأدلة التى استند اليها الحكم فى ثبوت جريمة النصب قبله، مادام الحكم قد دانه بالجرائم الثلاث المسندة اليه وقضى بمعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد وهى تقليد أختام احدى الجهات الأجنبية واستعمالها موضوع الجريمة الأولى، وذلك اعمالا للمادة 32 من قانون العقوبات لجامع الارتباط بين تلك الجرائم.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه برغم تطبيقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، قد قضى بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة ثلاث سنوات وبغرامة قدرها خمسون جنيها مع أن عقوبة الجريمة الأشد - وهى جريمة تقليد أختام أحدى الجهات الأجنبية - طبقا لنص المادة 208 من قانون العقوبات هى الحبس فقط، فانه يتعين تصحيحة بالغاء عقوبة الغرامة المقضى بها عملا بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، من نقض الحكم لمصلحة المتهم اذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه فى أسباب الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: المتهم الأول (الطاعن) قلد خاتما لاحدى الجهات الحكومية (مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية) المبينة بالتحقيقات. المتهمون الأول (الطاعن) والثالث والخامس: أولا: قلدوا خاتمين لاحدى الجهات الأجنبية خاتم شعار دولة الكويت وخاتم قنصلية دولة الكويت بالقاهرة واستعملوهما بأن وضعوا بصمتيهما على أذونات السفر المضبوطة مع علمهم بتقليدها. ثانيا: ارتكبوا تزويرا فى محررات عرفية ( أذونات سفر لدولة الكويت وذلك بطريق الاصطناع على غرار المحررات الصحيحة. المتهمون جميعا: توصلوا الى الاستيلاء على المبالغ النقدية المبينة عدا وقدرا بالتحقيقات والمملوكة لـ...... بطريق الاحتيال لسلب بعض ثرواتهم وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها ايهامهم بوجود واقعة مزورة بأن أوهموهم بأمكانية تسفيرهم الى دولة الكويت والحاقهم ببعض الأعمال وقدموا لهم أذونات سفر مزورة فانخدع المجنى عليهم وتمكن المتهمون بذلك من الاستيلاء على تلك المبالغ. وطلبت الى مستشار الاحالة احالتهم الى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الاحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضوريا عملا بالمادة 206 من قانون العقوبات: أولا: ببراءة...... عن التهمة الأولى المسندة اليه وبمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبغرامة قدرها خمسون جنيها عن باقى ما أسند اليه.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه اذ دانه بجرائم تقليد خاتمين لاحدى الجهات الأجنبية وتزوير محررات عرفية ونصب، قد انطوى على خطأ فى تطبيق القانون وشابه البطلان والاخلال بحق الدفاع والقصور فى التسبيب، ذلك بأن الطاعن دفع بجلسة المحاكمة ببطلان القبض عليه لحصوله بغير اذن من النيابة العامة وفى غير حالة من حالات التلبس، وببطلان استجوابه بمعرفة ضابط الشرطة وببطلان اعترافه لانه كان وليد قبض باطل وتحت تأثير اكراه وتهديد، ألا أن الحكم المطعون فيه أطرح هذه الدفوع بما لا يتفق وصحيح القانون، كما أغفلت المحكمة الاطلاع على الأوراق المدعى بتزويرها، ولم تجبه الى طلب اعادتها الى مصلحة الطب الشرعى لاجراء المضاهاة على استمارة صحيحة وردت عليه بما لا يسوغ به اطراحه وأخيرا فان الحكم لم يورد الأدلة التى استند اليها فى ادانة الطاعن بجريمة النصب ولم يرد على ما أثاره فى دفاعه أنه لا علاقة له بأى من المجنى عليهم فى هذه الجريمة كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى الى ما رتب عليها استمدها من أقوال شهود الاثبات واعتراف الطاعن بالتحقيقات ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير بمصلحة الطب الشرعى. لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما بغير اذن من النيابة العامة ورد عليه بقوله "وحيث أنه عن الدفع الذى أثاره الحاضر عن المتهم الأول ببطلان القبض والتفتيش لتمامه بدون أذن من النيابة العامة فهو دفع بمعزل عن الصواب فالثابت أن التحريات التى قامت بها مجموعة مكافحة النشل والاحتيال بمديرية أمن القاهرة أسفرت عن أن المتهم...... (الطاعن) يتزعم مجموعة من الاشخاص ويقوم بتزوير أذون سفر لزيارة دولة الكويت ويقوم وهؤلاء الأشخاص ببيع هذه الأذون المزورة مقابل مبالغ كبيرة فتم استيقافه وبمواجهته بهذه التحريات أقر المتهم بصحة ما أسفرت عنه وقدم للضابط مظروف به عدد عشرون أذنا مزورا لزيارة دولة الكويت خالية من البيانات الأمر الذى يقطع بأنه لم يكن هناك ثمة قبض او تفتيش وانما مجرد تحريات قام بها رجال الشرطة استدعت سؤال المتهم الذى أسفر عن اقراره سالف الذكر وتقديمة الأذون المزورة". لما كان ذلك وكان من المقرر أن من الواجبات المفروضة قانونا على مأمورى الضبط القضائى فى دوائر اختصاصهم أن يقبلوا التبليغات التى ترد اليهم بشأن الجرائم وأن يقوموا بأنفسهم أو بواسطة مرؤسيهم باجراء التحريات اللازمة عن الوقائع التى يعلمون بها بأى كيفية كانت وان يستحصلوا على جميع الايضاحات والاستدلالات المؤدية لثبوت أو نفى الوقائع المبلغ بها اليهم، أو التى يشاهدونها بأنفسهم كما أن المادة 29 من قانون الاجراءات الجنائية تخول مأمورى الضبط القضائى أثناء جمع الاستدلالات أن يسمعوا أقوال من يكون لديهم معلومات عن الوقائع الجنائية ومرتكبيها وأن يسألوا المتهم عن ذلك. ولما كان توجه مأمور الضبط القضائى الى الطاعن وسؤاله عن الاتهام الذى حام حوله فى نطاق ما أسفرت عنه التحريات وما يتطلبه جمع الاستدلالات لا يعتبر بمجرده تعرضا ماديا فيه مساس بحريته الشخصية واذ كانت المحكمة قد اطمأنت - فى حدود سلطتها التقديرية - الى أن ما قام به مأمور الضبط القضائى من توجه الى مكان تواجد الطاعن وسؤاله عن الاتهام الذى حام حوله لم يكن مقرونا باكراه ينتقص من حريته، فان رفضها الدفع ببطلان القبض يكون سليما بما تنتفى معه قالة الخطأ فى القانون. لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاستجواب الذى حظره القانون على غير سلطة التحقيق هو مجابهة المتهم بالأدلة المختلفة قبله ومناقشته مناقشة تفصيلية كيما يفندها أن كان منكرا أو يعترف بها ان شاء الاعتراف، وكان الطاعن لا يدعى فى أسباب طعنه أن مأمور الضبط القضائى ناقشه مناقشة تفصيلية فى الأدلة القائمة قبله، وكان الحكم قد أورد فى رده على دفاع الطاعن أن الضابط سأله عما جاء بالتحريات قبله فأقر بصحتها وقدم له مظروفا به عشرون اذنا مزورا، فان ما انتهى اليه الحكم فى رده على دفع الطاعن ببطلان استجوابه يكون مقترنا بالصواب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن أن الاعتراف المعزو اليه كان وليد اكراه ورد عليه فى قوله "كما وانه ليس هناك ثمة دليل من واقع الاوراق أن اقرار المتهم.... فى محضر الضبط واعترافه فى تحقيقات النيابة العامة عما أسند اليه كان وليد اكراه فالثابت أنه أقر فى محضر الضبط بما أسند اليه تفصيلا. ثم عاد وردد اعترافه تفصيلا أمام النيابة العامة وهو اعتراف تطمئن المحكمة الى صدوره عن المتهم عن حرية واختيار كاملين". وما أورده الحكم من ذلك سائغ فى القانون ذلك لأن الاعتراف فى المسائل الجنائية من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات، ولها دون غيرها البحث فى صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو اليه قد انتزع منه بطريق الاكراه، ومتى تحققت أن الاعتراف سليم مما يشوبه واطمأنت اليه كان لها أن تأخذ به بما لا معقب عليها. لما كان ذلك وكان لا يجدى الطاعن ما ينعاه على الحكم من اغفال المحكمة الاطلاع على الأوراق المدعى بتزويرها وعدم اجابة طلب اعادة مضاهاة هذه الأوراق على استمارة صحيحة وعدم بيان مؤدى الأدلة التى استند اليها الحكم فى ثبوت جريمة النصب قبله، مادام الحكم قد دانه بالجرائم الثلاث المسندة اليه وقضى بمعاقبته بعقوبة الجريمة الأشد وهى تقليد أختام احدى الجهات الأجنبية واستعمالها موضوع الجريمة الأولى، وذلك اعمالا للمادة 32 من قانون العقوبات لجامع الارتباط بين تلك الجرائم، فان نعيه فى هذا الصدد يكون فى غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه برغم تطبيقه الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات، قد قضى بمعاقبة الطاعن بالحبس لمدة ثلاث سنوات وبغرامة قدرها خمسون جنيها مع أن عقوبة الجريمة الأشد - وهى جريمة تقليد أختام احدى الجهات الأجنبية - طبقا لنص المادة 208 من قانون العقوبات هى الحبس فقط، فانه يتعين تصحيحه بالغاء عقوبة الغرامة المقضى بها عملا بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات واجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، من نقض الحكم لمصلحة المتهم اذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه فى أسباب الطعن.