أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 49 - صـ 300

جلسة 2 من مارس سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني نائبي رئيس المحكمة وأسامه توفيق وعبد الرحمن هيكل.

(47)
الطعن رقم 3823 لسنة 66 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام". تزوير "أوراق رسمية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
دعاوي التزوير لم يحدد لها القانون طريقة إثبات. معينة للقاضي تكوين اعتقاده دون التقيد بدليل معين.
(2) تزوير. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة التزوير. الأمر في هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير. للمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات، ولا تسريب عليها إن هي أخذت بالصورة الضوئية للمحرر متى اطمأنت إليها.
(3) تزوير "أوراق رسمية". إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن على المحكمة عدم إطلاعها على صورة البطاقة الشخصية المضبوطة وعرضها عليه أو سلوك طريق معين في إثبات الجريمة. غير مقبول. ما دام لم يطلب منها ذلك.
(4) تزوير. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأصل في المحاكمات الجنائية. اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، له أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها. ما لم يقيده القانون بدليل معين.
جرائم التزوير لم يجعل القانون لإثباتها طريقاً خاصاً.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداها؟
الجدل الموضوع في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى والإحاطة بالاتهام وإدانة الطاعن بالأدلة السائغة التي أخذت بها. المجادلة في ذلك. غير مقبولة.
(6) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
منازعة الطاعن في دليل لم يعول عليه الحكم في مقارفته للجرائم التي دانه بها. غير مقبول.
(7) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
اكتفاء دفاع الطاعن بأقوال شهود الإثبات بالتحقيقات وتلاوتها. لا إخلال بحق الدفاع.
(8) تعويض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قضاء الحكم المطعون فيه بالتعويض المطالب به. النعي عليه في ذلك. غير مقبول.
(9) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم. استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) دفوع "الدفع بنفي التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نفي التهمة. دفاع موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراده الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه. غير لازم. والتفاته عنها. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(12) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إجراء المحكمة تحقيقاً معيناً لم يطلب منها. لا إخلال بحق الدفاع.
(13) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم المطعون فيه أن الطاعن توصل إلى الاستيلاء على البضائع والمنتجات من المجني عليهم بالطرق الاحتيالية. منازعته بأن البضائع سلمت إليه برضائهم. جدل موضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
1 - لما كان القانون الجنائي لم يحدد طريقة إثبات معينة في دعاوي التزوير وإنما للقاضي أن يكون اعتقاده فيها دون التقيد بدليل معين، فلا حرج على المحكمة إن هي أخذت بالصورة الضوئية للمحرر المزور كدليل في الدعوى ما دامت قد اطمأنت إلى صحتها.
2 - إن عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة التزوير إذ الأمر في هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير وللمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات طالما أن القانون الجنائي لم يحدد طرق إثبات معينة في دعاوي التزوير.
3 – لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقر بصورته الموجودة على صورة البطاقة الشخصية المضبوطة، ولا يبين من محضري جلستي المحاكمة أنه طلب من المحكمة أن تطلعه على تلك الصورة، فليس له أن ينعى على الحكم عدم إطلاع المحكمة عليها وعرضها عليه أو سلوك طريق معين في إثبات الجريمة.
4 - من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما هو الحال في الدعوى الحالية، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في إدانة الطاعن على أقوال المجني عليهم أو تقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية، إذ أنه لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب.
6 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه - خلافاً لما يقول به الطاعن - لم يتخذ من تقرير الطب الشرعي دليلاً قبله على مقارفته الجرائم التي دانه بها فإن نعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير صحيح.
7 - لما كان للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً ولما كان الثابت من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك بطلب سماع شهود الإثبات بل اكتفى صراحة بأقوالهم في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة.
8 - لما كان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن التعويض المقضى به هو ذات ما تضمنته طلبات المدعين بالحقوق المدنية، فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص.
9 - من المقرر إن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم.
10 - إن النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
11 - من المقرر أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض.
12 - لما كان يبين من محضري جلستي المحاكمة أن محامي الطاعن لم يطلب تحقيقاً معيناً في شأن ما أثاره بسبب الطعن من السجل التجاري الخاص بشركة الطاعن هو سجل مزور من عدمه وأن التعامل قد تم مع الطاعن باسمه الحقيقي أم المزور - وهو ما تنتفي معه قالة الإخلال بحق الدفاع.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد توصل إلى الاستيلاء على البضائع والمنتجات من المجني عليهم بناء على الطرق الاحتيالية التي استعملها والتي بينها الحكم فإن ما يقول به الطاعن من أن المجني عليهم قد سلموه البضائع برضائهم لا يعدو أن يكون عوداً إلى الجدل في تقدير أدلة الثبوت مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو البطاقة الشخصية رقم..... الصادرة من سجل مدني....... باسم..... وكان ذلك بوضع صورة أشخاص آخرين مزورة بأن نزع صورة صاحب البطاقة الشخصية ووضع صورته بدلاً منها على النحو المبين بالأوراق. ثانياً: استعمل المحرر المزور موضوع التهمة الأولى بأن، قدمه لـ....... مع علمه بتزويره. ثالثاً: عثر على البطاقة الفاقدة سالفة البيان ولم يردها لصاحبها أو يسلمها لمقر الشرطة خلال الميعاد المقرر قانوناً واحتبسها لنفسه بنيه تملكها. رابعاً: توصل بطريق الاحتيال لسلب بعض ثروة...... و...... صاحب الشركة الدولية باسم...... خلافاً للحقيقة وقدم لهم البطاقة الشخصية موضوع التهمة الأولى وتمكن بهذه الوسيلة من الاستيلاء على المبالغ النقدية المبينة قدراً بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعي المجني عليهم مدنياً قبل المتهم بإلزامه أن يؤدى لهم مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 211، 212، 214، 321 مكرراً/ 1، 336 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون عينه بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وإلزامه بأن يؤدى للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض........ إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم التزوير في محرر رسمي واستعماله والعثور على شيء فاقد واحتباسه بنية تملكه والنصب قد شابه الفساد في الاستدلال والبطلان والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه عول في قضائه بالإدانة على الصورة الضوئية للبطاقة الشخصية المدعي بتزويرها رغم أنها لا تصلح بذاتها دليلاً في الإثبات، ولم تطلع المحكمة على المحرر المزور في مواجهة الطاعن والمدافع عنه وخلا حكمها المطعون فيه ومحاضر الجلسات من إثبات هذا البيان، ولم يورد الحكم الأدلة على أن الطاعن هو الذي قام بتزوير البطاقة الشخصية موضوع الجريمة الأولى واستعملها ولا يكفي في ذلك ما عول عليه الحكم من أقوال المجني عليهم لأن أقوالهم لا تفيد إسناد الاتهام للطاعن، وثبت من تقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية وتقرير الطب الشرعي أن الطاعن لم يوقع على الشيكات المنسوب صدورها منه وبرغم ذلك فقد أفصحت المحكمة عن اقتناعها بأنه هو الذي وقع على تلك الشيكات مما ينبئ عن أن المحكمة لم تعن بتمحيص الدعوى ولم تلم بعناصرها عن بصر وبصيرة، ولم تسمع المحكمة الشهود بالجلسة، وقضى الحكم في الدعوى المدنية بمبلغ يزيد عن التعويض المؤقت المطلوب، هذا فضلاً عن أن المدافع عنه تمسك بتلفيق الاتهام وبعدم معرفته شيئاً عن البطاقة المزورة وأن مقارف جريمة التزوير هو..... وبنفي تحريره وتوقيعه للشيكات للمدعين بالحقوق المدنية وأن تعامله معهم كان باسمه الشخصي وليس بالاسم المزور وأن أياً من المدعين بالحقوق المدنية لم يقرر في محضر الشرطة أن الطاعن قدم له صورة من بطاقته الشخصية وقد قرروا جميعاً بأنه قدم لهم السجل التجاري الخاص بشركة أدكو كما قرر أحدهم أنه تحقق من وجود حساب للشركة لدى الشركة المصرفية الدولية وأن ثلاثتهم هم الذين تحدثوا عن البطاقة المزورة بتحقيقات النيابة وهي واقعة مختلفة عن رواياتهم التي أدلوا بها بمحضر الشرطة ولكن المحكمة التفتت - إيراداً ورداً - عن هذا الدفاع الجوهري ودون أن تتحقق من أن السجل التجاري الخاص بشركة الطاعن هو سجل مزور من عدمه ولم تعن ببيان ما إذا كان التعامل قد تم مع الطاعن باسمه الحقيقي أم المزور وبرغم أن الثابت من أقوال المجني عليه..... بالتحقيقات أن ما أدلى به بشأن استخراج بطاقة بدل فاقد ينتفي معه القول بأن بطاقته قد فقدت، وأخيراً فإن المحكمة لم تفطن إلى أن الطاعن وقد حرر الشيكات للمدعين بالحقوق المدنية كان يبغى السداد وهو ما تنتفي به الطرق الاحتيالية وأن البضائع قد سلمت إليه برضاء المجني عليهم - كل ذلك بما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان القانون الجنائي لم يحدد طريقة إثبات معينة في دعاوي التزوير وإنما للقاضي أن يكون اعتقاده فيها دون التقيد بدليل معين، فلا حرج على المحكمة إن هي أخذت بالصورة الضوئية للمحرر المزور كدليل في الدعوى ما دامت قد اطمأنت إلى صحتها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة التزوير إذ الأمر في هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير وللمحكمة أن تكون عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات طالما أن القانون الجنائي لم يحدد طرق إثبات معينة في دعاوي التزوير، ولما كان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى سابقة وجود صورة ضوئية للبطاقة الشخصية موضوع التزوير وإلى أن الطاعن تمكن بها من الحصول على البضائع والمنتجات وما أورده الحكم من أدلة على ذلك لها معينها الصحيح من الأوراق، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقر بصورته الموجودة على صورة البطاقة الشخصية المضبوطة، ولا يبين من محضري جلستي المحاكمة أنه طلب من المحكمة أن تطلعه على تلك الصورة، فليس له أن ينعى على الحكم عدم إطلاع المحكمة عليها وعرضها عليه أو سلوك طريق معين في إثبات الجريمة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأصل في المحاكمات الجنائية هو اقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه، فله أن يكون عقيدته من أي دليل أو قرينة يرتاح إليها إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه، ولما كان القانون الجنائي لم يجعل لإثبات جرائم التزوير طريقاً خاصاً، وكان لا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزيئات الدعوى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه كما هو الحال في الدعوى الحالية، ومن ثم فلا محل لما يثيره الطاعن في شأن استناد الحكم في إدانة الطاعن على أقوال المجني عليهم أو تقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية، إذ أنه لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهي على بينة من أمرها، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى الفساد في الاستدلال ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه - خلافاً لما يقول به الطاعن - لم يتخذ من تقرير الطب الشرعي دليلاً قبله على مقارفته الجرائم التي دانه بها، فإن نعي الطاعن في هذا الشأن يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً ولما كان الثابت من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن لم يتمسك بطلب سماع شهود الإثبات بل اكتفى صراحة بأقوالهم في التحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها فإن دعوى الإخلال بحق الدفاع لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أن التعويض المقضى به هو ذات ما تضمنته طلبات المدعين بالحقوق المدنية، فإنه لا يكون هناك محل لما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة وأن مرتكبها هو شخص آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزيئات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يقبل معه معاودة التصدي أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان يبين من محضري جلستي المحاكمة أن محامي الطاعن لم يطلب تحقيقاً معيناً في شأن ما أثاره بسبب الطعن من أن السجل التجاري الخاص بشركة الطاعن هو سجل مزور من عدمه وأن التعامل قد تم مع الطاعن باسمه الحقيقي أم المزور - وهو ما تنتفي معه قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعن قد توصل إلى الاستيلاء على البضائع والمنتجات من المجني عليهم بناء على الطرق الاحتيالية التي استعملها والتي بينها الحكم، فإن ما يقول به الطاعن من أن المجني عليهم قد سلموه البضائع برضائهم لا يعدو أن يكون عوداً إلى الجدل في تقدير أدلة الثبوت مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.