أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 269

جلسة 19 من فبراير سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين الشافعي ووفيق الدهشان وفريد عوض نواب رئيس المحكمة ومحمود مسعود شرف.

(41)
الطعن رقم 10103 لسنة 60 القضائية

(1) سب وقذف بطريق النشر. قانون "عدم دستورية القوانين". مسئولية جنائية "المسئولية المفترضة". قصد جنائي. قانون "إلغاؤه" "قانون أصلح". محكمة دستورية. إثبات "بوجه عام" "قرائن قانونية".
الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 195 عقوبات وسقوط الفقرة الثانية منها. عدم مسئولية رئيس تحرير الجريدة. أساس ذلك؟
تعلق الحكم بعدم دستورية نص جنائي. أثره: اعتبار الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إليه كأن لم تكن. قضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 195 عقوبات وبسقوط الفقرة الثانية منها فيما تضمنتاه من افتراض مسئولية رئيس تحرير الجريدة ومعاقبته عما ينشر فيها. اعتباره أصلح للمتهم. وجوب تطبيقه ما دامت الدعوى لم يفصل فيها بحكم بات. أساس ذلك؟
افتقار الدعوى إلى دليل فيها قبل الطاعن سوى تلك القرينة الواردة في المادة سالفة الذكر. أثر ذلك وأساسه؟
(2) دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". تعويض. نقض "نظر الطعن والحكم فيه".
انحسار التأثيم عن الفعل محل الدعوى الجنائية مناط التعويض في الدعوى المدنية المرفوعة بها. أثره: عدم اختصاص المحكمة الجنائية بنظر الدعوى المدنية.
1 - لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ الأول من فبراير سنة 1997 في الدعوى رقم 59 لسنة 18 قضائية دستورية بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات وكذلك بسقوط الفقرة الثانية منها والتي كانت تتضمن معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر. لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 وقد نصت على أن: "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة.... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم. فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن......." لما كان ذلك فإن الفعل المسند إلى الطاعن قد أضحى بمنأى عن التأثيم إذ أنه لم يكن فاعلاً أصلياً في الجريمة المدعي بارتكابها وإنما ادعى المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) مسئوليته الجنائية عنها باعتباره رئيساً لتحرير الجريدة ارتكاناً إلى نص المادة 195 من قانون العقوبات وهو ما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته في الدعوى الدستورية رقم 59 لسنة 18 قضائية بما مفاده بطريق اللزوم أنه لا جريمة يمكن إسناد فعلها إليه بما يستوجب مسئوليته عنها. لما كان ذلك، وكان قضاء المحكمة الدستورية سالف الإشارة إليه واجب التطبيق على الطاعن باعتباره أصلح له ما دامت الدعوى الجنائية المرفوعة عليه لم يفصل فيها بحكم بات عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل قبل الطاعن سوى مسئوليته المفترضة فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كان الفعل المسند إلى الطاعن قد انحسر عنه التأثيم فإن لازم ذلك أن تكون المحكمة الجنائية غير مختصة بالفعل في الدعوى المدنية وهو ما تقضي به هذه المحكمة.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم عابدين ضد كلاً من..... و..... (طاعن) بوصف أن الثاني قام بنشر سلسلة مقالات بجريدة...... تضمنت سباً وقذفاً في حقه وأن الثاني (الطاعن) يعمل رئيساً لتحرير الجريدة التي قامت بالنشر - وطلبت محاكمته بالمواد 171، 195، 302 من قانون العقوبات. وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ مائه ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام أولاً: برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وباختصاصها. ثانياً برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها - ثالثاً: بحبس كل من المتهمين شهراً مع الشغل والنفاذ وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ لكل - رابعاً: وبالتزامهما متضامنين فيما بينهما بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ ألف جنيه تعويض عن الأضرار التي لحقته.
استأنف المحكوم عليه الثاني "الطاعن" ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بتغريم المتهم مائه جنيه والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن البين من الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أقام هذه الدعوى بطريق الادعاء المباشر ضد الطاعن وآخر بوصف أن الأخير قام بنشر سلسلة مقالات بجريدة..... تضمنت سباً وقذفاً في حقه. وأن الأول (الطاعن) يعمل رئيساً لتحرير الجريدة التي قامت بالنشر، وقد طلب المدعي بالحقوق المدنية عقابهما بالمواد 171، 195، 302 من قانون العقوبات وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ مائه ألف جنيه على سبيل التعويض النهائي. ومحكمة أول درجة قضت بحبس كل من المتهمين شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لإيقاف التنفيذ لكل وبإلزامهما بالتضامن فيما بينهما بأن يدفعا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ ألف جنيه كتعويض عن الأضرار التي لحقته، فاستأنف المحكوم عليه الثاني (الطاعن) وقضت المحكمة الاستئنافية حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بتغريم المتهم مائه جنيه والتأييد فيما عدا ذلك، ويبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإدانة الطاعن على سند من المسئولية المفترضة لرئيس التحرير عملاً بنص المادة 195 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قضت بتاريخ الأول من فبراير سنة 1997 في الدعوى رقم 59 لسنة 18 قضائية دستورية بعدم دستورية ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 195 من قانون العقوبات وكذلك بسقوط الفقرة الثانية منها والتي كانت تتضمن معاقبة رئيس التحرير أو المحرر المسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر. لما كان ذلك، وكانت المادة 49 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 وقد نصت على أن: "أحكام المحكمة في الدعاوى الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة..... ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص في القانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه من اليوم التالي لنشر الحكم. فإذا كان الحكم بعدم الدستورية متعلقاً بنص جنائي تعتبر الأحكام التي صدرت بالإدانة استناداً إلى ذلك النص كأن لم تكن...." لما كان ذلك، فإن الفعل المسند إلى الطاعن قد أضحى بمنأى عن التأثيم إذ أنه لم يكن فاعلاً أصلياً في الجريمة المدعى بارتكابها وإنما ادعى المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) مسئوليته الجنائية عنها باعتباره رئيساً لتحرير الجريدة ارتكاناً إلى نص المادة 195 من قانون العقوبات وهو ما قضت المحكمة الدستورية بعدم دستوريته في الدعوى الدستورية سالفة البيان بما مفاده بطريق اللزوم أنه لا جريمة يمكن إسناد فعلها إليه بما يستوجب مسئوليته عنها. لما كان ذلك، وكان قضاء المحكمة الدستورية سالف الإشارة إليه واجب التطبيق على الطاعن باعتباره أصلح له ما دامت الدعوى الجنائية المرفوعة عليه لم يفصل فيها بحكم بات عملاً بنص الفقرة الثانية من المادة الخامسة من قانون العقوبات، ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها من دليل قبل الطاعن سوى مسئوليته المفترضة فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة الطاعن عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالمرسوم بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - لما كان ذلك، وكان الفعل المسند إلى الطاعن قد انحسر عنه التأثيم فإن لازم ذلك أن تكون المحكمة الجنائية غير مختصة بالفصل في الدعوى المدنية وهو ما تقضي به هذه المحكمة.